أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عدنان حسين أحمد - حوار الشرق والغرب: المسلمون بين الأصولية والاندماج















المزيد.....

حوار الشرق والغرب: المسلمون بين الأصولية والاندماج


عدنان حسين أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 1041 - 2004 / 12 / 8 - 12:55
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أقامت مكتبة باولست في مدينة لاهاي الهولندية أمسية فكرية بعنوان " حوار الشرق والغرب: المسلمون بين الأصولية والاندماج " وقد ساهم فيها كل من الدكتور عصام الخفاجي، وهو كاتب وأستاذ جامعي عراقي متخصص بالعلوم الاجتماعية، والدكتور صبحي حديدي ناقد وباحث ومترجم سوري متخصص في " نظريات الخطاب ما بعد الاستعماري، والنقد التاريخاني الجديد، وما بعد الحداثة ". وتأتي هذه الندوة الفكرية ضمن إطار الندوات المتعددة التي عُقدت بعد الحادث المأساوي لمقتل تيو فان خوخ، الكاتب والمخرج الهولندي المثير للجدل على يد أصولي متطرف يحمل الجنسيتين المغربية والهولندية. ولتضييق الهوّة بين المواطنين الهولنديين الأصليين، والجالية المغربية خاصة، والعربية والإسلامية عامة لجأت العديد من المؤسسات الثقافية العربية والهولندية إلى تنظيم ندوات فكرية، وحلقات نقاش متواصلة لتوضيح هذا الإشكال الخطير القائم بين الشرق والغرب من جهة، وبين الأصولية والاندماج في المجتمع الهولندي، أو بين الحفاظ على الهوية، أو قبول المجتمع الآخر، والتلاقح معه، أو الذوبان فيه. ولأن الجمهور كان متنوعاً يضم هولنديين، وعرباً، ومسلمين من دول أخرى فقد تحدث المحاضران باللغة العربية أولاً، ثم قام كل واحد منهما، بترجمة حديثه إلى اللغة الإنكليزية، الأمر الذي أفقد المحاضران القدرة على الحفاظ على تسلسل أفكارهما نتيجة الانتقال في الحديث من لغة إلى أخرى.
صبحي حديدي
ثنائية الشرق والغرب: مفهومات متخيلة
استهل د. صبحي حديدي محاضرته بالقول إن بإمكانه التعليق على الأحداث المؤسفة التي جرت مؤخراً في هولندا والتي تتصل بمستوى الاندماج الثقافي للمهاجرين. ويعني مقتل المخرج الهولندي تيو فان خوخ، وكذلك عمليات العنف والتخريب التي تعرضت لها بعض الجوامع والمدارس الإسلامية في عدد من المدن الهولندية، ولكنه، في الوقت ذاته، شدّد على القول بأنه قد يستطيع مناقشة هذه الأحداث، ولكن ليس بمقدوره التعمق في مناقشة أسبابها، لأنها من جهة أولى هي أسباب سوسيولوجية ذات صله بعلم الاجتماع وهو لا يزعم البتة في كونه متبحراً بعلم الاجتماع. ومن جهة ثانية فأنها تحتاج إلى معايشة هو بعيد عنها، لكونه مقيماً في باريس، وبالتالي فأن أي مهاجر أو لاجئ مقيم في هولندا يستطيع التعليق على هذه الأحداث أفضل منه حسب زعمه. إن ثنائية الشرق والغرب هي موضوع عريض، وشائك، ومعقدة للغاية. وتتكرر هذه الثنائية في كل حقبة من أحقاب التطور الإنساني. أعرب حديدي أنه يتبنى بشكل شامل تفكير أدوارد سعيد حول مسألة حوار الشرق والغرب، وهو يرى أن كلا الاصطلاحين " شرق غرب " هما مفهومان متخيلان " imagined concepts " أو مبنيّان بناءً باستثناء البعد الجغرافي في تعبير شرق أو غرب فهناك اختلاط معقد للمفهومين من الناحيتين الثقافية والتاريخية. وهو يرى من جانب آخر أن هناك تزييفاً كبيراً وتنميطات كثيرة. أكد حديدي على أن هناك ما يشبه الإجماع على أن الغرب الذي نعرفه، بمعناه الحضاري والسياسي والجغرافي قائم على ركيزتين مهمتين، وهما الحضارة اليونانية الكلاسيكية والكتاب المقدس، ولكنه في الحالتين، سواء الفلسفة اليونانية أو الكتاب المقدس، يرى أن الأصول شرقية. بمعنى أن اليونان روحه شرقية حتى وإن كان جسده اليوم يقع في أوروبا. وهذه أولى ملامح الاختلاط من وجهة نظره في الجذور أو في الركائز الكبرى للغرب. يعتقد حديدي أن أكثر لحظات المواجهة بين الشرق والغرب مأساوية وحّدة كانت المرحلة الاستعمارية، والتاريخ يقول أن ثلاثة أرباع البشرية تتأثر حياتها بهذا الشكل أو ذاك بالتجربة الاستعمارية. ويشدد حديدي على القول بأننا، شئنا أم أبينا، فإن تلك التجربة كانت تنطوي على الجوانب الثقافية والفكرية، وهذا جزء أساسي من فكرة كتاب أدوارد سعيد " الاستشراق " وجزء أساسي من نشاط القوى الاستعمارية كدول كانت تثير رجال الفكر والثقافة وكانت مهيمنة على فكر وثقافة البلد المستعمَر. أن بواكير ما يسمى بالنهضة العربية أو دخول العرب في العصور الحديثة بحسب حديدي قد تم عندما غزا نابليون مصر، وعندما جلب معه المطبعة، أو عندما فرض صيغة من صيغ التفكير العصري المتقدم، وأتاح ولادة عدد لا بأس به من المفكرين المستنيرين. ويرى حديدي إن ما جرى في 11 سبتمبر هو نتيجة متأخرة، وتمنى أن تكون الأخيرة، لكنها قد لا تكون الأخيرة نتيجة اللقاء المأساوي بين المستعمرين وشعوب الأرض. وأكد حديدي في ختام مداخلته على القول إن العرب الأفغان الذين فجروا الأبراج وقاموا بعمليات إرهابية في العراق وفي مختلف أنحاء العالم هم صنيعة الولايات المتحدة الأمريكية، وصنيعة المخابرات المركزية الأمريكية الذين كانوا أمام خيارين لا ثالث لهما، فإما أن يقدّموا للاتحاد السوفييتي هدية مسمومة، أو يثيروا موضوعة الجهاد الإسلامي ضد الوجود السوفييتي في أفغانستان، وهذا ما حدث فعلاً بكل التداعيات التي يعرفها القاصي والداني.
عصام الخفاجي
العودة إلى السلف الصالح: تأبيد التخلّف والاستبداد والعنف
أما د. عصام الخفاجي الأكاديمي المتخصص الذي درّس لسنوات طوالاً قضايا العولمة، والتطور الاقتصادي والاجتماعي في العالم الثالث، ونظريات الدولة فضلا عن قضايا الشرق الأوسط في جامعتي أمستردام ونيويورك، فقد استرسل في الحديث عن موضوعات وأفكار وتساؤلات قال إنها شديدة البساطة، وهي ليست كذلك في واقع الأمر. كما أكد أنه سيثير أسئلة كثيرة، ولا يقدّم إجابات تشفي غليل المتلقي. قال الخفاجي بأنه يعتز ويتشرّف بالعلاقة الحميمة التي كانت تربطه بالراحل أدوارد سعيد، هذا الرجل الموسوعي الهائل الذي تحتمل كتبه قراءات متعددة، وليست قراءة واحدة، كما هو طبيعة الأعمال والكتب المهمة دائماً، ولكنه لسوء الحظ أصدر أدوارد كتابه المهم " الاستشراق " في نهاية السبعينات، وهي الفترة التي انتعشت فيها الأصولية. ويرى الخفاجي، أن الأصوليين، ولسوء الحظ، قد استخدموا التقسيم شرق غرب، سواء عن وعي أو غير وعي، علماً بأن الغرب قد اختلق الشرق وأبّده في مخيلته لكي يدين أسطورة الأصولية. ونتيجة لذلك فقد نبّه الخفاجي من مغبة القول " إنني تلميذ أو متابع أو مؤيد لأفكار أدوارد سعيد. ". وفي كتاب الخفاجي الذي صدر بالإنكليزية مؤخراً تحت عنوان "ولادات عسيرة: مسارات الحداثة في أوربا والشرق الأوسط " ( لندن، دار I.B. Tauris و Palgrave-Macmillan في نيويورك). أكد بأنه " ينتمي إلى القراءة الكونية لأدوارد سعيد "، وهذا شكل من أشكال القراءة لهذا المفكر أو سواه من المفكرين العرب أو الأجانب. ثم عرّج على مداخلة د. صبحي حديدي قائلاً " إذا كان الزميل صبحي نفسه يقول إن الجغرافية نفسها حقيقة، فأنا أقول الجغرافية نفسها ليست حقيقة، هذا ليس من باب الاختلاف معه وإنما لتأكيد وجهة نظره التي كان يقولها ويعززها بالأدلة والاستنتاجات. ". ثم ضرب الخفاجي عدداً من الأمثلة عما فعلته ثورة المواصلات الحديثة فقال " تخيلوا حتى القرن 12 كان الانتقال بين باريس وبرشلونة يستغرق عشرة أضعاف ما تستغرقه الرحلة بين مرسيليا واللاذقية، والسبب بسيط جداً هو أن النقل البحري كان هو الوسيلة الرئيسية حتى القرن التاسع عشر. كان هناك مثلث اسمه " الساحل السوري، الإسكندرية، اليونان " يشكل دائرة لا علاقة لها بأوروبا الغربية. ". تأثرت هذه المناطق الثلاث ببعضها " بلاد الشام، ومصر، واليونان " أكثر مما تأثرت أو أثرت بما نسميه اليوم بأوروبا الغربية. وواقع الحال، أننا نرى اليوم اليونان في أوروبا الغربية لا يعني أن هناك حلقة اقتصادية أو ثقافية من التبادل لمجرد أننا نراها في عصر الموصلات السريعة. الخفاجي يرى أن العلاقة بين الدين والواقع الاجتماعي هي علاقة معقدة جدا غير أنها أفرزت تراثاً كبيراً من الدراسات التي ازدهرت خلال الخمس والعشرين سنة الأخيرة، وهو يتأسف جداً لأن هذه الدراسات قد قلبت العلاقة بحيث لم نعد نرَ صورة الواقع كما هو، بمعنى أن السؤال الذي يدور في الأذهان، أو يُلقى بوجهنا مع نبرة عنصرية سواء بشكل مؤدب أو فظ، أو نقرأه في الصحف والمجلات أو حتى في الدراسات الأكاديمية هو الأصولية. وهذا التصور يثير لدينا عدداً من الأسئلة المهمة وهي: هل هناك شيء في الإسلام يؤبّد التخلف، والاستبداد، والإرهاب، والعنف؟ هذه الأسئلة غالباً ما نسمعها جميعاً، أو نقرأها هناك أو هناك، بل أن بعضنا مشى مع هذه " الموضة " وصرنا نتحدث عنها أحياناً برطانة تقدمية كما أكد الخفاجي. إن القفز إلى استنتاجات سهلة يتأتى من جهل المرء بتواريخ وثقافات الشعوب والأمم الأخرى. ما أراد أن يستنتجه الخفاجي هو أولاً التساؤل بطريقة استفهامية مفادها: إذا كانت العلاقة بين الواقع والدين معقدة، وهذا استنتاج بسيط، لأن الواقع متغيّر على الدوام، زماناً ومكاناً، وهذا يعني أن كلمات كبيرة من قبيل " إسلام، مسيحية، يهودية، كونفوشية، بوذية، شرق، غرب "، هذه كلمات، بحسب الخفاجي، لا معنى علمياً محدداً لها ما لم تقترن بزمان ومكان معينين. بتعبير آخر لا يمكن أن يطلق أي حكم على الإسلام أو المسيحية أو اليهودية انطلاقاً من النص الإسلامي أو المسيحي أو اليهودي، لأن الأديان هي فلسفات كبرى، والفلسفات تحمل أحكاماً كبرى قابلة للتأويل بشتى الاتجاهات. ثم توسّع الخفاجي في حديثه عن بعض الأحاديث والآيات القرآنية قائلاً: " في الإسلام ثمة نصوص وآيات قرآنية تعرفونها أكثر مني تدعو إلى التسامح مثل " لا إكراه في الدين "(البقرة، 256)في حين أن هناك حديثاً نبوياً يقول " من رأى منكم منكراً فليغيّره بيده " وهاتان عبارتان متناقضتان حسب الخفاجي، فمن يصلح " أو يغيّر بيده " بمعنى أنه يحق له أن يقتل، لا إكراه في الدين بمعنى لا يحق له أن يقتل. " هذا الشيء ليس حكراً على الإسلام وإنما موجود في المسيحية وفي اليهودية، ولكن هنا، أريد أقف لكي أقول كلمة حق، لا أشارك النزعة التبريرية لدى كثير من الأصدقاء التقدميين الغربيين، وبعضنا يقول إن الإسلام ليس مسؤولاً عن أحداث العنف لمجرد أننا بدأنا من هذا الاستنتاج أن كل الأديان تحمل بذرة العنف. السؤال القاسي على النفس هو أن نسأل: لِمَ أن نسبة الإرهابيين الذين يتكئون على اليهودية إلى مجموع المنتمين إلى اليهودية، ونسبة من يستخدم الإرهاب متكئاً إلى الدين المسيحي نسبة إلى مجموع معتنقي المسيحية، وهكذا بالنسبة للبوذية، والهندوسية، هي أقل بما لا يقاس من نسبة من يستخدمون الإسلام لتبرير الإرهاب؟ ". هذا سؤال مهم يطرحه الخفاجي، ويجب علينا أن نواجهه بواقعية وشدة لا بمجرد القول إن كل الأديان تبرر الإرهاب. هناك فلسفات علمانية كانت تبرر الإرهاب، حتى الماركسية التي ينتمي إليها الخفاجي تبرر الإرهاب، وقد ساق الخفاجي مثالاً لذلك عندما صفق هو وأقرانه من اليسار الجديد لاختطاف ألدو مورو في إيطاليا. هذا كلام شديد الواقعية نستخلص منه الدروس والعبر. ثم عزّز حديثه بأمثلة أخرى مهمة مثل قتل اسحق رابين، رئيس الوزراء اليهودي على يد متطرف يهودي اعتبرَ أن ما قام به اسحق رابين مروق على الدين اليهودي، وكذلك قتل غاندي العظيم على يد متطرف سيخي اعتبره مارقاً على الديانة الهندوسية، ولكن الخفاجي يرى أن الكم الكبير من القتل في العصر الحديث لم يحصل باسم الدين اليهودي أو الهندوسي، بقدر ما قام به أناس باسم الدين الإسلامي. خلاصة القول كما يرى الخفاجي " أن الدين لا يفسّر الواقع الاجتماعي، وهذا استنتاج من الجملة البسيطة التي قلتها أن العلاقة بين الواقع الاجتماعي والأديان هي علاقة معقدة علينا ألا نستعجل في الخروج باستنتاج سريع منها، ولكن إن كانت هناك علاقة سببية فهذه العلاقة علينا أن نعكسها، بمعنى أن الدين يتأثر بالواقع الاجتماعي، ولا يؤثر هو بالواقع الاجتماعي، وأعني بالواقع الاجتماعي بتعبيراته السياسية والثقافية والاقتصادية.". عاد الخفاجي إلى حقبة الستينات من القرن الماضي، وأعطى بعض الأمثلة التي عاشها البعض منا أو قرأها في الكتب أو المصادر. في فترة الستينات أثار أساتذة العلوم السياسية سؤالاً مهماً يمكن اختصاره بالصيغة التالية: لماذا تخضع كل من أسبانيا والبرتغال وأمريكا اللاتينية إلى السلطات الدكتاتورية؟ وهو سؤال يكشف عن غياب الديمقراطية في البلدان المذكورة سلفاً. وكان الجواب القاطع المانع الذي يأتي من علماء السياسة هو: " أن الكاثوليكية دين يتناقض مع الديمقراطية ". وهذه البلدان التي تدين بالكاثوليكية، على عكس البلدان التي تدين بالبروتستانتية، تعادي الديمقراطية. وحتى أواخر الستينات من القرن الماضي كان عالم التنمية الاقتصادية والاجتماعية يقول لماذا تتخلف آسيا؟ فيأتي الجواب " لأن الديانة الكونفوشية، هذا جواب الأكاديميين، تشجع على الانضباط والتراتب العائلي، والهرمية وبالتالي فهي معادية للتقدّم والإبداع الخلاق.". في التسعينات كنا نتعرض لسؤال آخر هو: لماذا تقدمت شرق آسيا؟ فيأتي الجواب من دعاة نفس المنهج الذين يفسرون الواقع بالدين فتسمع " أن الديانة الكونفوشية تشجع الانضباط والعلاقة العائلية، وتحفز على العمل الصارم والجد والاجتهاد والكسب وبالتالي تقدمت هذه البلدان." إذاً، نستخلص أن الفكرة نفسها، والدين نفسه يُستخدم لتفسير أو تبرير الشيء ونقيضه تماماً. ما يريد الخفاجي أن يقوله هو أن العلاقة معكوسة تماماً. فلماذا تبني الدين الإسلامي هذا الشكل، وليس شكلاً آخر؟ عاد الخفاجي بالذاكرة إلى أواخر الخمسينات، وتحديداً إلى عام 1959 عندما أصدر المجتهد الشيعي الأكبر السيد محسن الحكيم في العراق فتوى تقول إن الشيوعية كفر وإلحاد، لكن لم تتجاوب معه كتلة كبيرة من الشيعة في العراق وخارج العراق، بينما في عام 2003 يصدر السيد السيستاني، تصريحاً وليس فتوى، فيذهب الجميع متبارين للدفاع وتنفيذ ما يعتقدون أنه القول الفصل. إن ما يقصده الخفاجي لا يفسره النص الإسلامي، بل يفسره تغير الواقع الاجتماعي نفسه. قال الخفاجي " إن ما يشد انتباهي، هو أننا يجب ألا نقع تحت تأثير القلق الغربي نفسه. نعم يقلقنا الإرهاب والعنف، ولكن ما يقلقني ليس وجود خمسين عنصراً يستطيعون أن يشلوا أو ينسفوا محطة قطار، لا أقصد أن هذه قضية بسيطة، أو يجب السكوت عنها أو عدم إدانتها. ما يشغلني أكثر من ذلك هو الحركات الجماهيرية التي تسير وراء أفكار تدعو إلى العودة إلى السلف الصالح." وهذا استنتاج خطير يدير ظهره للواقع الحالي، ويستجير بالأسس والقواعد والأصول الأولى التي أكل الدهر عليها وشرب. فالخفاجي لا يخشى من استخدام بعض المتطرفين للبندقية أو القنبلة اليدوية، ولكنه يخشى أكثر من هروب الناس وبأعداد كبيرة ومقلقة إلى الماضي ؟ ثم ضرب مثالاً مهماً عن منطقة " بلاد الشام والعراق وإيران " التي كانت توصف إلى حد الخمسينات من قبل أساتذة الحرب الباردة بأنها منطقة مهيأة للشيوعية. وقد استّل هذا المثال من عدد من مجلة التايمز الذي يعود إلى عام 1959 ليؤكد أن هي المنطقة هي الأخطر في العالم فيما يتعلق باستعدادها لتقبّل الفكر اليساري. ومن الأسئلة المهمة التي أثارها الخفاجي هو السؤال الآتي المتعلق بأهمية كتاب فكري قيّم بعنوان " " الإسلام وأصول الحكم " صدر عام 1926 للعالم الأزهري علي عبد الرازق والذي يبيّن في تلك الفترة أن هناك ثلاثة مفهومات أساسية يجب الانتباه إليها، وهي " ليس هناك فرضية حكم في الإسلام، وأن شكل الحكم يتغيّر مع تغيير الزمن، وأن الشكل الأمثل في هذا العصر هو شكل الحكم المدني، الدستوري، البرلماني، الديمقراطي. "، بينما لو دققنا الأمر جيداً لاكتشفنا شيئاً مروّعاً، فبعد عشرين عاماً صدر كراس تعبوي من الدرجة العاشرة اسمه " في ظلال القرآن " لسيد قطب، تحول فجأة إلى حركة جماهيرية، بينما انتقل كتاب مهم من طراز " القرآن وأصول الحكم " إلى رفوف المكتبات، ولا يذكره سوى بضعة مثقفين، وهنا تكمن نكبتنا نحن العرب، حسب تأويل الخفاجي الذي يرى أن النظام السياسي والاجتماعي القائم في منطقتنا العربية مغلق لدرجة يسد فيها الصعود الاجتماعي. وسيعيد التاريخ نفسه ما لم تفتح أنظمتنا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والفكرية هذه المغالق شديدة الإحكام، وتترك للمبدعين الحقيقيين حرية الاجتهاد وإعمال الذهن، وقراءة الواقع بعين لا تحجبها الخرافات والأساطير الماورائية.



#عدنان_حسين_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التطرّف الإسلامي يخترق قلعة التسامح في هولندا
- ضوء- بيار سلّوم والنهاية المفجعة التي تشيع اليأس لدى المتلقي ...
- فيلم - رشيدة - للمخرجة الجزائرية يامينا شويخ وآلية التعاطي م ...
- فاقد الصلاحية - للمخرج العراقي رسول الصغير ثيمة غربية ساخنة ...
- فوز الكاتبة، وعضوة البرلمان الهولندي أيان هيرسي علي - من أصل ...
- زنّار النار - لبهيج حجيج: هذيان، وقلق، ولهاث خلف حلمٍ متوارٍ ...
- فيلم - خضوع - يفضي إلى اغتيال مخرجه الهولندي ثيّو فان خوخ عل ...
- طيّارة من ورق - لرندة الشهّال جماليات الخطاب البصري، وتفكيك ...
- فيلم - زائر - لبسام الذوادي بين بنية التخاطر والنهاية الرمزي ...
- باب العرش - لمختار العجيمي- الشريط الذي ترقّبه الجمهور التون ...
- فوق كفِّ امرأة - لفاطمة ناعوت: خدع فنية، ومتاهات نصِّية حافل ...
- مَنْ قال إن - الملائكة لا تحلّق فوق الدار البيضاء - ؟:محمد ا ...
- - بحب السيما - لأسامة فوزي الفيلم الذي انتزع إعجاب النقاد وا ...
- الشاعرة الكردية فينوس فائق : اشعر بالضيق حينما أقرأ قصيدة مش ...
- في الدورة العشرين لأيام قرطاج السينمائية: تكريم الفنانة يسرا ...
- غير خدوني - لتامر السعيد ينتزع جائزة أفضل فيلم في مهرجان الإ ...
- أمستردام تستضيف مهرجان روتردام للفيلم العربي في - دورة المدن ...
- مؤسسة -آل مكتوم- الخيرية تتورط في دعم مشروع لليمين الهولندي ...
- قرية - شايامالان مشوّقة، لكنها تخلو من الرعب والنهاية المفاج ...
- النصر الأخير - للمخرج الهولندي جون أبل يحصد الجائزة الكبرى ف ...


المزيد.....




- المبادرة المصرية تحمِّل الجهات الأمنية مسؤولية الاعتداءات ال ...
- الجزائر.. اليوم المريمي الإسلامي المسيحي
- يهود متشددون يفحصون حطام صاروخ أرض-أرض إيراني
- “متع أطفالك ونمي أفكارهم” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 ب ...
- لولو يا لولو ” اظبطي تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- شاهد: عائلات يهودية تتفقد حطام صاروخ إيراني تم اعتراضه في مد ...
- أمين عام -الجماعة الإسلامية- في لبنان: غزة لن تبقى وحدها توا ...
- وزيرة الداخلية الألمانية: الخطوط الحمراء واضحة.. لا دعاية لد ...
- لجنة وزارية عربية إسلامية تشدد على فرض عقوبات فاعلة على إسرا ...
- اللجنة العربية الإسلامية المشتركة تصدر بيانا بشأن -اسرائيل- ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عدنان حسين أحمد - حوار الشرق والغرب: المسلمون بين الأصولية والاندماج