أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد الحسيني إسماعيل - والتاريخ خير شاهد : إبادة شعوب العالم الإسلامي في الأندلس ..!!















المزيد.....


والتاريخ خير شاهد : إبادة شعوب العالم الإسلامي في الأندلس ..!!


محمد الحسيني إسماعيل

الحوار المتمدن-العدد: 3504 - 2011 / 10 / 2 - 18:38
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


والآن إلى شهادة التاريخ .. إلى تاريخ الحضارة الإسلامية في الأندلس ( أسبانيا ومعظم مساحة البرتغال ) .. لنرى كيف قامت هذه الحضارة العظيمة .. لنقل البشر من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد .. وكيف سار السيناريو الوحشي من جانب الشعوب المسيحية لإبادة شعب الأندلس المسلم واستئصاله من جذوره بعد حضارة إسلامية أنارت الطريق لشعوب أوربا المسيحية ـ الهمج ـ على مدى ثمانية قرون متصلة ..!! لقد أبادت الشعوب المسيحية ثمانية ملايين مسلم في الأندلس في غضون سنوات قليلة .. لم يتركوا منهم متحدث واحد باللغة العربية ..!!

لقد استمر حكم المسلمين للأندلس حوالي ( 800 عام ) من دون انقطاع ، وكان التسامح الديني هو سمة الحكم الإسلامي . وكان مقدرا أن يقود المسلمون هذا العالم الوثني نحو السعادة المنشودة ، لولا افتتان الأنظمة المسلمة الحاكمة بالدنيا ونعيمها الزائل ، لتقوى شوكة المسيحية ، لتجد الفرصة السانحة لتنقض على الشعب الإسلامي ، فقامت بذبح وحرق ثماني ملايين مسلم واستئصالهم من جذورهم بدون أدنى شفقة أو رحمة .. تحقيقا لقوله تعالى ..

 كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لاَ يَرْقُبُواْ فِيكُمْ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً يُرْضُونَكُم بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ (8) اشْتَرَوْاْ بِآيَاتِ اللّهِ ثَمَنًا قَلِيلاً فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِهِ إِنَّهُمْ سَاء مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ (9) لاَ يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ (10) فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (11) وَإِن نَّكَثُواْ أَيْمَانَهُم مِّن بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُواْ فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُواْ أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ (12) 
( القرآن المجيد : التوبة {9} : 8 - 12 )

[ التفسير : ( كيف ) : يكون لهم عهد / ( وإن يظهروا عليكم ) : يظفروا بكم / ( لا يرقبوا فيكم إلا ) : لن يراعوا فيكم عهدا لو ظهروا عليكم ( أي لو ظهر ـ المشركين ـ على المسلمين وأديلوا عليهم فلن يبقوا ولن يذروا ) / ( ولا ذمة ) : عهداً / ( يرضونكم بأفواههم ) بكلامهم الحسن / ( وتأبى قلوبهم ) الوفاء به ( وأكثرهم فاسقون ) ناقضون للعهد . كما تقطع الآية الكريمة التاسعة بشرك أهل الكتاب ( كما يدل هذا من سياق الحدث للنص القرآني ) . وكذلك تقطع هذه الآية الكريمة بالمتاجرة بالدين .. وبتحريف نصوص الكتب المقدسة السابقة على الإسلام .. لأنها تنتهي بالصد عن سبيل الله ..!! / ( وقاتلوا أئمة الكفر ) : ويشمل هذا أيضا المواجهة الفكرية معهم ـ أولا ـ لعلهم ينتهون ]

• تاريخ الحضارة الإسلامية في الأندلس ( 711 ـ 1492 م ) ..

يرجع تاريخ الإسلام في الأندلس ( معظم أسبانيا / وجزء كبير من البرتغال حاليا ) إلى سنة ( 92هـ / 711م ) / ( 711 ـ 1492 م ) .. عندما فتحها طارق بن زياد بالتعاون مع موسى بن نصير من قِبـَل الدولة الأموية في عهد الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك بن مروان ، لنقل البشر من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد .

ثم واصل " عبد الرحمن الغافقي " ـ الذي ولاه هشام بن عبد الملك بن مروان على الأندلس سنة 112 هـ ـ أعمال الفتح في أوربا حتى وصل بالقرب من باريس إلى أن أوقفه التحالف الصليبي وهزمه في معركة " بلاط الشهداء " في 15 شعبان سنة 114 هـ ( 732 م ) ، والتي سميت بهذا الاسم .. لكثرة عدد شهداء المسلمين ، وفيها قتل عبد الرحمن الغافقي أيضا وكانت هذه المعركة آخر خطوات المد الإسلامي في اتجاه أوربا ، أو على الأقل آخر خطواته المشهورة ‏.

ثم توقف المد الإسلامي عند هذا الحد واستمرت الدولة الأندلسية بعد ذلك ـ بين قوة وضعف ـ عبر ثمانية قرون من الزمان .. تشع نور الحضارة في أوربا التي كانت ترزخ تحت جهالات عصور الظلام ( من عام 476 إلى عام 1453 ) . وتوالى على حكم الأندلس ستة عصور تاريخية هي : (1) عصر الولاة ، (2) عصر الدولة الأموية ، (3) عصر ملوك الطوائف ، (4) عصر المرابطون ، (5) عصر الموحدون ، (6) عصر دولة بني الأحمر وتكوين مملكة غرناطة .

وبدون الدخول في التفاصيل ، وفي ظل التسامح الديني في الإسلام من جانب ، وصراع الولاة المسلمين على الملك من جانب آخر ، ضعفت قوتهم وتحالفت القوى المسيحية عليهم ففقدوا الكثير من الأرض فتكونت بذلك مملكتي ليون وقشتالة في منتصف الأندلس .

وبدأ الصليبيون في توحيد رايتهم حيث اجتمعت مملكة ليون وقشتالة تحت راية واحدة بعد أن تزوج فرديناند ملك ليون ، إيزابيلا ملكة قشتالة .. وأعلنوا قيام تحالف قوي ضد المسلمين ، وقاموا بحربهم ، حيث سقطت غرناطة في 21محرم سنة 897 هـ ( 1492م ) كآخر معقل للإسلام في الأندلس . وعقد آخر ملوك غرناطة أبو عبد الله محمد بن نصر معاهدة التسليم مع الصليبيين وهي مكونة من سبعة وستين شرطاً منها تأمين المسلمين على دينهم وأموالهم وعقيدتهم وحرياتهم ، ولم يتم تنفيذ أي شيء من هذه المعاهدة ..!!

• معاهدة التسليم ..

فوّض المسلمون الوزير أبو القاسم ؛ في إبرام معاهدة تنص على أن يسلم حكام غرناطة المدينة للأسبان لقاء ضمان خروج الحكام بأموالهم إلى إفريقيا ، كما تضمنت المعاهدة ثمانية وستين بنداً منها :
• تأمين الصغير والكبير على النفس والمال والأهل .
• وإبقاء الناس في أماكنهم ودورهم وعقارهم .
• وأن تبقى لهم شريعتهم يتقاضون فيها .
• وأن تبقى لهم مساجدهم وأوقافهم .
• وألا يدخل الكاثوليك دار مسلم ، وألا يغصبوا أحداً ، وألا يولى على المسلمين إلا مسلم ، وأن يُطلق سراح جميع الأسرى المسلمين ، وألا يؤخذ أحد بذنب غيره ؛ وألا يُرغم من أسلم من الكاثوليك على العودة إلى دينه ، وألا يعاقب أحد على ما وقع ضد الكاثوليكية في زمن الحرب وألا يدخل الجنود الأسبان إلى المساجد .
• ولا يلزم المسلم بوضع علامة مميزة ، ولا يمنع مؤذن ولا مصل ولا صائم من أمور دينه ..

وقد وقع على المعاهدة الملك الإسباني وبابا روما إينوسنت الثامن ( 1484-1492م ) ، وأعقبه ألكسندر السادس ( 1492-1503م ) ، وكان التوقيعان كافيين لكي تكون المعاهدة ضمانة للمسلمين في إسبانيا ( ولكن متى كان للمسيحيون أو اليهود وعدا ..!! ) ، وبناء على هذه المعاهدة خرج أبوعبد الله ابن أبي الحسن ملك غرناطة صباح يوم ( 2/ 1 / 1492م ) ، من قصر الحمراء وهو يبكي كالنساء حاملاً مفاتيح مدينته وملكه الزائل فاعطاها للملكة ايزابيلا وزوجها فرديناند لتقول له أمه عائشة الحرة المقولة الشهيرة : " إبك مثل النساء ملكاً مضاعاً لم تحافظ عليه مثل الرجال " ..!!

• نقض المعاهدة ..

وفور دخول الإسبان إلى غرناطة نقضوا المعاهدة التي أبرموها مع حكامها المسلمين ؛ إذ كان أول عمل قام به الكاردينال مندوسي عند دخول الحمراء هو تنصيب الصليب فوق أعلى أبراجها ، وترتيل صلاة الحمد الكاثوليكية ، وبعد أيام عدة أرسل أسقف غرناطة رسالة عاجلة للملك الإسباني يعلمه فيها أنه قد أخذ على عاتقه حمل المسلمين في غرناطة وغيرها من مدن إسبانيا على أن يصبحوا كاثوليكاً ؛ وذلك تنفيذاً لرغبة السيد المسيح ـ عليه السلام ـ الذي ظهر له وأمره بذلك كما ادَّعى ، فأقره الملك على أن يفعل ما يشاء لتنفيذ رغبة السيد المسيح عليه السلام ، عندها بادر الأسقف إلى احتلال المساجد ومصادرة أوقافها ، وأمر بتحويل المسجد الجامع في غرناطة إلى كنيسة ، فثار المسلمون هناك دفاعاً عن مساجدهم ، لكن ثورتهم قمعت بوحشية مطلقة ، وتم إعدام مئتين من العلماء المسلمين حرقاً في الساحة الرئيسة بتهمة مقاومة المسيحية .


• محاكم التفتيش / الإبادة أو التنصر / ومحو الإسلام من الأندلس

في أكتوبر 1483 م ( رمضان 888 هـ ) أنشئت محاكم التفتيش أو محاكم التحقيق .. بمرسوم بابوي .. وعين القس " توماس دي تركيمادا " محققًا عامًا لها ووضع دستورًا لهذه المحاكم الجديدة وعددًا من اللوائح والقرارات .

وفي الواقع ؛ تمثل محاكم التفتيش أحد أسوأ فصول التاريخ الغربي دموية تجاه المسلمين ولذلك كان من الطبيعي ألا يتوقف المؤرخون والمستشرقون الغربيون عندها إلا نادراً في محاولة منهم لتجاوز وقائعها السوداء ، بل نجدهم في حالات أخرى كثيرة يحاولون وضع التبريرات لها بادعاء أنها كانت أخطاء غير مقصودة ارتكبها القساوسة في محاولتهم للحفاظ على المسيحية بعد خروج المسلمين من الأندلس ..!! فعلى سبيل المثال ؛ نجد المستشرق البريطاني ( وول سميث ) [1] يعلن أن الكنيسة ليست مسؤولة مباشرة عن الجرائم التي ارتكبت عبر محاكم التفتيش ، ولكن كان على رجال الدين المسيحي في إسبانيا أن يخوضوا معركة ضد الوجود الإسلامي بعد خروج العرب من أسبانيا فاضطروا إلى محاكم التفتيش التي تمادى القائمون عليها في تصرفاتهم فيما بعد . وهكذا عند ( سميث ) وغيره من المؤرخين والمستشرقين النصارى تتحول محاكم التفتيش إلى ( خطأ ) غير مقصود له تبريراته ، بل يصير الإسلام عندهم هو المسؤول عن تلك المحـاكم ؛ لأنـه دفع بالمسيحيين إلى استنباط محاكم التفتيش ليصدوا تمدده في الغرب ..!!

وهو نفس المنطق الإرهابي الذي استند إليه الرجل الغربي عند قيامه بإبادة الهندي الأمريكي ، حيث يجذب السياق نفسه " فرانسيس ياركين " أشهر مؤرخ أمريكي في عصره فيقول : ( أن الهندى الأمريكي نفسه ـ في الواقع ـ هو المسئول عن الدمار الذى لحق به لأنه لم يتعلم الحضارة .. وكان لابد له من الزوال .. والأمر يستحق ) .

وقد مورست في هذه المحاكم معظم أنواع التعذيب المعروفة في العصور الوسطى، وأزهقت آلاف الأرواح تحت وطأة التعذيب ، وقلما أصدرت هذه المحاكم حكمًا بالبراءة ، بل كان الموت والتعذيب الوحشي هو نصيب وقسمة ضحاياها ، حتى إن بعض ضحاياها كان ينفذ فيه حكم الحرق في احتفال يشهده الملك والأحبار ، وكانت احتفالات الحرق جماعية ، تبلغ في بعض الأحيان عشرات الأفراد ، وكان فرناندو الخامس من عشاق هذه الحفلات ، وكان يمتدح الأحبار المحققين كلما نظمت حفلة منها . فهذه هي مسيحية المحبة ..!! ( أنظر أيضا : " الإجرام الكتابي وغياب البعث والجزاء / في الديانتين اليهودية والمسيحية " )

فقد نشط " ديوان التحقيق أو الديوان المقدس ـ التابع لمحاكم التفتيش ـ الذي يدعمه العرش والكنيسة في ارتكاب الفظائع ضد المسلمين المتنصرين ( وكان يطلق عليهم الموريسكيين ) .

كما صدرت عشرات القرارات التي تحول بين المسلمين ودينهم ولغتهم وعاداتهم وثقافتهم ، فقد أحرق الكردينال "خمينيث" عشرات الآلاف من كتب الدين والشريعة الإسلامية ، وصدر أمر ملكي يوم ( 20 يونيو 1511 م / 22 ربيع أول 917 هـ ) ـ أي بعد سقوط غرناطة بأقل من 20 سنة ـ يلزم جميع السكان الذي تنصروا حديثًا أن يسلموا سائر الكتب العربية التي لديهم ، ثم تتابعت المراسيم والأوامر الملكية التي منعت التخاطب باللغة العربية وانتهت بفرض التنصير الإجباري على المسلمين .

وكانت محاكم التفتيش تبحث عن كل مسلم لتحاكمه على عدم تنصره أو تحرقه إذا رفض التنصير ..!! ( وأرجو مقارنة هذا مع تعاليم الإسلام العظيم والتسامح الديني الذي تفرضه تعاليم هذا الدين العظيم ) . هام المسلمون على وجوههم في الجبال ، وأصدرت محاكم التفتيش الإسبانية تعليماتها للكاردينال ( سيسزوس ) لتنصير بقية المسلمين في أسبانيا ، والعمل السريع على إجبارهم على أن يكونوا نصارى ، وأحرقت المصاحف ، وكتب التفسير ، والحديث ، والفقه ، والعقيدة ، وكانت محاكم تفتيش ـ مسيحية المحبة ـ تصدر أحكاماً بحرق المسلمين على أعواد الحطب وهم أحياء في ساحات مدينة غرناطة أمام الناس ..!!

ثم صدر مرسوم بتحويل جميع المساجد إلى كنائس ، وفي يوم ( 12 /10 / 1501م ) ، صدر مرسوم آخر بإحراق جميع الكتب الإسلامية والعربية ، فأحرقت آلاف الكتب في ساحة الرملة بغرناطة ، ثم تتابع حرق الكتب في جميع المدن والقرى ..!! ثم جاءت الخطوة التالية ، عندما أعلن الكاردينال ( خيمينيث ) أن المعاهدة التي تم توقيعها مع حكام غرناطة لم تعد صالحة أو موجودة ، وأعطى أوامره بتنصير جميع المسلمين في غرناطة دون الأخذ برأيهم ، أو حتى تتاح لهم فرصة التعرف على الدين الجديد الذي يساقون إليه ، ومن يرفض منهم عليه أن يختار أحد أمرين :

• إما أن يغادر غرناطة إلى أفريقيا دون أن يحمل معه أي شيء من أمواله ، ودون راحلة يركبها هو أو أحد أفراد أسرته من النساء والأطفال ، بعد أن يشهد مصادرة أمواله .
• وإما أن يُعدم علناً في ساحات غرناطة باعتباره رافضاً للنصرانية .

كان من الطبيعي أن يختار عدد كبير من أهالي غرناطة الهجرة بدينهم وعقائدهم ، فخرج قسم منهم تاركين أموالهم سيراً على الأقدام ، غير عابئين بمشاق الطرقات ، ومجاهل وأخطار السفر إلى أفريقيا من دون مال أو راحلة ، وبعد خروجهم من غرناطة كانت تنتظرهم عصابات الرعاع الإسبانية والجنود الأسبان ، فهاجموهم وقتلوا معظمهم . وأن من نجوا بحياتهم كانت خاتمتهم أنهم أصبحوا عبيداً في السفن ..!! وكان الذين ينتظرون الصعود إلى السفينة جوعى يجبرون على بيع أطفالهم مقابل الحصول على الخبز ، حيث كانت السياسة الرسمية للكنيسة هي فصل الأطفال المسلمين عن والديهم ، وبيعهم للأديرة لخدمة الرهبان والأسافقة فيها ..!!

وأقر علماء اللاهوت في الوثيقة الموقعة في تموز/ يوليو عام 1610 ، بأن الرق لم يبرر أخلاقياً فحسب ، بل هو مجدٍ من الناحية الروحية . فبفصل الأطفال المسلمين عن آبائهم .. وبعد إدخالهم في المسيحية .. يصبح من غير المحتمل أن يرتدوا عنها . كما وأن العبيد نادراً ما يتزوجون ، فيصبح هذا منهاجا آخر للتخلص من " العرق المسلم الشرير " في إسبانيا ..!! وهو العرق الذي حمل شعلة النور والهداية على مدار ثمانية قرون لهؤلاء الهمج .. في الفترة التي كانت فيها أوربا ترزخ تحت نير عصور الظلام ..!!

وعندما سمع الآخرون في غرناطة عما نال إخوانهم .. آثروا البقاء بعد أن أدركوا أن خروجهم من إسبانيا يعني قتلهم ، وبالتالي سيقوا في قوافل للتنصير والتعميد كرهاً ، ومن كان يكتشفه الأسبان أنه قد تهرب من التعميد تتم مصادرة أمواله وإعدامه علناً ، وقد فرَّ عدد كبير من المسلمين الذين رفضوا التعميد إلى الجبال المحيطة في غرناطة محتمين في مغاورها وشعابها الوعرة ، وأقاموا فيها لفترات ، وأنشأوا قرى عربية مسلمة ، لكن الملك الإسباني بنفسه كان يشرف على الحملات العسكرية الكبيرة التي كان يوجهها إلى الجبال ، حيث كانت تلك القرى تهدم ويُساق أهلها إلى الحرق أو التمثيل بهم وهم أحيـاء في الساحات العامـة في غرناطة ..!!

ومن أشهر مفتشي محاكم التفتيش فى أسبانيا كان " توماس الطرقماوى " ، الذى استمر فى منصبه لمدة خمسة عشر عاما ، وكان له ( 114.000 ) ضحية تم إحراق ( 10.220 ) منهم ..!! وهكذا ؛ استمرت هذه الحملة الظالمة على المسلمين حتى سنة : 1577م ـ على حد زعم المؤرخين ـ بينما حقيقة الأمر انها امتدت بعد هذا التاريخ بكثير .. وراح ضحيتها حسب بعض المؤرخين الغربيين ملايين المسلمين .. فيروي مؤرخ محاكم التفتيش [2] : " ليكي "..

[ .. في السادس عشر من شهر فبراير من عام 1568 أصدر الديوان المقدس ـ للكنيسة الرومانية الكاثوليكية ـ قرارا بإدانة جميع سكان الأراضي الواطئة ( الأندلس ) والحكم عليهم بالإعدام متهمين بالهرطقة ( أي مخالفة الدين المسيحي ) واستثنى القرار بضعة أفراد نص القرار على أسمائهم ..!!! وبعد عشرة أيام أعلن الملك " فيليب الثاني : Philip II " ملك أسبانيا ( الذي تربي تربية دينية صارمة على يد رجال الدين الكاثوليك .. وابن الإمبراطور الروماني المقدس : شارلز الخامس : Charles V ) صحة القرار وأمر بتنفيذه في الحال . فسيق إلى المقصلة ملايين من الرجال والنساء والأطفال .. ]

وفي غضون عدة أعوام .. اندثر من على وجه البسيطة شعب الأندلس المسلم تماما .. ثمانية ملايين مسلم ( وفي مصادر أخرى أكثر من ستة ملايين مسلم ) أبيدوا بالكامل ـ في غضون أعوام قليلة ـ لم يبق منهم مسلم واحد كما لم يبق منهم ناطق واحـد باللغة العربية .. بعد حضارة أضاءت لأوربا الطريق على مدى ثمانمائة عام ..!! كما تم تدمير المساجد بطريقة وحشية ولم يبق منها إلا ما كان يصلح لأن يحول إلى كنيسة ..!!

بل ولم يتوقف مطاردة رجال الكنيسة للمسلمين بالشبهة .. والقيام بتعذيبهم وإبادتهم .. فعندما غزا نابليون أسبانيا عام 1808 ، اعتصم القساوسة الدومينيكان [3] بديرهم فى مدريد وعندما إقتحمه نابليون عنوة أنكر الدومينيكان وجود أى حجرات للتعذيب ، ولكن عند البحث والتنقيب وجدها جنود نابليون تحت الأرض مليئة بالمساجين المسلمين وكلهم عرايا وكثير منهم معتوه من فرط التعذيب ، كما وجدوا بها صنوفا من آلات التعذيب مما لا يخطر على فكر الشياطين وليس البشر ..!! ورغم أن القوات الفرنسية لم تكن تتميز برقة الشعور إلا أن هذا المنظر قد أثار شعور جنودها ، فأخرجوا المساجين وفجروا الدير بأكمله . فهذه هي مسيحية المحبة كما يدعي أصحابها ..!!

• الخاتمة

لقد استمر حكم المسلمين للأندلس حوالي ( 800 عام ) من دون انقطاع ، وكان التسامح الديني هو سمة الحكم الإسلامي .. لينتهز المسيحيون الفرصة السانحة لينقضوا على المسلمين ليبيدوهم عن بكرة أبيهم دون رحمة أو شفقة على حسب نصوص الإبادة التي يموج بها الكتاب المقدس .

وأخيرا ؛ ما زلت أردد .. إن البشرية في مأزق حقيقي بالنسبة للوجود والمصير .. بسبب تغييب الحقائق عنها ـ بشكل إجرامي بكل المقاييس ـ من خلال مخطط إعلامي منظم يمثل تحالف الشيطان مع قوى الشر في الإنسان ..!! وسنأثم ـ أمام الله عز وجل ـ إذا لم نحمل شعلة النور للتبليغ بالحقيقة المطلقة .. ولهذا فإنا لا أدافع في كل مقالاتي عن شعوب العالم الإسلامي فقط .. بقدر ما أدافع عن البشرية جمعاء .. كما قال رسول الله (  ) في حديث الجنادب ( رواه مسلم ، ورواه أحمد في ثلاث مواقع ) :

[ .. مَثَلِي وَمَثَلُكُمْ كَمَثَلِ رَجُلٍ أَوْقَدَ نَارًا فَجَعَلَ الْجَنَادِبُ وَالْفَرَاشُ يَقَعْنَ فِيهَا وَهُوَ يَذُبُّهُنَّ عَنْهَا وَأَنَا آخِذٌ بِحُجَزِكُمْ عَنِ النَّارِ وَأَنْتُمْ تَفَلَّتُونَ مِنْ يَدِي ]

فلابد من العلم أن للوجود غايات .. وأن على الإنسان تحقيق هذه الغايات حتى ينال الخلاص المأمول .. والسعادة الأبدية المنشودة .. فليس الوجود عبثا إلهيا .. كما جاء في قوله تعالى ..

 أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ (115) فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ (116) 
( القرآن المجيد : المؤمنون {23} : 115 - 116 )

كما وأن الوجود ليس لهوا إلهيا ..كما جاء في قوله تعالى ..

 وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاء وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ (16) لَوْ أَرَدْنَا أَن نَّتَّخِذَ لَهْوًا لَّاتَّخَذْنَاهُ مِن لَّدُنَّا إِن كُنَّا فَاعِلِينَ (17) بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ (18) 
( القرآن المجيد : الأنبياء {21} : 16 - 18 )

ويطول الحديث عن الغايات من الخلق .. وله مقالات أخرى ـ إن شاء الله تعالى ـ وننهي هذا البحث بقوله تعالى :

 وَلِلّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِلَى اللّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ (109) 
( القرآن المجيد : آل عمران {3} : 109 )

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ..

وإلى حديث آخر إن شاء الله تعالى ..

موقع الكاتب على الإنترنت :
www.truth-2u.com

************
هوامش المقالة :

[1] " تاريخ أوروبا في العصور الوسطى " ؛ وول سميث ، دار الحقائق بيروت 1980م . و " محاكم التفتيش .. من ينصف المسلمين من جرائمها ؟ " ، عبد الرحمن حمادي . من منشورات الإنترنت .

[2] " قصة الاضطهاد الديني في المسيحية والإسلام " . د. توفيق الطويل . الزهراء للإعلام العربي . ص : 88 وعن : موسوعة الإنكارتا الإلكترنية 1997 .

[3] الدومينيكانية : هى رهبنة أسسها القديس دومينيك عام 1215 ، ويلقب المنخرطون فيها باسم " الأخوة الوعاظ " . وقد بدأت نشاطها أول ما بدأته فى مدينة تولوز بفرنسا ، وكانت أول رهبنة كاثوليكية أخذت على عاتقها التبشير بالعقيدة المسيحية . وقد تميز الدومينيكانيون الأولون بثقافة تخطت اللاهوت إلى محاولة للتوفيق بين اللاهوت والفلسفة .

************



#محمد_الحسيني_إسماعيل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شعوب العالم الإسلامي .. شعوب الهلاك
- والإله خروف بسبعة قرون ..
- كيف أمسك الإنسان ب ( الإله ) .. وصارعه حتى الفجر ..!!
- الزعيم جمال عبد الناصر / شهادة للتاريخ
- الرد على تعليق : الأكوان الموازية / نهاية حياة الإنسان .. ور ...
- الأكوان الموازية : نهاية حياة الإنسان .. ورحلته مع الموت
- في مسألة الاعتداءات المتكررة لإسرائيل على الحدود المصرية وقت ...
- هل هيكل سليمان .. هو المسجد الأقصى ..؟!!!
- لماذا الاعتقاد في الديانات الخرافية
- وهرب الفيلسوف المصري د. مراد وهبه من المواجهة
- على هامش الرد على وفاء سلطان .. ولماذا الديانة المسيحية ؟!
- ورسالة إلى حكماء بني إسرائيل .. هذا إن كان فيهم حكماء ..!!!
- وفاء سلطان .. و النجار 1/3
- وفاء سلطان / الجزء الثالث : العقلانية والعلم بين المسيحية وا ...
- الرد على دكتورة علم النفس الأمريكية وفاء سلطان 3/5
- الرد على دكتورة علم النفس الأمريكية وفاء سلطان 2/5
- الرد على دكتورة علم النفس الأمريكية وفاء سلطان 1/5


المزيد.....




- أول مرة في التاريخ.. رفع الأذان في بيت هذا الوزير!
- أول مرة في تاريخ الـ-بوت هاوس-.. رفع الأذان في بيت الوزير ال ...
- قصة تعود إلى 2015.. علاقة -داعش- و-الإخوان- بهجوم موسكو
- صلاة الجمعة الثالثة من شهر رمضان.. الاحتلال يعيق وصول المواط ...
- السعودية.. الأمن العام يوجه دعوة للمواطنين والمقيمين بشأن ال ...
- صلاة راهبة مسيحية في لبنان من أجل مقاتلي حزب الله تٌثير ضجة ...
- الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول فيديو إمام مسجد يتفحّص هاتفه ...
- كيف يؤثر التهديد الإرهابي المتزايد لتنظيم الدولة الإسلامية ع ...
- دولة إسلامية تفتتح مسجدا للمتحولين جنسيا
- فيديو البابا فرانسيس يغسل أقدام سيدات فقط ويكسر تقاليد طقوس ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد الحسيني إسماعيل - والتاريخ خير شاهد : إبادة شعوب العالم الإسلامي في الأندلس ..!!