أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حامد ابراهيم صالحة - أرض الموت














المزيد.....

أرض الموت


حامد ابراهيم صالحة

الحوار المتمدن-العدد: 3522 - 2011 / 10 / 21 - 16:42
المحور: الادب والفن
    


أرض الموت

لاجئ على أرضه فقرر أن يهاجر ليستحق أن يكون مهاجر،يبحثُ عن وطنٍ له رغم أنه يعيشُ على ترابِ وطنهِ،بدايةٌ لم يكنْ يفكرُ بيومٍ أن يتركَ غزةَ،تلكَ فكرة ما خطرت ببالهِ قط،يستهزئ بكلِ من يتقولُّها،غزةَ تئنُ تحتَ الحصار ،همٌ قاتلٌ يرزحُ على صُدورِ الناس وخاصةٌ هو،الناس فقدُوا أدني مُقوماتُ الحياة،عادُوا للعصرِ الحجريّ ،لا حياةٌ لا موتَ،لا غازٍ للطهيّ لا كهرباءٌ لا ماءِ لا لالالا قائمة من اللأت اللامتناهية،من قمةُ التكنولّوجيا إلى أسفلِ العصورُ الجاهليةُ
بلحظة تحسُ انك لستَ موجودٌ بالقرنِ الواحدُ والعشرينَ،يا لُسخريةُ القدّر،تذكرتُ مقالةٌ كنتُ قرأتُها منذُ مدةَ ليست بالطويلةِ يطرحُ فيها الكاتبُ فكرةُ الحياة بِلا كهرباء ولا أنترنت ،تصورَ معيّ كيف يمكنُ أن نتعايشَ بِتلكَ الحالةُ الغيرَ معقولةٌ،كنتُ أظنَ الكاتبُ يَحلمُ بوضعٍ يستحيلُ أن يكونَ مستحيلٌ لكنِّ ،بعد مدةٌ ليست طويلةٌ تنقلبُ تنبؤاتهُ إلى حقيقةٌ ساطعةٌ مرئيةٌ كما الشمسَ بكبدُّ السماء،مع انغلاقِ كافةّ المنافذُ الأساسيةُ حولَ قطاعنا الصامدّ ، لا دخولٌ أو خروجٍ ، سجن من أضخمِ سجونَ العالم، انعدمت فيه الإنسانيةُ ،ومحاولات مُستمِيتةٌ لنسخِنا مِنْ آدّميتُنا أصبحت قمةُ التكنولّوجيا امتلاكٌ أحدثُ صيحةٍ من {وابور الكاز} ذلك الإنتاج الضخم الذي فرضَ نفسه على الواقع الفلسطينيّ وعاد من الموتِ ليقولُ كلمة ُالفصل بمعاناةُ الشعب المقهورُ ،قديمًا عندما دخلت أفرانِ الغاز بُيوتَنا أطلقت أمهاتُنا شهقةُ ارتياحٍ مِنْ الأعماق
فقدّ جاءَ الوقتُ ليرتحنَ من سُخام {الوابور} ومشكلةُ التنظيف اللامنتهيه ،لكّن عُدنا إلى زمنِ العصورُ الغابرةُ القديمةُ فنحنُ ملاحقينَ من كلُ شئٍ وإنَّ حاولنا الهرب فإلى أين؟؟؟؟
وصلت الحالةُ في غزة إلا نقطةُ اللاعودةُ ، نقطةُ الصفر الغير قابلةُ للقسمة،فقدّت الأشياءُ معانيها وكل شئٍٍ فقدّ معناهُ الحقيقيّ الذي أُوجُدَ من أجلهِ ،الهجرة ، تَركُ غزةَ بِِمنْ فيها وما عليها هي الحلُ المتاحَ للفرارِ من أرضِ الموت إلى أيّ أرض فيها حياة ،أيّ حياة، الهجرة كيف الهربُ من غزة ولا يوجد متنفس واحد ممكن أن يخرج منه الإنسان ،أحلام شبابٍ تتهاوى بلا ضجيج ٍ بلا دموعٍ بلا دفاعٍ ،لا ترى حولكَ إلا عيونٌ مُلؤها القهرِ والحرمانُ ،والثورةُ،أين المصيرُ ما هو المستقبل المنتظر،أين ستكتب النهاية بأي أرضٍ؟
مثل جميع الشبان فكرتُ جديًا بالهجرةِ وللمرةَ الأولى،بحياتيّ وأتركُ غزةَ ،لكّن إلى أينْ؟
أين الفرارُ من أرضِ الموت،غزة مقبرة للأحياءِ لا مناصٍ سنموتُ فيها من القهرِ.

بَدأت مَلكاتُ عقليّ بنسجِ حلمٌ مهاجرٌ، وحياةٌ واعدةٌ رغدهٌ بلا مشاكلٍ أو انقطاعِ للكهرباءِ أو حتى الخوفُ من مجهولٍ يهددّنا،وكل يوم يقترب منك أكثر من ذيّ قبل ،أين الفرار؟
مشاكل جمة وكثيرة تواجه فكرة السفر أو الهجرة ورحلة البحث عن آيّ حياة ،
وثيقة السفر،تجديد الهوية الشخصية ،المعابر،
ثوابت رئيسية تهددّ بقمع الفكرة برحمها،لو حاولتْ حلَّ مشكلة يتبقى أمامك عواصيّ أساسية، اثنتان مثل قمم الجبال شامخة راسخة ثابتة لا تتحرك لو واجهتْ اعصار ،
بعد مشاوراتٍ ومداولاتٍ مع النفسِ الكسيرةُ المنهزمةُ ،فرضتُ عليها بوجوب التحرك السريع والفرار من أرض الموت إلى أيِّ نعيمٍ،أكيد أ يِّ أرض غير هنا ستكون أفضل
صولاتِ وجولاتِ وكرٌ وفرٌ من أجلِ اتمام الإجراءات الروتينية القاتلة تمكنتُ من تجديدّ البطاقة الشخصية ولله الحمد على نعمته التي أنعم بها علينا،
يتبقى لي جبلان ثابتان أدعوا الله عز وجلّ أن يوفقنيّ بتجاوزُهن، فأسلهن الصعب
استخراج وثيقة السفر،وفتح المعبر،كيف النجاة يا ربىِّ ؟ جاهدٌ حاولت بلا كللٍ أو مللٍ وبلا لتفاتة للوراء ناورتُ من أجلِ الوثيقة دون فائدة كافة الخيوط التي استطعت امساكها بيديّ أدت في النهاية إلى طرق مسدودة.
لا بارقة أملّ ،ضوءُ الشمسِ لم يعدُ يرى ،مع حتمية وجودهُ وفرضه على أجسادّنا بكلِ قسوةٌ وحرارة ،لكنّ الروح تأبىَّ التصديق أنه موجودّ
انتهت مغامرتيّ الجريئة وماتت بكلِ سهولةٍ وقسوةٌ قبلَ أَنِّ تغادرُ مخيلتىّ
عدتُ لمكانيّ ساخط ٌ،محبطٌ،وضعتُ جسديّ بين بقية الأجساد الميتة على ارضِ الموت ،انتظر الموت البطيء
أغلقتُ عقليّ، وئَدتُ حُلمي قَبلَ الولادة.
نحنُ بشرٌ،يُحرمُ علينا أن نكونَ مثلُ باقيّ البشر ،ممنوعٌ علينا أن نحلم.
الحلم يؤديّ إلى الهلاك الحتمي ّ،وتلك أخر فتوى مِنْ علماء
أرض الموت.

دّمتم
3/12/2008
حامد إبراهيم صالحة




#حامد_ابراهيم_صالحة (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عرس الاسير
- قصة قصيرة{ حُلم القيد}
- رغيف الخبز
- يوم الحساب
- حلم
- قصة قصيرة/بانتظار عروسه


المزيد.....




- لنظام الخمس سنوات والثلاث سنوات .. أعرف الآن تنسيق الدبلومات ...
- قصص -جبل الجليد- تناقش الهوية والاغتراب في مواجهة الخسارات
- اكتشاف أقدم مستوطنة بشرية على بحيرة أوروبية في ألبانيا
- الصيف في السينما.. عندما يصبح الحر بطلا خفيا في الأحداث
- الاكشن بوضوح .. فيلم روكي الغلابة بقصة جديدة لدنيا سمير غانم ...
- رحلة عبر التشظي والخراب.. هزاع البراري يروي مأساة الشرق الأو ...
- قبل أيام من انطلاقه.. حريق هائل يدمر المسرح الرئيسي لمهرجان ...
- معرض -حنين مطبوع- في الدوحة: 99 فنانا يستشعرون الذاكرة والهو ...
- الناقد ليث الرواجفة: كيف تعيد -شعرية النسق الدميم- تشكيل الج ...
- تقنيات المستقبل تغزو صناعات السيارات والسينما واللياقة البدن ...


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حامد ابراهيم صالحة - أرض الموت