أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حيدر علي سلامة - -خمسة الآف عام من أنوثة النهرين- قراءة في موسوعة الأنوثة العراقية















المزيد.....



-خمسة الآف عام من أنوثة النهرين- قراءة في موسوعة الأنوثة العراقية


حيدر علي سلامة

الحوار المتمدن-العدد: 3491 - 2011 / 9 / 19 - 03:56
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


خمسة آلاف عام من أنوثة النهرين*
قراءة في موسوعة الأنوثة العراقية**


يحاول الكاتب سليم مطر بوصفه ذات جريحة مساءلة الأصول معيدا اكتشافها من بين خبايا الهويات ومتخيل الذاكرة الثقافية، ذلك الوجود الصامت في أبجديات الكيانات المنسية في حفريات التاريخ والأزمنة المتخيلة. فنراه تارة ينطلق من فضاءات الكتابة المتمردة على ذاتها مستذكرا ما أهملته الذاكرة من حياته وحياة ما يحيط به من أرواح وأجساد وبقايا أطياف من ركام الكلام ورماد الألسنة المحترقة في أفواهنا الممنوعة من الكلام، ونراه تارة أخرى مهاجرا نحو محطاتٍ صمتَ عنها التاريخ مستنطقا الأسئلة المحرمة في "متننا الثقافي"، ذلك المتن الذي تحول إلى قلعة حصينة من التابوهات المقدسة، والذي لطالما أقامت له الكثير من الأقلام، طقوس قراءة الأدعية وحرق أبخرة ميثية من اجل ديمومته على الأرض. وحده مطر، ذلك العقل الذي يحمل في عمق أعماقه شغبا طفوليا لا يكف عن مشاكسة كل ما لا يمكن مشاكسته، يأتي من الأفق البعيد ليخرج لنا من قارورته السحرية المرأة الميثية التي تروي لنا حكايات الأنوثة وجسدها المتعسكِر بأنظمة سلطوية وتقليدية، ليغدو أول موقظ لمارد الأنوثة من السبات التاريخي والنسيان السلطوي. فماذا فعلت يا صاحب القارورة المقدسة وماذا استحضرت، كي تحكي لنا اعترافات أنوثة لا تستحي، أفلا تكف عن مشاكساتك الثقافية وعشقك الأمومي لتاريخ الرغبات المنسية ! فمن خمسة آلاف عام من كلام النهرين إلى خمسة آلاف عام من أنوثة النهرين، يولد تاريخ جديد للثقافة العراقية يحاول اكتشاف نفسه وهويته المنسية، ليس على طريقة الثقافة الشمولية التي أرخت لتاريخ المرأة "الماجدة والباسلة" بشعارها المؤدلَج آنذاك "على خط النار يابن أمي مطوعة ورشاشة بأيدي على خط النار".
هكذا يعيد مطر قراءة الأشياء بعدما اندثرت بين متون النصوص الثقافية والميثية وبين أقبية وجدران الفكر المتزمت الأكاديمي منه والسياسي المؤدلِج، بل الثقافي أيضا. لم يكن مطر مجرد سائح وجوّال في جسد الهوية العراقية ولم يطلب الراحة والاستقرار على ظهرها التاريخي، انه بكل بساطة ذات تتموج مع بيلوغرافيات الهويات وجدل الحضارات وهو روح ترقد وتستقر بين ثنايا المسكوت عنه واللامفكر فيه، انه مثقف التحولات والتبدلات والانكسارات الثقافية التي تعيشها الثقافة العراقية، الذي يطالعنا اليوم بسؤال الأنوثة الملتبس والمخيف في تاريخ ثقافتنا المؤدلَجة والمسكونة بالكائنات الممسوخة على طريقة كافكا، وهو "كيف يمكن إعادة قراءة تاريخ الأنوثة العراقية" ؟

من كلام النهرين إلى أنوثة النهرين
يعتبر سؤال الأنوثة في هذا العمل الموسوعي، سؤالا عن تاريخية المرأة العراقية منذ العصور السحيقة والى يومنا هذا، فمن خلال تشخيص مطر لهذه الإشكالية التي لطالما غُيبت من دوائر الاهتمام الثقافي والأكاديمي، عمل على تقديم دراسات ثقافية وأسطورية يصعب على الباحث المختص في مجال الدراسات النسوية المعاصرة الحصول عليها. من هنا يمكن عد هذا العمل، الولادة الأولى والحقيقية "لخطاب الأنوثة في الثقافة العراقية"، أي بمعنى انه خطاب يعبر عن كينونة المرأة العراقية التي عملت على مصادرتها كتابات اتحادات النساء المؤدلَجة إبان الحقبة الشمولية، بل وحتى كتابات وأبحاث بعض منظمات المجتمع المدني للدراسات النسوية، هذه المنظمات التي تحولت اغلبها مصدرا للنهب والارتزاق اليومي على حساب جسد المرأة العراقية. لكن ومع موسوعة مطر الأنثوية تشكلت قطيعة ابستمولوجية بين الموروث النسوي المؤدلَج وبين دراسات ثقافية تهدف إلى إنصاف الذاكرة النسوية والحقيقة الأنثوية، حيث يطلعنا على عدة إشكاليات ثقافية يستمر حضورها بدأ من موسوعته عن كلام النهرين وحتى موسوعته عن أنوثة النهرين، فأين يقع مركز الأنوثة، هل يقع في جينالوجيا الهوية العراقية أم هو منزلة بين المنزلتين أي بين منزلتي الكلام والتداول ألهوياتي ؟ وهل هنالك حالة من الاتصال الابستمولوجي بين كلام النهرين وأنوثة النهرين أم حالة انفصال ابستمولوجي ؟ وهل تحيا الأنوثة بمعزل عن كل من اطر اللغة والكلام واللهجات وأشكال المحكي اليومي ؟ وهل يمثل تاريخ الأنوثة مجرد تاريخ ميثولوجيات وتحولات كوزمولوجية ورموز ميثية أو دينية ؟ فكيف نظرت الموسوعة إلى العلاقات البنيوية بين:- الأنوثة واللسان واللغة، بين الأنوثة والادلجة السياسية، بين الأنوثة والتقاليد الاجتماعية المسيسَة، بين الأنوثة والجسد الغائب والمغيَب، بين الأنوثة والعاب التشريعات والقوانين، وبين الأنوثة والعلوم الإنسانية ؟ أين تقف الأنوثة من الثورات الثقافية والراديكالية لحقوق المرأة، وهل مصطلح الأنوثة يتناسب وطروحات موسوعتة الثقافية ؟ وهل يمكن أن نجد تعريفات واضحة ومحددة لمصطلح الأنوثة، لاسيما وهو نتاج رأسمالي غربي يعبر عن ثورات التحرر الراديكالية للمرأة الغربية(1).

الأنوثة الممنهجَة والمنهج الأنثوي
يمثل الحديث عن المناهج الثقافية والابستمولوجية للموسوعة ثورة أنثوية في حد ذاته، لأنه يسلط الضوء على أهمية إعادة قراءة وتحليل تاريخ الدراسات الأكاديمية والثقافية التي اكتنفتها كثير من الإشكاليات المنهجية في دراسة الأنوثة أو المرأة في الثقافة العراقية، كان أبرزها اعتماد مناهج ثقافية تقليدية قد تفتقر إلى مناهج الابستمولوجية المعاصرة -التي لابد أن تتوفر عليها مناهج البحث- ربما أهمها منهجي الدراسات النسوية والدراسات الأنثوية. والباحث المتتبع لتاريخ الدراسات التقليدية في مؤسساتنا الأكاديمية يجد أنها كانت في الغالب تستند على مناهج تاريخية كلاسيكية تقوم على أساس استذكار المروي والمحكي من تواريخ المرأة العراقية في الميثولوجيات والعقائد الدينية والتحولات الكوزمولوجية ومجمل إبداعاتها في مختلف الاختصاصات الثقافية والعلمية والفنية وغيرها، أو أنها كانت دراسات نخبوية منفصلة تماما عن الوجود اليومي للمرأة على حد تعبير مطر. لقد عملت تلك المناهج بطريقة مباشرة أو غير مباشرة على إعادة تغليف وتغييب المرأة وأسطرتها من جديد في خطاب ومنهج يعمل كل منهما على تذويب الأنوثة في المقاربات التاريخية بين الحضارات والأديان والثقافات الميثية. فهل اعتمدت الموسوعة على مناهج ثقافية وتحليلية لظاهرة المرأة العراقية أولا، وإشكالية أنوثتها ثانيا، وامومتها البيتية ثالثا؟ وهل قدمت الموسوعة رؤية نقدية ومنهجية بديلة لتاريخ المناهج التقليدية لاسيما وهي تحاول منذ البدء إعادة اكتشاف ما نسي وما أُهمل من صفحات تواريخ المرأة العراقية ؟ وكيف تعاملت الموسوعة مع الإشكالية الأنثوية للمرأة العراقية ؟
يوضح مطر أهم ملامح منهج الموسوعة في النص التالي: ((في موسوعتنا هذه( المجلة ـ الكتاب) الخاصة بالمرأة العراقية، اعتمدنا كالعادة على منهجنا المعلن، (منهج الهوية العراقية) والذي نتقيد به في كل كتاباتنا ومنشوراتنا، وهو يعتمد على ناحيتين:ـ الناحية التاريخية، أي تناول الموضوع بكل أبعاده التاريخية الوطنية، منذ المرحلة المسمارية(العراق القديم)، ثم المرحلة الآرامية المسيحية، ثم المرحلة العربية الإسلامية، ثم المرحلة العثمانية، حتى المرحلة الحديثة. وهذا تقليد جديد في الثقافة العراقية، لأننا للأسف تعودنا، أن يقوم الباحث بالتعامل مع أي موضوع ثقافي عراقي ويبحث عن أصوله التاريخية بالعودة إلى مرحلة معينة واحدة، قد تكون المسمارية، أو العربية الإسلامية أو الحديثة، حسب أيديولوجية الباحث، إن كان عروبيا او إسلاميا، أو حداثيا امميا.. الخ.. ـ الناحية الفئوية(الجغرافية)،أي تناول الموضوع، بكل تنوعاته الفئوية، الأقوامية والدينية والمناطقية العراقية. وهذا أيضا تقليد جديد في الثقافة العراقية. لأننا للأسف تعودنا، ان يقوم الباحث، حسب مزاجه وأيديولوجيته، بالتركيز فقط على فئة اقوامية او دينية او مناطقية معينة، واعتبارها هي المجتمع العراقي كله. افضل نموذج لهذا، ذلك العمل الكبير الذي انجزه المؤرخ العراقي المعروف(علي الوردي) والمكون من عدة مجلدات خاصة ب(تاريخ العراق) في القرون الاخيرة، فتناول فقط (تاريخ عرب العراق)، وبالذات منطقة (بغداد)، متجاهلا تماما الفئات والمناطق العراقية الاخرى. فهنالك غياب شبه تام لما عاشه الاكراد والتركمان والسريان والصابئة، ودورهم في صنع تاريخ العراق في تلك الحقب! ان هذا التشويه (الآيديولوجي) للثقافة وللتاريخ العراقي، وتقطيعه تاريخيا وفئويا، قد ادى الى تشويه (الروح والنفسية العراقية). إذ سادت المجتمع العراقية إنتماءات مختلفة متناقضة، حسب العقيدة والدين والمذهب واللغة والمنطقة، ولا يجمعها أي (قاسم وطني مشترك)! وهذا طبعا أدى الى شيوع حالة التوتر السياسي واغتراب العراقي عن وطنه وبحثه اللا مجدي عن ثقافات وتواريخ خارجية ينتمي إليها، دينية وقومية واممية. هنالك حقيقة مطلقة قد تناستها النخب العراقية: إن الوحدة الوطنية والسياسية لن تتحقق في أي مجتمع، من دون إيجاد قاسم مشترك ثقافي وتاريخي يجمع الناس ويشعرهم بانتمائهم الوطني المشترك، مهما اختلفت عقائدهم ولغاتهم وأديانهم ومذاهبهم ومناطقهم. أي أن توحيد التاريخ الوطني يسبق تماما توحيد الخطاب السياسي، وليس العكس كما عودونا منذ قرن وحتى الآن)).
من هنا يتبين أن منهج الهوية العراقية في موسوعة الأنوثة، هو منهج يقوم على أساس جمع ما تناثر من أشلاء الهوية العراقية والمتجزئة نتيجة الادلجة السياسية أو الأكاديمية، وهو بذلك منهج اقرب إلى التصنيف التاريخي للهوية العراقية بوصفها ثقافة متوحدة الهوية على الرغم من اختلاف أطيافها وأديانها وعقائدها. لكن هل يمكن اعتبار منهج الهوية العراقية منهجا كافيا لدراسة تاريخ الأنوثة في العراق ؟ وهل يمكن الاستناد على منهج واحدي في بحث موضوع إشكالي كموضوع الأنوثة العراقية ؟ وهل يتوحد جميع كتاب الموسوعة في هوية المنهجية المقترحة ؟ وهل نجح منهج الهوية العراقية في أن يجعل من خطاب الأنوثة منشورا ثقافيا قابلا لدراسة وتحليل أنظمة المحكي والصامت في ذهنية الأنوثة وجسدها الحضاري ؟

في العلاقة البنيوية بين فهرسة الموسوعة وفهرسة جسد الأنوثة
حملت فهرسة موسوعة الأنوثة العراقية رؤية سحرية وجمالية متخيَلة لتاريخ الأنوثة، فقدمت لوحة تاريخية على طريقة الواقعية السحرية، لتسرد لنا حكاية الأنوثة بوصفها رمزا كوزمولوجيا وميثيا متحولا في المرحلة الأولى في العراق القديم أو المرحلة السومرية الاكدية، ولتروي حكاية المرأة الشهيدة والقديسة في المرحلة الآرامية المسيحية ثم لتصف قصة الأنوثة من خلال صورة الزوجة في ديار الأباطرة وصورة قديسة المحكي القصصي قي حكايات ألف ليلة وليلة وذلك في المرحلة العربية الإسلامية. أما في المرحلة الرابعة وهي المرحلة المغولية المظلمة فتروي حكاية المرأة التي عانت كثيرا من جراء الانحطاط الحضاري والثقافي في تلك الحقبة. ثم تنتقل بنا تلك الفهرسة إلى مرحلة استذكار تاريخ الأنوثة المنسي المتمثل في المرحلة الحديثة وإحياء الأمة العراقية، لنرى المرأة المنتجة للنص الشعبي التراثي "كالملايات وقرايات النسوان" وما شابه، بعدها تأخذ في استذكار نساء مبدعات وفنانات في مختلف الفنون والآداب ومجالات الثقافة المتعددة.
لقد كانت تلك الفهرسة الموسوعية لتاريخ الأنوثة أشبه "بفهرسة جسد الأنوثة المنخرط في انطولوجيا الوجود اليومي"، ذلك الجسد الذي أحاطته الاسطرة من كل جانب من جوانب الوجود الاجتماعي والثقافي للمرأة، فمن أساطير الدونية الميتافيزيقية إلى اسطرة القيم الاجتماعية، ناهيك عن ميثولوجيات الطهارة والنجاسة، مرورا بأسطرة البخت والقسمة والزواج المؤجل دوما، انتهاء بتحول المرأة العراقية إلى "كومبارس تراجيدي لنحيب وبكاء عشتار"، لاسيما في إحياء طقوس البكاء واللطم أيام عاشوراء. حيث نلاحظ أن حركة الصعود والنزول في الأسطورة العشتارية، تمثل من الناحية اللغوية والميتافورية والرمزية مجمل الممارسات الثقافية والميثية لهبوط المرأة الواقعية في الوجود السفلي المتمثل في القيم الاجتماعية والأيديولوجيات الأخلاقية، التي تعيد تشكيل المرأة لتنسيها أنوثتها المتخيلة وتسجنها في ميثولوجيات السياسة والادلجة السياسية والاستثمار السياسي للجسد النسوي. من هنا جاءت الفهرسة الخاصة بموسوعة الأنوثة العراقية ترجمة حقيقية لتاريخ المعيوش اليومي للمرأة العراقية، المرأة التي تتحرك في خانات الوجود الميثي، الديني والسياسي.

ميثولوجيا اللطم والقمع السياسي
من هنا يبدو بوضوح ان المرأة العراقية هي وريثة لاساطير البكاء والحزن العشتاري، وكأن هذا الحزن العشتاري الأسطوري الذي عمره خمسة آلاف عام صار أشبه بكفن يغلف وجود المرأة العراقية منذ لحظة ميلادها وحتى موتها، فقد "كُتِبَ عليها البكاء والنحيب على مدار الأزمنة والتواريخ" إلى درجة انه لا يمكن أن نؤرخ لتاريخها بمعزل عن تلك المرحلة التراجيدية. هكذا تظهر المرأة العراقية بثيابها السوداء التي لم تنفصل يوما عن جسدها، لتعيد إحياء عاشوراء، تلك الواقعة التي يقع مجمل ثقل تاريخها على جسدها، فهي المرأة الباكية واللطامة ومنشدة أشعار وقصائد الحزن التي تجيش المشاعر الإنسانية لاستذكار تلك الواقعة التاريخية، أصبحت كشخصية عشتارية بثوب الملاية التي تقرأ على تراجيديا الموت الكربلائي، بوصفه طقسا مقدسا في أدبيات الثقافة الشيعية. ومن المعروف أن تاريخ الملاية في الثقافة العراقية تعرض إلى حملات قمع وتنكيل سياسي من قبل الأنظمة الشمولية الدكتاتورية وأذيالها المتمثلة بالمنظمات الحزبية واتحادات النساء المؤدلَجة. وهنا علينا أن نتساءل عن مدى صحة أن الأحزاب الشيوعية وقفت صفا واحدا مع الايدولوجيا البعثية وأجهزتها المختلفة بهدف محاربة تلك الظاهرة الثقافية، وقد نوه إلى ذلك الكاتب محمد مظلوم حيث ذكر انه: ((لم تكن أجهزة السلطة هي الوحيدة التي حاولت تقويض ظاهرة الملاية، وتوصيف شخصيتها وطقوس يومياته، بل كان ثمة تثقيف مضاد يجري بين صفوف اليسار العراقي باتجاه الضغط لشطب هذه الظاهرة الاجتماعية والثقافية التي تشكل مساحة مهمة من الوجدان المحلي، ومثلما كانت فروع اتحادات النساء في المناطق، تحاول حماية دورها بتقويض الآخر ومحاربة ظاهرة زعامة هذه المرأة الروحية وتشبث النساء بها، وهو تشبث ناتج عن استحضارها للذكرى مقدسة، فإن المنظمات اليسارية تضامنت هي الأخرى، أو قل تواطأت، لتغييب هذه الشخصية الفاعلة بينما كان ينبغي عليها، أن تستوعب هذه الظاهرة بوصفها نوعاً من الثقافة الشعبية المحلية تعكس نزعات شعورية معطيات من واقع تشكل عبر العصور ولا يمكن اجتثاثه ورميه إلى الهاوية ببساطة)). قد يحتاج مثل هذا الرأي إلى لغة اقل إطلاقية وابعد عن اليقينية، لاسيما ان الموضوع مثار جدل ونقاش مستمر، بل وإن أهم مرجع في تاريخ الحزب اليساري وهو " الطبقات الاجتماعية والحركات الثورية منذ العهد العثماني حتى قيام الجمهورية" لصاحبه المفكر الفلسطيني الراحل حنا بطاطو لم يورد لمثل هذا الأحكام، فعلى الرغم من أن الخطاب اليساري العراقي يشتمل على بعض الآراء المعلمنة والنقدية للظاهرة الدينية بشكل عام وليس لطقس ديني معين، إلا انه لم يفرضها قسرا على الطبقات الاجتماعية. أما أشكال القمع والتنكيل التي اُستخدمت لمنع إحياء الطقوس الشيعية فقد تمت على يد النظام الشمولي الذي بذل ما بوسعه لملاحقة الملايات وملاحقها الدينية.
هكذا تمثل كل من الملاية والظواهر الطقسية الأخرى المتعلقة بوجود وحضور المرأة، ثيمات وموضوعات رئيسية عملت على تشكيل لغة وثقافة وجسد المرأة العراقية، فمجمل تلك العلاقات البنيوية في تاريخية المرأة العراقية ساهمت بشكل أو بأخر في إعادة تشكيل "أسلوب الوجود الثقافي للمرأة"، وما نعنيه بالأسلوب هو مجموعة من الأطر الأيديولوجية التي تنخرط فيها المرأة من اجل ان تتعرف وتكتشف هويتها من خلالها. لذا من الضروري ان تكون قراءة تاريخية المرأة العراقية، قراءة سوسيولوجية وتحليلية قبل ان تكون فلكلورية أو تراثية، لان كل ما يحيط بالمرأة من ممارسات وشعائر دينية وما شابه، يمثل قيما جمالية وروحية تحتوي على دلالات لغوية وميتافورية غلفت جسدها بأشكال وممارسات سلطوية استمرت منذ الأزمنة الميثية حتى زمننا الأيديولوجي. فهل عملت الموسوعة على إعادة اكتشاف الأنوثة العراقية المهدورة بين أقبية التاريخ ودهاليز السلطة المؤسطرة ؟ أم إنها اكتفت بتاريخ المرأة المحكي والرسمي وتجاوزت على تواريخ المرأة غير المحكية أو غير المعروفة ؟ وهل نجحت الموسوعة في تسليط الضوء على طبيعة وهوية المرأة العراقية إبان سيطرة النظام الشمولي، وهل تكلمت عن نواحها اليومي لفقدان أبنائها في حروب السلطة الخائبة ؟

موسوعة الأنوثة بين لغة التحرير الصحفي ولغة المفهوم
يلاحظ في موسوعة الأنوثة العراقية وجود حالة من عدم التناغم بين طبيعة الإشكاليات التي تطرحها الأبحاث والمقالات من خلال عناوينها المقترحة وبين استعمال المفاهيم الرئيسية لشرح وتوضيح تلك الإشكالية وكيفية معالجتها، خاصة وان الكثير من المفاهيم النسوية والأنثوية تحتاج إلى وقفة نظرية ولو بطريقة الإشارة أو الإحالة، لاسيما وان موضوع أنوثة النهرين يطرح للمرة الأولى بصورة موسوعية في الثقافة العراقية. ولنأخذ مثلا عنوان القسم الثاني المخصص لدراسة "ظاهرة زواج المتعة والمسيار"، والذي يعد موضوعا إشكاليا يحتاج إلى معالجة تحليلية دقيقة تستند الى لغة اقرب الى ثقافة المفاهيم***، فمن خلال هذه اللغة يمكن الكشف عن أهم العوامل السياسية والأيديولوجية والنفسية المتحكمة في إنتاج تلك الظاهرة في المجتمع، والتي تحتاج بالضرورة إلى البحث في أدبيات الأديان الكلاسيكية للوقوف على المقاربات التاريخية والثقافية بين عموم المذاهب الإسلامية، وتستلزم قراءة إشكالية لتلك الظواهر المختلفة من الزواج في الوقت الراهن لاسيما في علاقتها مع المرأة العراقية، يعني ذلك انها إشكالية تحتاج إلى رأي كل من عالم دين حقيقي، ومتخصصين في كل من علم الاجتماع والسوسيولوجيا وعلم القانون والتشريع الديني. لكن يلاحظ ان ما عرضه ذلك الملف بدأ من المقال المعنون ب"الزواج العرفي منقذ من العنوسة والملل"، افتقر إلى تلك اللغة التي اشرنا إليها أعلاه، وامتاز بلغة الصحافة الشمولية التي ميزت المنشور الثقافي السلطوي، أي انه نص ثقافي تقليدي يُسطِح المفاهيم عبر استخدام لغة صحفية غير قادرة على معالجة ابسط الموضوعات، فكيف لها أن تبحث في موضوع إشكالي يخص "ظاهرة المرأة العراقية"، فيرى صاحب المقال: ((أن للعراقيات خيارات خاصة في تصفح الإنترنت، أبرزها الحديث وبصراحة غير معتادة عبر بوابات المحادثة "تشات" عن الحب والجسد والبحث عن الزواج. والموضوع الأخير في جانب كبير من الأهمية، لما عانته النساء في العراق من العنوسة المرتفعة نسبتها بين العراقيات، وهنا كان الانترنت وسيلة لشابات مغامرات اخترن الشبكة الدولية للحصول على فرص زواج تبعدهن عن شبح العنوسة."مجتمع يحتفظ بسرية المعلومات التي تبوح بها المرأة"، هكذا تصف الطالبة في كلية الطب في الجامعة المستنصرية، تهاني، مواقع الانترنيت التي تبحث في فرص الزواج، معتبرة إياها "المجتمع الكتوم". وتضيف: "صحيح أنني مع الزواج عبر الانترنيت وأتابع تلك المواقع باستمرار لكنني لا أفضل زواجاً بهذه الطريقة لنفسي فقد وجدت من يحبني وأحبه".صاحب مقهى انترنت في "حي الجامعة" في بغداد، علي صالح، يقول إن "خدمات الزواج التي تقدمها شركات الانترنت هي واحدة من أفضل الافكار التي ظهرت في القرن العشرين، ومما لا شك فيه أن أصحاب رؤوس الأموال والشركات الكبرى في بحثهم الدائم عن صفقات ساخنة وذلك بوضع أموالهم في مجال قريب من قلوب البشر، وعندما أتحدث فإنني لا أتحدث عن مقهانا فقط بل على مستوى العاصمة بغداد. ولكن، على رغم أن النساء العراقيات بدأن الدخول إلى مواقع الزواج أو برامج "الشراكة مع أي زوج" إلا أن نسبتهن لا تزال ضئيلة".وفي مقاهي إنترنت أخرى في أحياء بغداد، وتحديداً في "مقهى انترنت الزئبق"، كانت الشابة رؤى تحاول إخفاء ارتباكها بعد أن عرفت أن صحافياً يحاول استدارجها إلى الحديث عن ما تفضله في الشبكة، وما الذي ترسله في بريدها الإلكتروني. ولكن الطالبة التي بدأت سنتها الجامعية الأولى، ما لبثت أن تخلصت من الارتباك لتتحدث بصراحة: "أؤيد الزواج عبر الانترنيت إذا وجدت من يمثل فارس أحلامي"، فيما يؤكد صاحب المقهى التي ترتاده رؤى "أنها من أكثر اللواتي يدخلن على مواقع الزواج"."النساء في العراق أكثر من الرجال في تصفح مواقع البحث عن زوج"، يقول مقداد عامر صاحب "مقهى انترنيت الخضراء" في بغداد، ويضيف أن "لموقع البحث عن زوج/ زوجة، خصوصية معينة، إذ يتم إعلان جميع المعلومات في البيانات الشخصية للمشترك، وتلغى أي ألفاظ غير لائقة من أجل الحفاظ على بيئة لطيفة طيبة، فيتم الاحتفاظ بالاسم وتاريخ الولادة قيد السرية، ولا يجوز بيع الاسم أو العنوان الالكتروني، أو أي بيانات شخصية، وكل هذا من أجل أن تظل المراسلات سرية".ويتابع عامر: "عند مقارنة ما يحدث في العالم من زواج عبر الانترنت، وما يحصل في العراق، فان لا مجال لذكر إحصاء عن هذه القضية، فالبعض من النساء لا يحرجه البحث عن الزواج في انترنت، فيما البعض الآخر لا يفكر بهذه الوسيلة بل لا تخطر على باله أصلاً. وفي المقهى الذي أديره قلة من النساء يدخلن تلك المواقع".الشابة فاتن المتخرجة في كلية العلوم قسم الحاسبات، تقول وهي تتصفح الشبكة في "مقهى الخضراء": "البحث عن الزواج، أمر صعب جداً، فالزواج مسألة مصيرية، ولا أدري كيف تقوم امرأة بادخال الصفات التي تتمناها في الشريك المثالي في قاعدة بياناتها على الانترنيت، هذا إضافة إلى إدخال صورتها الشخصية، ومن ثم يقوم موقع e zawaj.com أو أي موقع آخر بالبحث عن الزوج المناسب، إنه أمر لا يعقل حسب تصوري")).
بهذه الطريقة الصحفية تمت معالجة موضوع إشكالي وخطير في ثقافتنا النسوية. فما هي العلاقة البنيوية والابستمولوجية بين زواج المتعة والمسيار موضوع الملف والزواج العرفي في هذا التحقيق الصحفي ؟ هل جرى طرح موضوع العنوسة بوصفه ظاهرة سياسية تبحث عن منافذ جديدة من خلال استعمال شبكة النت للحصول على زيجات مفترضة، كصيغة حل لهذه الإشكالية ؟ وهل يمكن معالجة ظواهر اجتماعية بهذه الطريقة السطحية والشعاراتية وخاصة في عمل موسوعي كهذا ؟ وهل يمكن لمثل لتلك اللغة الشمولية أن تعبر عن المعاناة الحقيقية للمرأة العراقية، باختزالها لتاريخ خمسة آلاف عام من أنوثة النهرين في ملخصات سريعة وكتابات مكتوبة بلغة تحقيقية ؟ في الواقع ان الكثير من الإشكاليات السياسية والأيديولوجية للمرأة العراقية غُيبت جراء تلك الكتابات لتزيد من معاناة المرأة العشتارية، دون أن يكون هناك ولادة للغة وخطاب مفاهيمي يليق بتاريخ المرأة العراقية.
والمقال الآخر الذي يناقش موضوع زواج المسيار والمعنون "السيد السيستاني يجيز زواج المسيار"، تناول هذه الإشكالية بنفس اللغة الصحفية التي تقتل لغة المفهوم والموضوع الإشكالي المبحوث فيه في آن واحد، فنراه يكتفي بإيراد خبر مستل عن (( جريدة الوطن الكويتية الجمعة 18/10/2002 :يثير زواج المسيار في بعض البلدان الخليجية ومنها الكويت والسعودية، ضجة كبرى، ويلفت اهتمام الكثيرين، الذين يسعون ـ دون كلل ـ لمعرفة الرأي الشرعي فيه. وزواج المسيار ـ ويسمى أيضا زواج النهاريات فقط ـ حيث تتخلى فيه الزوجة عن حقها في أن يبيت زوجها لديها، وعن حقها في العدل بينها وبين الزوجة الأولى (أو المشهرة أو الرسمية إذا جاز التعبير ـ وكذلك عن حقها في النفقة ـ عند الطلاق ـ وفي الإرث وفي إبلاغ الزوجة الأولى بالزواج) وهو أيضا يماثل الزواج الرسمي في شرط الإيجاب والقبول والعقد والشهود. وفي رسالة تلقتها «الوطن» أفتى السيد علي السيستاني لدى سؤاله عن حكم هذا الزواج، حيث نقل عنه وكيله السيد محمد باقر الموسوي المهري قوله إن زواج المسيار كالزواج الدائم والزوجة زوجته فلا فرق بين الزواجين «المشهر والمسيار» وأوضح قائلا: لا مانع من هذا الزواج، لكنه استدرك قائلا: لا أثر للتنازل عن الإرث فعلا ويجوز اشتراط أن تعرض عن سهمها في وقته لصالح الورثة أو تهبه لهم فيجب عليها ذلك تكليفا)). إن تناول ظاهرة اجتماعية معقدة ونعني بها ظاهرة زواج المسيار، بالاستناد إلى عدد من الأخبار الصحفية وبعض المقالات التي تستمر في عرض الإشكالية بطريقة بعيدة عن التحليل الثقافي والمفاهيمي، ربما يقلل من أهمية الإشكالية النسوية المطروحة للبحث الموسوعي. ولكن إلى جانب تلك المقالات في الموسوعة كانت هناك أبحاث تستحق الإشادة العلمية نذكر منها مثلا، القسم المعنون "المرأة في القوانين والأعراف"، فقد حمل بين صفحاته ملفات تصف تاريخ الغبن الاجتماعي والقانوني من خلال أرشَفَتها لمجمل التشريعات والمواد القانونية منذ تأسيس الدولة العراقية حتى يومنا هذا، وربما كانت خير معبر عن حقب سياسية غيبّت وهمشّت دور المرأة الفاعل في بناء المجتمع.



*http://www.mesopot.com/old/adad2/fahrast2a.htm
**للمزيد ينظر للباحث "محاولة لغوية لتحليل ظاهريات الخطاب الثقافي العراقي".
***نقصد بلغة المفاهيم، اللغة التي تكون مفهومة للجميع ومكتوبة بمستوى لغوي "غير مقعر وخال من عقدة الخواجة" على حد تعبير الكاتب سليم مطر.
(1)See, Sandra Kemp, Judith Squires: Feminisms, Oxford University Press, Oxford, 1997,P.17.



#حيدر_علي_سلامة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خمسة الاف عام من كلام النهرين قراءة في موسوعة اللغات العراقي ...
- فلسفة الأنوثة بين الحرام السياسي والحرام الجامعي
- الثقافة العراقية، ثقافة مفاهيم أم ثقافة علاقات ؟
- محاولة لغوية لتحليل ظاهرية الخطاب الثقافي العراقي، نحو دراسا ...
- غرامشي من نقد نخبوية المثقف الى نقد نخبوية النص الديني


المزيد.....




- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حيدر علي سلامة - -خمسة الآف عام من أنوثة النهرين- قراءة في موسوعة الأنوثة العراقية