أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - أحمد محمد صالح - الرأسمالية وأعظم حماقة تكنولوجية فى التاريخ















المزيد.....



الرأسمالية وأعظم حماقة تكنولوجية فى التاريخ


أحمد محمد صالح

الحوار المتمدن-العدد: 1043 - 2004 / 12 / 10 - 12:34
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


هل تتذكرون بداية عام 1999، حين زاد الكلام في وسائل الأعلام بشكل ملحوظ حول مشكلة صفرين عام 2000 ، وكانت كل المعالجات تتعامل مع القضية كأمر واقع ، وتقر بحتمية وجوب ظهور هذة المشكلة ، كأنها قدر على البشرية ، وتبحث في الحلول التقنية لها ، ومر عام 2000 ، و نحن الآن على وشك دخول عام 2005 ولم تحدث المخاوف والكوارث التي توقعتها وسائل الأعلام بعد ان تكلف العالم مئات المليارت من الدولارات لمعالجة ومواجهة تلك المشكلة .والسؤال ماهى الحقيقة وراء تلك الأزمة؟ ونبدأ فى التحليل ، ونذكركم منذ أكثر من 4 سنوات كان العالم كله يتوقع كوارث فى كافة القطاعات بسبب مشكلة صفرين الكمبييوتر ، وأنتظر خبراء الكومبيوتر بقلق وصول سنة 2000 ، و لم تصل الفوضى المتنبّأة أبدًا لدرجة الكارثة ، وكان السؤال الذى طرح هل هى كارثة نجح العالم فى تجنّبها ؟ أوهى خدعة عالميّة صمّمت لتعظيم ثروات خبراء الكومبيوتر ؟! في منتصف لّيل 31 يناير 1999 . كانت الملايين من النّاس تحتفل بالعام الجديد . لكنّ آخرون كثيرون كانوا يجلسون بقلق أمام محطّات الكومبيوتر تنتظر وصول نهاية العالم بسبب مشكلة سنة ألفين الرّهيبة . ودقّت الساعة منتصف اللّيل كما ينبغي و ... لا شيئ حدث ، لا أزمة عالميّة ، لا تسرّب إشعاعيّ، لا كارثة اقتصادية . واستمرّ العالم يلفّ ويدور كما هو ! ولكن كانت هناك حوادث صغيرة ، فبينما كانت الفوضى غير منتشرةً ، عجزت بعض الكومبيوترات فى التّعرّف على السنة 2000 .و كانت جمهورية جامبيا الصغيرة في غرب إفريقيا من بين الدول القليلة التي تعرضت لما يعرف بآفة الألفية ، إذ يقول مركز أقيم خصيصا في واشنطن لمراقبة تأثير هذه المشكلة في أرجاء العالم إن انقطاعات كبيرة في الطاقة هددت قطاع الطاقة في جامبيا ، وفي قطاعات النقل الجوي والبحري والمالية والخدمات الحكومية، والضرائب والجمارك، وأشار مركز مراقبة آفة الألفية إلى أنه لا يمكن نسبة جميع المشاكل إلى آفة الألفية، فمنها ما سببه عدم قدرة بعض أجهزة الكمبيوتر على تغير التاريخ من 1999 إلى 2000 ، ومع ذلك يقول الخبراء إن المشاكل التي واجهتها جامبيا فاقمها تأخر المساعدات الدولية التي وعدت بها الجمهورية من أجل تهيئتها للتغيير الذي سيحدث ، وفي أماكن العالم الأخرى تنفس الكثير الصعداء بعد عجز آفة الألفية عن إصابتهم ، و أعرب الخبراء في جميع أنحاء العالم عن ارتياحهم لعدم تعرض أجهزة الكمبيوتر في المواقع الحساسة لخلل بسبب التحول إلى عام ألفين ، وقد أنفقت آلاف الملايين من الدولارات في الفترة السابقة على حلول العام الجديد لتحديث برامج الكمبيوتر بغية تفادي انهيار الخدمات الأساسية ، كما عمل مسؤولون عسكريون أمريكيون وروس بنجاح للحيلولة دون وقوع خطأ في برامج إطلاق الصواريخ النووية ، وجرى الانتقال من عام 99 إلى عام 2004 دون مشاكل تذكر في نظام مراقبة حركة الملاحة الجوية في الولايات المتحدة وهو من أكثر المجالات حساسية .
وبالرغم المخاوف من أن الدول النامية ستكون أكثر عرضة لخطر انهيار أنظمة الكمبيوتر بسبب الانتقال إلى عام ألفين، فإنه لم ترد أي أنباء عن مشاكل كبيرة في أجهزة الكمبيوتر في القارة الأفريقية ومنطقة الشرق الأوسط ، وقد انتقل كثير من الدول الأفريقية إلى عام 2004 دون مشاكل تذكر. إلا أن المسؤولين في الدول الأفريقية يقولون إنه يتعين التريث بعض الوقت قبل الجزم بأن الخطر قد زال ، وقد أعلنت الدول الآسيوية والأوروبية بعد دخولها الألفية الجديدة ، أن أيا من المخاوف التي كانت متوقعة لم تحدث فى الصين وروسيا ، وكانت الصين قد أعربت عن ثقتها في وقت سابق ، حين أكد مسئولو الطيران المدني أن الطائرات الصينية ستحلق في السماء مع أول دقائق الألفية الجديدة ، وكان القلق يساور الكثيرين حول التأثيرات المحتملة لآفة الألفية على الترسانة النووية الروسية ، لكن قائد القوة الصاروخية الروسية الجنرال فلاديمير ياكوفليف قال أن الجهود التي بذلت في سبيل تجنب الوقوع في مشاكل من هذا النوع قد أتت ثمارها . وأفادت الأنباء الواردة من اليابان بأن أجهزة المراقبة قد تعطلت في مفاعلين نووين، لكن لم يثبت حتى الآن ما إذا كان لهذه الأعطال علاقة بخلل الألفية ، وكانت دول العالم قد أنفقت مليارات الدولارات لتعديل أنظمة الكمبيوتر حتى تتغلب على مشكلة الألفية، وحتى تضمن أن تعمل الخدمات الحيوية بشكل عادي مع انتقال العالم إلى الألفية الثالثة ، ومع ذلك فإن الانتقال السهل إلى الصفرين لم يمنع الخبراء من التحذير من احتمال ، وقوع مشاكل ، ويقولون إن أي تأثير سلبي لآفة الألفية لا يقتصر على لحظة التغير الزمني، بل في ، أي وقت يقرأ جهاز الكومبيوتر سنة ألفين خطأ . فهل كانت آفّة سنة 2000، هى مجرد حملة إعلانيّة فى أجهزة الإعلام لإرعاب النّاس و إبقاءهم منتبهون إلى الراديو و التّليفزيون والصحف ؟! ربّما ، مستحيل في أيّ وقت أن نعرف المدى الحقيقيّ لمشكلة سنة ألفين ببساطة ، لكن ربّما ايضا النجاح الكبير للتعاون العالميّ و التّفاهم ، كان له اثره الواضح فى تجنب تلك الكارثة ؟ لكن كم الكلفة التى دفعها العالم لتجنب تلك الكارثة حتى الآن . قدر بعض الخبراء التّكلفة الكلّيّة لإصلاح تلك المشكلة بين 200 بليون $ إلى 600 بليون $ في كلّ أنحاء العالم . بريطانيا لوحدها دفعت 31 بليون دولار ، الخطوط الجوية البريطانية ، على سبيل المثال أنفقت 100 مليون دولار على مشكلة صفرين الكمبيوتر . وإذا حسبت فقط التعويضات والتكاليف القانونية لمشكلة الآلفية يظهر فورا رقم التريليون دولار . لكنّ , هناك التّكاليف الطّويلة الأجل ، فهى أعلى كثيرًا . حيث يعتقد بعض المحلّلون المتشائمين أنّ هناك 40% فرصة ركود عالميّ لمدّة 12-24 شهر ، وهو ما يحدث الآن فى العالم . بالطّبع , كان هناك بعض الفائزون ؟! من هم ؟ و من المسئول عن مشكلة الصفرين ؟! وكيف نشأت ؟ وهل هي فعلا مشكلة حتمية الظهور ؟ ولماذا لم يتم حلها مع ثورة الكمبيوتر الضخمة في الثمانينات ؟ ولماذا استمرت حتى التسعينات ؟ وماهى أثارها الاقتصادية والاجتماعية ؟! كنت اشعر بالريبة ، وان هناك شئ ناقص الجميع يتجاهل الاعتراف به ! وظلت تلك المشاعر مسيطرة وضاغطة على تفكيري ، حتى وجدت اثناء سفرى المعرفى فى الإنترنت عدة كتب وتقارير إليكترونية صادرة فى العامين الآخريين ، تقدم معالجة جديدة تبرز الاسباب الأصيلة لمشكلة الصفرين التى كانت حديث العالم فى أواخر عام 1999 .
جذور خدعة الرأسمالية
كلنا سمعنا وقرأنا عن أزمة كتابة التاريخ فى الكمبيوتر عام 2000 ، او مايسمى بمشكلة الصفرين ، وتعرف عالميا باسم مشكلة CDC ، وهى أختصار لمصطلح the century date cghange ، وأسم الدلع العالمى لتلك المشكله Y 2 K وهى أختصارا ايضا لمصطلح year 2000 computer problem . وجوهر المشكلة ان الكمبيوتر صمم له خانتين فقط لكتابة التاريخ ، يتم التغيير فيهما ، مع تثبيت اول رقمين وهما 19 ، وعندما تأتى سنة 2000 سوف ترجع البيانات المخزنة فى الكمبيوترات الى سنوات مبكرة إلى الوراء ، بل إلى عدة عقود للوراء . فمثلا لحفظ تكاليف ، او بيانات عن تحف ثمينة على ديسك الكمبيوتر ، تسجل بيانات التاريخ برقمين فقط ،مثلا 75 يعنى سنة 1975 ، وفى عام 2000 سوف يعتبرها الكمبيوتر أكبر من سنة 2005 التى ستخزن فى الكمبيوتر او على قواعد البيانات على انها ( 05 ) ، وكل البرامج التى تستعمل رقمين أثنين لحساب السنة ، سوف تكون غير قادره على حساب الفرق بين سنة 2000 وسنة 1900 ، مما يجعل معاملة التواريخ التى تبدأ اعتبارا من عام 2000 كأنها تقع فى بدايات القرن العشرين ، وسوف تفقد جميع البيانات مصداقيتها، و تسبب مشكلات كبيرة عند مقارنة السنوات بعضها بعضا او استخدام التاريخ فى العمليات الحسابية المختلفة ، وإذا لم تعالج هذة المشكلة ، كان من المفترض عند دق الساعة الثانية عشرة فى يوم 31 ديسمبر عام 1999 حدوث فوضى هائلة فى المعلومات المخزنة والعمليات الأليكترونية التى تجرى بواسطة ٍأجهزة الكمبيوتر المنتشرة حاليا فى العالم ، قد تقود إلى انهيار تجارى واغلاق العديد من الشركات الكبرى ابوابها ، وربما إلى كساد اقتصادى عالمى ، وأطلقوا على هذة المشكلة فى الولايات المتحدة الأمريكية أسم افة القرن القادم او جرثومة الآلفية القادمة Millemmium Bug . ومصطلح Bug فى علوم الكمبيوتر يعنى خطأ برمجة ، غير معروف وقت ظهوره ، وهو خطأ طارىء مفاجىء ، غير قابل للتكهن به ، ويحدث بالصدفة ، وهو نادر الحدوث ، ولا يمكن ادراكه وفهم كل مايتعلق به الا عندما يحدث . فهل فعلا كانت مشكلة الكمبيوتر عام 2000 هى آفة القرن الجديد Bug كما يدعون فى البلدان الرأسمالية ؟! حتى زعماءهم عندما أجتمعوا فى فى 17- مايو 1998 فى برمنجهام بأنجلترا ، وصفوا تلك المشكلة بانها Bug ، أنهم يخدعون العالم أجمع بوصف المشكلة بأنها خطأ برمجى طارىء Bug ، لكى يتنصلوا من مسئولية إصلاح ما حدثته الرأسمالية بنفسها .
فالمشكلة ليست نتيجة خطأ برمجة فى الكمبيوتر ، بل أن السبب الجذرى لها هى المنافسة الرأسمالية الشديدة بين الشركات فى استعمال رقمين فقط فى حساب التاريخ بالكمبيوتر توفيرا لمساحات التخزين ، وتوفيرا للتكاليف والعمالة وسعيا لتعظيم الارباح . وانتشر هذا الأتجاه بسرعة بين الشركات وأصبح مقياسا صدقته الحكومات وسلمت به ، واصبح توفير مساحة خانتين للرقمين التاريخ على الكمبيوتر مثل خدعة صغيرة بريئة تعكس طمع الرأسماليه التاريخى القديم ، بأن يعظموا ارباحهم بأى طريقة وباقل تكلفة . وعلى فترة الاربعين سنة الماضية ، كان كل سطر يكتب فى اى برنامج للكمبيوتر ، يستعمل المبرمج رقمين فقط فى حساب التاريخ ، بدلا من استعمال اربعة خانات أثنان منها تشير إلى القرن نفسه ، معتمدين ان كل الناس تعرف انه القرن العشرين ، فالراسماليه وضعت بنفسها لغم أرضى فى امبراطوريتهم الرأسماليه ،تصديقا لمقولة ان الراسمالية تحمل معها اسباب تدميرها .
وصانعى الارباح فى البلدان الرأسماليه هم الأكثر ادراكا ومعرفة فى كيفية إنجاز اهدافهم ، فاستعملوا تكنولوجيات الكمبيوتر فى مضاعفة ارباحهم ، وهم يعرفون جيدا ومنذ فترة طويلة ما سوف تسببه مشكلة صفرين الكمبيوتر من فوضى فى الآلفية الجديدة ، وكانوا جاهزين بحلول لها مع مطلع عام 1999 لمن يدفع ثمنها ، وفعلا دفع العالم مئات الميارات لتجنب آثار تلك الخدعة . فمشكلة تغير التاريخ فى عام 2000 ظهرت مبكرا فى اوائل السبيعنات عندما دخلت برامج الكمبيوتر فى صناعة البنوك ، ووقعت مشاكل فى تسديد الحسابات والديون لـ 30 سنة القادمة . وحتى فى الخمسة عشرة سنة الماضية ، كان المبرمجون لبرامج الكمبيوتر فى انحاء العالم وبجنسياتهم المتعددة يصنعون برامجهم ، وهم يشيرون إلى الفوضى المتوقعة من مشكلة خانتين التاريخ ، ولكنهم استمروا فى تصميم برامجهم معتمدين على رقمين فقط فى حساب التاريخ ، حتى لايفقدوا وظائفهم وسط هذا الجنون المتسارع لجمع الارباح ، والمنافسة الشديدة .
وحقيقة الأمر ان الشركات الكبيرة لبرامج الكمبيوتر طمئنت زبائنها من خلال دعاية مكثفة ، بأنه فى إمكانها تزويدهم بحل تقنى لمواجهة هذة المشكلة ، وفاض السوق وعج بتنويعات لاتنتهى من برامج الكمبيوتر التى بكبسة واحدة على زر لوحة المفاتيح تعالج مشكلة تغير تاريخ القرن القادم اتوماتيكيا . ونمت صناعة ادوات تصليح التاريخ ، ولكن اذا كانت هذه الأدوات البرامجيه التى تساعد مبرمجى الكمبيوتر فى تحديد وتصليح التاريخ ، فأن كل خط كودى مكتوب فى اى برنامج يحتاج شهور لأختبار التغييرات التى تطرأ عليه ، وفرص النجاح أمامها مرتبطة بمنظومة النظام ككل ، فهذة الأدوات والبرامج التى تصلح التاريخ تزود باعة البرامج بفرصا جديدة فى الاستفادة من الأزمة وتعظيم ارباحهم مرة أخرى، وطبعا لانتوقع من الباعة بنقد بضاعتهم واظهار عيوبها أمام زبائن ينوحون ويشكون ، فمن السخرية الشديدة ان هؤلاء الباعة هم الذين خلقوا المشكلة ، وهم الذين أجبروا العالم على دفع المليارات لمواجهتها ،. وهنا يقول دكتور أدوارد ياردينى DR.Edward Yardeni وهو من اكبر الاقتصاديين فى الولايات المتحدة الأمريكية مصداقيه : " لا يوجد حل سحرى لهذة المشكلة ، ومن السخرية ان المستثمرين لا يعتقدون ذلك بجدية ، ويعتبروننى أمزح ، فالثقة الزائدة فى الإبداع الامريكى تجعلهم يقررون انها فعلا مشكلة ولكنها سوف تحل فى وقتها " . وفعلا أنتظر العالم كله الحل السحرى الذى خرج من تحت قبعة العم سام فى آخر وقت ، لأن الرأسماليين اراد كل منهم أن يتفوق على الآخر ، ويعظم ارباحه اقصى تعظيم خلال فترة الأزمة ، وهم دائما يخدعون بعضهم البعض من خلال السوق الحرة ، فالمنافسة تقتل المنافسة dog -eat- dog . وكالعادة انتبهت هوليود لمشكلة عام 2000 ليس لأن هوليود تستطيع ان تحل هذة المشكلة ، بل لاستغلالها وأستثمارها ، واشترت فعلا شركة أخوان ورانير Warner Brother حقوق عمل فيلم حول مشكلة عام 2000 ، وطبعا كانت قصة مثيرة جدا تحكى ان العالم كله وقع فى ازمة تاريخ القرن الجديد ، وعمت الفوضى والاضطرابات انحاء المعمورة ، وجاء الإنقاذ فى اخر لحظة على يد السوبر مان الامريكى . هكذا تتصرف الراسمالية دائما وكالعادة تستغل كل ازمة تواجه العالم كله لتحقيق مكاسبها ، فالشركات الكبيرة لا تهتم بالعاملين او الزبائن كبنى آدميين بل تهتم بهم كمصدر للربح ، فالأهتمام مركز دائما على الارباح وليس على البضاعة نفسها ، ودائما الأنتاج هو الذريعة الاساسية للرأسماليه .
وأنتجنت ازمة تاريخ عام 2000 أنواع مختلفة من المشاهد ، وأصبحت صناعة مشهورة ، ومن اسرع الصناعات التى نمت الآن فى الدول الراسماليه ، وخاصة فى الولايات المتحدة الامريكية ، واصبح لها مؤلفين كتب ومراجع عنها ، البعض يلوح بالحلول ، والآخر ينذر بالأخطار ، وحملات أعلامية عنيفة سيطر عليها التشائم واحيانا التفائل ، وغالبا الجزع والخوف من المشكلة .
ودعونا باختصار نلقى الضؤ على بعض اسباب الأزمة . فمن كتاب صدر عام 1997 فى الولايات المتحدة الأمريكية تحت عنوان أزمة البرمجيات عام 2000 The Year 2000 sotware Crisis واعد الكتاب اثنين من المؤلفين الأول هو وليام ولريتش William ulrich وهو رئيس شركة استشارية فى استرتيجيات التكنولوجيا عام 2000 ، ورئيس مايسمى بمجلس سنة 2000 ، والثانى هو ايان هاليس Ian Hayes وهو ناصح ومستشار لشركات عديدة فى الولايات المتحدة الأمريكية حول بدائل حلول مشكلة عام 2000 ، قالا فى كتابهما : ان تحديد وتمثيل تاريخ السنة فى رقمين كان شعورا واتجاها عاما دائما بين مصممى نظم الكمبيوتر فى الثلاثين سنة الماضية ، وان اول مقالة معروفه ومشهورة حول مشكلة تاريخ عام 2000 ظهرت فى سنة 1984 ، ونشرت فى مجلة عالم الكمبيوتر Computer world " " بامريكا ، ومؤلفها كان محلل لنظم الكمبيوتر ، وخسر وظيفته بسبب هذة المقالة ، حيث طرد من شركته لأثارته هذا الموضوع أمام إدارتها . هكذا كان الاتجاه العام بين مصممى برامج الكمبيوتر ، ومصممى نظم المعلوماتية ، فالذى كان يحذر من عواقب مشكلة كتابة التاريخ فى خانتين فقط فى برامج الكمبيوتر منذ اكثر من 30 سنة ، كان مصيره مثل مصير صاحبنا صاحب اول مقال حول المشكلة . فكل مايهم اصحاب العمل هو الربح ، والربح فقط وليس ماسوف يحدث للناس فى العالم أجمع . وفى الكتاب ايضا يتساءل المؤلفان هل كان يمكن تبديل وتعديل الأنظمة التى أنتشرت فى الستينات والسبعينيات من خلال ثورة الكمبيوتر فى الثمانينات ؟! ويذكرا ، انه رغم ثورة الكمبيوتر والتكنولوجيا الضخمة جدا فى الثمنينات ، حيث كان يتوقع أن تحل المشكلة ، لكن ابدا استمرت كتابة البرامج وتصميم النظم بنفس الرقمين لماذا ؟! فالتقديرات العالمية تبين ان صناعة المعلومات خلقت حوالى 150 بليون نظام من خطوط ورموز البرمجة حتى الآن ، وهذة الأنظمة مبدئيا تستعمل خانتين فقط فى حساب التاريخ لكى تستمر أكبر وقت ممكن فى حالة حياة لمواجهة محدودية الذاكرة المبكرة لأجهزة الكمبيوتر . حتى ان لجان معايرة وقياس البرامج فشلت فى عمل اى شىء لمواجهة المشكلة منذ حوالى سنتين ، والغريب ان السلطات التنفيذيه والصناعية فى الولايات المتحدة الأمريكية حتى وقت قريب جدا كانت تسد أذنيها تماما عن سماع اى شىء حول المشكلة، حتى حكومات البلدان الرأسمالية المتقدمة ، واكبر خمسين شركة كمبيوتر عالمية متخصصة فى البرامج او فى عتاد الكمبيوتر ، كانوا اكثر تأيدا لحكاية الرقمين لانها تصنع ارباحا اكثر ، وتخدع العالم كله . فمشكلة تثبيت التاريخ اكثر تعقيدا وتوريطا ، وتحتاج عمل وتنسيق واسع المدى بين جميع الأطراف فى العالم ، ولا يمكن مواجهتها بحلول فردية . فكل نظام كمبيوتر يملك ألاف من التواريخ فى ملفاته ،وقواعد بياناته ، وبرامجه وشاشاته ، وتقاريريه ، وهذة التواريخ تعبر ذلك النظام فى العادة إلى انظمة أخرى عديدة فى تشابك اتصالى ، لذلك لا يمكن حل هذه المشكلة بشكل فردى لأنها تصبح وقتها جهدا ضائعا .فعندما يقرر نظام على مستوى فردى ان يحل مشكلته مع رقمين التاريخ يجد نفسه لا يستطيع عمل شىء ، فالطبيعة الأنتشارية لنتائج المشكلة تجعلها تنتشر وتؤثر بشكل مباشر او غير مباشر على بقية الانظمة الأخرى .
وفى الحقيقة فأن الرغبة اللانهائية لصناع الارباح فى المجتمعات الراسمالية لم تسمح لهم بالانفاق على تصحيح المشكله فى اولها . وتبين الإحصاءات العالمية ان 25% إلى 50% من المؤسسات المختلفة التى تمت فيه الأتوماتية بالكامل فى انحاء العالم دفعت المليارات لتوليف أجهزتها لتساير عام 2000 بسبب مشكلة التاريخ ، وكان لذلك تاثير سلبى على الاقتصاد العالمى ظهرن نتائجة الآن ! لكن ماهو الاقتصاد العالمى ولمن ؟! من المؤكد أنه اقتصاد صناع الارباح وليس اقتصاد الناس العاديين ؟! وقد اعترف Capers Jones وهو رئيس ومؤسس شركة لابحاث وأنتاج برامح الكمبيوتر SPR فى الولايات المتحدة المريكية قد اعترف هذا الخبير بالتاثير الاقتصادى لمشكلة تاريخ عام 20000 ، واصدر كتاب عام 1997 عنوانه " برامج مشكلة تاريخ عام 2000 التكلفة والنتائج " حذر فيه من الأخطار الناتجة من مشكلة تاريخ عام 2000 وانها سوف تؤثر على تطبيقات برامج الكمبيوتر لمدة خمسين سنة قادمة . ويقول بالنص : ان النظرية تعتبر الكمبيوتر وبرامجة لهما القدرة على التسجيل والأحتفاظ بالتوقيت والتاريخ بدقة فائقة بالمقارنة مع اى وسيلة أخرى صنعها الأنسان ، لكن الواقع لسؤ الحظ ينفى قابلية تلك النظرية للتطبيق بستبب عقبة تاريخية وهى تكاليف التخزين لمعلومات التاريخ كانت مرتفعة لصغر مساحات التخزين المخصصة لتلك المعلومات ، فلو كان هناك مساحات تخزين كافيه بتكاليف أعلى لتم تخزين معلومات التاريخ كاملة
وعلى ذلك من حقنا ان نعلن ونلوم الطمع التاريخى للرأسماليه فى انها السبب المباشر فى خديعة تاريخ عام 2000 ، وبدلا من محاولات تغطية تلك الأطماع تحت مزاعم ان المشكلة خطأ برمجى Bug . ولصياغة فورمات التاريخ بطريقة كلاسيكية كان يجب ان يتوفر مساحة تخزين تتسع لاربعة ارقام فى اربع خانات فى تحديد السنة ، لكن الأمور ليست فى ايدى المبرمجين ، الذين لا يستيطعون إتخاذ هذا القرار ، بل يتم ذلك بواسطة صناع القرار انفسهم ، وهم فى نفس الوقت صناع الارباح القائمين على إتخاذ القرارات التى تقلل التكلفة وتعظم الارباح . على اية حال فالشركات الأمريكية فيها حوالى 2إلى3 مليون خبير كمبيوتر عام 2005 ، وهم يمثلون نخبة صغيرة قوية بإمتيازاتها ، وتخدم أهتمامات واهداف الشركات الكبرى ، وأزمة تاريخ عام 2000 زادتهم قوة وتميزا ، اما بقية الملايين الاخرين تعرضوا لترك أعمالهم ، و يكدحون لإيجاد لقمة العيش .
ومن غير العدل ان نلوم مبرمجى برامج الكمبيوتر على أنهم السبب فى مشكلة كتابة تاريخ عام 2000 ، على الرغم من وجود المشكلة فى البرامج التى صمموها فعلا . لكن السبب الاصيل والحقيقى ان تخصيص خانتين فقط لتخزين التاريخ ، كان بناءا على طلب شديد من زبائن تطبيقات البرامج ، وايضا بناء على طلب من السلطات التنفيذيه المسئولة عن مراكز البيانات والمعلومات ، كطريقة فعالة فى توفير التكلفة وتوفير النقود ، بتوفير موراد او مساحات التخزين فى إطار المنافسه الحامية ، ومهما يكن الأمر فهناك اعتراف اقرب للحقيقة على لسان MR.Capers Jones احد المهتمين بصناعة تكنولوجيات المعلومات يبين فيه القوة المحركة لهذا الاتجاه ، ويسجل شهادة لصالح المبرمجين فيقول : ان تيار كتابة التاريخ فى خانتين فقط بالكمبيوتر وبرامجه اصبح من القوة لدرجة انه كسب مصداقيه لدى المؤسسة العسكرية الأمريكية ، والحكومة نفسها ، اما عن المبرمجين الذين يعرفون المشكلة جيدا وتكلموا عن أخطارها ، ربما وصلت تحذيراتهم للمسئولين ، لكن المشكلة ان الحكومات والسلطات التنفيذية والزبائن أنفسهم تقاعسوا عن سماع اى شىء حول المشكلة . ولسوء الحظ ان برامج تطبيقات الكمبيوتر التى تعتمد على استعمال خانتين فقط فى حساب التاريخ فاقت عددا عن التطبيقات التى استعملت اربعة خانات فى حساب التاريخ بنسبة (20: 1) . وكان هذا الاتجاه يستهدف الربح السريع على المدى القصير ، وأنتشر فى نظم التشغيل وأصبح ضمن التطبيقات والبرامج التى أعتمدت عليها الهيئات الحكوميه ، ورجال الأعمال ، بل ايضا انتشرت فى البرامج التى تم تفصيلها خصيصا لتشبع احتياجات المؤسسات المختلفة ، وهكذا تمت رعاية رسمية وواسعة لهذا الاتجاه ، مثلما حدث فى الإنترنت ، فمن الصعب تخيل الكيفية التى استطاعت ان تنمو بها الإنترنت كل هذا النمو بدون تدعيم رسمى من البنتاجون ، فهى تخدم الحرب النووية والتجارة الأليكترونية فى نفس الوقت ، على اية حال فأن الإنترنت نفسها أصبحت إداة للتعبير عن افكار الصراع الطبقى .
وأنتشرت حول تلك المشكلة فى العالم الكثير من الاساطير والقصص من خلال وسائل الإعلام التى ركزت بصفة أساسية على أجهزة الكمبيوتر المينفرام main frame computers . والمشكلة ايضا لها بعد اخر وهى البرامج التى كتبت وصممت خصيصا لمهام معينة ، وايضا فى البرامج المتعلقة بالكمبيوتر الشخصى الموجود فى منازلنا pc ، سواء استعملت كأنظمة مستقلة او متشابكة مع غيرها من الكمبيوترات ، علاوة على ذلك فالمشكلة ليست فى البرامج والتطبيقات بل انها مشكلة اجهزة ايضا بمعنى ليست مشكلة سوفت وير software بل هى ايضا مشكلة هارد ويرhardware .
فكل الأجهزة التى نعيش عليها تعتمد على دوائر إليكترونية متناهية الصغر تسمى ميكروشيبس microchips وهى عبارة عن برامج عمل مركزه وظيفتها التحكم ومراقبة الأجهزة التى نعيش عليها فى حياتنا اليومية التى و يعتمد عليها البشر، والحقيقة المخيفة للغاية هنا ان ان كل هذة الرقائق الإليكترونية حساسة جدا وايضا مدركة وواعية للوقت والتاريخ ، فتلك الرقائق المدركة للتاريخ والوقت موجودة فى كل مكان حولنا , وكتب لويس بيردو Lewis Perdue وهو مؤلف لكتب عديدة ، وله دور رئيسى ومؤسس ثلاث شركات فى تكنولوجيا المعلومات فى وادى السيليكون بكاليفورنيا ، وعضو بمجلس الشيوخ الأمريكى ، وعضو بمجموعة جيجا وهى واحدة من ابرز شركات الابحاث التى تعتمد عليها امريكا كتب يقول :
"أن الأنظمة المدمجة متهمه ومذنبة حتى تثبت براءتها عام 2000 " . وتقول ان كى كوفوAnn K. Coffou مديرة إدارة خدمات عام 2000 بمجموعة جيجا أثناء حديثها عن المشكلة وأخطارها : ان تلك المشكلة تخدم الشركات المتعددة الجنسيات التى تنتج تلك الرقائق المدمجة الواعية للتاريخ ، والتى ستسبب فوضى كبيرة ، رغم ذلك لم يلتفت انتباه المنتجين لذلك لأنهم لن يضاروا ، بل نحن الذين سوف نتأذى خاصة المرضى الذين يستعينون بأجهزة طبية تعمل بالنظم المدمجة وتنتجها تلك الشركات .واليوم شركات الأعمال الأمريكية جنت ملايين الدولارات من تقديمها حلول لمشكلة تاريخ القرن القادم ، فشركات تكنولوجيا المعومات مثل :Gartner Group , Meta Group, Giga Group قدمت حلول متاحة تلك المشكلة لزبائنها فقط ، وليست متاحة لكل الناس .
ونشر فى دراسة مسحية فى استراليا فشل النظم المدمجة للتكيف مع تاريخ القرن القادم ، وفى دراسة عالمية أخرى صدرت فى ديسمبر 1997 عن Gartner Group " انه يتوقع فشل 50 مليون نظام مدمج يحمل تلك الرقائق الإليكترونية الواعية للتاريخ ، وفى الولايات المتحدة الأمريكية فقط يتوقع فشل 500 مليون شريحة إليكترونية فى إدراكها للتاريخ ، او حوالى 2% من الـ 25 بليون شريحة إليكترونية مندمجة فى النظم الإليكترونية ومنتشرة فى العالم كله ، والمأساة انه لا يمكن لأحد ان يحدد بالضبط الـ 2% هذه ، اين ؟! ومتى ؟! ، والمأساة الأكبر فى مئات الميارات التى دفعت ، وتدفع حتى الآن ، لمواجهة تلك التوقعات ، وكان يمكن توظيف هذة المبالغ الهائلة فى مواجهة الفقر العالمى .
روليجين مارتن Martin Roleginويعمل فى إستشارت تكتولوجيا المعلومات لشركات عديدة وبالأخص أستشارى فى مشكلة 2000 ، وله موقع فى الإنترنت يقول فيه : انه نشر يوم 10-2-1997 فى تقرير اسبوعى عن مجلة أخبار الكمبيوتر ابعاد حجم مشكلة 2000 على لسان أنتونى براش Anthony Prish مدير عام الصناعات الإليكترونية بأن بين كل الف شريحة رقيقة سوف تجد 2 او 3 منهم لن تدرك تاريخ القرن الجديد وتحتاج تصليح ، والمشكلة فى صعوبة تحديد تلك الشرائح فهى ليست تحت السيطرة . وفى تقرير آخر صادر عن مجموعة جارتنر يعتقد فيه ان هناك على مستوى العالم 250 بليون خط برمجة بلغة الكوبول محتاج اصلاح منهم 180 بليون خط فى الولايات المتحدة الإمريكية .
ومشكلة صفرين الكمبيوتر هى ضربة للنظام العالمى الرأسمالى كأزمة تكنولوجية ،وهى فى نفس الوقت ازمة الراسمالية نفسها ، فالشركات المتعددة الجنسيات ، جعلت الحكومات المتعاونة معها والتى تسيطر على دول العالم الثالث تعتقد انها مشكلة تكنولوجية يمكن السيطرة عليها وحلها بطريقة او بأخرى ، فثورة المعلومات فى التسعينات جعلت الجميع يتجه نحو الكمبيوتر فى تأدية اعماله وتعطل ملايين العمال فى العالم وهذا جعل بيل جيتس Bill Gates وأمثاله القليلين من أغنى اغنياء العالم بينما تم إفقار ملايين الأخرين ، فهم انتهكوا وأستغلوا التكنولوجيا بصرامة شديدة لتعظيم ارباحهم فقط ، بدون اى توجه لمصالح بقية البشر ، فالتقدم فى العلم والتكنولوجيا خلق الراحة والثروة للطبقة الحاكمة المسيطرة ، وخلق الفاقة والفقر والبطالة لطبقة العاملين ، فالثورة العلمية والتكنولوجية أثرت على كل العلاقات الأقتصادية والأجتماعية ، فالأزمة الحالية هى أزمة للرأسمالية نتيجة الثورة التكنولوجية ، والبعض يؤكد ويبرر بأن ازمة الصفرين او ازمة الرأسمالية هى نتيجة حتمية لإحلال التكنولوجيا الجديدة كبديل لكتلة العمل الأنسانى من خلال الكمبيوتر والأنسان الآلى ، وهذا الإحلال عند نقطة معينة يسبب أزمة للنظام ككل وعلى مستوى واسع . ونزعم هنا ان تلك الأزمة من أهم الاسباب الملحة الآن التى تجعل دول أمريكا وأوربا تعيد النظر فى سياستها الرأسمالية ونظامها وتفكر فى طريق ثالث يحد من توحش منافسة الرأسماليه ، فالأزمات الدورية للرأسمالية حتمية الظهور ، ولا يمكن تفاديها للأبد ، فالأزمة الاقتصادية الحادة موجودة فى اليابان الآن وتحمل معها كل تناقضات الرأسمالية ، والأزمة تمسك بتلابيب النظام الراسمالى فى أسيا واستراليا وافريقيا والصين وروسيا واوربا الشرقية واوروبا الغربية وامريكا الجنوبية وامريكا الشمالية لا يوجد أستثناء فالازمة موجودة عند الجميع ، ومع ذلك تجد من يصر فى مصر اننا بعيدا تماما عن اى تاثير ، هذا رغم اننا فى مجتمع عالمى متشابك اقتصاديا ، والأزمة شملت العالم كله ولا يوجد بلد او منطقة او قارة يمكن ان تهرب منها ! ونحن فى مصر نكرر ما فعلته الطبقة الحاكمة فى الدول الأسيوية التى اظهرت ولاءا وإخلاصا لمصادر التمويل العالمية وتحالفت مع الشركات المتعددة الجنسيات والرأسمالية المحلية فأعطوهم الأرض والعمال والتسهيلات الأساسيه لأستغلال الناس فى بلادهم ، ويستلمون هم البقشيش او العمولة والسمسرة او بمعنى اصح يأخذون الحلاوة من اسيادهم ، وهو نفس ما تسعى اليه مصر تحت ما يسمى جذب الاستثمارات العالمية التى تطير دائما نحو الشمال .
وهذا بيل جيتس Bill Gates رئيس مايكروسوفت واغنى رجل فى العالم عندما تكلم لأول مرة عن مشكلة كتابة تاريخ القرن الجديد ، تكلم متأخرا جدا ، فأول كلام يعلنه عن تلك المشكلة كان يوم 21 ابريل 1998 وليس قبل ذلك ، وكنا نتوقع منه ان يكون اول المتكلمين حول هذة المشكلة منذ سنوات عديدة ، وقال بالحرف الواحد " أنه منذ سنتين مضت تساءل اذا كانت شركات الأعمال ستواجه صداع هائل يوم 31 ديسمبر 1999 بسبب ازمة تاريخ 2000 " والسؤال !! لماذا كان بيل جيتس كتوما فى هذا الموضوع ؟! ولم يتكلم الا متأخرا ، وعندما تكلم تساءل ! ! رغم ان المشكلة واضحة تماما منذ سنوات طوال ، لماذا قرر أخيرا ان يتكلم رعبا ! منطق المنافسه يقول انه تكلم لكى يعلم ويمهد للأعلان عن البرامج الجديدة المتوافقة مع عام 2000 وأهمها البرنامج الشهير وندوز 98 windows98 ، رغم ان هناك الكثير من الإلتمسات والطلبات التى قدمت لبيل جيتس وهو الرجل البارع ، رجل الكمبيوتر الأول فى العالم ، طلبت منه بإلحاح ان يتكلم عن مشكلة 2000 ، فهناك قيمة عظيمة لكل كلمه فى تصريحاته المتوقعة عن الازمة ، فكان فى إمكانه ان يعطى الأمل لهؤلاء الذين كانوا ينوحون ويولولون مما سيحدث لهم بسبب مشكلة تاريخ 2000 ، فهو اشهر واقوى رجل فى صناعة تكنولوجيات المعلومات وبرامج الكمبيوتر فى العالم كله ؟!
Peter de Jager بيتر جاجير ترك عمله كمهندس لبرامج الكمبيوتر فى عام 1994 لكى يتفرغ تماما لمشكلة عام 2000 لأنها سوف تجلب له ملايين الدولارات فى السنة ، وأصبح الناطق الرسمى لمشكلة عام 2000 فى العالم ، ويقدم عروض متكرره وجدية عن هذه المشكلة ، وبيتر ايضا ظهر بشكل منتظم فى برامج الراديو والتليفزيون الأمريكى ، وهو ناصح ومستشار لبريطانيا وروسيا فى حل هذة المشكلة ، وفى أغسطس 1997 وجه كلامه من خلال وسائل الاعلام االى بيل جيتس يحثه فيها على ان يقول بصوت عالى وواضح للعالم أجمع أنه لا يوجد حل سحرى للمشكلة ، وان كل شركات الاعمال فى العالم تواجه فعلا اخطارا جسيمة ، ما لم تحل هذة المشكلة فى وقتها ! وحث الناس جميعا فى العالم على التعاون على مواجهتها وحلها ، وان هذا اجدى وافضل من اللجان المنتشرة الآن فى الدول لمواجهة تلك المشكلة ، وسئل بيل جيتس فى كلامه بأن يبدا بالمساعدة ! وهنا بيتر يستجدى جيتس الذى يركز أهتماماته على جمع أكبر الارباح ، فهو يدفع 35 مليون دولار ثمن لوحة فنية ، لكى يلقب عبر وسائل الاعلام بأنه حبيب الفن . لماذا لانملك الشجاعة ونقول الحقيقة فى مشكلة 2000 ؟!
وها هو جيم لورد Gim Lord مؤلف كتاب دليل البقاء فى مشكلة عام 2000 ، يشرح للناس فى كتابه الصادر 1998 عن كيفية مواجهة الأزمة على المستوى الشخصى والاسرى ، ويصف تلك المشكله بأنها " اعظم حماقة تكنولوجية فى التاريخ " ، وجيم معلق صحفى يكتب عن المشكلة ، وله عمود اسبوعى فى الصحف الأمريكية ، فى إحدى تلك المقالات كتب يقول : ان بيل جيتس Bill Gates رئيس شركة مايكروسوفت ، ولاى إليسون Larry Ellison رئيس شركة اوريكل Oracle واندرو جروفر Andrew Grover رئيس شركة انتل Intel ، واخرون من عمالقة صناعة الكمبيوتر ، إذا كان واحد منهم فقط اهتم ، مجرد ان يهتم بأزمة صفرين الكمبيوتر منذ سنوات مضت ، يحتمل انه كانت هناك فرصة لحل تلك المشكلة مبكرا، ولكنهم بدلا من ذلك انتفخت جيوبهم على الآخر بالأموال ، واهتموا بحساب ارباحهم ، وانكروا كل شىء . ويمكن هنا ان نضيف اسماء اخرى لقائمة جيم ، فهناك لو جيرستنار Lou Gerstner رئيس شركة IBM التى وزعت 500 الف شريحة إليكترونية (IBM AS/400 ) فقط متوافقة مع مشكلة الصفرين ، واندفع باعة البرامج وتصارعوا على شرائها ، وتركوا بلايين المستعملين العاديين ، فالسمكك الكبير يأكل السمك الصغير. فالاسماء السابقة كلها اهتمت بحساب الارباح وكان محركها الأول هو تعظيمها .
ويحذرنا روليجين مارتن Martin Roleginمن ان الجهود المبذولة حتى الآن لمواجهة المشكلة فى الأنظمة المدمجة تواجه صعوبات فنيه كبيرة جدا ، لأنه كان من السهولة مواجهة المشكلة فى برامج الكمبيوتر ، فتحدد بدقة خط البرمجة المحتاج تعديله وتصل إلى المصدر الرئيسى لكود برمجة التاريخ والوقت ويتم تعديله وأختباره ، لكن المشكلة فى الهاردوير hardware شديدة الصعوبة ، فنحن لا نعرف بالضرورة أى من الـ 250 بليون ميكروشيبس microchips يجب تعديلها ، فعلى ألأقل تقدير يجب ان تكون هناك 50 مليون شريحة ميكروشيبس حتى الآن يجب إصلاحها ، وهنا يجب أختبار كل نسخة من كل جهاز او نظام قائم على النظم المدمجة ومشكوك فيه وهى تقدر بمئات ومئات المليارات من تلك الاجهزة التى نستعملها يوميا فى حياتنا فى كل مكان ، ويزيد الأمر صعوبة اننا نتعامل احيانا مع أجهزة تفتقد العرض البصرى للتاريخ والوقت ، ولا توجد اى وسيلة لنرى منها كيف تدرك الميكروشيبس داخلها للتاريخ والوقت، الواعية له جدا ، فالنظم المدمجة التى تعتمد عليها جميع الأحهزة الحياتية تقريبا سوف تؤثر على كل فرد فى العالم بطريقة او بأخرى ، وستؤثر ايضا على البنية التحتية للصناعة .
دكتور ليون أ. كالبليمان Dr.Leon A.Kappleman وهو أحد القمم الخبيرة فى مشكلة عام 2000 وهو رئيس مجموعة عمل إدارة مجتمع المعلومات عام 2000 ، يصف فشل الأنظمة المدمجة بأنها الجزء الأكثر تخريبا فى مشكلة تاريخ 2000 ، فهناك 4 بليون شريحة إليكترونية microchips مصنوعة فى عام 1996 فقط و 90% منهم يعنى حوالى 3.6 بليون دخلت فعلا فى أنظمة مدمجة .
السيد جيمس كاسلر Mr. James Cassel رئيس مجموعة جارنتر Gartner فى شهادته للكونجرس الأمريكى عام 1997 يقول : ان أزمة تاريخ عام 2000 هى حرب فعلية " و إذا كانت هى حرب فعلا ؟! فمن هم أطرافها ؟! وحرب بين من ؟! بين الراسماليين اصحاب المال والتكنولوجيا وبين بقية البشر من عمال وفنيين !! أم انها حرب فى ان تنجح أمريكا فى جذب جميع العمالة المهارة ذات الخبرات التكنولوجية لمواجهة هذة المشكلة ؟! فالمؤشرات تبين ان الأزمة وصلت فعلا الى شركات الاعمال التى توظف العمالة الرخيصة التى ستضطر إلى فقد اثنين من عمالتها كل شهر تقريبا .
وهكذا تصبح الراسمالية وما تضمنه من فلسفة سوق تقوم على تعظيم الربح باى ثمن ، مثل الدبة التى قتلت صاحبها ، لكن القتيل هنا هو الإنترنت ! الذى إذا إحسن توظيفة لصالح كل البشرية ، سوف تكون أداة فعالة لمحاربة الفقر والجوع والجهل فى العالم كله . وسيواجه العالم تحديات كبرى لنشر الديمقراطية الرقمية ، وسد فجوة الإنقسام الرقمى المتزايدة بقوة وشدة بين الشمال والجنوب نتيجة الطمع التاريخى للرأسمالية .



#أحمد_محمد_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الليبراليون الجدد والإنترنت
- الشيوخ والإنترنت والمرأة
- احتلال العقول
- إرادة الرفض عند المصريين
- على هامش انفجارات طابا : شماعة المؤامرة
- التخلف دائما فى العقول
- الإنترنت والإستبداد
- موتوا
- التحرش الدينى
- المثقفون وتحديات عصر المعلومات
- ثقافة الدوجما
- انتصار الفقر
- التدين على الإنترنت
- ختان العقول
- الأديان والعقائد حول العالم
- حقوق المعلومات فى عالم غير متساوى
- الشيخة نادية والدكتور زويل
- المثقفون والعمدة
- الحرية الأكاديمية وأسلمه المعرفة
- الإرهاب و وسائل الإعلام


المزيد.....




- السعودية.. تداول فيديو -إعصار قمعي- يضرب مدينة أبها ومسؤول ي ...
- أبرز تصريحات وزير الخارجية الأمريكي حول غزة وهجمات إيران وال ...
- مصرع 42 شخصا بانهيار سد في كينيا (فيديو)
- رئيس الوزراء الإسباني يقرر البقاء في منصبه -رغم التشهير بزوج ...
- -القاهرة الإخبارية-: مباحثات موسعة لـ-حماس- مع وفد أمني مصري ...
- مستشار سابق في البنتاغون: بوتين يحظى بنفوذ أكبر بكثير في الش ...
- الآلاف يحتجون في جورجيا ضد -القانون الروسي- المثير للجدل
- كاميرون يستأجر طائرة بأكثر من 50 مليون دولار للقيام بجولة في ...
- الشجرة التي لم يستطع الإنسان -تدجينها-!
- ساندرز يعبر عن دعمه للاحتجاجات المؤيدة لفلسطين ويدين جميع أش ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - أحمد محمد صالح - الرأسمالية وأعظم حماقة تكنولوجية فى التاريخ