أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حيدر علي سلامة - الثقافة العراقية، ثقافة مفاهيم أم ثقافة علاقات ؟














المزيد.....

الثقافة العراقية، ثقافة مفاهيم أم ثقافة علاقات ؟


حيدر علي سلامة

الحوار المتمدن-العدد: 3480 - 2011 / 9 / 8 - 23:31
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


تبرز الإشكالية الثقافية بوصفها واحدة من اخطر واعقد الإشكاليات التي يواجهها الواقع العراقي اليوم، وذلك لان الإشكالية الثقافية لها امتدادات وتداخلات مع مختلف الأشكال الثقافية والمعرفية للمجتمع وأيضا مع مختلف الأنظمة السياسية والسلطوية المتعاقبة على تاريخ العراق. الأمر الذي يجعل من دراسة الواقع الثقافي العراقي ليس محصورا على تحليل الوثائق الرسمية والأعمال الثقافية المختلفة للمثقفين فحسب، بل يشمل أيضا دراسة الواقع الثقافي اليوم في مجمل حراك الخطاب الثقافي الذي يشتمل على الممارسات الثقافية للمثقفين والبحث في تاريخها، ثم التساؤل عن إمكانية تداخل تلك الممارسات مع السياسوي والأيديولوجي، أي بمعنى آخر، كيف تشتغل تلك الممارسات ؟ وما علاقاتها مع تاريخ الثقافات التقليدية السياسوية التي هي الثقافات المتحكمة بحركة المجتمع بالضرورة. هذا بطبيعة الحال سوف يجعلنا نعيد النظر بتاريخية المثقف العراقي المحكومة بالنسق الأيديولوجي، وفي العلاقة بين المثقف والثقافة التقليدية والعضوية، إلى جانب إعادة النظر في مجمل أشكال وصور العلاقات البنيوية بين المثقفين أنفسهم وبين المؤسسات السياسية المسيطِرة. من هنا ارتأينا أن نبحث في مجمل هذه القضايا من خلال المقولة السوسيولوجية للمفكر الايطالي انطونيو غرامشي حول المثقف العضوي والمثقف التقليدي.
- غرامشي وإشكالية الثقافة العراقية
ربما تكون رؤية غرامشي هي الأقرب إلى وصف وقراءة الواقع التراجيدي للثقافة العراقية، لما يوجد من ارتباط ثقافي بين البنيتين الذهنية والتقليدية للثقافة الايطالية آنذاك، وبين البنى التقليدية للثقافة العراقية، والرابط المنطقي بين تلك البنيتين المختلفتين هو أن كلاهما محكوما بأنساق ثقافية، أصولية تعمل مع السلطة الأيديولوجية المسيطرة في كل عصر، ومن ناحية أخرى، إن تلك الأبنية الثقافية التي ذكرناها محكومة بأكثر من موروث ثقافي مؤدلج يتحرك بطريقة تاريخية بين مجمل أشكال الطبقات الاجتماعية، لكن درجة الشدة في ظهوره وتجلياته الطبقية تظهر من خلال الثقافات الدنيا والثقافة الشعبية على حد تعبير غرا مشي، لان هذه الثقافات التي لطالما تحملّت تواريخ العبودية والقهر الاجتماعي، محكومة دوما بسلطة الايدولوجيا الحاكمة وتقع عليها مسؤولية كل تبعات وأخطاء القادة، من حروب سياسية ومشاريع تعبوية إلى جانب أعمال السخرة الأبدية التي تهدف إلى خدمة وحماية بِطانة السلطة الحاكمة، كل ذلك دفع غرامشي، إلى أن يعيد النظر في تاريخ الثقافة التقليدية الايطالية وذلك من خلال تفكيك الأنساق الشمولية* والثقافية المتكونة من مجمل الثقافات المندثرة والزائلة أو من في طريقها إلى الزوال والمؤدلجة أيضا، وعلاقات هذه الأخيرة بالثقافات الجديدة أو المعاصرة التي ينظر إليها بمثابة الوريث الشرعي للثقافات الشمولية، وكان ثمن ذلك السجن ونهاية حياة صاحب كراسات السجن.
- المثقف العراقي بين نسق التقليد وأيديولوجية الاستحواذ
من هنا كان علينا أن نبحث عن دور المثقف العراقي ما بعد الحقبة الشمولية وكيف تعامل مع الثقافة التقليدية ؟ هل قدم مشاريع ثقافية وورش عمل نقدية تأخذ على عاتقها تحليل ونقد تاريخ الطبقات السلطوية ؟ كيف تعامل المثقف العراقي مع رجالات السلطة الذين زالوا أو مع من هم في طريقهم إلى الزوال ؟ هل أنتجت الثقافة العراقية ثقافة عضوية ومثقفا عضويا يقفان على الضد من الثقافة التقليدية السلطوية ؟ والى أي حد يمكننا أن نتكلم عن ميثولوجيات المثقف العضوي في صحفنا ومجلاتنا الثقافية ؟ وهل مثقفونا اليوم باتوا جزأ من الثقافة التقليدية الزائلة أم هم أذيال جدد للطبقات التقليدية ؟
إن المتأمل في المشهد الثقافي العراقي الراهن، يجد أنه وحتى هذه اللحظة لم يُنتج ثقافة عضوية تحمل على عاتقها إعادة تشكيل الذهنية العراقية، تلك الذهنية المخترقة من قبل الأنظمة السلطوية والتقليدية، بل إن تلك الثقافة أفرطت في تقليديتها حينما انحسر وجودها في ثقافة "علاقاتية" متحوِلة، فابتعدت بذلك عن أن تكون ثقافة "مفاهيمية" متغيرة. بمعنى آخر، أن الدخول إلى الساحة الثقافية العراقية، لابد وأن يسبقه انتساب إلى سلسلة من العلاقات اللامتناهية مع رجالات الطبقات التقليدية ومع أذيال الأنظمة الزائلة على حد تعبير غرامشي. بهذه الطريقة وحسب يمكن أن تمارس وظيفة المثقف العضوي في المنابر الثقافية، ويمكن أن تمتلك حضورا وفاعلية في كافة المؤسسات التقليدية، وبالتالي ستتمتع بكافة الامتيازات، بل ويمكن أن تتحول بين ليلة وضحاها إلى سلطة تتحكم في تسيير كافة الأنظمة الثقافية من صحف ومجلات وإذاعة وتلفزيون...الخ. لكن أن تكون مثقفا عضويا على طريقة غرامشي التي تعتمد على نقد الأنظمة السلطوية وطبقاتها المتحولة بطريقة عجائبية، فسيعني إقصاءك وتهميشك لأنه وبكل بساطة من لا يتماشى وصرعة العصر السائدة، ألا وهي حمل هوية الانتساب إلى الثقافة التقليدية والسلطوية، والافتقار إلى علاقات معينة مع المتحكمين بصيرورة الثقافة السلطوية، تقوم على تقديم الأضاحي وطقوس التوسل والتقرب إلى معبد دلفي "ألخضراوي"، سيبقى على الهامش العضوي في الثقافة التقليدية.
هذا هو حال الثقافة العراقية فهي ليست ثقافة مفاهيم ولا نظريات ثقافية ولا تحليلات سوسيولوجية، إنها وباختصار شديد، ثقافة عضوية على درجة قربها وتحولها المستمر بين أحضان الثقافة التقليدية ورجالات الثقافات السلطوية، هؤلاء هم العضويون في كل عصر وليس المثقف العضوي الذي تكلم عنه غرامشي، ذلك المثقف الذي ينأى بنفسه بعيدا عن هيمنة سساتيم العلاقات الزائلة التي تقودها تلك الطبقات الزائفة، فهل ثقافتنا اقرب إلى هذا المفهوم أم إلى مفاهيم سدنة هياكل التقليد !



(*) للمزيد يُنظر للكاتب (محاولة لغوية لتحليل ظاهرية الخطاب الثقافي العراقي).



#حيدر_علي_سلامة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محاولة لغوية لتحليل ظاهرية الخطاب الثقافي العراقي، نحو دراسا ...
- غرامشي من نقد نخبوية المثقف الى نقد نخبوية النص الديني


المزيد.....




- نيابة مصر تكشف تفاصيل -صادمة-عن قضية -طفل شبرا-: -نقل عملية ...
- شاهد: القبض على أهم شبكة تزوير عملات معدنية في إسبانيا
- دول -بريكس- تبحث الوضع في غزة وضرورة وقف إطلاق النار
- نيويورك تايمز: الولايات المتحدة تسحب العشرات من قواتها الخاص ...
- اليونان: لن نسلم -باتريوت- و-إس 300- لأوكرانيا
- رئيس أركان الجيش الجزائري: القوة العسكرية ستبقى الخيار الرئي ...
- الجيش الإسرائيلي: حدث صعب في الشمال.. وحزب الله يعلن إيقاع ق ...
- شاهد.. باريس تفقد أحد رموزها الأسطورية إثر حادث ليلي
- ماكرون يحذر.. أوروبا قد تموت ويجب ألا تكون تابعة لواشنطن
- وزن كل منها 340 طنا.. -روساتوم- ترسل 3 مولدات بخار لمحطة -أك ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حيدر علي سلامة - الثقافة العراقية، ثقافة مفاهيم أم ثقافة علاقات ؟