أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - ابراهيم عباس نتو - رؤية هلال العيد كانت سرابا…















المزيد.....


رؤية هلال العيد كانت سرابا…


ابراهيم عباس نتو

الحوار المتمدن-العدد: 1035 - 2004 / 12 / 2 - 07:52
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
    


عود حميد ..بعد العيد!

الآن و قد انقضى العيد..وعاد من سافر المعايدة و للتعييد في الداخل و في الخارج، و بعد أن رجع الناس إلى مواقع عملهم و مناكب معيشتهم العادية؛ و بعد أن أكملوا فرحتهم بالعيد،..إليكم الآن بعض المراجعة، مع شيء من المصارحة إن سمحتم --حيال مسألة "رؤية" هلال الشهر القمري، مع أملي الأخذ بما جاء هنا أو بعضه،.. و لو للأعياد و المناسبات القادمة. و كل عيد و كل مناسبة و الجميع بخير.

هذه المرة، و على الأقل في منطقة الخليج العربي، لم تـنحُ "رؤيةُ الهلال" المنحى العلمي، ..فلقد جاء "شاهد"(الرؤية) الفلكية مجانباً للحقيقة[..بلا شك من حيث لا يقصد] و أخطأ من حيث لم يحتسب؛ فلقد شُبِّه له أنه "رأى" الهلال، في حين أن ما "رآه" كان سراب الهلال.



فالذي حدث هو انه بينما كان الهلال الوليد متوارياً خلف الشمس كان في الأفق هواء بارد من [على مد مستوى إبصار العين في خط مستقيم]،.. بينما كان على الجهة المرتفع[في درجة حادة..] هواء دافئ ، ..مما سبب للرائي "رؤية" انعكاس –كما في انعكاسات السراب في الصحارى -و كما في انعكاس المرايا- للهلال الحقيقي القابع في الجهة الأخرى. و كما أوضح الدكتور وهيب الناصر، و هو نائب رئيس الجمعية الفلكية البحرينية/ عميد كلية العلوم السابق في جامعة البحرين.. فإن الذي حدث هو انكسار شعاع الضوء بسبب مروره من وسط دافئ إلى وسط بارد؛ و أضاف بأن الذين ظنوا أنهم "رأوا" الهلال، إنما رأوا "خداعاً بصرياً تمثل في سراب الهلال، أو ما أسماه الدكتور وهيب:"السراب القطبي".



و أوضح بأن الهلال سيغرب في البلدان الإسلامية –سابقاً غروب الشمس- كما يلي: في ماليزيا(قبل14 دقيقة)؛ باكستان(قبل16 دقيقة)؛ إيران (قبل15 دقيقة)؛ العراق(قبل 13 دقيقة)؛ البحرين(قبل12 دقيقة)؛ القدس(قبل11 دقيقة)؛ مصر(قبل11 دقيقة)؛ ليبيا(قبل9 دقائق)؛ نيجيريا(قبل دقيقة واحدة)؛ و الرباط (قبل 7 دقائق). و أشار إلى أن غروب القمر في مكة المكرمة (و المملكة العربية السعودية) سيكون في يوم الجمعة 12 من نوفمبر 2004م، سيسبق غروب الشمس بحوالي 9 دقائق..مما تستحيل معه "رؤية" الهلال. فـما رصدَه "الشهود" إنما كان صورة خيالية للهلال، بسبب ظاهرة "السراب القطبي". و تمنى الدكتور وهيب --بكل حُرقة- أن يأخذ الناس بالحسابات العلمية الفلكية في السنوات القادمة.



و لقد كان إعلان "رؤية" هلال عيد الفطر لهذا العام أكثر مفاجأة بعد أن كان قد أُعلن.. بتكرار و تواتر و في أكثر من جهة علمية و فقهية رسمية و أهلية (بما فيها "تقويم أم القرى" العتيد) أن ستكون غرة شهر شوال 1425هـ، في يوم 14 من نوفمبر / تشرين الثاني، 2004م - يوم الأحد أول أيام عيد الفطر؛ و قال مثل تلك المقولة أيضاً عميدُ الفلكيين العرب الدكتور صالح العُجيري في الكويت.



الحساب العلمي:

و فيما يخص العيد المنتهي مؤخراً (عيد فطر 1425م) ..فقد كان قد أعلن الاختصاصيون و الراسخون في علم الفلك- أن العيد سيكون في يوم الأحد، و أقر ذلك عدد من علماء الاختصاص الحاذقين في هذا المجال.. وهذا هو تخصصهم دون غيرهم؛ فمن ذلك ما كان قد أعلن فحواه قسمُ الفيزياء في جامعة البحرين، و جمعية الفلكيين البحرينية، و قسم الفلك في مدينة الملك عبدالعزيز التقنية في الرياض، و قسم الفيزياء بكلية العلوم في جامعة الملك فهد للبترول و المعادن بالظهران في المملكة العربية السعودية ..حيث أفاد رئيس ذلك القسم (الدكتور علي محمد الشكري) ان سيكون[بدء] ولادة هلال شهر شوال في الساعة الخامسة وسبع وعشرين دقيقة من مساء يوم الجمعة 29 رمضان 1425 هـ حسب" تقويم أم القرى"، الموافق لـ 12 نوفمبر 2004م. أما مواعيد شروق وغروب الشمس والقمر حسب أفق مكة المكرمة والمناطق المجاورة له، فكالتالي [جميع الحسابات والأوقات حسب أفق مكة المكرمة--خط العرض: 21.65 درجة شمال خط الاستواء، خط الطول: 39.77 درجة شرق ?ِرِينِتش]:-



اليوم
التاريخ

(2004)
ارتفاع وسمت القمر

لحظة غروب الشمس
غروب

القمر
غروب

الشمس
شروق

القمر
شروق

الشمس
التاريخ الهجري حسب

أم القرى التوقعات
الجمعة
1211
250º
تحت الأفق 17:31
17:40
6:06
6:30
29 رمضان
29 رمضان

السبت
1311
240º
7.4 º 18:20
17:39
7:13
6:31
30 رمضان
30 رمضان

الأحد
1411
230º
17.4 º
19:18
17:39
8:22 6:31
1 شوّال
1 شوّال




كما يلاحظ من الجدول هنا، فإن ولادة القمر في يوم الجمعة [قبل] غروب الشمس بحوالي ثلاث عشرة دقيقة، ولكن سيكون غروب القمر [قبل] غروب الشمس بحوالي تسع دقائق؛ لذا وحسب الحسابات الفلكية فلا يمكن رؤية الهلال [بعد] مغيب الشمس لعدم وجوده فوق الأفق؛ وعليه، فمن الناحية الفلكية لن يكون اليوم التالي (السبت) بداية لشهر شوال.

ثم واصل الدكتور قوله: "أما هلال مساء يوم السبت (ليلة الأحد) فسيكون سهلَ الرؤية حيث سيكون مرتفعاً بأكثر من سبع درجات فوق الأفق وحوالي عشر درجات على يسار (جنوب) الشمس وعمره حوالي أربع وعشرين ساعة وإضاءته حوالي 1.4 % من قرص القمر الكامل )البدر( لحظة غروب الشمس، ومدة مكثه حوالي أربعين دقيقة فوق الأفق، ويكون الهلال مائلاً قليلاً لليسار. لذا،.. فمن الناحية العملية والحسابات الفلكية والتوقعات النظرية فإن رؤية الهلال مساء ذلك اليوم (السبت) ستكون ممكنة وبسهولة عند صفاء الجو، وسيكون يوم الأحد أول أيام شهر شوال الموافق 14 نوفمبر 2004 م..و سيكون الهلال لحظة غروب الشمس على يسارها بحوالي عشر درجات وارتفاعه حوالي سبع درجات. و عليه فإن من المستحيل "رؤية" الهلال مساء يوم الجمعة (12 من نوفمبر) لأنه سيكون "تحت الأفق"؛ و أنه –إضافة إلى ذلك- فإنه من الممكن أن تتواجد مجموعة من النجوم "الثابتة" المنظورة، مثل العقرب أو برج الميزان؛ بل و حتى عطارد كانت هناك في نفس المنطقة المتوقع فيها رؤية الهلال... [مما يسبب احتمال أن يحدث معها الالتباس و المشابهة ..حتى لأقوى العيون، و أجلاها غشاوة.. و أحدِّها بصراً.]



برنامج "ستاري نايت" الحاسوبي: "مرصد" متكامل!

و لقد حصل لي شخصياً أن وَجدْتُ (في "ثاني" أيام العيد) أن هناك برنامجاً فلكياً حاسوبياً بعنوان Starry Nightدأبت على إنتاجه شركة كندية ..كانت طبعته الأخيرة في هذا العام؛ [مع توالي طبعاته، تضاءل سعر شرائه خلال السنوات القليلة الماضية؛ فجاءت "الطبعة المبسطة" منه--لغرض "الهواة" و من في حكمهم-- بسعرٍ أنخفض عن سعره في العام الماضي بمقدار الثلثين --تقريباً رغم الزيادات و التطويرات التوسعية الكبرى. فجاءت رزمة 2004 منه حاويةً 3 برامج، شمل أولها التعريف بـمليونين و خمسمائة ألف نجماً، و 28000 "مجرة، و 700 بليون/مليار سنة ضوئية من الفضاء الفسيح المتواسع؛ بينما حوى البرنامج الثاني (و كان بعنوان Starry Night-Pro تم إعداده للفلكيين المبتدئين و المتعلمين الحريصين،.. لتعريفهم بأكثر من 16 مليوناً من النجوم، ..و 13000 قطعةً سماوية؛ و أخيراً البرنامج الثالث( (Starry Night Pro-Plus..و تم إعداده للمتخصصين من دارسي الفلك وعلمائه المعنيين باستكشافات الفضاء الرحب الرحيب. و شملت رزمةُ البرامج هذه أيضاً اسطوانتين مدمجتين جمعت و وعت آلا ف من البيانات الفلكية الدقيقة و عدداً هائلاًً من الصور الكونية الفريدة.

كما أن بالإمكان استخدام مثل هذه الرزم الحاسوبية للإطلاع على ما كان عليه الوضع الفلكي قبل آلاف السنين المنصرمة و مُنذُها، و كذلك في آلاف السنين القادمة.



و في هذه الرزمة من البرامج الحاسوبية الفلكية Starry Night..مجالاتٌ مفصلة و فرصٌ محددة للوقوف على مختلف منازل النجوم و الكواكب و مواقع الأهلَّة في مختلف مناكب الكون الفسيح؛ و يمكن متابعه هذه و تلك.. من أي بقعة في أي موقع جغرافي.. في أي جهة من جهات العالم و في أي ساعة و دقيقة في الـ24 ساعة من أي يوم– ..و بدون الحاجة إلى أي تيليسكوب. في هذه البرامج، كغيرها، كان واضحاً جلياً أن ليس هناك حتى (إمكان) رؤية الهلال يوم الجمعة 12 من نوفمبر..29 من رمضان من هذا العام.. و بالتالي وجبَ صومُ اليوم التالي (السبت)..و التعييد في اليوم التالي،الأحد (14 منه).



و لكن كل هذا و هذه و ذاك لم يؤخذ به مؤخراً إبان تحديد رؤية هلال "العيد"، بل ذهب طي السديم وأدراج الرياح.



الناس ..و "رؤية" الهلال..

و مما يحزنني مما لاحظته عبر عشرات السنين أن قومنا يعجبهم عنصر الغموض، و يتلذذون لأنواع الترقب والتكهن.. في شكل موسمي يشبه الاحتفالية المقاربة للمهرجانية، على الأقل مرتين أو ثلاث مرات سنوياً؛ و تجدهم و كأنهم يطربون إبان التساؤل عن الهلال..و عما إذا "جابوه ..و إلاً ما جابوه؟".. و"شافوه ..و إلاً ما شافوه؟"؛ ثم يحدث مزيد من العجب بعد ذلك حينما تجدهم بعد إعلان "النتيجة"..يبدؤون في التساؤل عمن "صام (أو أفطر) معنا؟"؛ و تجدهم يعددون الدول التي صامت و التي لم تصم "معهم"، هكذا! و تجد أن كل ذلك يأتي في نبرة و كأن الآخرين بالتأكيد "غلطانون" و أنهم (أولئك) قد جانبهم الصواب!

في هذا الموسم، كان من الدول التي أفطرت: السعودية و البحرين و الإمارات و قطر و فلسطين و السودان و الكويت، بينما امتنعت عن الإفطار دول مثل: مصر و الأردن و لبنان (في الدولة الأخيرة، كان فضيلة الشيخ محمد حسين فضل الله قد أعلن بوضوح منذ بدايات الأسبوع السابق بأن العيد سيكون يوم الأحد.)



و في المقابل، ألاحظُ و أُحِسُّ بأن نوعاً من الانشطار التفكيري يكتنفنا أيضاً. أرى أن هذا "الانشطار" يأتي في شيء من التناقض؛ فتجد الواحد منا يود –من ناحية-- أن يسود الفكر والتفكير العلميين في تحري و إثبات رؤية الأهلة و نحوها؛ و لكننا نجدنا –من ناحية أخرى— نود (أيضا) لو "توحَّدت" الأمة في إعلان تلك الرؤية،.. بل و حتى في "توحيد" تعميمها و اعتمادها؛ فأنىَّ لذلك المستحيل أن يحصل!؟ ..خاصة و انه لا يتمشى مع طبيعة الكرة الأرضية..و خطوط "طولها" على مدار دائرتها ذات الـ360 درجة. وكيف لنا أن نتوقع –في نفس الوقت و الساعة و الدقيقة-- أن "نرى" الهلال بداً بأطراف شرق إندونيسيا في أقصى أقاصي "الشرق"..من جهة..و حتى أقاصي غرب مملكة المغرب على المحيط الأطلسي من أفريقيا.. في الناحية الأخرى؟!



بعضُ التَّبِعات..

و من الآثار السلبية وراء عدم اعتماد الحساب العلمي بصفة مسبقة أن كثيراً من المصالح ستتضرر؛ و من ذلك: ضياع يوم أو أكثر في الاقتصاد الوطني/ القومي. و كمجرد مثال، ففي مملكة البحرين –و بتعداد مواطنيه في حوالي 2/1 المليون نسمة-- قد تصل الخسارة المادية من "الناتج [الاقتصادي الوطني] المحلي" [GDP] بمبلغ لا يقل عن 10 ملايين ديناراً بحرينياً (26 مليون دولاراً أمريكياً/ 100 مليون ريالاً سعودياً) عن كل يوم من أيام الإنتاج والاقتصاد. فتجد هذا البلد حريصاً على الانضباط الإداري..حيث لا يزيد عدد أيام أعيادها عن 3 أيام(و لكن،إذا صادف و أن حل أحد تلك الأيام في يوم جمعة،.. فإنه "يُعوَّض" عنه بالنهار التالي من أيام العمل التالية، و بذا تتمدد العطلة بيوم.)



و إضافة إلى النواحي الاقتصادية المباشرة، فإن "لخبطة" المواعيد تطول الإجازات و رحلات السفر و الحجوزات بالطائرات وغيرها و غيرها؛ و لعل من المناسب عدم تناسي المشكلات التي تتطلب إعادة ترتيب حتى الأمور المنزلية أيضاً، و من ذلك ما لا يمكن التساهل فيه من تحضيرات "ليلة العيد" –و هي عديدة، فهناك مثلاً تحضير "فطور العيد"،..بل و حاجة كل "سيدة" وآنسة في المنزل إلى الذهاب إلى المُقيَّـنات [الكوافيرات] لتصفيف الشعر و حف الجلد و نحوهما؛ ثم لا ننسى الآثار السلبية لعدم "عقل" الأمور مسبقاً، و قلة وضع الخطط الضرورية –و لو حتى قصيرة المدى منها،..و تأثير كل هذا و ذاك على تنشئة الأجيال..مما سيساهم في مزيد من قلة الانضباط و الانتظام في مواطني مستقبلنا.



تفاوتات..

و ناحية أخرى، ما يمكن الإشارة إليه هنا بالانشطار الفكري.. فعندما يكون الموضوع متصلاً بمواقيت الصلوات الخمس ..تجدنا نقتني و نعتمد..و نستعمل ما يشبه "الإمساكية الرمضانية" لمواعيد الصلاة؛ و تأتي تلك النشرة في شكل كتاب كامل متوافر موزع مجاناً في طول البلاد و عرضها..و توزعه الجهات الرسمية..بل و أيضاً مختلف الشركات في القطاع الخاص ..في شكل "روزنامة" في حجم مجلد مكتبي.. لتغطي أوراقه كامل أيام السنة الهجرية الـ354؛ .. بل و نجد أن كتاب "التقويم هذا (الروزنامة) يحوي بالتفصيل الدقيق ستةَ مواعيد طيلةَ النهار: مواعيد الصلوات الخمس ..زائداُ "الإشراق".



و باستعمال ورقة واحدة من "تقويم أم القرى" لهذا العام[1425هـ/ 2004م] مثلاً، فإنا نجد أنها تحوي البيانات التفصيلية لمواعيد الفجر، و الإشراق، و الظهر، و العصر، و المغرب ..و العشاء— كما تسرد كل صفحة البياناتِ التفصيليةَ لما لا يقل عن 10 مدن في 10 من المناطق الجغرافية في المملكة العربية السعودية (مكة المكرمة، المدينة المنورة، الرياض، بريدة، الدمام، أبها، تبوك، حائل، جيزان، و نجران). و إذا أخذنا المواقيت المدونة هناك –مثلاً عن مكة المكرمة، فسنجدها في أدق الدقة و أحد التحديد، بل و في سطرين كاملين من المعلومات (لكل"وقت" --مرة بالتوقيت "الزوالي"/الشمسي/العالمي، و مرة أخرى بالتوقيت "الغروبي"/المحلي). و كمثال و احد فقط، فإنه في يوم الجمعة غُرة رمضان 1425هـ/ 15 من أكتوبر2004م.. جاءت بيانات توقيت الصلوات -باستعمال التوقيت ألزوالي/العالمي، كالتالي: الفجر: 4:59؛ الظهر: 12:07؛ العصر: 3:28؛ المغرب: 5:57؛ العشاء: 7:27. مع رجاء ملاحظة الدقة الدقيقة هنا: مثلاً: موعد الأذان لصلاة الفجر هو –بالضبط- = 4:59،] إلخ. و بالطبع، يعتمد مؤذنو المساجد للصلوات الخمس في كل يوم..على هذه البيانات المعدة مسبقاً..و منذ سنوات.. ليتحقق "تأدية الصلاة على وقتها" ..كما يشدد البعض.



فكيف نعتمد و نتَّبع تلك البيانات المفصلة المعدة للصلاة، و هي "عمود الدين" بين "الأركان" الخمسة،.. ثم لا نُلقي للبيانات أي بال فيما يتصل بمعلومات الصوم(و هو الرابع في ترتيب الأولويات؟؟

كيف لنا أن نمضي على مدار الأيام و الليالي طيلة السنة متمسكين –من جهة—بتلك التواقيت المتناهية الدقة و التحديد (التي ما كنا لنتمكن منها إلاّ بفضل العلم و الثقافة العلمية الفلكية، التي اعتمدنا بياناتها و اعتمدنا عليها في كل أوجه المعاملات الرسمية و الشرعية) ثم نأتي –بعد كل هذا—و في يوم واحد من أيام السنة الـ354 ..و نضع كل ذلك جانباً..؟؟



و من المعلوم أن "تقويم أم القرى" هذا-- يتم إعداده مسبقاً تباعاً عبر عشرات السنين،..و يطبع بانتظام قبل عدة شهور من حلول كل سنة هجرية، ثم يتم توزيعه مجاناً قبل عدة أسابيع من حلول شهر المحرم..على عامة الناس و خاصتهم، من قبل الجهات الحكومية. و كذلك من قبل عشرات المؤسسات التجارية كجزء من هداياها و دعاياتها السنوية و الموسمية.



اتفاقات دولية إسلامية تنتظر..

قبل نهايات القرن السابق، اتخذ ملتقى ديني كبير على مستوى رابطة العالم الإسلامي (مكة المكرمة) قراراً بأن يعتمد إقامة مرصد إسلامي في مكة المكرمة ليتابع موضوعات و مواسم "رؤية" الهلال؛ و لكن يبدوا أن هذا كذلك لم يعمل به بعد.



ثم كيف لنا أن نضع جانباً حتى ما قمنا بالتوافق عليه بين جميع الدول الإسلامية عبر السنين؛ ومنها "قرارات و اتفاقات الاجتماع السابع لـ"لجنة توحيد الأهلة و المناسبات الدينية" في جدة في 1999 م، حيث تم تمثيل جميع الدول الإسلامية، و جاء في تلك الاتفاق –عن "ولادة الهلال في مكة المكرمة (قبل) غروب الشمس ..و أيضاً غروبه (بعد) غروب الشمس..[وهذا الشرط الثاني لم يتحقق يوم الجمعة 12 من نوفمبر 2004 م)..بل سبق غروب الشمس بـ9 دقائق..و شهادة الشهود يومها لا تحقق شروط الرؤية؛ فالولادة كانت صحيحة، لكن "الرؤية" لم تمكن حتى في حيز الإمكان.



و لقد كان اجتماع جدة ذاك تحويراً و تخفيفاً عما أقرته –قبل ذلك بعقد من الزمان-- اللجنة السابعة التابعة للمؤتمر الإسلامي (..انعقدت تلك اللجنة في الكويت، في 1989 م)..و كانت قد تضمنت قراراتُها شرطين إضافيين لصحة "الرؤية"، هما: 1) أن لا يقل مكوث الهلال عن عشرين دقيقة (أي أن يكون ارتفاع الهلال في الأفق 5 درجات)؛ 2) ألا يكون البعد الزاوي أقل من 8 درجات (أي: يجب أن يكون الهلال إلى يسار الشمس أو إلى يمينها في أكثر من 8 درجات (ليتحرر الهلال من وهج الشمس.)

و قد يكون من الجدير ذكره أن لو كان هذان الشرطان نافذين الآن (مثلاً عند محاولة رؤية هلال عيد الفطر 1425هـ/ نوفمبر 2004م) ..لوجب أن يكون العيد، لا في يوم السبت و لا حتى يوم الأحد،.. بل يوم الاثنين، 15 من نوفمبر!!



أحداث عجيبة في الماضي..

و لقد حدث --في عيد سابق قريب، في المناطق الثلاث الرئيسة في العراق --بعيد الاحتلال—أن جاء بدء الاحتفال بالعيد في أيام ثلاثة متتالية! كما و قد حدث عبر السنين في عدد من الدول في منطقتنا أن بقي موضوع رؤية الهلال معلقاً..أحياناً إلى بدء صبيحة اليوم التالي؛..بل حدث -في حالة، قبل أكثر من أربعين عاماً- أن أعلن الصيام بعد بدء اليوم.. بل و في وضح النهار، ..ثم أُُمِرَ الناس بأن يكملوا نهارهم "ممسكين" عن الطعام و الشراب؛ كما و قد حدث ذات مرة أن أفادت الجهة الرسمية (بأثر رجعي) بأن صيام شهر رمضان لذاك العام كان ناقصاً يوما ً.. لخطأ في احتساب دخوله أصلاً، و أنّ على الناس–تبعاً لذلك--أن يعوضوا ذلك بصيام يوم إضافي على مسئوليتهم.



و بعد..

.. فيبدو لي أنه قد آن الأوان بأن نأخذ برأي أمثال فضيلة الشيخ عبدالله المِنيع (أحد كبار علماء الدين في الرياض، المملكة العربية السعودية) ألذي أقر منذ سنين --بالأخذ بالحساب العلمي الفلكي المعتمد على المراصد..و هو –على كل حال—أساس الحساب الذي يعتمد عليه "تقويم أم القرى"، و كذلك تقويم العُجيري و أمثالهما من الحسابات العلمية الفلكية مما يصدره العلماء الحاذقون المتخصصون في هذا المجال، فهم أعرف به دون غيرهم،.. و أدرى بتشعباته و شعابه.



و عسى أن تعود هذه المناسبة و كل المناسبات عاماً بعد عام، و يهلَّ هلالُها و الجميع بخير.



* أكاديمي و كاتب سعودي

_____________

الدكتور إبراهيم عباس نـَـتــُّـو

Dr. Ibraheem A. NATTO

[email protected]



#ابراهيم_عباس_نتو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السعودياتُ السبْع! شعاعُ مشاركةِ المرأةِ في الانتخابات بَدا ...
- بداهات في -الإصلاح- موجز عن محاضرة عامة لمعالي د. علي فخرو
- اللجنة الفرعية لحقوق الانسان تتبنى قرارا دوليا حول تعليم حقو ...
- مع قرب الإنتخابات في المملكة العربية السعودية
- بمناسبة -اليوم العالمي لحقوق الإنسان-..10 ديسمبر..التعبيرُ ح ...


المزيد.....




- وزير الخارجية الأمريكي يزور السعودية لمناقشة وضع غزة مع -شرك ...
- السلطات الروسية توقف مشتبهاً به جديد في الهجوم الدامي على قا ...
- حماس تنشر مقطع فيديو يوضح محتجزين أمريكي وإسرائيلي أحياء لدي ...
- حزب الله يقصف إسرائيل ويرد على مبادرات وقف إطلاق النار
- نائب سكرتير اللجنة المركزية للحزب بسام محي: نرفض التمييز ضد ...
- طلبة بجامعة كولومبيا يعتبرون تضامنهم مع غزة درسا حيا بالتاري ...
- كيف تنقذ طفلك من عادة قضم الأظافر وتخلصه منها؟
- مظاهرات جامعة كولومبيا.. كيف بدأت ولماذا انتقلت لجامعات أخرى ...
- مظاهرة طلابية في باريس تندد بالحرب على قطاع غزة
- صفقة التبادل أم اجتياح رفح؟.. خلاف يهدد الائتلاف الحكومي بإس ...


المزيد.....

- واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!! / محمد الحنفي
- احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية / منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
- محنة اليسار البحريني / حميد خنجي
- شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال ... / فاضل الحليبي
- الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟ / فؤاد الصلاحي
- مراجعات في أزمة اليسار في البحرين / كمال الذيب
- اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟ / فؤاد الصلاحي
- الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية / خليل بوهزّاع
- إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1) / حمزه القزاز
- أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم / محمد النعماني


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - ابراهيم عباس نتو - رؤية هلال العيد كانت سرابا…