مناع النبواني
الحوار المتمدن-العدد: 1039 - 2004 / 12 / 6 - 08:36
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
نافذ ة على (( نــــدوة الوطــن )) ومــا نتج عنهـــا
ليس تأييداً لليبرالية ، ولا رفضاً للشيوعية
إنما دفاعٌ عن الوطن
/ الوطن والمواطنة / ليس لعبة سياسية , ولا خدعة سينمائية .
الوطن والمواطنة , ليس دمية طفل يفرح بشرائها , ثم يدمرها , ثم يبكي عليها أخيراً .
الوطن ملكية جماعية لكل المواطنين , كل الوطن لكل المواطنين . أتدرون المعنى الحقيقي للملكية الجماعية /على الشيوع / في الفقه والقانون والتعامل ؟ . الملكية الجماعية / على الشيوع / . تعني أن حق الملكية لكل فرد مالك مبثوث في كل ذرة تراب في أرض الوطن وفي كل ذرة هواء في سماء الوطن , وفي كل جزيء ماء من مياه الوطن . لا يعرف أي مواطن أين حصته الخاصة به إلاّ بعد أن يتقاسموه رضاءً أو قضاءً , أو اغتصاباً .
هذا هو الوطن أيها الناس , فلا يجوز لأي فرد منا أو لأية فئة أو حزب أو .... أو.... أن يدعي ملكية الوطن منفرداً أو أنه الجهة الوحيدة التي تحمي هذا الوطن وتصونه من الداخل أو من الخارج . الدين الواحد ليس هو الوطن , الحزب الواحد ليس هو الوطن , الفرد الواحد ليس هو الوطن . العرقية أو القبلية أو ... أو ... ليست هي الوطن . الوطن هو كل هؤلاء الموجودين فيه والمنتمين إليه جميعاً على قدر المساواة . هذا هو الكل المجتمعي , وليس الأنا الفرداني .
إلى متى سنبقى يشتم بعضنا البعض الآخر ، ويرفضه , ويكفّره ، ويخوّنه ؟!.
أليس القرآن/ الإسلام – الذي جاء منذ أكثر من ألف وأربعمائة وخمس وعشرين سنة , متقدماً علينا فكرياً وسياسياً وحضارياً ووطنياً عندما قال : (( أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا )) . والتعارف هنا هو التعاون والمواطنة , وليس التفرق والتحزب و .... و .... .
فما بالنا اليوم نرفض أن نكون كذلك , ولماذا بُحّتْ حناجرنا بالصراخ وتعبت أفكارنا من أجل رفض الآخر , ومن أجل التفرد في الوطن والمواطن .
لماذا نرفض التعارف وهي أدنى درجات العيش المشترك ؟! فكيف المواطنة يا ترى؟!.
الوطن لا يرضى أن يتراشق أبناؤه السباب والشتائم بمثل هذه الأساليب بل بأي أسلوب – السب والشتم من مثالب الجهلة والدهماء – وليس من شيم السياسيين أو العاملين بالمجال السياسي وبالأحرى فالسب والشتم ليس من شيم المواطن . أما من يدعي المواطنة , فهذا له ما يشاء .
أن يقول أحدهم أو يكتب على الشكل التالي : (( الليبرالية القوادة )) متهماً إحدى الفصائل , أو أحد التوجهات . فماذا ينتظر أن يكون الرد المقابل ؟ أنا كمواطن , ولست من حديثي النعمة , لن أرد على مثل هذه المهاترات والشتائم بغير قول الرسول محمد بن عبد الله : (( اللهم اغفر لقومي أنهم لا يعقلون )) .
الليبرالية بنت وما تزال تبني أوروبا وتعلي وتعزّ بنيانها الوطني والحضاري ,وسوف تبقى .
ماذا فعلت الأفكار والتطبيقات والتجارب الأخرى غير الليبرالية – بل المخالفة لها – بأوطانها وبمواطنيها في الوطن العربي أولاً , ثم في العالم ثانياً ؟! أرجو أن تكون أبصارنا و بصائرنا غير مصابة بالعشى أو بعمى الألوان بحيث تختفي الحقيقة عنا , والأخطر من ذلك , أن نكون نحن الذين نتعامى عن عمد وسبق إصرار .
الأخوة – ( دعاة وحدة الشيوعيين ) في سوريا . يكتبون وللأسف , وعلى الصفحة ما قبل الأخيرة , وفي أسفلها , كشعار ثانوي , أو قول مأثور : (( كرامة الوطن والمواطن فوق كل اعتبار )) .فأقاموا ندوتين أطلقوا على كل منهما اسم : - ندوة الوطن – لذلك أتوجه إليهم بالسؤال التالي : ( هل أنتم مؤمنون نهائياً بشعاركم هذا , وفي دعوتكم هذه ؟!. وهل تعنون ما تقولون وتكتبون ؟!. أنا شخصياً أرى عكس ذلك تماماً . من أراد كرامة الوطن وكرامة المواطن , قولاً وعملاً لا زيفاً وادعاءً , يقدّم ويجب أن يقدم هذا الشعار على كل شيء , ويكتبه في أول ما يصدره من كتب أو مطبوعات , لا يضع شعارات حزبه وصور ماركس ولينين و ... و ... و شعار المنجل والمطرقة في أول تلك الصفحات وبالخطوط العريضة وبالألوان ويهمل شعار (( كرامة الوطن والمواطن فوق كل اعتبار )) ويرميه في الصفحات الأخيرة من مطبوعاته إلى جانب بل أسفل الصور الكاريكاتيرية /العدد –235– صـ15 مثلاً .
من يعمل من أجل كرامة الوطن وكرامة المواطن , لا يفرق بين المواطنين ولا يفرقهم أو يقسمهم بين اليمين واليسار , والقواد والمحافظ – والمخلص والخائن .
الوطن يجمع ولا يفرق , يحترم ولا يحتقر , والمواطن مهذب مؤدب , لا سبّاب ولا شتّام , ولا بوّاق , صادق في وطنيّته قولاً وعملاً , صباحاً ومساءً , وخارج أوقات الدوام .
من يريد وحدة الوطن قولاً وعملاً , يدعو جميع فئاته السياسية على أنهم ممثلون لتلك الفئات , لا كأشخاص . أم أنه لا يعترف بفئة سياسية أو اجتماعية غير فئته ؟!.
من يريد وحدة الوطن عملاً لا بهرجة . لا يهاجم أبناء الوطن الآخرين أياً كانت توجهاتهم الوطنية . أم أن الوطن يضيق بحيث لا يتسع إلاّ له ولفئته حصراً . عندئذٍ تكتمل الدعوة , وتستحق الندوة اسمها – ندوة الوطن – ويتمثل كل الوطن فيها لا جزءاً منه .
إن مثل هذه الندوات – غير الكاملة – وطنياً تشبه دعوة ملك ظالم لبعض أيتام مملكته إلى مائدة- فكة ريق – طعام الفطور – ليس إلاّ . فلا الملك رفع اليتم والظلم عن أيتام رعيته , ولا الحاضرون اقتنعوا بصلاح الملك ورفع ذل اليتم وحسرته عنهم .
أنا لست ضد هذه الندوة أو غيرها من الندوات المماثلة , ولكني أتمنى لها أن تحترم اسمها وتعمل به : (( ندوة الوطن )) .
المحامي منـاع النبواني
#مناع_النبواني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟