أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حميد الموسوي - هجرة الخائبين














المزيد.....

هجرة الخائبين


حميد الموسوي

الحوار المتمدن-العدد: 3464 - 2011 / 8 / 22 - 22:12
المحور: الادب والفن
    



احد اصدقاء ابني البكر طلب مقابلتي والتعرف علي، رحبت به كثيرا وجلسنا كثلاثة اصدقاء التقوا بعد فراق طويل، على مائدة الغداء انطلق سامر في حديث شائق عن السفر والطمأنينة والراحة ورغد العيش التي حصل عليها المهاجرون العراقيون الى بلاد اوربا واميركا خاصة، كان يتحدث بحماس وكانه مندوب دعاية واعلانات يشجع ويغري الزبائن ليكسب اكبر عدد منهم في اسلوب ترويجي شفاف، لم اقاطعه وتركته يفرغ كل ما في جعبته حتى انه لم يأكل الاّ القليل بسبب الاسترسال في الحديث الذي حال دون بلع الكثير من الطعام. ولعدم اكتراث ابني او اهتمامه وحتى تعليقه عرفت انه متخوم من هذا الحديث فحوله الى اذني بالحاح من صديقه ليعرف رأيي في هذا الموضوع.
ونحن نشرب الشاي سألت سامر -الشاب العشريني المفتون بالهجرة-:
- هل سبق ان هاجرت؟
* قال: لم اصل الحدود العراقية لكن بعض اصدقائي هاجروا وحدثوني، احدهم يعمل الان في معمل دواجن "يعبئ الدجاج في الاكياس"!.
- اي شهادة دراسية تحمل؟
* معهد.. وبالدفعات!
- اية لغة تجيد؟
* سيد يا لغة هي العربية ونصها غلط!
- هل تجيد مهنة او حرفة زراعية، صناعية، صحية، تجارية..؟
* لاشايل كرك، ولا فاتح برغي، ولا ساحب واير!
- هل لديك رصيد معتبر في مصارف خارجية او مصارفنا؟
* ضحك قائلا لو عندي ارصدة شكو امهاجر خوب اصير تاجر وارتاح!.
بعد تلك الاسئلة التي فطن الى مراميها اطرق هاربا من نظرتي عبر زجاج العوينات فواصلت حديثي معه بنبرة حزينة:
اعرف استاذا موسوعيا في كل الثقافات، ومهندسا ميكانيكيا بارعا، ومحاسبا كفوءاً كان جواب كل واحد منهم حين اسأله لماذا لاتفكر في العمل خارج العراق؟
- سيدنا بالخارج اضيع.. انتهي.. المرحلة التي وصلت اليها اوربا واميركا تجاوزتنا بقرون وهم ينظرون الى معلوماتنا بشفقة، اما العالم العربي ففيه ما يكفيه ناهيك عن الذل والمهانة التي يتعرض لها العراقيون حتى من سائق التكسي هناك. مع ان هؤلاء الاساتذة يحملون شهادة الدكتوراه ويجيدون اللغة الانكليزية وبعضهم الفرنسية!.
واعرف نجارين، وحدادين، وكهربائيين، وخياطين، وميكانيكيين، وغيرهم لم يخطر ببال احدهم مغادرة العراق، والكل منهم يحمد الله على رزقه الحلال الذي يمسي به على عائلته، ويقضي اوقاته بينهم ويشارك اهله وناسه واصدقاءه السراء والضراء، وحين تذكره بالاحداث اليومية وتخوفه بالتفجيرات يقول: "شدة وتزول"، مع ان الملاكات الوسطية العراقية تمثل اجود الاداء في العالم العربي وهي مطلوبة ومرحب بها.
كان سامر وحيدر ينصتان وكأن على رأسيهما طير، وحين توقفت عن الكلام قال سامر: عمو اصدقائي ماعدهم اي مؤهلات وحصلوا شغل بالخارج. فصاحت به الحجية: "خالة فدو لعينك ياشغل اكو غير المسح والكنس والدواجن ام فلاونزا الطيور؟ جوز من سالفت السفر بين ما ربك يفرجها مو حتى اصدقاءك نفرو منك".
وحين هم سامر بالخروج قبلته وقلت له ابني فكر زين ماكو احن عليك من وطنك واهلك وناسك. قال ان شاء الله عمو.
خرج حيدر مع صديقه وحين عاد مساءا سألته: هل بدل سامر رأيه؟
ضحك قائلا "يابه هذا قافل يقول مع احترامي للسيد هاي سوالف وامثلة الصحفيين لا توكل ولا تشرب" وسلم لي على الحجية عودين من يجي الفرج ارجع. وفي اليوم الثاني بعد لقائي بسامر المهاجر ومن غريب الصدف كانت احدى الصحف البغدادية تحمل عنوانا كبيرا على صفحتها الاولى:
المهندسون والاطباء والصيادلة العراقيون يعملون في اميركا بغسل الصحون وتقليب الهامبركر ومهن حقيرة!.



#حميد_الموسوي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المزيد من اللجان
- معضلة السكن
- اشكالية المتخم ..والمحروم
- اين منتوجنا الوطني
- روادك منسيون ياوطني


المزيد.....




- -المدينة ذات الأسوار الغامضة- رحلة موراكامي إلى الحدود الضبا ...
- مسرحية ترامب المذهلة
- مسرحية كوميدية عن العراق تعرض على مسارح شيكاغو
- بغداد تمنح 30 مليون دينار لـ 6 أفلام صنعها الشباب
- كيف عمّق فيلم -الحراس الخالدون 2- أزمة أبطاله بدلا من إنقاذه ...
- فشل محاولة إقصاء أيمن عودة ومخاوف استهداف التمثيل العربي بال ...
- “أخيراً جميع الحلقات” موعد عرض الحلقة 195 من مسلسل المؤسس عث ...
- سرقة موسيقى غير منشورة لبيونسيه من سيارة مستأجرة لمصمم رقصات ...
- إضاءة على أدب -اليوتوبيا-.. مسرحية الإنسان الآلي نموذجا
- كأنها خرجت من فيلم خيالي..مصري يوثق بوابة جليدية قبل زوالها ...


المزيد.....

- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حميد الموسوي - هجرة الخائبين