أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد حامد السلامونى - عرض (فيفا ماما) واقعية بلا واقع ..















المزيد.....



عرض (فيفا ماما) واقعية بلا واقع ..


محمد حامد السلامونى

الحوار المتمدن-العدد: 3466 - 2011 / 8 / 24 - 10:36
المحور: الادب والفن
    


عرض
(فيفا ماما)
واقعية بلا واقع :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يعد عرض(فيفا ماما) واقعيا ملتبسا .. ليس لاحتوائه على عناصر أخرى غير واقعية
، فعادة ماتتسع الواقعية لجماليات أخرى مغايرة لها ، وإنما لاشتغاله على موت(مبدأ
الواقع)- بماهو الأرض الصلبة التى شيدت فوقها جميع الأبنية الجمالية والفلســــفية
الواقعية التى أمكن وجودها حتى الآن ..ومع ذلك فهو واقعى- بالمعنى الواسع للكلمة
، مما يمنح السؤال عن إمكانية وجود واقعية بلا واقع مشروعية الوجود ؟! ..
يتحدث (بودريار) عن أن الواقع نفسه لم يعد واقعيا- لقد تلاشى أوتم إغتياله ، بعدما
اجتاحته الصور الزائفة (Simulacrum) التى تدعى محاكاته .. وبتعبير آخر ، لقد
حلت الصور- بماهى(إستعارات)- محل الواقع الحقيقى نفسه،وصرنا نحيا فيمايسمى
بـ (الواقع الإفتراضى) ، بل ويقول أيضا بأن [الوهم لم يعد ممكنا لأن الحقيقة لم تعـد
ممكنة] (1) ..
فإذا كانت (الواقعية)- أوالواقعيات- تشرعن وجودها ، كما يقول (رينيه ويليك) على
[الإحساس الرهيف بما هو حقيقى](2) ، فاختفاء أوتلاشى أواغتيال الواقع الحقيقى
- بل وكل مظهر من مظاهر الحقيقة- يعنى أن (الواقعية) الآن تستمر فى الوجــــــود
خارج الشروط (التاريخية والمعرفية) المؤسسة لوجودها ؟ ..
وبالإضافة إلى هذا ، فالعرض المسرحى نفسه- أيا ماكان هذا العرض- ليس ســوى
صورة إستعارية .. أيعنى هذا أن عرض (فيفا ماما)- بماهو مسرح (أى إستعارة) ،
إنما يتخذ من الإستعارة التى آل إليها الواقع موضوعا له ؟ ..
لقد سبق لى أن تناولت هذه الإشكالية فى مقال سابق ، عن عرض (نساء فى حياتو)
، ولم يكن عرضا واقعيا ،أما هنا، فاشتغال الإستعارة المسرحية الواقعية على الواقع
الإستعارى (الزائف) ، يثير من الإشكاليات الفلسفية والجمالية ما من شـــــأنه إثراء
الوعى المسرحى (المابعد حداثى) الراهن ..
( أ )
يتضمن العرض (سردا واقعيا شارحا)، أعنى أنه يشتغل على (الوعى بالواقع) كإشكالية
.. وقبل الشروع فى الكشف عن موقف العرض من الواقع ، أنوّه فقط إلى أن (الواقعيــة
المصرية)- تلك التى تنامت لدينا فى خمسينات وستينات القرن الماضى،لم تتميز(إبداعيا
ونقديا)عن نظيراتها(الواقعيات الغربية)فى شئ؛فالواقعية لدينا كانت تمتح من مرجعيات
محددة ، تم حصرها ، إلى الحد الذى يمكن معه القول أن الإســـــــــــتعارة الواقعية لدينا
مستعارة من واقعيات أخرى (3) (!) ..
ولا شك أن (الواقعية المصرية)- على هذا النحو - إنما تنطوى على (مفارقة معرفيــــة-
تاريخية) ذات طابع إشكالى ، تتلخص فى أن (المسرح المصرى) حاول تبرير وجــــوده
بالإستجابة لضرورة حتمها السياق التاريخى (لثورة 52- المتطلعة لإعادة صياغـــــــــة
المجتمع المصرى ، الناهض آنذاك ، والباحث عن الإستقلال ) ، أى أنه استصفى لنفسه
نهجا(مرآويا) ، قوامه (تمثيل الواقع) = (إنتاج إستعارة تمثيلية) ؛ تنبنى على (جماليــة
النمط) باعتباره(الجسر الواصل بين الحاضروالمستقبل، بين الواقع والمثال الإجتماعى)
، والذى يتحقق عبر(الشخصيات التى تحمل مغزى شاملا رغم كونهم أفرادا) إلى جانب
(تصوير الظروف النمطية المتكررة).. هذا على مرجعية التصور اللوكاتشى ،الذى يرى
- كما يقول (رينيه ويليك) أن [الأدب صورة للواقع ، وأنه يكون أصدق مرآة إذا أظهـــر
الكاتب قدرته على النفاذ إلى بنية المجتمع واتجاه تطوره فى المستقبل](4)،وهو تصور
(هيجلى) تماما ، يقول بشفافية الواقع وقدرة الذات أوالوعى على النفاذ إلى القوانيــــن
الجوهرية التى تحكمه ..
المفارقة تكمن فى أن السياق التاريخى لثورة 52 ، بمنحاه الإستقلالى ،مثل مبررا كافيا
- لدى المسرحيين المصريين- لإستعارة (مفهوم منظم أوشبكة من المعايير) أفرزهـــــا
سياق تاريخى (غربى) لا يمت إليه بصلة (؟!) ..
وإذا كانت الدفوع التى قال بها البعض- لدينا- تتمحور حول (عالمية المنهج والنظريــة
التى ينطوى عليها)،فالإختلاف الذى شهدته المجتمعات الغربية فيما بينها،حول تعريف
الواقعية- على الرغم من تشابه السياق التاريخى لديهم- يحطم سلامة تلك الدفوع..ذلك
أن إستعارة (الإستعارة الواقعية) يتناقض مع واقعية تلك الإستعارة ؛ إذ ينفى عنهــــــا
واقعيتها نفسها (5) ..
(ب)
هذا المنحى- لدينا- يثير إشكالية أخرى ، تتعلق بـ (الحقيقة)؛ على مستويين ، الأول :
هو ما أشرت إليه- فى الفقرة السابقة- ويتمحور حول إستعارة الواقعية المصريـــــــة
للواقعية الغربية ،وعدها حقيقة مطلقة،أما الثانى:فيتعلق بالحقيقة التى تدعى الواقعية
-عامة- تمثلها ؛ (بماهى القوانين الجوهرية التى تحكم التاريخ أوالنظام الموضوعــى
للأشياء ... إلخ)- كما أدعت دائما عبر التاريخ .. وما أعنيه بذلك هو تلك (الكونيـة أو
الشمولية) التى تتصف بها الحقيقة لديهم- فعلى الرغم من (ماديتها) ، إلا أنها ليسـت
أكثر من إسم آخر (للواقع الأعلى أوالعقل الكلى = اللوغوس) ، الذى تتمثله الذات عبر
وعيها لنفسها وللعالم،ذلك الوعى المنبنى جوهريا على(مركزية الصوت- أوعلى نظام
سماع المرء لنفسه) ، كما يقول (دريدا) .. هكذا ، فالمدلول يستقل بنفســــه عن الدال
(الدال المتطابق مع المرجع) !.. مما يعنى أن الحقيقة- لديهم- تقيم فى حيز مفـــــارق
للموجودات(وهوماتدعى الفلسفات المادية- المؤسسة للواقعيات- مناقضته عادة)!..
وإذا كان عرض(فيفا ماما)ينتمى لتلك المحاولات التى يبذلها بعض(المسرحيين الجدد)
، فى إطار (إعادة بناء الواقعية)- وأضيف : (الرمزية) تحديدا ، التى ترتد- لدينا- إلى
أعمال (رشاد رشدى وسعد الدين وهبه) وبعض أعمال (نعمان عاشور ومحمود دياب
وميخائيل رومان ... وغيرهم) .. فارتباط (الرمز) بـ (الحقيقة الكلية ، المطلقة) قديـم،
يرجعه البعض إلى العصور الوسطى ،ويرجعه البعض الآخر إلى ما قبلها بكثير ، وإذا
كان (إبراهيم فتحى- فى معجم المصطلحات الأدبية) يقول أن الرمز (symbol)- هو:
[شئ يعتبر ممثلا لشئ آخر ، وبعبارة أكثر تخصيصا فإن الرمز كلمة أوعبارة أوتعبير
آخر يمتلك مركبا من المعانى المترابطة ،وهذا المعنى ينظر إلى الرمز باعتباره يمتلك
قيما تختلف عن قيم أى شئ يرمز إليه كائنا ماكان . وبذلك يكون العلم وهو قطعة من
القماش يرمز إلى الأمة...] (6) ، فـ (كولريدج)- يقول أن (الرمز) هو نتاج (الوحدة)،
بين الذات والموضوع ، بين الشاعر والطبيعة، بل والوجود كله : [بفعل تلك القـــــوة
التركيبية والسحرية ، التى آثرناها وحدها باسم الخيال ، وهذه القدرة التى تزج فـــى
ميدان العمل أولا بفعل الإرادة والإدراك ، وتبقى تحت رقابتها الفعالة رغم أنها لطيفة
وغير ملحوظة ... تكشـف عن نفسها فى توازن وائتلاف للخاصيـــــــــــات المتضادة
والمتنافرة : خاصيات التماثل مع الإختلاف ، العام مع المحدد ، الفكرة مع الصـورة ،
الفردى مع الأنموذجى ...] (7) ، لكن (إبراهيم فتحى) يقول بأن : [الرمزية تعبر عن
صلة غامضة خفية بين فكرتين،أما المجاز فيعطى شكلا مرئيا لتصور مثل هذه الصلة
... ويساعد المجاز التفكير الرمزى فى التعبير عن نفسه] ، ويضيف : [ولكنه يحيطـه
بالخطر، إذ يقدم هيئة بدلا من الفكرة الحية ، وما أسهل أن يفقد الرمز قوته فى بعض
أشكال المجاز ، فالمجاز يتضمن منذ البداية إضفاء المعيار والبلورة ] (8) ، أى أنــه
يقول بإمكانية تحول الرمز إلى مجاز ، بينما يذهب (كولريدج) إلى الإتجاه المعاكس ،
ويقول:[إن مجموعة مجازات metaphors مضمومة فى كل واحد هى قصة رمزية
Anallegorsوحيثما صارت المجازات متبناة إصطلاحيا من جانب كل فئــــــــــات
المجتمع، فإن الأشياء التى ينطوى عليها التشبيه هى رموزأومفعمة بطبيعة الرموز]
،[... وسيحدث غالبا، مع نمو المعرفة الإنسانية ،أن ماكان قصة رمزية Allegory
سيصير رمزا symbol ..] (9) ..الفارق الأساسى بين وجهتى النظر هاتين ، يعود
إلى أن (إبراهيم فتحى) يرد (الرمز) إلى الإستعارة ، فتحت عنوان (مجاز تمثيلـــى -
Allegory) ، يقول : هو [طريقة فى العرض حيث يرمز شخص أوحدث أوفكـــــرة
مجردة لنفسه ولشئ آخرمعا،وبهذا يمكن تعريف المجاز بأنه إستعارة موسعة.](10)
أما (كولريدج) فيعد الإستعارة (أوالمجاز) هى نواة الرمز- كما يتضح من الإستشهاد
الذى أوردته سابقا ، ويضيف : [ لا أعنى بالرمز symbol مجــازا ametaphor
أوقصة رمزية anallegory ، أو أى محسن بلاغى آخر ،أوصورة من نتاج الوهم،
بل جزءا عمليا وأساسيا من ذلك ، هو الجزء الذى يعبر عن الكل] (11) ..
هذا على الرغم من أن ما يذهب إليه (كولريدج) ، فى تعريفه للرمز ، لايتجـــــــــاوز
التعريف الهيجلى للإستعارة- بما هى تماهى الذات والموضوع أو(إتحاد الضدين عبر
التأليف بينهما) ..
عموما- وفيما أرى- فالفارق الرئيس بين التعريفين السابقين ، ينحصر فى ميـــــــل
(إبراهيم فتحى) إلى القول بأن التفكير الرمزى ، هو إحدى الآليات التى يعمـــــل بها
الذهن البشرى- فى وعيه المعرفى بالواقع- لكن إضطرارنا للجوء إلى التشــخيصات
والتجسيدات (المجازية) ، للتعبير عن الرموز ، هو نفسه ما يميت تلك الرمـوز ، إذ
يحولها إلى واقع حرفى جديد ، هذا- ولديه- تتحول الرموز إلى مجازات كما تتحــول
المجازات الى رموز (12) ... هكذا ، فهناك علاقة جدلية لا تنتهى بين الرمز (الكلى
المجرد)والمجاز(الجزئى المحدد)؛أى بين الوعى والواقع .. أما(كولريدج)، فلا يرى
سوى الميل الحتمى للأجزاء المختلفة إلى الإئتلاف فى وحدة كلية مطلقـــــة ، يطلق
عليه ا(وحدة الجوهر: consubstantial) ، وهى- لديه مايتأسس عليه (الرمز)-
الذى[هو دائما ينضح بالحقيقة التى يقدمها واضحة] (13) ..
وفى (الواقعية الرمزية)- التى عادة ما يتدهور التمثيل الرمزى بها ،عند
تحوله إلى مجاز ؛ أى إلى تشخيصات أوتجسيدات أوهيئات (ذات معنى محـــــدد)-
مايحدث هو أن (حقيقة- الرمز) تكشف عن نفسها ، أوقل : يفتضح أمرها ؛ فالدال
والمدلول والمرجع يتطابقون تماما ، أى أن (الذات) والموضوع (الواقع أوالعالـــم
أوالطبيعة)يتماهون ، فيبين هذا الأخير عن نفسه فى(الوعى).. وبتعبيرآخر،المجاز
- فى نهاية الأمر ، لايخرج عن كونه (إستعارة) ؛ مثله فى ذلك مثل الرمز نفســه-
تنبنى على إختزال العلاقات بين الأضداد فى (أوجه الشبه) ، دونما مراعاة لأوجـه
الإختلاف ..
مما سبق يمكن أن ننتهى إلى أن (المسرح- أوالعمل الفنى عامة)، وكذلك
(الواقعية) و(الرمز) ، يعد كل منهم- فى ذاته- (صورة إســــــتعارية) ؛ تنبنى على
(التأليف بين الأضداد) لإبراز حقيقة ما كلية .. هذا ، والجمع بينهم يعد صـــــــورة
إستعارية موسعة ومركبة ، تحشد فيها (الميتافيزيقا) عناصرها المختلفة (حقائقها
الجزئية المتناثرة) ، فى إطار (وحدة) أشمل ، تأكيدا لوجود (حقيقة) أكبر ..
هذه هى بعض الإشكاليات المحورية التى سأتناول عرض(فيفا ماما)على ضوئها..


*

يبدأ العرض من اللحظة التى يظهر فيها (المرشد السـياحى)
ويدعو المتفرجين لمشاركة (أفراد عائلة صادق) لحظـــــات
الدفء العائلى حول مأدبة العشاء .. ففى تلك اللحظة تحديدا،
يتحول المتفرجون إلى (مدعووين)، ثم يدخلون إلى(الغرفة)
، ويأخذون أماكنهم حول المائدة ..
الإطار الزمكانى
و(الرؤية من الهنا) :
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
يرتكز مسرح الغرفة على زرع الواقع- ممثلا فى الجمهور- فى القلب من الحــدث
التخييلى ؛فحضور الجمهور إن هو إلا حضور بالإنابة عن الواقع (= الهنا والآن)
، وهو مايعنى أن العلاقة الجدلية بين التخييلى والواقعى ، تتأسس على (جماليات
الرؤية من الهنا ، فقط) ، التى تعنى بدورها إلغاء المسافة بين خشبة المســـــرح
والصالة ، أوإلغاء المسافة بين (الحدث الدرامى) والمتلقى ..
وما أعنيه بـ (الرؤية من الهنا) هو أن مسرح الغرفة الذى يلتقى فيه الممثلـــــون
بالجمهور داخل الزمكانية المشهدية نفسها ، ينبنى أساسا على إلغاء وجـــــــــود
(الهناك)- أى أنه يتجاوز الثنائية التقليدية التى يتأسس عليها مسرح العلبـــــــــة
(الإيطالى) ؛ تلك المتعلقة بانقسام المبنى المسرحى من الداخل إلى(مكان العرض
= الخشبة التى يحتلها الممثلون عادة) و(مكان المشاهدة = الصالة) ..
وبالنسـبة إلى الجمهور، فهو يرتبط بـ (الهنا) إرتباطا جسديا، لذا فـ (الهنا) ينتقل
معه أينما ذهب ؛ فأينما يكون فإنما يكون (هنا)، لأن(هنا) هو المكان الذى يشغله
الآن . أما (الهناك)فهو المكان الذى يقع فى مجاله البصرى، لكنه لايشغله،وحين
ينتقل إليه ، يتحول إلى (هنا) (14) ..
إذن،(الهنا)و(الهناك)يتحددان من خلال موقع الجمهورمنهما، فـ (الهنا)هوالمكان
الذى لايمكنه مغادرته أبدا ، فأينما وجد فإنما يوجد (هنا) ..
إلغاء(الهناك)- بماهو إلغاء للثنائية، يعنى أن(الممثلين والجمهـور) إنما يمارسان
الوجود (معا- هنا) ، بما يتيح لكل منهما أن يكون الآخر (فالجمهور يتحـول إلــى
ممثلين ، والممثلون يتحولون إلى جمهور).. أى أن (التخييل والواقع) يتبـــادلان
المواقع- هكذا، وهو مايشير إلى (غياب المعيار الفاصل بين الواقع والإستعارة :
فالواقع يتحول إلى إستعارة ، كما أن هذه الأخيرة تتحول إلى واقع- وغنى عــــن
البيان أن الحقيقة والوهم ، هنا ، يتدخلان ويصعب التمييز بينهما) ..
ولكن- مالذى يمثله (الهنا) فى العرض ؟..
منذ اللحظة الأولى لدخول الجمهور فى (المشهد المسرحى)- بصحبة (المرشد السياحى
- الراوى) ، تلبية لدعوة العائلة ، ندرك على الفور أننا بداخل (بيت- متحف)، ومصداقا
لذلك،ماأن تقع أعيننا على أفراد العائلة حتى نراهم جالسين(كأنما هم تماثيل من الشمع)
.. والمفارقة تكمن فى أننا سنعرف بعد ذلك أنهم إنما يحيون معنا ، فى القلب من لحظتنا
التاريخية الراهنة ذاتها (إذ يتعرضون فى أحاديثهم لأحداث غزة الأخيرة و حادث ســعاد
حسنى وضحايا العبارة ... إلخ) .. ولايتعلق الأمر هنا بالتغريب البرختى (وضع الحـــدث
على مسافة زمنية من المتفرج) ، بقدر تعلقه بالطرح (البودريارى) الذى يقول بتحـــول
الواقع الحقيقى إلى واقع إفتراضى قوامه الصورالزائفة ، هكذا، فى إطار محاكاتى ساخر
- ذلك لأن برخت إنما يقيم نظريته على أيديولوجيا حداثية تتخذ من (مبدأ الواقع) مرجعا
لها ، أما بودريار- الما بعد حداثى- فيطيح بمبدأ الواقع ، ويرى أن إحلال الواقــــــــــــع
الإفتراضى محل الواقع الحقيقى وهيمنة الصورالزائفة هو بداية جديدة لعالم جديد منبت
الصلة بعالم الحداثة- هذا وعرض (فيفا ماما) ينتمى بقوة للعالم الجديد ؛ كما سنرى ..
غير أن ما يجب الإشارة إليه هنا ، هو أن (العرض) يفصل بين التقنية البرختيـــة وبين
الدلالة التى منحتها لها الحداثة ، وأغلقتها عليها ، أى أن العرض ينفى التطابق بيـــــن
التقنية البرختية- السابق ذكرها- والدلالة التى قيل بانطوائها عليها ..
ومن ناحية أخرى ، ستمتد المفارقة (الخاصة بالتماثيل الشمعية) إلى الجمهور نفســــه
- فما أن يبدأ الممثلون (أفراد العائلة) فى الحركة والحوار ، حتى يتحول الجمهور إلـى
تماثيل جامدة ، صامتة (!)- بما يعنى إمتداد الإستعارة إلى الواقع ، أو أن الواقــع صار
إستعاريا ..
موت الرمز
والإنتشار المجازى :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يكتظ العرض بالرموز :(الأم)،(رائحة- الموتى والأحياء والبخور ، وارتباطها بأرواح
الموتى القدامى التى لم تزل تقيم فى البيت) ، (البيت- المتحف والتماثيل الشـــــــمعية
والمرشد)... إلخ .. إلا أن تلك الرموز تتميز بالإنتشار المجازى ؛ مما يفقدها محتواها
- أعنى أن المجاز نفسه كـ (دال)،ليس دالا على مدلول محدد بقدر مايخبئ بداخله دالا
آخر؛ فالرمزلايتجسد مجازيا فى شئ ما يلعب دورالمكثف الرؤيوى،الشعرى،أوالنقطة
المركزية- الواحدة الوحيدة- التى يتكاثف عندها الحدث الدرامى ، مفصحا عن حمولة
دلالية(أيديولوجية) محددة ، هى مايرمى إليه ؛ كـ (الكوبرى أوالدمية أوالطائر، أوبئر
السلم أوالفراشة أوخيال الظل أوالأشباح ..)وغيرها من الرموزالتى يعج بها المسرح
الواقعى الرمزى ..
ويتبدى الإنتشار المجازى فى (فيفا ماما)، فى وضع التفكير الرمزى ؛ بماهو[وظيفة
عميقة من وظائف الذهن الإنسانى](15)، فى موضع سؤال .. فالرمز- فى العرض-
يتجسد فى (الرائحة)بصورها العديدة، وإذا كانت الرائحة(علامة إشارية)- تشير إلى
(...)، فـ (المشار إليه)،بقدر مايحضر فى العرض على نحو مباشر:(رائحة- الشهداء
الفلسطينيين فى حصاربيروت عام 82 ، وصولا إلى أحداث غزة الأخيرة ، رائحـــــة
شهداء 67 ، ضحايا العبارة المصرية ، ثم رائحة- الكوتشى) ، إلا أن انتهاء العرض
باكتشاف الأبناء موت (الأم) وتعفن جثتها ، يبـين لنا عن أن الروائح بقدر ما تشــير
إلى (...) فإنما تخفى أيضا ؛ أى أنها تدفع ببعض الأشياء إلى الحضور ، لكن هـــــذا
الحضور نفسه لايكتسب صفته تلك إلا لأنه يدفع بأشياء أخرى- أكثر أهمية ربمــــــا
- إلى (الغياب) ..
ومن ناحية أخرى ، نجد أن الحديث عن (أرواح- الموتى والشهداء) لاينقطع طــوال
العرض ، لاسيما (العم عبد المنعم- الذى استشهد فى حادث كوبرى عباس) ..
و(الروح) هى الطرف الآخر الذى يصنع ثنائية مع (الجسد)- وعامة، فنحن لانتحدث
عن روح شخص ما إلا إذا كان ميتا .. لذا فحضور الأرواح ، فى العرض ، يدل علـى
(الغياب) الجسدى ..
هذا والكلمتان (روح ورائحة) ، ترتدان إلى جذر لغوى واحد ؛ هو(راح) ، أى أنهمـا
تتحدان فى الجنس ، وبينهما جناس ناقص، وعلى الرغم من اختلافهما فى المعنى ،
إذ (الرائحة : هى النسيم طيبا أونتنا) و(الروح : ما به حياة الأجسام ...)، إلا أنهما-
فى العرض- يرتبطان معا ، أعنى أن حضور الرائحة يرتبط بحضور الأرواح، ويمثل
إمتدادا لها- إذ يشيران معا إلى (الغياب أوالموت) القابع وراءهما ..
ومع ذلك فرائحة الموتى هذه- رغم نتنها القوى الفاضح- إلا أن أحدا لا يدركهــــــــا
(أويشمها)،لأن هناك رائحة أخرى تحجبها عن أفراد العائلة(وعنا)- الموتى القدامى
فقط هم الذين يدركونها ،فتطلق الجدة رائحة البخور- التى تنتمى لواقع تاريخى قديم
، كانت الرائحة فيه تنطوى على دلالة أكثر وضوحا ومباشرة ..
فعلى سبيل المثال ، بعد الحديث عن حصار بيروت :-
[(الجدة حمدة تبخر المسـرح)
الجد : (مستمرا فى السعال) بتعملى إيه ياحمده ؟! ..
الجدة : الريحه ، بغطى على الريحه ياحاج .. ] ..
هذا وكل ما تلتقطه أنوف الأحياء فقط هو (الرائحة) التى تفوح من (الكوتشى) الذى
يرتديه (على) ؛ أصغر الأبناء(الساخر ، الهازئ ، المشاغب ، الباحث عن المستقبل
دون أن يدركه) !..
وبقدرما تنطوى الرائحة الأخيرة على دلالات عديدة ، تنضوى جميعها تحت(الجسد
الحى الذى يتعفن- فى الواقع مابعد الحداثى ،الذى يتجسد مجازيا فى الكوتشى،وفى
التليفزيون وما يبثه من صورضحايا الحروب والمجازر)- إلا أن تلك الرائحة(برغم
واقعيتها) إلا أنها تبدو أيضا كصور مخادعة(توهمنا بأنها الحقيقة ،فى الوقت الذى
تخبئ فيه الحقيقة نفسها- التى هى رائحة موت الأم)- أى رائحة موت (الأصــــل)-
كما سنرى ..
هكذا، فالرائحة- كعلامة- عادة ما تشير إلى (...)أوتدل على (...)، لكنها هنا تطمس
(المدلول) ، ولا نعثر وراءها سوى على (دال) آخر ، هو رائحة أخرى ..
ونلاحظ ، هنا ، نوعا من (التأويل الجينيالوجى : الذى يعنى العودة إلى الأصــــــول
والوقوف عند الأسس- وهو محاولة لتجاوز الميتافيزيقا ، بالوقوف على أصولها ،
لخلخلة أزواجها وتقويض منطقها) ، أعنى أن العرض يسعى لتأويل أصل ومنشـــأ
العلاقة بين (الروح والرائحة)- فحين تذهب الروح عن (الجسد)، تجئ الرائحة إلى
(الجثة)، لأن جسدا بلا روح هو جثة تطلق رائحة.. لكن الموتى- فى العرض- رغم
كونهم أرواحا فقط ،الا أنهم هم الذين يشمون رائحة جثة(الأم)، بينما الأحياء(أفراد
العائلة) لايشمونها- وينحصر شمهم فى رائحة الكوتشى (الذى يرتديه كائن حـــى-
هو"على")!.. ونحن نعرف أن الجثث تصدرالروائح فقط ولا تشمها- فشم الرائحة
مشروط بوجود الروح (بما هى سر الحياة) ، لذا ففصل الروح عن الجســــــد- فى
العرض- وربطها بالرائحة ، يحمل مفارقة تأويلية تنبنى على إعادة طرح الســؤال
عن (معنى) الحياة والموت- فالأحياء (أفراد العائلة) ، موتى- ولعل هذا يفســـر لنا
الدلالة التى تنطوى عليها(هيئة التماثيل الشمعية)التى اتخذها أفرادالعائلة فى بداية
العرض!.. بينما الأموات،أحياء(يتشبثون بالوجود، فى البيت = المتحف ،التاريخ)
، وبذا يصبح موت (الأم)- تحولها إلى (جثة عفنة)- هو نفسه موت (الأبناء) ..
ومن ناحية أخرى ، نلاحظ بأن الربط بين الروح والرائحة إنما يأتى على مرجعيــة
الجثة ، وحين نتذكر أن (الروح والرائحة) ينحدران من جذر لغوى واحد هو(راح)
،وأن هذه الأخيرة تحمل معان عديدة من ضمنها(الموت)، سيتبـين لنا أن (الروح)
هى (الرائحة) نفسها ، وأن (راح) تشير إلى (الجثة)، وأن (الموت)؛ موت (الذات
والواقع)، هو(الغائب)الذى يمنح (الإستعارة المسرحية- التى يندمج فيها التخييلى
والواقعى) حضورها ..
هذا والإنتشار المجازى للرائحة (على هيئة دوال مختبئة خلف بعضها البعض) ،
يعنى إنتهاء الرائحة كرمز- أوفقدان الرائحة لرمزيتها- ذلك لأن (الرمــــز) هو :
[ما لا يكتسب قيمته أوتأثيره بذاته ،بل من كونه تذكيرا بشئ آخر](16)، فالشئ
الآخر ، إذا كان هو الواقع الحقيقى ، وإذا كان هذا الواقع قد تلاشــى ، فما الذى
يمكن للرمز أن يذكرنا به- لقد صار الرمز هو الواقع الحقيقى أوالحرفى نفسه ،
وبالتالى لم يعد هنالك من رموز .. بما يعنى أن الرمـــــــوز تحولت إلى علامات
متطابقة مع الواقع ، أوصارت هى الواقع نفسه ، مما أسفر عن موت المعنى ..
كل هذا يعنى أن تدهورا ما أصاب الوظيفة الرمزية التى يقوم بها الذهـن
البشرى ، مما يعنى- أيضا- مضاعفة موت (الذات) نفسها : (كحقيقة ميتافيزيقيــة
ووجودية معا)- ذلك أن عدم قدرتها على إنتاج الوعى ، بلغ حدا فائقا ، حين فقـــد
(الجسد) قدرته على (المعرفة الحسية) ؛ بما يعنى موته !..
لذا ، نلاحظ بأن (الشخصيات)- فى العرض- ليست تمثيلات لغوية أوماديــــــــــــة
لـ (ماهيات) ، جاهزة ومعدة من قبل (كما اعتدنا أن نرى فى مســــــــــرح الحداثة
والمسارح الأخرى السابقة عليه)،أى أنها لم تعد تنبنى على جوهر ماهوى أونواة
داخلية (ميتافيزيقية) ، أومركز محدد تستمد منه هويتها ، كما أنها لم تعد تمثـــــل
إمتدادا ما لتصور ما عن الواقع(فقد تم نقل المكتشفات الحديثة فى العلوم المختلفة
إلى الشخصيات الأدبية والمسرحية- ويعد المذهب الطبيعى عند " زولا " مثــــالا
على ذلك ، بل وبداية إمتداد الوعى العلمى بالواقع إلى الأدب والفن)،وإنما صارت
شخصيات عائمة على سطح الوجود أوكأنما جذورها تمتد فى الهواء- إذ نرى كل
شخصية منها موزعة على مواقع عديدة ، هى نقاط تقاطع مســــــــــارات الوعى
(السردى)- الخاص بالشخصيات الأخرى ؛ تلك المســــارات التى تغمر العرض ،
هكذا دون أن نتيقن من صحة أيا منها ؛ بل ولا سبيل إلى ذلك أبدا ..
لذا، فإلى جانب الظهور الأول للشخصيات(على هيئة تماثيل شمعية)- تحمل دلالة
المطابقة الصورية للواقع- نلاحظ المدى الذى تنغمر به تلك الشـــخصيات- طوال
العرض- فى الظلمة ؛ كأنما هم أشباح غارقة ، تجهد فى أن تبعث من جديد ..
لذا ، فما يحاوله الممثلون- هنا- ليس العودة(أوالإرتداد) بالشخصيات إلى أصلها
الواقعى أوالتاريخى المحتمل(كماهى العادة فى الأداء التمثيلى السائد)،لأن الواقع
نفسه قد تلاشى ، وإنما الصعود بالشخصيات إلى اللحظة الحية (الحاضـرة) التى
يحياها الممثل نفسه على المسرح ؛ التى هى لحظة العرض- (مما يثير إشكاليــة
الزمن فى العرض- وسوف أتعرض لها فى حينها) ..
غير أن ما يعنينى هنا ، هو أن (الممثل) بقدر منحه للشخصية تمظهرها المباشــر
فى وعى المتفرج (فى تقاطع مع السرود المحيطة بالشخصية ؛ أى مع المسارات
السردية- المتعلقة بالشخصية- تلك التى تقول بها بالشـــخصيات الأخرى) ، فإنما
يضع الشخصية نفسها فى مفارقة بين مايقال عنها (بما هو وعى ســــابق بها) ،
وبين (تمظهرها المباشــر أمام وعى المتفرج)- وبالمثل يتم وضع المتفرج مابين
(السرود المتعلقة بالشخصية والعرض المشهدى للشخصية) ..
غير أن وضعا كهذا من شأنه أن يثير عددا من الإشــــــكاليات ، تتعلق بـ (الممثل
والشخصية)من جهة،و(المتفرج والشخصية)من جهة أخرى،على النحو التالى :
أولا (الممثل والشخصية) :
فقدان الشخصية لخاصية الإمتداد الواقعى (نظرا لتلاشى الواقع نفسه)، فضلا عن
فقدانها لنواتها الداخلية،يجعل من التمظهر المباشر الذى يمنحه لها الممثل،مجرد
(تمثيل أوصورة إفتراضية- أى إستعارة)- هى نتاج الوعى الخاص بالممثل نفسه؛
أى أن مايقدمه الممثل لايزيد عن كونه مجرد (نسخة مصطنعة- بلا أصل)، تلعب-
كذبا- دور الأصل ..
(ولايجب أن يشرد الذهن بعيدا ويتصورأننى أقول بأن المسرح السابق على مابعد
الحداثة ، كان يقدم الواقع نفسه ، ويستند فى وجوده إلى نماذج بشــرية لايتطرق
إلينا الشك فى وجودها الحقيقى ، لا... ما أقوله فقط هو أن ذلك المسرح كان يقدم
الشـخصيات بما هى تمثيلات أوتجسيدات لماهيات أولمعان أولنظم من المعانــى ،
تنحدرمن المؤسسات المعرفية المختلفة- كالفلسفة والأيديولوجيا والعلم- المنتجة
لمعنى الوجود ،أى أن الشخصية كانت تجسيدا لمعنى مؤسسى ، يحظى باتفاق ما
، يمتد فيما وراءها ، تستمد منه شرعية وجودها) ..
هذا والتمظهر المباشر الذى يمنحه الممثل للشخصية ، من عندياته ، رغم افتقاره
للمعنى المؤسسى الذى يستمد منه ما يتشرعن به ، إلا أنه (أى التمظهـــــــر) يعد
قفزاعلى السرود المتضاربة- إذ تتحول إلى ثرثرة خارجية- وصولا إلى الشخصية
ذاتها ؛ أى أنه يصير هو الشخصية- هكذا بلا تأسيس (!) ..
فالممثل سيصير هو (الصورة والمرجع معا)- هذا التطابق الميتافيزيقــــــى ، بين
الممثل والشخصية ، الذى تتحول على أثره السرود المحيطة إلى (ثرثرة خارجية)
، يعنى (موت الماضى- والتاريخ عامة) ، ومن ثم لا يتبقى لنا سوى (الحاضـر) :
الحاضر بماهو (لحظة العرض) ؛ وماهذه الأخيرة سوى الإســـــــتعارة ذاتها- تلك
التى تم الزج بالمتفرج داخلها (!) ..
وما نلاحظه هنا ، هو أن تلاشى المعنى المؤسسى الذى تعد الشخصية تمثيلا له
، هو نفسه (تلاشى المركز)- الذى تتمحور حوله الشخصية عادة- لذا تتنا ثـــــر
الشخصية وتتشظى وتتبعثر إلى (نقاط - تقاطع المسارات السردية)، ومايحاوله
الممثل- عبرالأداء- هو أنه يصنع من تلك النقاط (شكلا وهميا- إفتراضيا)،فنظرا
للإلتباس الذى حاق بالظواهر الواقعية برمتها (بما فى ذلك الإنســـــان) ، لم يعد
بمقدور (الممثل) فى المسرح الجديد سوى تقديم (صورة إفتراضيـــــــــــة) عن
الشخصية- تدعى(زيفا) تمثيل الحقيقة ، هذا مع ملاحظة أن(الممثل) بينما يمنح
الشخصية (شكلا- موَحِِدا لبعثرتها) ، فإنما يمنحها (مركزا- أى معنى) ، مــــــن
الخارج ..
ثانيا (المتفرج والشخصية) :
أشرت منذ قليل إلى أن المتفرج يتموضع مابين (السرود المتعلقة بالشــــخصية
والعرض المشهدى- الذى يقدمه الممثل- لتلك الشخصية) .. ولاشك أن المتفرج
إنما يتلقى الأداء التمثيلى باعتباره أداءا للشـــــــخصية ذاتها ، أى أنه لن يدرك
الفارق الجوهرى بين الأداء (الزائف) والأداء (الحقيقى)- فكعادته ســـــــــيؤخذ
بالصورة المرئية الكلية التى يشاهدها ..
لكن الإشكالية- لديه- ستتمحور حول مايؤسس تلك الصورة،أعنى أنه سيتساءل
عن (المرجع- أوالواقع) الذى تعد الصورة تمثيلا له- وهو ســــــؤال معرفى فى
الأساس ؟..
ثالثا (الممثل والمتفرج والشخصية) :
الممثل حين يمنح الشخصية تمظهرها المباشر- غير المتطابق مع الســـــــرود
المتعلقة بها ، فإنما يضع الشخصية ذاتها أمام المتفرج ؛ أى أنه يمنحها صوتا
: (فهى الشئ المعطى مباشرة) ، القافز على (أوالمتجاوز لـ )- إلى جانب كونه
(متقاطعا مع)- السرود المحيطة ؛ (بماهى أحكام سابقة) ..
الإشكالية- هنا- تكمن فى أن سؤال المتفرج (المعرفى) المتعلق بـ (المرجـــع) ،
يحتمل- نظريا- إجابتين ، هما :
1- قد يفكر(المتفرج) فى أن(الممثل) ليس هو(الشخصية) ، وقد يقول إنه مجرد
(مؤد) .. لكنه حين يفصل بين الممثل والشخصية ، سيجد أن (الشكل أوالتمظهر
المباشر الذى منحه الممثل للشخصية) قد تلاشى من تلقاء نفسه !..
أعنى أن الشخصية سترتد إلى (النقاط المتناثرة ، المتضادة- الموزعة علـــــــى
السرود المحيطة) ، والحقيقة أن هذا المنحى فى التلقى ليس ســـــــــــــوى نزع
للإستعارة الكلية التى منحها الممثل للنقاط المتضادة التى تتكون منها الشخصية
.. ولعله يبدو واضحا أن الشخصية هنا، ستصير بلاهوية أوستصير ذاتا موزعة
على مواقع عديدة ، بلا ماهية ، وتحتمل من الدلالات ما لاحصر له ..
2- قد يفكر(المتفرج)فى أن(الممثل)هو(الشخصية)ذاتها؛(هوالصورة والمرجع)
معا ؛ هو (الشكل الكلى) ... متجاوزا بذلك عن السرود المحيطة بالشــخصية ..
وبذا يصير (الوسيط - الممثل بماهو الشخصية) هو نفسه (الرسالة) ..
وما نلاحظه هنا ، هو أن (المتفــــــــــرج) مدعو للتجاوز عن الوجود المرجعى
للشخصية،والتفكير فى ماهية مايراه..هذا المنحى(الفينومينولوجى- الهوسرلى
تحديدا) ، يعنى أن الماهية ، ليست سابقة على (وجود الشـخصية) ، وسيسعى
المتفرج إلى إدراكها- دون أن ينطلق منها ..
وهكذا ، فعلى (المتفرج) أن يحول الشخصية- بماهى الشئ المعطى له مباشرة
- إلى ماهية ،وعليه أن يحول المعطيات التى يتلقاها من (الشعور الساذج) إلى
ظواهر متعالية فى (الشعور المحض) ، ليتسنى له بدء المعرفة ..
3- السؤال المعرفى الخاص بالمتفرج ، (الناتج عن غياب الماهية الماقبليـــة ،
التى تعد الشخصية تجسيدا لها) ، يعنى أن عليه ، فى بحثة عن الإجابـــة ، أن
يختار مابين رفض الإستعارة- التى يمنحها الممثل للشـــخصية- أوالأخد بها ،
لكننا نلاحظ أنه فى حال أخذه بالإستعارة(أى بالتماهى بين الممثل والشخصية)
، فسوف يسقط ضحية لإغواء(صورة) تدعى(وهما) مطابقتها للمرجع (؟!) ..
وما أعنيه بهذا،هو أن المتفرج فى حال إتباعه للمنهج الفينومينولوجى ، سعيا
وراء(بدء المعرفة)،إنما يكون قد سقط فى(الوهم)الذى تحاول الفينومينولوجيا
نفسها التحرر منه ..
لذا، فالحل يكمن فى وضع (المرجعية) ذاتها فى موضع سؤال ، وهذا ما يفعله
العرض- كما رأينا ، وسنرى ..
هذا، ولا ينطوى العرض على(فعل درامى)خارجى- دون أن يعنى هذا إنبناءه على
مايسمى بـ (التيار التحتى- التشيكوفى)،ذلك أن هذا الأخير،كان يبحث عن(الحقيقة
المختبئة وراء الثرثرة اليومية)؛ أى عما هو مقيم فى العمق ، وراء السطح ، أما
عرض (فيفا ماما) فبقدر انتمائه إلى الثقافة مابعد الحداثيــــة ؛ تلك التى (أصبحت
روائية)- كما تقول (ليندا هاتشن) (17) ، أوكما يرى (ستيفن هيث) : [فهى تنتج
الحكايات بغزارة (التليفزيون والإذاعة والسينما والفيديو والمجــــــــــلات والكتب
الفكاهية والروايات) . وبذلك تخلق وضعا لابد لنا فيه أن نستهلك (الســــرد الدائم
للعلاقات الإجتماعية للأفراد وتحديد المعانى للفرد فى المجتمع) ، مما قد يفســـــر
عودة الحكى،ولكن كمشكلة لا كبديهية مسلم بها](18)، إلا أنه (سطح بلا أعماق)
ولايتضمن ما هو (تحت)- أى لاينطوى على سر ، أوماهية ، أوحقيقة ما- تخبئها
إرادة ما متعالية ، يفلح الفنان- بماهو وريث أوامتداد الكاهن والعراف والســـاحر
والعالم والحكيم والفيلسوف والمجنون- فى (الكشف) عنها ، بما أوتى من قــدرة
على اختراق الواقع أوالطبيعة أوالكون ، وهتك أسرارهم ..
غير أن كون العرض (سـطحا بلا أعماق) ، يؤكد منحاه العام فى محو الثنائيات ،
يقول (دولوز)- فى كتابه عن (نيتشه) : [يظهر إنحطاط الفلسفة بوضـــــــوح مع
سقراط . إذا حددنا ماوراء الطبيعة(الميتافيزيقـا) بتمييز عالمين ، بالتعارض بين
الجوهر والظاهر ، الصحيح والخاطئ ، المعقول والمحسوس ، ينبغى القـــول أن
سقراط يخترع ماوراء الطبيعة : يجعل من الحياة شيئا يجب الحكم عليه ، قياسـه
، وضع حدود له ، ومن الفكر قياسا ، حدا ، تتم ممارسته باسم قيم عليا ؛ الإلهى
، الحقيقى ، الجميل ، الخير ...] (19) ..
العرض لايتضمن سوى(دوال) مختبئة وراء بعضها البعض ، وهو نفسه مايعنيه
القول بأنه(سطح) فقط ،لذا تسقط القيمة الميتافيزيقية التى ينطوى عليها(الرمز)
.. إذن ، الإنتشار المجازى إن هو إلا أحد نواتج موت الرموز- المتحـــــــولة إلى
علامات متطابقة مع الواقع- ذلك الموت الناتج بدوره عن موت الذات ؛ الذى هو
الوجه الإخر لموت المعنى ..
ملاحظات ختامية :
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(1) اللغة :
ــــــــــــــــ
ينسب(العرض) نفسه للغة الكلامية(أويدع نفسه تتشكل من خلالها)- بما يعنى أن
أن تلك اللغة تستولى وتهيمن على لغات العرض الأخـرى (تماما كما فى المسرح
الأيديولوجى) ،لكن العرض،بينما يفعل ذلك فإنما يضع اللغة والمعنى فى مواجهة
بعضهما البعض ، ذلك أن الدوال اللغوية لا تنغلق على مدلولات محـــــــددة ، أى
لاتتضمن حقائق جزئية صغيرة تصب فى حقيقة ما كبرى أوكلية ، بل أن اللغــــة
الكلامية فى العرض تبدو خالية من المعنى،أوتبدو كأنما هى صورة المعنى الميت
، أوهى لا تحمل ولا تدل سوى على فراغها ..
فطوال العرض وألسنة أفراد العائلة لاتكف عن إكالة المديح والثناء (اللغوى) إلى
(الأم)- فهى(الحقيقة) الوحيدة فى حياتهم(كما يقولون) .. حتى أن كل تلك الكلمات
الرقيقة التى جادوا بها- بينما يقدمونها إلينا (نحن الجالسون فى انتظـارها)- بدت
كأنما هى ورود يعبدون بها الطريق الذى ســـــــــتقطعه (الأم) إلينا ... لكننا- فى
أعقاب موت الأم- نكتشف أنها مجرد كلمات لا تدل على المعنى الذى وضــعت له،
أى أنها(صور زائفة ، مخادعة- أوهام)، شاركوا جميعا فى صنعها ، وحلت لديهم
محل الحقيقة ؛ (فكل منهم كان يقول للآخر بأنه رأى الأم بالأمس ، أومنذ قليـــل ،
وأنه قال لها وقالت له... إلخ، والآخر يصدق ، ويطمئن قلبه من خلال تلك الصور
التى رسمها له أخوه أوأخته أوزوجة أخيه) ، هكذا فالشــــــخصيات تخضع- هى
نفسها- لإغواء الصور اللغوية الزائفة (بماهى دوال منفصــــلة عن مدلولاتها) ،
تماما كالصور المرئية الزائفة- التى تغمرهم بها الميديا الجديدة- المتعلقة بالقتلـى
.. ومن المشـــــاهد الدالة هنا أن (هناء- زوجة سعد ، الإبن الأكبر) ، بعد رؤيتها
لصور القتلى- فى إحدى القنوات التليفزيونية- بدت منزعجة ، فأخذت الريمـــوت
واسـتبدلت القناة بغيرها، بينما تقول :(خلاص، نعيش بقى ..)، هكذا فمن (صور)
الموت إلى (صور) الحياة- ولاشئ غير الصور (!) ..
وفى مشهد آخر أكثر دلالة ، يتم التقاط صورة عائلية لهم جميعــا ، بدون (الأم) ،
وحين تعلق الصورة على الحائط الخلفى ، نرى (الأم) بداخل الصورة ؛ معهم (!)
، ونفس الشئ يقال عن الزج بالجمهور داخل العرض- هكذا ، لقد حلت الصـــور
الوهمية محل الحقائق تماما ..
2 - (الأم- الأصل) :
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
حين يضع العرض (رائحة الموت) أمام (حاسة الشم)- فإنما يضع (الجسد الحى)
فى مواجهة (الموت) نفسه ، هذا وارتباط الموت بالحقيقة (المقدسة) يمتد إلـــى
الموتى عامة ، لاسيما (الأم)- فهى حقيقة مقدسة أيضا ..
وفى هذا يقول (محمد لطفى اليوسفى) : [ فالأم صنو الآلهة من جهة كونها تهب
الحياة ، وهى أشبه بالآلهة من جهة كونها ترعى الحياة وتنميها فى الكــائن ...]
(20) ، أما (المعجم الوجيز) فيقول : [الأم : أصل الشئ (للحيوان والنبـــــات) ،
والوالدة ، والشئ يتبعه فروع له ...] ..
إذن ، الجسد الحى (الأبناء- بما هم فروع) يقف فى مواجهة (الأصـــل المقدس)-
الذى انحدر منه ، لذا فعدم قدرة الأحياء على (الشــــم) ، تحمل دلالة إضافية من
خلال الإستخدام المجازى للكلمة نفسها فى اللغة اليومية المتداولة ، مثل قولنـا :
(انت إيه ، مابتشمش ؟!) ، التى تدل على (عدم الإدراك والوعى) ..
فـ (الحقائق) تتأسس على (الوعى) ؛ حتما- هذا وغياب الوعى إن هو إلا غيـاب
الحقائق نفسها ، وحين يشير العرض إلى أن (الموتى- بما فيهم الشــــهداء) هم
وحدهم الذين يدركون الحقيقة،فإنما يشير(ساخرا)إلى أن الحقائق الآن توجد فى
حوذة(المفارق للحياة ،أوالغائب عن الحياة ، أوأنها فى رفقة الموتى أوالموت)!
، بماهو (رمز متلاشى- متدهور، لم يعد يعنى شيئا)؛ فعلى الرغم من أن الموتى
(الأرواح) يتقاسمون السكنى مع الأحياء فى البيت ، إلا أن أحدا لا يشعر بهم ..
وما يؤكد عليه العرض- بإلحاح- هو تحول (الموتى) إلى (صور- معلقة علــــى
الجدران):صورة العم- الشهيد- عبد المنعم،ثم صورة الأم؛كما أشرت من قبل ..
فالرمز المقدس (المتناهى القداسة) : تحول إلى صور- مجرد صور ذات طبيعة
سحرية؛فالشريط الأسود المعلق على صورة العم الشهيد،يتجدد من تلقاء نفسه
، كما أن (الأم) تظهر فى الصورة العائلية التى التقطت للأبناء بدونها (!) ..
وهكذا ، يتلاشى (الأصل) ، يختفى وراء الصور !..
هذا ويلح العرض أيضا على أن (الأبناء والزوجتين)، إنما يأكلون طوال الوقت-
فطوال العرض يضعون الأطباق ثم يحملونها إلى المطبخ .. فعل(الإكل) هذا، فى
إطاررائحة تعفن جثة الأم- التى لاتفارق سيرتها أفواههم؛إذ يتحدثون عنها بلذة
وشغف ونهم، يوحى بـ (الإلتهام) أوبـ (الإستهلاك)أوربما بالإستهلاك الإلتهامى
، (للمقدس) أو(للأصل) أو(للحقيقة)- لقد تحولوا إلى مقابر للرموز ، كنوع من
الخضوع أوالإمتثال لكل ما هو صـــــــورى وزائف- وهو ما يضعه العرض فى
موضع (المدنس) ..
وهكذا ينتهك (الرمز) مرة أخرى ..
[وإذا كانت تجربة المقدس مرتبطة بالقدرة الرمزية للإنسان ... فإن كل تراجــع
للفكر الرمزى يؤدى بالضرورة إلى تراجع قدرة الإنسان على تجربـة المقدس ،
ذلك أن كل تدنيس يقتل الروحانى فى الإنسان ] (21) ..
فهل نقول بأن تعريف (إريك فروم) للإنسان ، بأنه : (... الحيوان الصانـــــــــع
للرموز)(22) ، صار الآن شيئا من الماضى ؟ ..
3- (التاريخ- الأصل) :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(التاريخ) هو أحد مصادر (المعنى) الذى نحيا به ، غير أن وعينا بالتاريـــخ إن
هو إلا وعينا بالزمن المجرد نفسه وقد اتخذ أشكالا محددة(حركة ، أحداث ...)..
أى أن معنى التاريخ لدينا يتضمن موقفا معرفيا من الزمن ..
وبالإمكان القول أن الشتات والتبعثر والتشظى التاريخى ، يتوحد أويعثر علــــى
وحدته فى الوعى العام بماهية الزمن .. فتصورنا عن(حقيقة)الزمن،هو ماينبنى
عليه تصورنا عن التاريخ- أوهو مايجعل من تحويل التاريخ إلى موضــــــــــوع
للمعرفة أمرا ممكنا ..
عرض (فيفا ماما) فى تناوله للتاريخ يعمد إلى إستخدام (السرد التاريخى
الشارح): أى أنه [يركز على كيفية معرفة الماضى]؛ من خلال تعدد المنظورات
السردية التى تتناوله ..
لا يطابق (العرض)- المتمحور حول(الطبقة الوسطى- بينما تتداعى فى وهمها؛
بعد سقوط مشروعها ورموزها ومن ثم معنى وجودها)- بين وعى تلك الطبقــة
بالتاريخ والتاريخ نفسه ؛ أى أنه لايدعى وجود (حقيقة ما متعلقة بالزمن)- فما
لدينا لا يزيد عن كونه (مجموعة من الأ قوال- وجهات نظر عديـدة متناقضة) ،
حتى (المرشد السياحى أوالراوى) ، لايمتلك سوى إحدى وجهات النظر فقـط -
وهو على إستعداد دائم لإستبدالها بما يرضى الشخصيات الأخرى ! ، (ونلاحظ
بأن هذا التناول للراوى ،يسخر من التناول القديم والمألوف للراوى- الذى دأب
عليه المسرح عامة- فالراوى لم يعد هو ممثل الحقيقة ، لم يعد هو العـــالم بكل
شئ،ومايرويه- كما يقول هو نفسه- مجرد شظايا مقتطعة من سرديات مختلفة
،غير مؤكدة ،قال بها البعض).. لذا، فكثيرا ماكنا نشعر بعدم جدوى وجوده فى
العرض ، لكن عدم استطاعته القيام بدور (الوصى على الحقيقة) ، هو مايفجر
أويطيح بـ (الإستعارة) التى ينطوى عليها العرض- أعنى أن وجوده ، على هذا
النحو، هو مايقوض وحدة الأضداد ويحيلها إلى شظايا غير مأتلفة فى معنى ما
واحد وحيد .. هكذا ، فوجوده ، فى العرض ، إنما يجئ تلبية لضرورة مضــادة
للضرورة القديمة ..
وبالإمكان القول أن مبررات وجود(الراوى)فى المسرح عامة، كانت ترتكز فى
الأساس على قيامه بحراسة ودعم وتكثيف (الترابط الإستعارى)- فالراوى كان
يقوم عادة بدور(الأنا الثانية للمؤلف)،وما المؤلف سوى القائم بعملية (التأليف
- بين الإختلافات) ، فالمســرح القديم كان ينبنى على يقين يقول بحيازة الذات
للمعنى ،وما الرواى سوى (نائب المؤلف) ؛إنه الحامل والراعى (لـ )والمؤتمن
(على) خطابه ..
إلا أننى أضيف بأن هذا الترابط نفسه إنما يتأسس على تصورنا عن (التــاريخ
والزمان عامة)،بماهو مشكلة القول بـ (أصل الأشياء)- كما يقول(فوكو).. ذلك
أن(الأصل- الذى يصدرعنه الشئ)هو الذى يغذيه منذ البداية ويطبعه بطابعه ..
إن،إثبات الأصل التاريخى لشئ ما،إنما هونوع من(الوقوف عند لحظة ممتازة)
، تحددت فيها الخصائص المميزة لذلك الشئ ،(وتعينت ماهيته)،ليكون تاريخه
- فيما بعد- مجرد إنتشار وامتداد لما سبق .. هكذا ، فأصل الأ شــــياء هو علة
وجودها ، لذا فتمجيد الأصول والبدايات- كما يقول (عبد السلام بنعبد العالى) ،
يغرقنا فى الميتافيزيقا[التى يحلو لها أن تعتقد أن الأشياء فى بداياتها كانت كاملة
، وأنها خرجت على يد مبدعها أوفى نورأول صباح مشعة وضاءة . (إن الأصل
يوضع دوما قبل السقطة وقبل الجسد. قبل العالم وقبل الزمن).وتنظر الميتافيزيقا
إلى الأصل كما لو كان موطن حقيقة الأشياء ، فهو النقطة البعيدة التى تسبق كل
معرفة إيجابية والتى تجعل المعارف ممكنة] (23) ..
هذاالموقف الميتافيزيقى من الزمن- فيما أتصور- يمكن الإصطلاح على تسميته
بـ (البعد الزمنى للإستعارة)؛ فهو: التصور الزمنى الذى تنطوى عليه الإستعارة
.. مما يعنى أن للإستعارة (= وحدة الضدين عبر التأليف بينهما) علاقة وطيـدة
بالزمن ..
فالذات المتماهية مع الموضوع (المفترض شـــــــفافيته) ، لابد لها من افتراض
(أصل ما أوبداية ما)لهذا الموضوع- منه يستمد الموضوع مجموعة الخصائص
المميزة له ، لذا فوجود (الأصل) ، هنا ، هو نفسه الضامن لإمكانية معرفــــــــة
الموضوع (كشئ فى ذاته) ، مما يعنى أن المعرفة الميتافيزيقية تتمحور حـــول
الكيفية التى يتمثل(فضلا عن يتذكر)بها الموضوع- عبر تاريخه كله- خصائصه
الأولى (المكتملة) ؛ هكذا- فـ (تاريخ الشجرة كامن فى بذرتها) ..
الزمن- هنا- (زمن خطى) ؛ وهو التصور التقليدى (الأرسطى والهيجلــى أيضا)
، المنقسم إلى (ماضى وحاضر ومستقبل) ، وكما هو واضح ، فالحاضر لايزيــد
عن كونه إعادة تمثل الماضى نفسه (= الخصائص المكتملة الكامنة فى البذرة)
، أما المستقبل ، فهو إعادة التمثل مضافا إليها (الغاية) النهائية ..
إذن تنبنى (الإستعارة) على فكرة (الحضور المطلق للماضى) ، الذى يعنـــى أن
الماضى هو (المطلق) الذى لايكف عن الحضور- مما يعنى أيضا أن الزمـــــــن
بأشكاله العديدة ، ليس سوى تجل(للحقيقة) ذاتها ، وأن تلك الحقيقة- المصاغة
زمنيا- سابقة على الزمن نفسه ، ومتعالية عليه ..
هذا الموقف من الزمن- الذى تنطوى عليه(الإستعارة)- هوماتنبنى عليه الفنون
الأدائية ((performance الحداثية (وما قبل الحداثية أيضا) ؛ تلك المرتكــزة
على فكرة العرض ، ويبدو واضحا أن (المسرح) هو أكثر الفنون إرتكازا علـى
فكرة (الحضور)- فالمسرح هو (فن الزمن المطلق الحضور) : إنه (فن التقــاء
الفنون فى اللحظة الحية- الحاضرة أبدا- التى هى لحظة العرض) .. وربما كان
بالإمكان رد الإهتمام الفائق الذى حظى به طوال تاريخه ، إلى أنه كان أحـد أهم
المؤسسات المركزية ، الراعية للميتافيزيقا- أعنى أنه (فن التجلى المطلـــــــق
للميتافيزيقا)- وليس أدل على ذلك من ميلاد الظاهرة المسرحية برمتها مــــــن
أرحام المعابد الدينية ..
لذا فتفكيك الحضورية التى ينبنى عليها فن المسرح- بماهى تفكيك
للميتافيزيقا- يعد من المهام الثقيلة الملقاة على عاتق المسرحين الجدد(المابعد
حداثيين) ، ذلك لأن تقويض الميتافيزيقا- أى تقويض الزعم بوجود وكمـــــون
الحقيقة فى القلب من (بيضة الماضى)- هوشرط [الخروج من الحداثــة] ؛ كما
يقول (نيتشة) (24) ..
فى عرض (فيفا ماما) ينتهى التاريخ- إذ لم يعد الوعى الفلسفى أووعـى الذات
بالوجود هو الكاشف عن لغة الوجود ، أوهو اللغة الشارحة للغة الوجود ؛ أى
أن قانون الفكر لم يعد هو قانون التاريخ (كما كان هيجل قد قرر) ..
ذلك أن (مبدأ الذات) نفسه قد تحطم ، بفعل اكتشاف (اللاوعى- الفرويــــــدى)
و(بنية اللغة- السوسورية)- ذلك الإكتشاف الذى بلغ ذروته عند(دريدا)، الذى
انتهى إلى أن (الذات) لاتنتج (المعنى) ، وإنما المعنى ينتـجه (الإختلاف) الذى
تنطوى عليه بنية اللغة .. وبتعبير آخر ، لقد انتهى الفكر المعاصر ، كما يقول
(فوكو) ، إلى أننا نفكر داخل أنساق عديدة ، سابقة علينا فى الوجــــود ، وأن
الإنسـان ليس منتِجا بل منتجا .. أما (مبدأ الواقع) فقد تلاشى- كما ألمحت من
قبل- لتحل محله الصور الزائفة المتناسلة من بعضها البعض ..
مما يعنى أن نظريات المعرفة القديمة- برمتها- تلك المتمحورة حول علاقــــة
الوعى بالواقع ، لم يعد لها من معنى ؛(بعد تلاشى الذات والواقع نفسيهما) ..
ويبقى السؤال عن الكيفية التى يتناول بها عرض (فيفا ماما) مشكلة الزمـن ،
بماهى السؤال ذاته عن شروط إمكان المعرفة ؟..
حين يعمد العرض إلى وضع الجمهور فى القلب من الزمن المسـرحى ، فإنما
يضع نفسه- أيضا- فى القلب من زمن الجمهور ؛ ذلك أن ثنائية (التخييلـــــى
والواقعى) تتحطم ، حين يصير كل منهما الآخر ، بما يعنى تحول الزمـــــــــن
المسرحى (الإستعارى) إلى واقع ، وتحول الزمن الواقعى إلى إستعارة ..
ولكن ، ما الذى يعنيه هذه التحول ؟ ..
يقول بودريار :(لم يعدالوهم ممكنا لأن الحقيقة لم تعد ممكنة)- أنفهم من هذا
أن (الوهم)الذى ينبنى عليه المسرح (والفن عامة) لم يعد ممكنا- نظرا لغياب
الواقع الحقيقى (أوالحرفى)الذى يمثل الفن (بماهو إستعارة) إنحرافا عنه ؟..
أنفهم من هذا أن انتفاء الواقع يعنى بالضرورة إنتفاء الإستعارة ، وبالتالـــى
الفن كله ؟..
يتضمن العرض إنفجارا زمنيا عارما- شظايا ونثارات سردية متعلقة
بالماضى العائلى المتداخل مع التاريخ الوطنى،يضمهما معا الإطار المشهدى
الذى يرسمه العرض للحاضر؛الحاضر المتشظى بدوره، والذى نسـتدل عليه
أونستخلصه بالكاد من غبار سردى كثيف يغمره- هذا على الرغم من أننــــا
نشعر طوال الوقت بأن (الحاضر) هو الزمن الوحيد فى العرض (!) ..
يقول (دايفيد هارفى) : [الآفاق الزمنية (فى عصر ما بعد الحداثـــــة) تقصر
(أوتنضغط) إلى درجة أن الحاضر يمسى كل ماهو موجود] (25) ..
إن(لحظة العرض) تكتسب سمة حضورية غامضة- أى حضور من نوع آخر
، غريب ، لاعهد لنا به من قبل- إذ تتحول ، أوتكاد ، من التمحور حــــــــول
الماضى ، إلى التمحور حول (الحاضر- كلحظة مكتملة فى ذاتها) ، مما يعنى
أننا نقف أمام (حاضر مطلق) ؛ حاضر يحضر خارج التاريخ- ليس بالمعنــى
النيتشوى (الخاص بالعود الأبدى)- إنما بالحاضر كشئ فى ذاته ، الحاضــــر
المنبت الصلة بالأزمنة الأخرى، الحاضر الذى لايستند فى وجوده سوى إلى
ذاته ، كأنما يمتلك قوته من داخله ، من امتلائه بنفسه- هكذا ، فى نفــــــــى
للذاكرة والإمتداد والخطية والتتابع ... إنه حاضر بؤرى- يستأثر وحــــــــده
بالإهتمام ، لأنه يحظى وحده بالوجود- كأنما هو الجوهر الخالص أوالمثــــل
الأفلاطونى idea ، إن مانراه على المسرح هو لحظة نادرة ، مغلقــــــــة ،
ينصهر فيها (الدال والمدلول والمرجع) فى وحدة واحدة ، نقية ، بلا شوائب
أوتعالقات ..
ففى العرض تبدو الشخصيات مثقلة بالزمن : (الذكريات عن الأب
والأم والجد والجدة ...)، حتى الأسماء تحمل دلالات تاريخية(جمال ، سعد ،
صفية...)،وتتراوح مواقفهم بين الرافض لإسمه بدلالته التاريخية، والمؤيد
لذلك- لكننا نلاحظ أن المؤيدين يفتخرون بأســــــمائهم صوريا فقط ؛ دونما
تقدير للقيمة التى تنطوى عليها ..
إنهم مطاردون من التاريخ ، مثقلون به .. وعلى الرغم من محاولة بعضهم
- لاسيما الأخ الأكبر (سعد) و(هناء- زوجة جمال)- النأى بأنفســـــــهم عن
التاريخ السياسى عامة، إلا أن التاريخ القديم يطاردهم بعودته من جديد فى
صورة أحداث متكررة (فنفس ما حدث بين الجد والعم عبد المنعم ، يتكـــرر
بين سعد وأخيه الأصغر على- بسبب إنشغاله بالسياسة) ..
ونلاحظ أيضا أن الموتى (الجد والجدة والعم عبد المنعم) لازالوا يقيمــــون
فى البيت، مع الأحياء- فالماضى والحاضر (كما يراهما المتفرج) متداخلان
، ومختلطان- ولا يمكن التمييز بينهما إلا عن طريق اللغة الكلاميـــــة ، أما
الشخصيات فلا ترى الموتى ؛ لاترى التاريخ ، فهو بالنسبة إليهم لا وجـود
له سوى كلغة ، كسرد- كحكايات يتم سردها والسخرية منها ، رغم أنهــــم
منغرسين فيه تماما .
ومع ذلك ، فهذا كله- وغيره كثير- يتخذ مرجعيته من لحظة العرض ذاتهـا
، أعنى أنه لايستند فى وجوده إلى (حقيقة ما) ، أوأنه لا يتأسس على شئ
سوى على لحظة العرض فقط - تلك التى تؤسس وجودها بذاتها ؛ فهــــى
الحقيقة الوحيدة التى لا يتطرق إلينا الشك فى وجودها ..
ومعلوم أن هذا بعينه هو ما يتأسس عليه مفهوم الزمان فى الميتافيزيقــا-
(من أرسطو إلى هيجل)- فوجود الموجود يدرك كحضور ؛ أى أنه يفهــــم
بدلالة نمط معين للزمان هو الحاضرأو(الآن)- كما يقول (هايدجر)،ذلك أن
الزمان فى الميتافيزيقا يتكون من (آنات) ، مثلما يتكون المكان من (نقاط)
، لكن (الحاضر) فى الميتافيزيقا ، لا يُنظر إليه منفصلا عن التصـور العام
الذى تتبناه الميتافيزيقا عن الزمان ، فكل (آن) هى لحظة حضور للأصـــل
(أى للماضى- الذى تكمن فيه الحقيقة المطلقة)،إنها اللحظة التى يتماهى
فيها الموجود بالوجود- أى بالماهية ..
أما هنا- فى (فيفا ماما)- فـ (الحاضر) مجرد لحظة عابرة ، مراوغة ، لا
يتجلى فيها أية أصل ، بل وتبدو منبتة الصلة بما عداها من لحظات ، لذا
فهى تطرح الزمان كإشكلية لا كحل- ولعله يبدو واضحــــا أننى لا أعتقد
بفكرة (العود الأبدى) ، بل وأرى بأنها تنطوى على منظور للزمان ، يعد
أكثر ميتافيزيقية من المنظور التقليدى الذى قالت به الفلسفة من أرسطو
إلى هيجل ..
ومايمكن إضافته هنا ، هو أن (الحاضر) فى (فيفا ماما) ، يبدو كأنما هو
حاضر يسخر من فكرة الحضور الميتافيزيقية ، إذ يعيد تأسيس الحضور
على (الغياب) ؛ (غياب المعنى)، هذا فى الوقت الذى يحضر فيه (صوت
الممثل) كجزء لا يتجزء من الجسد ذاته ؛ إنه صوت لا يقول شــيئا غير
حضوره الجسدانى نفسه ، وهكذا ، فإذا كان الصوت فى (ميتافيزيقــــــا
الحضور) ، يتلاشى ، لتجد الذات نفسها وجها لوجه أمام المعنى الكلـى
، فالصوت فى (فيفا ماما) يحضر بقوة ، حين يتلاشى ذلك المعنى ..
لذا فالوجود الجسدانى للجمهور بداخل(المشهد- العرض)، يحطم الحدود
الفاصلة بين الزمنين (التخييلى والواقعى) ، فى إطار الحاضر (بالمفهوم
التى أشرت إليها توا) ، أى أنه يجعل من الجمهور جزءا لا يتجزء مــــن
العرض ، وبذا يكف عن (الفرجة) من الخارج ، ويتحول إلى (مشــارك)
فى (اللعب) و(التواصل) ..
إن تحول (الممثل) إلى مرجع واحد وحيد للشخصية ، يعنى تجاوز الأداء
التمثيلى الحداثى- الذى ابتدأ بستانسلافسكى (الباحث عن مرجع واقعــى
- يستند إليه الممثل فى أدائه للشــــخصية) ، وكذلك البرختى من بعده ،
إنتهاءا بجروتوفسكى (الباحث عن الشريك المتضامن بين الممثـــــــــل
والشخصية- أى نقطة الإلتقاء بينهما) ..
أما فى المسرح الجديد ، فتلاشى الشخصية والواقع والمعنى ، أنما يعيد
تأسيس اللعبة المسرحية برمتها ،إذ يؤسسها على(الحضور الجسدانى)
للممثل (أولمن كان يطلق عليه إصطلاح الممثل) و(الجمهور) ..
وهكذا ، لقد تحطمت أوتلاشت المرجعيات القديمـة تماما ، أى الحقائق
التى تأسست عليها الحداثـــــــــة ، ولم يعد الوهم ممكنا ، نعم ، لم تعد
الإستعارة ممكنة- بما فى ذلك (فن التمثيل) نفسه ..

الهوامش :
ــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) بيتر بروكر (الحداثة وما بعد الحداثـة) ، ترجمة : د . عبد الوهاب علوب
، منشورات المجمع الثقافى ، أبوظبى ، 1995 ، ط 1 ، ص 246 ..
(2) رينيه ويليك (مفاهيم نقدية) ، ترجمة : د . محمد عصفور ، سلسلة عالم
المعرفة ، الكويت ، العدد (110) ، 1987 ، ص 157 – هذا التعريف يسوقه
ويليك نقلا عن (هنرى جيمس) ..
(3) يستطيع القارئ العودة إلى الدراسات النقدية التى تحتشد بها الحقبــــــة
(الخمسينية والستينية) لدينا ، بدءا من كتاب (فى الثقافة المصرية) لمحمود
أمين العالم وعبد العظيم أنيس، فصاعدا، ليكتشف بنفسه كيف أننا لم نتجاوز
المفاهيم والأطروحات الغربية المتعلقة بالواقعية ..
(4) (مفاهيم نقدية) ، مرجع سابق ، ص 162 ..
(5) لابد من الإشارة هنا إلى أننى(فى بحثى هذا)، لم أستطع مجاوزة الرؤية
الغربية(المابعد حداثية)، نظرا إلى أن السياق التاريخى الذى أنتمى إليه الآن
، يختلف عن السياق (الخمسينى والستينى) ، فى الأثر الكونى المباشر الذى
أحدثته(التقنية) فى الوجود- ولمزيد من إيضاح الأمر، بإمكان القارئ العودة
إلى مقدمة كتاب (أسس الفكر الفلسفى المعاصر ، مجاوزة الميتافيزيقــــا) ،
لعبد السلام بنعبد العالى ؛ دار توبقال ، المغرب ، ط 1 ، 1991 ..
(6) إبراهيم فتحى(معجم المصطلحات الأدبية)، دار شرقيات للنشروالتوزيع
، القاهرة ، ط 1 ، 2000 ، ص 123 ..
(7) روبرت بارت،اليسوعى(الخيال الرمزى،كولريدج والتقليد الرومانسى)
، ترجمة: عيسى على العاكوب ، مركز الإنماء العربى (الدراسات الأدبية)،
بيروت ، 1992 ، ص 18 ..
(8) معجم المصطلحات الأدبية ، مرجع سابق ، ص 124 ..
(9) الخيال الرمزى ، مرجع سابق ، ص 17 ..
(10) معجم المصطلحات الأدبية ، ص 207 ، 208 ..
(11) الخيال الرمزى ، ص 16 ..
(12) معجم المصطلحات الأدبية ، ص 124 ، وص 208 ..
(13) الخيال الرمزى ، ص 16 ..
(14) محاولة توظيف لجانب من فكرة فينومينولوجية قال بها(هوسرل)..
(15) معجم المصطاحات الأدبية ، ص 124 ..
(16) موسوعة لالاند الفلسفية ، ص 1399 ..
(17 ، 18) الحداثة وما بعد الحداثة ، مرجع سابق ، ص 366 ..
(19) جيل دولوز (نيتشـه) ، ترجمة : اسامه الحاج ، المؤسسة الجامعية
للدراسات والنشر والتوزيع ، بيروت ، ط 1 ، 1998 ، ص 23 ..
(20) محمد لطفى اليوســـفى (الأم الأكول ومكائد المتخيل) ، مجلة نزوى
، سلطنة عمان ، العدد (28) ، أكتوبر 2001 ..
(21) موقع مينارفminerve ، على الشبكة الآليكترونيـــــــــة ، مادة
(المقدس) ..
(22) إريك (أوإريش) فروم (الحكايات والأساطير والأحلام) ، ترجمـــة :
صلاح حاتم ، دار الحوار للنشر والتوزيع ، ســــــورية ، ط 1 ، 1990 ،
ص 33 ..
(23) عبد السلام بنعبد العالى (أسس الفكر الفلســـــــــفى المعاصر ...) ،
مرجع سابق ، ص 26 ..
(24) د . عصام عبد الله (نهاية التاريخ عند نيتشه)،الجريدة الأليكترونية
إيلاف ، العدد (2923) ، الثلاثاء / 9 ديسمبر 2008 ..
(25) ستيوارت هول (حول الهوية الثقافية) ، ترجمة : بول طبر ، مجـلة
إضافات (تصدر عن الجمعية العربية لعلم الإجتماع بالتعاون مع مركــــــز
دراسات الوحدة العربية) ، بيروت ، العدد الثانى ، ربيع 2008 ..
ـــــــــــــــــــــــــــ
*



#محمد_حامد_السلامونى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عرض (الخبز اليومى) وإعادة تأسيس الواقعية ..
- المسرح الاستعارى
- (1) التأسيس الميتافيزيقى لفن التمثيل
- التجريب فى المسرح المصرى وتقويض الحداثة
- الثورة المصرية ، تمثيلات (اللغة والواقع والجسد)


المزيد.....




- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد حامد السلامونى - عرض (فيفا ماما) واقعية بلا واقع ..