أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - عبد الغني سلامه - المرأة بين العصر الجاهلي والعصر الإسلامي














المزيد.....

المرأة بين العصر الجاهلي والعصر الإسلامي


عبد الغني سلامه
كاتب وباحث فلسطيني

(Abdel Ghani Salameh)


الحوار المتمدن-العدد: 3487 - 2011 / 9 / 15 - 14:43
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


صحيح أن الحياة الاجتماعية في الجزيرة العربية قبيل ظهور الإسلام والتي أصطلح على تسميتها بالفترة الجاهلية، كانت تتسم بالكثير من مظاهر التخلف وفيها العديد من صور الظلم والاستغلال والعبودية، ولكن كثيرون ممن تحدثوا عن تلك المرحلة بالغوا في وصفها ورسموا لها في أذهاننا صورة قاتمة مظلمة، ونعتوها بأقذع الأوصاف واختزلوا كل تلك الحقبة ببعض الممارسات الشاذة كالوأد والسبي، ولكن الحقائق التاريخية تنبؤنا عن أشياء كثيرة مختلفة تماما عمّا دأب على وصفه مؤرخو الجاهلية وصدر الإسلام.
والحقيقة أن بعض هؤلاء المؤرخين ينطلقون من نوايا طيبة، ويهدفون لإظهار مدى التأثير الكبير الذي أحدثه الإسلام في حياة القبائل العربية، ولإبراز فضله في إحداث النقلة النوعية للأمة العربية بشكل عام، بينما ينطلق مؤرخون شعوبيون من أحقادهم على العرب، وآخرون ينطلقون من رؤى حزبية ترمي إلى ترسيخ مفاهيم أيديولوجية معينة، وبالذات في الجانب الاجتماعي، وقد أخذت المرأة النصيب الأكبر من هذه المفاهيم ومثّلت حجر الزاوية في بناء المجتمع الذكوري شبه الإقطاعي القائم على العبودية والاستغلال.
وبالرغم من سيادة المفاهيم الرجولية على كل تفاصيل ومكونات المجتمع العربي قبل وبعد الإسلام، إلا أنه كان للمرأة حضورا لافتا ومهما في مختلف الجوانب، ليس في العصر الجاهلي وحسب بل وفي الدولة الإسلامية أيام الرسول وبعده، ولم يقتصر دورها في الحياة الاجتماعية بل وفي صلب الحياة السياسية، وحتى في مجال العلاقات القبلية، فكثيراً ما كانت النساء تشارك في حل النـزاع بين القبائل، أو تأجيج الخلافات وإشعال الحروب، كما فعلت البسوس في الحرب التي سميت على اسمها، وهند بنت عتبة في معركة أُحُد وعائشة بنت أبي بكر في موقعة الجمل، ولكن مشاركة المرأة السياسية عموما كانت من وراء ستار، الأمر الذي جعل مشاركتها هامشية حينا ومستترة أحيانا، أو غير مدونة ولم يأتي على ذكرها أحد، فالتي أسعفها الحظ وبرزت دخلت بوابة التاريخ وذُكرت في سجلاته، والتي لم يسعفها الحظ طواها النسيان.
وقد سجلت لنا المصادر التاريخية نساء كثيرات بنَيْنَ لأنفسهن قصص نجاح مميزة، أو تميّزن بالشخصية القوية أو برجاحة العقل، فزرقاء اليمامة مثلاً كانت تستشرف بذكائها ما وراء الأفق، وجهيزة قطعت ببلاغتها قول كل خطيب، وخديجة بنت خويلد كانت تجارتها تعادل ثلث تجارة مكة بأكملها، وفيلة الانمارية كانت تاجرة مهمة تبيع وتشتري بنفسها، وخالدة بنت عبد مناف، وصحر بنت النعمان اشتهرتا بالحكمة والذكاء والكمال، وكانت العرب تتحاكم عندهن في المشاجرات والأنساب، وهنالك خولة بنت الأزور الفارسة الشجاعة، والخنساء الشاعرة المخضرمة .. وبالإجمال يمكن القول أن وضع المرأة لم يكن بالصورة السيئة التي يحاول البعض رسمها، ولم تكن شخصيتها مستلبة تماما، فمثلا كانت المرأة تتمتع بحرية اختيار زوجها، وأن تشترط على زوجها أن تملك أمرها ولا يتزوج عليها. وما تسمية بعض القبائل بأسماء الأمهات كمزينة وبجيلة وباهلة، إلا دليل على المكانة الرفيعة للمرأة في ذلك الزمان.
وهذا خلاف للصورة النمطية التي طُبعت في أذهاننا عن وحشية المجتمع الجاهلي وهمجيته في تعامله مع المرأة، فلو كان ذلك المجتمع همجيا مع المرأة لما أنتج أروع قصائد الغزل وأقوى قصص العشق، فالحب العذري أشتق اسمه من قبيلة "عذرة"، وقد ارتبط الحب بالفروسية كما فعل عنترة في معلقته الشهيرة، واقترن بالوفاء كما فعل ابن الملوّح، وبالنُّبل كما في قصة كثيّر عزة، وكان الحب موضع تفاخر لا يخجل منه الطرفين، والجمال يُعبّر عنه بأعذب أبيات الغزل ويتغنى به العشاق، ولم يربط المجتمع الجاهلي سلوك المرأة الجنسي بالشرف، فعلى سبيل المثال كان هنالك أربعة أنماط من الزيجات منتشرة بين العرب قبل الإسلام ، ثلاثة منها تكاد تكون شكلا من الزنا حسب مفهومنا الحالي وحسب ما يقره الكثير من الفقهاء، وبالرغم من ذلك كانت النساء اللواتي يأتين هذا الفعل لا يتعرضن لأية تهم أو مضايقات، ولم يكن يُنظر إليهن كعاهرات منبوذات، وفي نفس السياق يقول سيد القمني أن الإله "هُبل" كان يمثل إله الخصب، وكانت عبادته تتضمن طقوس جنسية، وهذا يدعم القول عن وجود عبادة جنسية في الكعبة في الجاهلية طلبا للغوث والخصب، ومن أجل هذا كان من طقوس الحج في الكعبة في الجاهلية الطواف بها عرايا، بما في ذلك النساء.
وفي عصر الإسلام أخذت المرأة قسطا من حقوقها المدنية والشخصية، كحق الميراث ( نصف حق الرجل ) وحيازة الأموال، والتصرف في البيع والشراء، والوصية والهبة، وكان لها دورا مهما في الحياة السياسية، فكما هاجر الرجال إلى الحبشة فقد هاجرت النساء كذلك، وشاركن في بيعة العقبة، وقاتلن في الحروب، وفي العهد الراشدي كان للنساء دوراً في الفتوحات، وفي عصر عمر بن الخطاب ساد احترام رأي المرأة، وهو الذي قال: "اخطأ عمر وأصابت امرأة"، وفي العصر الأموي، برز دور المرأة أكثر حتى في الجانب الثقافي، فسُكينة بنت الحسين كانت صاحبة صالون أدبي يزورها أرفع الشعراء والأدباء.
ولكن النكسة الكبرى لمكانة المرأة بدأت بعد ذلك بزمن طويل، على يد فقهاء "نجد" الذين تمكنوا من تغيير نظرة المجتمع للمرأة، وخلق "ثقافة الحريم" التي تعززت أكثر في عصور التراجع والانحطاط، أما الزخم الإضافي في امتهان المرأة، فقد كان على يد فقهاء الإسلام السياسي في القرن العشرين.



#عبد_الغني_سلامه (هاشتاغ)       Abdel_Ghani_Salameh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جرائم متسربلة برداء الشرف
- الكبت الجنسي
- مفهوم الشرف في الثقافة العربية
- الاحتباس الحراري ظاهرة خطيرة تهدد مصير الكوكب - وجهات نظر مت ...
- ملاحظات على هامش تقرير التنمية البشرية العربية
- تركيا تضع الهوية الأوروربية على المحك
- رغم حملات الإدانة والإستنكار - إسرائيل تفلت من العقاب الدولي ...
- الجزيرة وقطر .. تبادل الأدوار الخطير
- من الهواء المقنع إلى القوقعة - يوميات سجين عربي
- التحليل النفسي للزعماء العرب
- في العراق .. من يقتل من ؟!
- ليل العراق طويل .. طويل
- العراق .. ذاكرة حاضرة .. وصورة تتداعى
- مواصلة التنقيب في أعماق الإنسان
- أسئلة تُنقِّب في أعماق الإنسان
- محاولة في فهم سيكولوجية الإنسان ..
- النهايات .. هلاك الإنسان، دمار الأرض .. فناء الكون
- مستقبل الإنسانية
- أشكال الحياة المتاحة
- في البحث عن جدوى للحياة


المزيد.....




- شاهد.. أرجنتينية بالغة من العمر 60 عاما تتوج ملكة جمال بوينس ...
- إلغاء حكم يدين هارفي واينستين في قضايا اغتصاب
- تشييع جنازة امرأة وطفلة عمرها 10 سنوات في جنوب لبنان بعد مقت ...
- محكمة في نيويورك تسقط حكما يدين المنتج السينمائي هارفي واينس ...
- محكمة أميركية تلغي حكما يدين -المنتج المتحرش- في قضايا اغتصا ...
- بي بي سي عربي تزور عائلة الطفلة السودانية التي اغتصبت في مصر ...
- هذه الدول العربية تتصدر نسبة تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوي ...
- “لولو العيوطة” تردد قناة وناسة نايل سات الجديد 2024 للاستماع ...
- شرطة الكويت تضبط امرأة هندية بعد سنوات من التخفي
- “800 دينار جزائري فورية في محفظتك“ كيفية التسجيل في منحة الم ...


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - عبد الغني سلامه - المرأة بين العصر الجاهلي والعصر الإسلامي