الربيع العربي تحول الى صيف ساخن في ليبيا

فتحي الدويهش

الحوار المتمدن-العدد: 3491 - 2011 / 9 / 19 - 17:04
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

قليلون هم من يعتقدون ان الشعوب تهزم .. والحقيقة الواضحة جليا للأعيان هي ان إرادة الشعوب لا تقهر وان ثورة الشعوب تشبه الطوفان الجارف الذي يستحيل إيقافه، فهو يزداد قوة وعنفوان كلما زادت المسافة التي يقطعها او اصطدم ببعض المعوقات التي تحاول ان تسد طريقه . هذه تماما ثورات الشعوب وهذه حقا حقيقة حركة التاريخ . التي تسطر الأحداث كي نقراها ونحاول فهمها ومن ثم نستخلص منها العبر ....نعم نستخلص منها العبر ... ولكن مادا يحدث ادا تم التجاهل عن قصد او بدونه هذه الحقائق وحاول البعض ان يفرض حقيقة أخرى غير الحقيقة الظاهرة .. هنا يكون قد وقع في خطا جسيم ويكون ضريبة خطاه فادحة ..
لعل ما حدث في ليبيا ومنذ البداية لا يختلف عن بقية ثورات الربيع العربي , بد بتونس ومرورا بمصر ومن ثم الى بقية الدول العربية ومنها ليبيا وربما ليبيا كانت الأكثر ثاترا لوقوعها بين ثورتين .. ومن هنا اصبح هزيمة الثورة فيها ضرب من الخيال. وبالتالي كان النظام في ليبيا يدرك تماما انه في وجه الطوفان وعليه ان يستعد للمواجهة في معركة ارادها ضارية مع شعبه وأقول أرداها ان تكون ضارية ودموية وليست ثورة ياسمين كما حدث في تونس او مصر . لعل النظام في ليبيا حاول ان يتجنب أخطاء النظامين السابقين في تونس ومصر حسب تصوره ان سياسة الين والتنازلات هي من أدى في النهاية الى سقوط نظام بن علي ومبارك وهنا كانت خبرة عميد الحكام العرب في التعامل مع الثورة وكان عليه ان يجرب أسلوبا أخر مختلف . وهو تحويل الثورة عن مسارها وتحويلها من ثورة شباب سلمية الى مواجهة مسلحة حتى تبدو وكأنها عملية تمرد مسلح . ومن ثم يعطي لنفسه الحق في استخدام القوة المفرطة في قمعها وبالتأكيد سوف يتجنب الإدانة الخارجية والداخلية وربما يلقى المساندة والدعم خصوصا عندما يصور الأمر على انها حرب ضد الإرهاب فيصور الثوار على انهم من أتباع القاعدة وهو يعلم حساسية الغرب من توجه كهذا. فسمح بطريقة مباشرة او غير مباشرة بان يجبر الشباب الثائر على استخدام السلاح للدفاع عن انفسهم بعد عملية القمع الفضيعة التي ارتكبت في بنغازي في الايام الاولى للثورة كان هذا يحدث وسط سكوت وصمت دولي حول ما يحدث فا احس النظام بان خطته نجحت واتت تمارها وهو يسير على الطريق الصحيح في عملية قمع الثورة . ولكن ما لم يتحسب له النظام هو ان كل مدن ومناطق ليبيا خرجت في مظاهرات عارمة للتنديد بما يحدث لإخوانهم في بنغازي . ومن ثم وقع القمع في كل المدن وخصوصا في طرابلس ولم يكن المتظاهرين مسلحين ومن هنا أحس المجتمع الدولي بالحرج تجاه ما يحدث وأحس الغرب بان القذافي قد سقط ولا يمكن الاستمرار في دعمه حتى بالسكوت عن أفعاله وانه ورقة قد حرقت ولم يعد هناك فائدة من وجوده ليس هذا فحسب بل انه أصبح يمثل جزء من المشكلة وليس جزء من الحل .. وإقصاء القذافي هو الحل الوحيد حتى تستقر الأوضاع في ليبيا . نعم من مصلحة الغرب ان تستقر الأوضاع في ليبيا . لان ليبيا ليست العراق او الصومال . ليبيا هي على مشارف أوربا ويمكن الوصول الى أوربا حتى بواسطة قوارب الصيد . ومن تم فان تحول ليبيا صومال اخرى سوف يكون له اثار كارتية على اوربا باسرها . هذا هو حقيقة اهمية ليبيا وسواحلها الطويلة (2000 كيلومتر) بالنسبة لاوروبا .. ومن هنا جاءت الدعوات الدولية للقذافي بالتنحي واعطى الشعب الليبي فرصة لاختيار نظامه السياسي . ولكن القذافي تجاهل كل ذلك واستمر في عناده في خطوات يعرف خبراء العلاقات الدولية بانها اصبحت ضربا من الحماقة وليس من الذكاء , واستمر في مخططه حتى جعل الغرب يتدخل عسكريا في ليبيا تحت غطاء حماية المدنيين ولكن الحقيقة التي لم يفهمها القذافي وربما تجاهلها عن قصد هو انه لم يعد مرغوبا فيه . فسعى القذافي الى التمسك بما لديه حتى يفرض واقعا جديد قد يكون تقسيم ليبيا امرأ واقعا ويجعله يتمسك بالحكم ولو على جزء من ليبيا ، ولكن كلمة الثوار كانت هي الاعلى وخصوصا مدينة مصراتة التي كان لها الفضل في افشال كل مخططات القذافي وجاءت الضربات من الجبل الغربي ومن مناطق اخرى في ليبيا لكي يفهم القذافي انه لن يستطيع حكم أي مكان في ليبيا رغم سعيه الحتيت على اشعال حرب اهلية بين القبائل الليبية حتى يعطى انطبعا للجميع بانه هو صمم الامان لليبيا وبدونه فان ليبيا سوف تكون صومال اخرى .ولكنه لم ينجح فاليبيا لمن لا يعرفها كلها من عرق واحد وليس فقط من طائفة واحدة بل انها كلها من مدهب واحد ولايوجد بين الليبيين أي مشاكل سياسية او دينية او اتنية . فدهبت كل مساعي القذافي ادراج الرياح .. وقد يتسال سائل اذا على ماذا راهن القذافي بعد كل هذا..؟؟ والجواب في تقديري انه راهن على التمسك بموقفه المتعنت حتى يجبر الناتو على القيام بانزال بري على الاراضي الليبية . هذا سوف يخلط الاوراق ويحرج الثوار وقد يؤدي الى انقسام في صفوفهم .. والاهم من هذا كله ..ان المعركة بالنسبة للقذافي قد انتهت وهو ذكي ويعرف ذلك جيدا .. ولكنه اراد ان تكون نهايته على يد الناتو حتى يظهر وكانه بطل وان من اسقطه هو عدو خارجي وليس شعبه ... ولكن والحمد لله لم يحقق لا الثوار ولا الناتو هذه الامنية للقذافي . وانتظر حتى دخل ابناء ليبيا احفاد المختار باب العزيزية ويجعلوه مطاردا في الصحراء ..وللحديث بقية

#فتحي_الدويهش (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات