أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله صقر - أبتسامة الثعالب














المزيد.....

أبتسامة الثعالب


عبدالله صقر

الحوار المتمدن-العدد: 3492 - 2011 / 9 / 20 - 19:59
المحور: الادب والفن
    


قابلته بعد سنين طوال , أنقطعت أخبارنا عن بعض , وبعد أكثر من ثلاثين عاما قابلته , لكن الروح ليست كما كانت , أحسست بأن الطيبة التى كانت به هربت , والوداعة والسماحة لم أعلم أين ذهبا , فكلامه وحديثه معى تغير تماما , بالطبع سألته عن أحواله وهل هو متزوج قال لى : طيلة حياتى لم أخطأ فى أحد , كان يملآ قلبى الحب والود لكل الناس , وكان الناس يسخرون ويستهزأ ون نتى لطيبة قلبى .
أنا رجل كان متسامحا مع جميع الناس , أحيانا كثيرة كنت أتساهل فى حق نفسى , ولكن الناس كانت تنظر لى بمنظور الضعف , إنهم يفهمون تسامحى وتساهلى على أنى أنسان جبان , أنا لا أحب التعامل مع من يسيئ الى بالمثل , لآنى أحمل قلبا يغفر الآساءة لأى أحد , كنت أحب كل المخلوقات حتى الحيوانات كنت أعطف عليهم , , ولا أحب الآشياء المثيرة للجدل , ولا أحب التعصب بجميع ألوانه , لآن التسامح عندى هو الذى يملآ قلبى الآبيض , كان قلبى كشرف الفتاة العذراء الذى لم يدنسه أحد , التسامح عندى نقيض التعصب الذى أبغضه .
لكن للأسف الشديد أنا كنت أعيش فى زمن مليئ بالوحوش البشرية , ورغم ذلك كنت أحمل بين حناياى قلب صافى ونقى داخله تمنيات بالخير لكل البشر , كنت لا أحمل حقدا ولا غلا ولا أحسد أحدا , ولا عمرى غشيت أو تشاجرت مع أحد , ولا أحب أن يغضب منى أحد , الضغينة لا أعرفها , لآ أتذكر أن أحد زعل منى , معاملاتى كلها مع الناس
لايشوبها شائبة , لا اسيئ الظن بأحد , ولا يخالجنى الشك بأحد , فدائما أحسن الظن بالناس وبكل من أتعامل معهم , متطلباتى فى الحياة بسيطة وقليلة كبساطة قلبى وروحى ,
الخداع لا أعرفه , ولا أحب المناورة ولا الكذب , فدائما أغفر للناس الذين يسيئون لى , أغفر و أصفح و أرحم , أعمل بجد واجتهاد , أخلاقى حميدة عطوفا على غيرى وغيرى لا يعطف على .
كنت أستمع لصديقى الذى سرد على هذه المقدمة والدموع فى عينيه , كنت أعرف أخلاقه وسلوكه جيدا , فهو صادق كل الصدق فيما قاله لى , والمشكلة أنى كنت أنتظر ما سوف يقوله لى , وسألته لماذا تسرد على كل ذلك وأنا أعرفك جيدا !
قال صديقى هذه الوداعة تحولت الى الضد حولنى المجتمع الى شيطان , أنا كنت إنسان ساذج , كدت بسبب سذاجتى أن أدخل السجن أكثر من مرة بسبب ضمانى لآناس اخرين وكتابة شيكات على , ولكن لطيبة قلبى كنت أخرج من كل مشكلة بسلام , سألته هل تزوجت ؟ وهل لك أولاد ؟ فقال ياعزيزى الذى يلدغ من الجحر لا يقترب منه مرة أخرى , فقصتى مع الزواج لو سمعتها سوف تستعجب أو أنك ستحكم على بالعبط واو باخيبة الكبرى , كنت وانا فى ريعان الشباب أنوى للزواج , كانت بنت الجيران فتاة جميلة , أسترعت أنتباه جميع شباب الحى , بكل بساطة تقدمت لأهلها فوافقوا , وقدمت مهرا معتبرا وقدمت الشبكة وعملنا الفرح وكتبنا الكتاب , واذا بيوم الدخلة , أجد عروستى جالسة على السرير , وعلى وجهها طرحة بيضاء كلون قلبى الطائر من الفرحة العارمة , إنها فرحة لا يعادلها فرحة , جلست يا صديقى بجوار عروستى الجميلة أمازحها وداعبها كى أزيل عنها الرهبة التى تعتريها , ولحظات مرت ومددت يدى على الطرحة التى على وجهها كى أسحبها , وفعلا أزحت الطرحة واذا بى أجد أمرأة كبيرة فى السن , كانت تشبه رجل دميم المنظر , فقفذت من جوارها على الفور , ووجدت نفسى كالريح العاصفة أركض حافيا الى الشارع , وذهبت الى أهلها الغشاشين , ولآول مرة فى حياتى أعلن غضبى ووجدت نفسى أصيح بأعلى صوتى وأقول ( أيها الغشاشين , أيها المزورين , أيها الشياطين , زوجتونى رجلا بشارب , لعنة الله عليكم )
وألتف حولى الجيران , وصممت على أن يأتوا معى ليأخذوها من بيتى , وبعدها طلقتها , وعلمت بعد ذلك أنها كانت خالة العروسة وكانت عانسا .
منذ ذلك وأنا أعيش عاذبا بمفردى لا أفكر فى الزواج إطلاقا , كرهته وكرهت الناس , فقدت الثقة فى كل البشر , فأنا طلقت التسامح , وصرت أحمل لكل البشر الكره والبغض, أنا أحمل بين حنايا قلبى وحش مسعور , لا يوجد فى صدرى ذرة خير لآحد من الناس , فقدت الثقة بمن حولى , أحسد غيرى لأنهم متزوجون ولديهم أطفال
أصبحت تعاملاتى مبنية على الغش والتدليس والخديعة , الشر كل الشر أفعله , أنا أنسان كاذب ومخادع وغشاش , المجتمع حولنى يا صديقى الى وحش كاسر والى شيطان فى صورة إنسان , أنا ضحية مجتمع جنى على , هذه المجتمع حولنى من ملاك الى شيطان , خدعنى , دفعنى الى دنيا الرزيلة, لآنى كنت طيبا مع نفسى والآخرين ثم قال فى حسرة : ( أنا عشان أعيش بين الناس لازم يكون لى أنياب كأنياب الثعالب المتوحشة , ومخالب طويلة , فأبتسامتى الآن تشبه أبتسامة الثعالب ) .



#عبدالله_صقر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جحود الآبناء
- الآخوان فى الميدان
- عصاية المطوع
- الخوف وقبر أمى
- ليه يا أمى
- وضاع الحلم الجميل
- بكيت على قبر أمى


المزيد.....




- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...
- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله صقر - أبتسامة الثعالب