أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله صقر - غفرانك ياسلمى















المزيد.....

غفرانك ياسلمى


عبدالله صقر

الحوار المتمدن-العدد: 3493 - 2011 / 9 / 21 - 18:11
المحور: الادب والفن
    


قال لى زميلى فى المدرسة :
كنت قد وزعت فى أول تعيينى كمدرس فى وزارة التربية والتعليم , فى أحدى المدارس الواقعة على حدود مصر , فى محافظة من محافظات سيناء , يقول حاولت أن أتأقلم مع طبيعة الحياة فى هذه المحاقظة التى لم أألفها , فأهل المناطق البدوية يختلفون فى الطباع وفى السلوك والعادات والتقاليد وفى كل شيئ فحياة هذا المجتمع بها اختلاف كبير حبث تتميز بالخشونة وعدم الرفاهية .
ورغم ذلك حاولت أن اتأقلم مع حياتى الجديدة وأن أجد لى مكانا بين البدو , فوجدت سكنا وعشت فيه بما يحمل من وحده وغربة , عشت فى هذا السكن الحياة بحلوها
ومرها .
كنت بالطبع أسكن وسط العائلات ولكن فى بيت بمفردى , وكان بجوار سكنى هذا بيت عربى يقتنه أسرة من أهل المحافظة ,فاغلب الآسر تعرف بعضها نسبا وحسبا , إلا أنا الآنسان الوحيد الغريب وسطهم , فكانوا يسمونى بالآستاذ الغريب , أو الآحمر , نظرا لآشتداد إحمرار وجهى والذى يشبه الانجليز وصفار شعرى .
أستطعت أن أتقرب الى أغلب العائلات هناك , وأشتغلت فى الدروس الخصوصية مجانا لتقوية الطلبة , وهذا أدخل معزتى وأحترامى لدى الكثير منهم , فزاد حبى عند أغلب
العائلات , دخلت أكثر بيوت المنطقة وكانوا يأمنون لى على بيوتهم وأسرهم , ولذا حافطت على هذه الثقة التى منحوها لى , فارطبت بهم كثيرا , فحين ألزم البيت للمرض
ويعلمون بذلك أجد المنطقة والحى كله عندى ويستدعون لى الطبيب .
ذادت الثقة بينى وبينهم وذاد الحب الذى ربطهم بى , وفى يوم ذهبت لآحد البيوت لآعطاء درس لآبنهم , وطرقت الباب وفتحت لى فتاة , لم أرى مثلها طيلة حياتى , كانت فائقة الجمال .
و لم أرى مثيلها إلا فى الآفلام , بصراحةأول ما رأتها عيناى وجدت قلبى يخفق خفقان غريب , أحسست بأن شيئ غريب سرى فى بدنى , حتى أتزانى أهتز , كنت فى حالة عدم إتزان نفسى وعقلى وإدراكى , ياربى ماذا حدث لى , وهى عندما رأتنى شعرت بخفقان قلبها , تسمرت قدماها فى الآرض , نطقت بعبارتين ( من أنت , وماذا تريد ) , قلت لها أنا الآستاذ الذى يطلقون غليه الغريب , أن نسيت كل ما كان بخاطرى ونسيت كل الكلمات , ونسيت النطق ونسيت طريقة التعبير , ونسيت نفسى التى ضاعت وتاهت وسط كماتها القليلة والرقيقة .
تاهت منى الكلمات ولكن حاولت أن أستجمع قواى , وأدخلتنى غرفة الضيوف,أديت الحصة , وذهبت الى سكنى ,وكانت بداخلى تغيرات غريبة حيث أن كيانى أنقلب وتلخبطت كل الآشياء عندى , لست أدرى ماذا حدث لى , كنت اذا ذهبت لآعد الطعام , وجدت نفسى فى الحمام , مرت الليلة وأنا مستيقذ أفكر فيما رأت عينى وسمعت أذنى
إ ن وجهها دائما يبوح لى بأسرار الجمال الآلهى , هذا هو الوجه الصبوح الذى كنت أحلم به .
طيب كيف أستطيع أن أتحدث معها والعادات والتقاليد هنا قاتلة , فإذا ما حاولت أن أكلمها فى الطريق فسوف تكون نهايتى , هى فى خاطرى , لقد علقت فى ذهنى , أستحوزت على كل عواطفى , أنام وهى معى فى أحلامى , وحين أستيقذ من نومى هى معى , فى الطريق معى , وحين أكل هى معى , وفى أجتماع المدرسة هى معى فى الفصل معى , مسافر لرؤية أمى فى الاجازة هى معى , ماذا حدث لى يا ربى , سألت أخيها عنها , قال لى أنها سلمى , فى كلية الآداب , سلمى أطلقت سهامهاعلى نياط قلبى , حدثت أمى عن سلمى وعن حبى لها , قالت لآ تحزن , فلن يقدر لك غير المكتوب , وفرحت أمى بهذا الخبر , وأبدت لى رأيها الذى ينم عن وعى وإدراك , وقالت يا بنى أنها لازالت صغيرة بالجامعة,أنتظر لحبن أن تنتهى من دراستها , فضلت ألا أجادلها فى الموضوع .
ذات يوم ذهبت لآعطاء أخيها درس وإذا بسلمى تفتح لى الباب , وأستطعت أن أستقطب بعضا من الوقت فى الحديث معها على وجه السرعة , وسألنها عن دراستها , فقالت لى أنها بالسنة الثانية فلسفة , أحسست بالآعجاب من خلال عيناها التى تشبه عيون المها , وبعد مرور أسبوع تقريبا شاهدتها وهى ذاهبة الى كليتها وحاولت أن أقترب منها وأحاول الحديث معها , وفعلا وجدت أستجابة حيث وجدتها أبتسمت لى وهذا قصر المسافة التى كنت أفكر فيها , وضاقت الهوة التى كنت أتوقعها , وتحدثت معها وتحاورنا
وتطرقنا الى أحاديث كثيرة وواعدتها , فى مدينة غير المدينة التى تعيش فيها خوفا من بطش الآهل , تعلق قلبى بها أكثر لآننا تحدثنا عن المستقبل سويا , قالت لى سلمى أنها تعلقت بى ولا تستطيع العيش بدونى , وأصبحت سلمى كل شيئ فى حياتى , إنها قدرى الذى أرسله الله لى فى غربتى وبعدى عن والدتى الحبيبة , أحسست أنى أعيش من أجل سلمى التى ملآت على الدنيا , تحدثت مع أمى فى التلفون مرارا وأغلب حديثى يكون عن سلمى , وتحدثت مع سلمى وقلت لها بأن أمى موافقة على أن تأتى الى أهلك .
من أجل خطبتك وطلب يدك من الآهل , وأحسست بأنها ستطير فى السماء من الفرحة العارمة , الله ما أجمل الفرحة على وجهك يا سلمى , مرت عدة أيام وقابلتها وكان الحزن واضحا على وجهها وعلامات الياس الشديد يتملكها , سألتها عن سبب الحزن المخبأ تحت مقلتيها الرقيقتان وتحت الجفون , حيث أنى أرى ذبلان العيون , قالت لى
الظاهر نحن نحفر فى الصخر , ثم قالت فاتحت أمى فى هذا الموضوع فقالت لى الموت أهون لك من هذا الزواج الغير متكافئ , سألنها كيف وهو أنسان مثقف ومتعلم , قالت أنه من خارج القبيلة , أنه حضرى ونحن بدو , غاداتنا تختلف عن عاداتهم وأيضا بهذه الزيجة سوف نخسرك وتبتعدين عن أهلك وقبيلتك , أما إذا اتزوجتى أحد أقربائك ,فستكونين أكثر سعادة وأكثر قربة من أهلك الذين راعوك وأهتموا بك طوال حياتك وستكونى أكثر سعادة , أن الزواج بعيدا عن الاهل فيه شقاء ومزلة للبنت ,
فسوف تعيشين معنا ووسط أهلك , وهددتنى , وقالت السماء أقرب لك من هذا الزواج , سمعت هذا الكلام ودارت بى الدنيا وتغيرت الحياة أمام عيناى وصمت عن الطعام واسودت الدنيا أمامى .
سمعت من أخيها بأن سلمى فى المستشفى بين الحياة والموت , إنها شربت سم فئران , كى تفارق الحياة , ركضت مسرعا الى المستشفى وحاولت أن أدخل الى غرفة العناية
المركزة لكنهم منعونى من الدخول , ظللت واقفا طوال الليل فى ممر بالمستشفى أنتظر فرج الله عليها بالشفاء والدموع فى عينى , الى أن فوجئت بالطبيب يخرج من العناية المركزة ليعلن أسوأ خبرسمعته فى حياتى , الطبيب أعلن عن وفاة سلمى , لم أستطع الوقوف وأنسحبت فى هدوء مسرعا وأنا أبكى بكاءا شديد , وفى اليوم التالى ذهبت الى
المنطقة التعليمية لآعلن لهم قرار عدم رغبتى فى الآستمرار فى عملى , إما النقل من هذه المحافظة أو الآمتناع عن العمل , وفعلا نقلت فى الحال وعلى وجه السرعة الى محافظة أخرى , عندما كنت مغادرا لهذه المحافظة حاملا المرارة والآحساس بالفشل الزريع , أحسست بأنى تركت أحب وأغلى شبئ لى فى الوجود , إنها جثة حبيبتى سلمى , ولم أسنطع إلا أن أقول فى نفسى ( غفرانك يا سلمى ) .



#عبدالله_صقر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أبتسامة الثعالب
- جحود الآبناء
- الآخوان فى الميدان
- عصاية المطوع
- الخوف وقبر أمى
- ليه يا أمى
- وضاع الحلم الجميل
- بكيت على قبر أمى


المزيد.....




- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله صقر - غفرانك ياسلمى