أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد السلطاني - جديد نيويورك المعماري















المزيد.....

جديد نيويورك المعماري


خالد السلطاني

الحوار المتمدن-العدد: 3490 - 2011 / 9 / 18 - 16:41
المحور: الادب والفن
    


... وجديد نيويورك المعماري، هو ،بالطبع، ناطحات سحابها الشاهقة، فلا تذكر نيويورك، الا ويحضر "اميجها" البانورامي المتشكل من سلاسل لمبانٍ، تبدو به مزدحمة جدا، وعالية جدا؛ ما يسبغ عليها بريقاً خاصاً، ".. بريق- كما كتبت عن نيويورك ، مرة- تبتدعه وقائعها الثقافية ذات الاحداث الحافلة بالتفرد والاستثنائية، المكتنزة دوماً بالابداع والحداثة. انها مدينة ذات أهمية تاريخية ترتقي لتكون اسطورية! سواء في نوعية تخطيطها ام في اسلوب مبانيها وطبيعة احداثها وطريقة تأسيسها. ورغم تعدد اسمائها، فقد ظلت محافظة على بادئة "نيو"ها، نزولا عند رغبة آباءها المؤسسيين، الذين وجدوا فيه تمثيلا وتذكاراً لمدنهم الاصلية السابقة". (http://www.elaph.com/Web/Culture/2010/8/591128.html). وجديد نيويورك المعماري يغوي بالمشاهدة و..الكتابة عنه. انه مهم مهنياً ومثير نقدياً. وفيه يتمثل جلال الطروحات المعمارية الجديدة، مثلما يشير الى حضور بهي لاسماء معمارية لامعة. " .. فنيويورك هي مدينة الاحلام القابلة للتطبيق والتحقيق. بالنسبة الى المعماريين كانت دوماً "متروبولس" الافكار التجديدية وحاضنتها ومكان انتشارها. فقد صمم في مواقعها المع المعماريين العالميين. وبفضلها، بفضل "نيويورك" ذاتها، ذاع صيتهم وانتشرت مقارباتهم في انحاء عديدة من العالم. بالنسبة اليّ شخصيا، كانت تمثل، في معنى من المعاني، فضاءاً افتراضياً، اجوب به مع طلبتي المصغيين لي يوما ما، في تقصٍ مثابر عن نماذج عمارتها الحداثية المليئة بها شوارعها وجاداتها ذات الاسماء "الرقمية" المتسلسلة!." (نفس الموقع السابق). من هنا مقدار الاهمية المهنية الفريدة التى نتحدث عنها، ومن هنا، ايضا، تلك المتعة النقدية المتأتية عن فعل قراءة المنجز النيويوركي الجديد، والتعرف على ابداعاته.
لا تتوخي هذه المقالة استحضار كل جديد نيويورك المعماري. اذ ستكون هناك انتقاءات شخصية، تسعى وراء رؤية ذلك الجديد وفق معايير خاصة، تنبع اساسا من التأكيد على طليعية المقاربات المنجزة لهذا الجديد، مع تأشير، جهد الامكان، الى اهمية وقيمة المعمار/ المصمم له.
يتغير المشهد المعماري النيويوركي باستمرار. يتغير عام إثر عام. انه مشهد مسكون بالتغيير. بل ان السمة البارزة والاساسية له تكمن في ديمومة الحركة التغييرية واستمراراها. ومع ان مشهد التغيير، هذا، عصيّ على النمذجة، لكنه قادر على استيعاب مختلف المقاربات المعمارية المتنوعة، و"عجنها" في بوتقة واحدة، مضفياَ عليها إحساس ذائقة نيويروك الخاصة، العابق بنكهتها المميزة، ذلك الاحساس الذى يتوق كثر من المعماريين ان يكون حاضراً في تصاميمهم وابداعاتهم المعمارية، رغم تنوع تلك المقاربات واختلافها.
يمنح جديد نيو يورك المعماري، المتلقي امكانية مضافة لرؤية الحدث المعماري ما بعد الحداثي، وهو "يعمل" في فضاءه الواقعي، غير الافتراضي، شاغلا موقعه المحدد في احياء المدينة الشهيرة. ومن نافل القول التأكيد هنا، بان هذا الجديد، اتسم، غالباً، على جرأة تصميمية مغالية، بدت، في احيان كثيرة، صادمة للجمهور..وللنقاد في آن معاً. لكن بمرور الزمن، تغدو تلك "الفورمات الصادمة" غير العادية امراً عادياً، تتسم مع خصوصية بيئة المدينة المبنية، الحافلة، دوماً، بالجديد وغير المألوف. عندما اكتمل في سنة 2006، مبنى "هيرست بيلدينغ" Hearst Building الواقع على الجادة الخامسة في قلب مانهاتن، وقف امامه، مصممه "نورمن فوستر" (1935) N. Foster، المعمار البريطاني الشهير، مع زملائه المعماريين، وكأنه يحدث نفسه بصوت عال "... انه منظر ليس طائشاً بالمرة، كما تعلمون!"، مضيفا الى ذلك جملته الشهيرة ".. انها نيويورك!" مسوغاً بذلك غرائبية الشكل المعماري المتحقق. نعم، انها نيويورك، التى يمكن لها ان تتجاسر وتقبل "صرعات" المعماريين، (المعماريين الاكفاء والمجدديين والطليعيين، طبعا!) ..عن طيب خاطر. وهو امر لا يمكن توقع حدوثه في اية مدينة آخرى، بتلك السهولة التى يحدث فيها: في نيويورك!.
ومبنى هيرست (2006)، هو احد جديد نيويورك، ويتعين الوقوف عند عمارته ملياً. وعمارة هيرست غرائبية حقاً. وغرائبيتها لا تقتصر على شكل المبنى الفريد، وإنما يشمل، ايضاً، اسلوب "توقيعه" غير المألوف. اذ ينهض المبنى المتكون من 46 طابق وبارتفاع 182 مترا، على قاعدة، هي في الواقع مبنى آخر بارتفاع 6 طوابق، انشأ عام 1928، وكان مخططا له ان يكون مبنى شاهقا، اي ناطحة سحاب. لكن الازمة الاقتصادية وما نجم عنها من ركود، التى ضربت امريكا وقتها، جعلت من استمرار تشييد المبنى امرا صعبا. وتوقف البناء في حينها عند ذلك الارتفاع. وكان على هذا المبنى ان ينتظر ثمانية عقود تقريباً، ليمنحه "نورمن فوستر" لاحقا فورمه الاستثنائي، الفورم الذي ليس له مثيل في جميع مباني نيويورك، هي التى كانت عمارتها على الدوام متخمة بفورمات، جريئة وغير عادية.
في مبنى هيرست تغدو الاثارة المترتبة عن تنظيم الفضاء الداخلي (الانترير)، معياراً ودليلاً لما يمكن ان تكون عليها نوعية معالجة الهيئة الخارجية للمبنى (الاكسترير). فالغرابة وعدم المألوفية هما ما يسم كلاهما: الانترير والاكسترير. اذ تبدو كتلة المبنى وشكله الخارجي، وكأنهما يماثلان شكل الياقوتة/ الجوهرة، باوجهها المتعددة، والمغلفة، هنا، بنوافذ مثلثة يصل ارتفاعها الى اربعة طوابق كاملة، وباشكال، على غرار ما يعرف الآن، بالشبكة الوترية Diagrid ، المثبتة بروافد Trusses معدنية. ويتبدى المبنى بقاعدته القديمة وبرجه الحديث، كمثال جيد للتصادم والتعارض اللذين جبلتا عليهما عمارة ما بعد الحداثة؛ ذلك لان حدث جمع او تركيب Synthesis (او بالاحرى، "الجـَمِيعة" بلغة صاحب المورد)، هذين العنصرين، بات الحدث الطاغي والمهيمن في الكل. وقد وجد احد النقاد في عمارة مبنى هيرست، ثمة .
وبهذا "التناقض" و"التعقيد" اللذين تكلم عنهما مرة "روبرت فنتوري" ، تكمن، هنا، نوعية العمارة المبتدعة، هي التى بمقدورها ان تشيد في مثل هذه المدينة، التائقة نحو تميز مثل هذا "التناقض"، والمتطلعة الى تفرد مثل هذا "التعقيد"، والتى عبر عن خصوصيتها معمار "هيرست بيلدينغ"، بمقولته المختصرة والموحية: "... انها نيويورك!".
ولئن سعى "نورمن فوستر" وراء البحث عن غرابة تكوينية عبر مبناه النيويوركي، فان "رينزو بيانو" Renzo Piano (1937)، حرص على تأكيد نهجه التصميمي، من خلال تقديمه مشروع مبنى "نيويورك تايمز بيلدينغ" (2007)، الواقع على الجادة الثامنة. ذلك النهج، الذي عرف عنه، منذ ان "بهر" العالم المهني مع صديقه ، وزميله، وشريكه السابق "ريجارد روجيرز" R. Rogers، عندما شاركا في مسابقة "مركز بوبور الثقافي " في باريس في مطلع السبعينات، وفازا به، ونفذ لاحقا مابين 1971-1977، باسم "مركز بومبيدو". وفي حينه، اعتبر ظهوره، ايذاناً لتجلي عمارة "الهاي- تيك" في المشهد المعماري، العمارة ، التى قال عنها المحرر الثقافي لذات الجريدة، التى سوف يصمم مكاتبها الجديدة؛ من ان المبنى "استطاع ان يقلب العمارة العالمية رأسا على عقب!".
وبالضد من المبنى القديم للجريدة العريقة، ذي الواجهة الحجرية "التيرا كوتوية" Terra- Cotta، التى تعيد الاذهان تقاليد الرنصانص الفرنسي بالقرن الرابع عشر، فان المبنى الجديد "لنيويورك تايمز" مزجج بالكامل، فالواح طوابقه الزجاجية من الارضية حتى السقف مربوطة بالهيكل الخارجي المصنوع من جسور على شكل حرف (I) سميكة مع قضبان ثانوية رقيقة. " يمكنك وانت واقف في الشارع ان ترى المبنى كله، يقول رينزو بيانو عن تصميمه، لاشئ مخفي!" وبهذا فانه يرفع من شأن "الشفافية" الى مستويات جد عالية ، وجد جديدة، كاشفا بهذا عن مفهوم "شفافية" صنع الاخبار، التى تزعم الجريدة بانه احد شعاراتها. وتصاديا مع الاهتمامات الشائعة الان "بالاستدامة"، يذكّر بيانو محدثه الناقد المعماري من مجلة "ارشيتكترال ريكورد " بان ذلك كان حاضرا دوما في تفكيره عندما شرع بتصميم ، "..فالمعمار عليه ان يستوحي بعمارته الاحداث المرتبطة بازمة المناخ..ثمة رقة مطلوبة، مع الارض والبيئة، فهذا، الآن، يشكل جزءا من ثقافة جديدة..". ولهذا فان المعمار يحرص ان يكون مبناه منطويا على مزيد من الخفة، والحيوية، واللامادية، وطبعا، الشفافية. من هنا يمكن تفسير وجود شبكة في اعلى المبنى، بارتفاع ستة طوابق، انها تضيف بعدا أخرا الى القمة، وتغدو كتلة المبنى بها اكثر خفة ورشاقة.
يتعين الاقرار، ايضاً، بان احياز مثل هذه المبانى، تبدو من الداخل، ليلا، جراء الشفافية المغالية، وعدم الاحساس بالفصل بين الخارج والداخل، وكأن حدودها ستختفي او تزول نظراً لاكتظاظ الانارة الفلوريسنتية، محدثة احساسا "عكراًً" لمتعة التواجد داخل فضاءاتها. وهو ذات الاحساس الذي يشعر به المرء، ايضاً، عندما يتواجد في احياز مبنى "نيويورك تايمز بيلدينغ". انه شعور لا يمكن اخفاءه، حتى وان كان في احسن نماذج تلك العمارة "الشفيفة"، مثل مبنى "سيغرام بيلدينغ" Seagram Building النيويوركي، للمعمار ميس فان در رّو. والمبنى الاخير، رغم ذلك، يظل المبنى الاثير لديّ. عمارته، التى لطالما اغويت بها طلابي في بغداد، لسنين عديدة، على حبها، والابتهاج بحضورها. ولازلت حتى اليوم، اكنّ لاسلوب عمارته شغفا عميقا واهتماما كثيرا، يدفعني احيانا، ان اوصي جميع اصدقائي الذين قدرّ لهم زيارة نيويورك، ان يمروا على المبنى الواقع على "البارك افينيو"، وان يمسكوا جدرانه بيدهم، متلفظين بكلمات خاصة مرحبة، ازودها بهم، تقال في حضرته!. كان آخر شخص "اكلفه" بذلك صديقي الفنان والناقد علي النجار. لكن فؤادي، لم حتى الآن، وهي <وخزة> يحس بها قلبي، عندما يفي اصدقائي بوعودهم. اتراه قد سهى؟ لكن ذلك، بالطبع، ..حكاية آخرى!.
ومع هذا.. فلا يزال، يرى "رينزو بيانو"، في مقاربته التصميمية اياها طاقة كامنة، باستطاعتها ان تثري الخطاب بنماذج تصميمية معبرة ومميزة. "انا أحب الرشاقة، وأحب الشفافية، والعمارة الان، تتصارع مع الجاذبية بكل ما تستطيع، ولكن بمواد قليلة. ان فكرة ابداع <احساس الشفافية>، لهو امر يشي بالنسبة اليّ، بمزيد من الحضرية، ويوحي الىّ بتعظيم الناس للسلوك الانساني"؛ هكذا يقول رينزو بيانو، موضحا مقاربته، الى احد النقاد المعماريين. وهو ما سعى الى تحقيقه في "نيويورك تايمز بيلدينغ"، المبنى الذي يمكن اختزال خاصية عمارته بكلمة واحدة: "الشفافية"؛ الشفافية الحاضرة بقوة، وبوضوح، وبكمال وبتمام. فالمبنى المتكون من 52 طابق وبارتفاع يصل الى 348 مترا، عُدّت عمارته اضافة رشيقة و"مشرقة" الى بيئة "ميدتاون" مانهاتن الرمادية الشاحبة.
عندما يذكر برنارد تجومي (1944) B. Tschumi ، المعمار السويسري المولد، "الكسموبولتاني" الاقامة، فانه يذكر كاحد المعماريين الاساسيين الذين تمثلت بانتاجهم المقاربة "التفكيكية. لنتذكر بارك " دي لا فيليت" Parc de la Villette (1982-1998) في باريس، الذي عدّت تصاميمه من اوائل نماذج العمارة التفكيكية المتحققة. لكنه، هنا، في نيويورك، منهمك في ايجاد حلّ اشكالية مثيرة، وهي كيف يمكن ان يتبدى مبنى سكني متواضع الارتفاع ، ذو 17 طابقأ وبعلو 55 مترا (والتواضع هنا بمقاييس نيويورك طبعا)، كيف يمكن له ان يهيمن على مجاوراته من المباني في الحي الشرقي النيويوركي؟. والجواب، لدى تجومي وهو: ان يظهر المبنى وكأنه "تاج"!.
نحن نتحدث عن "البرج الازرق"Blue Tower (2007)، الواقع على شارع "نورفوك ستريت" Norfolk Street، في "الايست سايد"، والذي يعتبر المبنى السكنى الاول للمعمار، والمبنى الثاني له في نيويورك، والمتضمن 32 شقة سكنية، بعضها بشرفات مكشوفة، مع شقتين على السطح Penthouses . ينهض المبنى على موقع بابعاد صغيرة لا تتجاوز 30× 15 مترا، لكنه في نهوضه نحو الاعلى ، يسعى الى امتداد "كابولي"، مانحاً فضاءاته مساحة اكبر، وتبدو هيئته، تبعاً لذلك، وكأنها "معلقة" فوق مجاوراته بالاسفل. ينطوي المبنى ، ايضاً، على اسلوب مميز في معالجة الواجهات، التى اتسمت بصبغتها الزرقاء وتدرجاتها من الازرق السماوي، الى النيلي والياقوتي والى اللازوردي، فضلا على "تقطيعها" باشكال هندسية، تستحضر، الى الذاكرة، "مربعات" بيت موندريان الشهيرة؛ بيد ان المعمار يصر بانها تمثل محض "واجهات بكسلية" Pixels، كناية عن تمثيل العصر المعاش ورمزا الى مآلاته!.
يُرى "البرج الازرق" بشكل مؤثر، عن بعد. ويظهر بكتلته غير المألوفة، مع تقسيمات واجهاته البكسلية التى يتغير لونها تبعا لتغير الاضاءة "المسكوبة" عليها، وكأنه "مارد" يبرز فجأة من بين مجاوراته من المباني ذلت الهيئات العادية، مثيرا انتباه معظم ساكني الحي الشرقي النيويوركي وزواره. وقد دعاه جيرانه، بتلاعب لفظي، "بالبرج المنتفخ" Bulge Tower ، بدلا من "البرج الازرق" Blue Tower.
وطالما اتينا على ذكر المباني "الملونة"، فان من الصعب عدم ذكر احد روائع "ذخيرة" جديد نيويورك المعماري، واعني به مبنى فندق "ويستن نيويورك" Westin New York عند "تايمز سكوير" ، المعمار: مكتب "اركيتكتونيكا" Arquitectonica (ومقرها الرئيس في ميامي، فلوريدا)، والمشيد سنة 2002. واسارع بالقول، باني من محبي اعمال "اركيتكتونيكا" انها تبدو لي بهيجة، وممتعة، وفاتنة ودائما تنطوي على مفاجأة، مفاجأة تصميمية تثير الحيرة والدهشة .. والمرح!. ومرحها مفعم بذائقة " اللاتينو" وصخبها وضجيجها. وقد نفذت، واعدت كثير من المشاريع في دول مختلفة، (بضمنها مشاريع مميزة في لبنان والامارات، وتحديدا في دبي كمشروع البوابه ومجمع الفصول الاربعة وغيرهما). وتتميز، دوماً، لغة مشاريعها عن مجاوراتها تميزاً كبيراً، بحيث تغدو وكأنها "دخيلة" على سياق البيئة المبنية وغير منسجمة مع خصوصيتها. ومشروعها فندق "ويستن نيويورك" يبدو في فضاء مانهاتن، وبحسب رأى ناقد، لا تعوزه الفكاهة، "اوتسايدر" Outsider عن المكان، نظرا لشكله الفريد ولغته التصميمية غير العادية.
ومبنى الفندق يتألف من كتلتين احداهما اعلى بقليل من الآخرى، يتصلان (ينفصلان؟) فيما بينهما، عبر شق لقوس منار باضاءة خاصة، يمتد من الاعلى نحو الاسفل، عند قاعدة المبنى ذات الشكل المميز والغرائبي، المطلة على الجادة الثامنة. يحضر اللون في المعالجات التكوينية للمبنى، كعنصر مميز واساسي. وهو يظهر بجرأة، وربما بتحدٍ في فضاء المدينة التى لطالما "تثقفت" على اللون الاحادي وهو الازرق الرمادي. لقد تم "تخطيط" سطوح واجهات كتلة المبنى العالية <الغربية> باشرطة عمودية مصبوغة بالازرق الفاتح والارجواني والخزامي، في حين تم تخطيط الكتلة <الشرقية> الواطئة باشرطة افقية ملونة بالازرق والبني. وثمة، ايضاً، الوان بدرجات عديدة من البنى الاحمر، تغطي كتلة قاعدة المبنى التى تبرز جانبا وبارتفاع 17 طابق. انها ذات هيئة غير تقليدية، وجد فيها احد النقاد، ما يشبه "الارداف االمستعارة".
لم تنج عمارة فندق "ويستن نيويورك" بعد تنفيذها، من تعليقات لاذعة، فعمارتها ذات حضور مثير واستثنائي. وايضا بسبب غزارة الالوان المستخدمة، وهيئات كتلها الغرائبية غير المألوفة. ورأى ناقد جريدة "نيويوركر" بان " الجدران الزجاجية في مبنى "ويستن نيويورك" من ابشع الجدران الستائرية التى عرفتها مدينة نيويورك!". لكن المعمارة الرئيسية في "اركيتكتونيكا" " لوريندا سبير" L. Spear، (وهي، بالمناسبة زوجة "فرناردو فورت- بريسكيا": المعمار الذي يقود المكتب)، تقول بان "ويستن نيويورك، لا علاقة له بميامي، كما لا علاقة له باللاتينو"، ان علاقته بموقعه المحدد". وهو بالتالي معني في يكون حدثاً مميزا يضاف الى عمارة المدينة الكسموبولتية بامتياز.
وايا يكن، فان مبنى فندق " ويستن نيويورك" الفخم، اضحى الان يمثل "ايقونة" بصرية للمدينة الضاجة بالامثلة المعمارية الاستثنائية. كما انه شكلّ احد اهم نماذج "جديد نيويرك المعماري"، ذلك الجديد، الذي يمنح، بحضوره، كثر من المهتميين وخصوصا المعماريين منهم، امكانية تعقب وتفحص وقراءة المنجز المعماري العالمي في اوج تألقه الابداعي، وفي احسن نماذجه المصروف عليها ببذخ نيويوركي مشهود!. □□

* اعتمدنا في كتابة المقال على مواقع عديدة في الشبكة العنكبوتية العالمية، كما استفدنا كثيرا من كتاب "ناطحات سحاب مانهاتن" لمؤلفه "اريك ناش" والصادر سنة 2010، عن دار برينستون المعمارية، في طبعته الثالثة.

د. خالد السلطاني
مدرسة العمارة/ الاكاديمية الملكية الدانمركية للفنون



#خالد_السلطاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- آفاق ومرايا -الناصري-... وتخطيطاته المحفورة
- مشاهدات عائد من بغداد: -مدينة السلام- ... وحروبها (2-2)
- ماضي العمارة الخلاقة
- مشاهدات عائد من بغداد: -مدينة السلام- ... وحروبها (1-2)
- -دارة زهاء-
- اصفهان: العمارة، وجنائنها المصممة
- بصحبة الجادرجي، بحثاً عن -فكتور هورتا-
- مبنى زهاء حديد -البغدادي-: وضوح التكليف والتباسه
- تصاميم -زهاء حديد- العربية (3-3)
- تصاميم -زهاء حديد- العربية (2-3)
- تصاميم -زهاء حديد- العربية (1-3)
- فنان متعدد المواهب
- عمارة ومعماريون
- قراءة في عمارة الحداثة بالعراق، (2-2) (الجزء الاول)
- زهاء حديد: الامر لا يتعلق في مكسب مادي، انه شأن ثقافي!
- قراءة في عمارة الحداثة بالعراق (1-2)
- في رحاب صحن الجامع الاموي
- ابواب
- عمارة، عمارة
- قول في اعادة نصب الجندي المجهول


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد السلطاني - جديد نيويورك المعماري