أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد إبراهيم المصري - معاداة أصحاب المرجعية الإسلامية للثورات العربية لصالح الحكومات الدكتاتورية















المزيد.....

معاداة أصحاب المرجعية الإسلامية للثورات العربية لصالح الحكومات الدكتاتورية


أحمد إبراهيم المصري

الحوار المتمدن-العدد: 3460 - 2011 / 8 / 18 - 13:00
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


إن الناظر لمفهوم الثورة العربية على الظلم والاستبداد الذي دمر مجتمعاتنا الشرقية يجده متناقضًا تمامًا مع ما يعتمده فكر التيار الإسلامي السياسي - في مصر خاصة وفي الوطن العربي عامة - من مرجعيات دينية تشكل رؤاهم السياسية، ويظهر مدى لا مبالاة الفكر الأصولي بالحريات، وأنه لا يعبأ بالديمقراطية ولا يقيم وزنًا لحقوق الإنسان التي قامت لأجلها الثورات في عالمنا، بل يجده حليفًا استراتيجيًا للاستبداد، داعمًا لوجوده؛ ممهدًا الطريق لاستمراره، وهذه النتيجة تظهر من خلال مقارنة واقع هذا التيار في تعامله مع الثورة الناهضة في بلداننا العربية وربط مدى بناء هذا الواقع على المرجعية الدينية التي يتبناها هذا التيار الإسلامي، وأن معاداة الثورة يتناسب طرديًا مع مدى انغلاق التيار على تلك المرجعية الإسلامية دون النظر لغيرها؛ فكلما كانت الجماعة أشد تمسكا بالمرجعية كلما كانت أشد معاداة للثورة، والعكس بالعكس. ولنعرض ذلك باختصار مازجين بين التأصيل والتمثيل:
أولا بالنظر للواقع: نجد أن التعامل ارتبط بمدي تمسك تلك الجماعات بمرجعيتها الأصولية كما قلنا؛ فظهر عن ذلك ضربان من التعامل مع الثورة: الأول وهو أن أكثر تلك الجماعات تمسكًا بمرجعيتها الأصولية – كالسلفية وبعض الجماعات الإسلامية - هو أكثرها محاربة للثورة وأضرها؛ حيث تصدروا معاداتها بالتعاون مع الأنظمة المستبدة – كنظام مبارك – بمقاطعتها أولاً والدعوة لذلك ثانيا، وخرجت الفتاوى في وسائل الإعلام الرسمية وغيرها في كل قطر مصرحة ومشددة على حرمة الخروج على الحاكم المسلم (أمثال مبارك بمصر- عبد الله بالسعودية – صالح باليمن ..)، بل ذهب بعض دعاة السلفية لميادين الثورات ليقنعوا الناس بالرجوع؛ كما صرح محمد حسان – أحد دعاة السلفية في مصر – على أحد القنوات المحسوبة على نظام مبارك والتي كانت تعادي الثورة بأنه ذهب لميدان "التحرير" لهدف واحد وهو: "ألا يذهب أحد من الشباب للتظاهر أمام القصر الجمهوري" ثم ناشد الشباب بالرجوع لدورهم حتى لا تحدث "فتنة"!! وهذه الكلمة الأصولية الأخيرة قد ترجمتها الأنظمة المستبدة بمصطلح "الفوضى" في العصر الحاضر؛ فكلاهما يضع الشعب في معادلة خادعة تتمثل في العيش في ظل نعمتي "الجماعة" بالمصطلح السلفي أو"الاستقرار" بلسان الاستبداد، مقابل الرضا بالظلم وانتهاك حقوقهم وحرياتهم؛ وإلا ستعصف بهم "الفتنة" أو "الفوضى" ، وقد جمع بين المصطلحين ابن عثيمين السلفي- داعيًا لعدم نقد الحكام المستبدين – وكأنه يوجه قوله للناشطين الحقوقين بقوله: "منهج السلف الصالح أن لا يُتخذ من أخطاء السلطان سبيلاً لإِثارة الناس وإلى تنفير القلوب عن ولاة الأمور! وإن ملء القلوب على ولاة الأمر يحدث الشر والفتنة والفوضى"! وهي الفزاعة التي لا تنطلي إلا على أصحاب النفوس المنهزمة التي قتل الظلم فيها أي روح للعطاء أو حتى مجرد التفكير في حياة أفضل؛ فرضوا بواقع مرير لا يزيدهم الرضا به إلا ذلة وصغارا، وقد عاينت وعانيت شخصيًا مع أثر هذا الفكر وتأثيره على أحد السلفية حتى أقنعه بالنزول معي للتحرير وقت الثورة لإسقاط مبارك لكنه رفض بحجة "أن أهل العلم – يعني شيوخه من السلفية – يرفضون ذلك ويعتبرونه معصية لأنه يعد خروجا على الحاكم المسلم"؛ فخرجت بدونه.
الضرب الثاني من تعامل الإسلاميين مع الثورة: هو تعامل بعض أتباع التيار الإسلامي الأقل تمسكا بالمرجعية الأصولية والأكثر انفتاحًا على الثقافات الغربية الليبرالية كـ(الإخوان المسلمين)، وجاء هذا التعامل أكثر إيجابية مع الثورة مقارنة بنظيره – السلفي المنغلق – السابق، وكان هذا التعامل ينحصر بين التردد والخوف، قبل اتخاذ خطوة تأييد الثورة؛ فبعد رفضهم مشاركة شباب الثورة تظاهرهم السابقة (كتظاهر حركة 6 أبريل سنة 2008)، وكذا رفضهم الرسمي النزول يوم "25يناير" أول أيام الثورة ثم ابتدئوا بالمشاركة يوم "جمعة الغضب 28" ثم قاموا بعد ذلك بدور لا ينكر أثره الايجابي في نجاح الثورة، لكن يرد هنا سؤال مضمونه: هل تردد وخوف هؤلاء من الثورة راجع للمرجعية الدينية، أو خوفًا من بطش النظام إذا فشلت الثورة؟ أرى أن التردد نتج عن مزيج من التأثيرين، وإن كنتُ أًغلِّب تأثير الخوف من انتقام النظام على التأثير الفكري للمرجعية، وهذا لما أشرت له سابقًا من أن هذا التيار – الإخوان المسلمون وأمثالهم من الإسلاميين - منفتح على الثقافة العلمانية الغربية، كثير الاحتكاك بها من خلال محاولتهم المشاركة في الحياة السياسية، ودائما ما يحاولون إلباس أكثر المفاهيم الإنسانية للعلمانية ثوب الإسلام.

هذا هو واقع تلك التيارات الأصولية في التعامل مع الثورة، والذي يعد الصورة الواقعية للجانب الفكري لأصحاب المرجعيات الإسلامية، ويتمثل هذا الجانب في وجوب طاعة الحاكم الظالم وحرمة الخروج عليه – بالثورة أو غيرها - لمجرد كونه مسلم!! ويندرج تحت مفهموم "الظلم" كل أنواع انتهاكات حقوق الإنسان بكل صورها، والعمل عندهم في هذا الباب بالقاعدة القائلة: «تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلْأَمِيرِ وَإِنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ وَأُخِذَ مَالُكَ فَاسْمَعْ وَأَطِعْ» (رواه مسلم باب الأمر بلزوم الجماعة عند ظهور الفتن)؛ يعني يطاع الحاكم حتى ولو كان مستبدًا ولصًا، فلو قام الأمير بتعذيب شعبه جسديًا وسرقة أموالهم يجب عليهم طاعته! رغم أن التعذيب الجسدي يعد أصعب انتهاكات حقوق الإنسان لكن لا مجال للكلام عن حقوق الإنسان إذا كانت تتعارض قاعدة شرعية، وقد تجلى فكر هذا التيار في تحذير هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية ببيان أصدرته (بتاريخ 1/4/1432هـ الموافق 6/3/2011) تؤكد فيه حرمة المظاهرات - التي كان من المفترض أن تطالب بإصلاحات على غرار ما حدث في مثيلاتها في الدول العربية - وتضمن البيان رسالة واضحة للشعب السعودي مفادها أنه يجوز قتل المتظاهرين بالسيف لخروجهم عن يد الطاعة للإمام! مؤكدةً "أن الأسلوب الشرعي للإصلاح هو المناصحة لولاة الأمر" أي مجرد استجداء الحقوق من الحاكم حتى يقرر يمن بها على الشعب أم لا، وفي كلا الحالتين يجب على العبيد – عفوًا الشعب – السمع والطاعة.
وهكذا وجد الاستبداد والطغيان غطاءًا رجعيًا جيدًا، وحليفًا استراتيجيًا دينيًا يستطيع من خلاله قمع الوجود الحسي والمعنوي للإنسان وانتهاك حقوقه كما يحلو له، مع ضمان عدم وجود أدني معارض، ولعل هذا أقوى أحد أسباب بقاء وتوارث الدول العربية وشعوبها بين أقزامٍ أتوا للحكم بطريق الصدفة، جعلوها خرابًا بلقعا.
ولكن لما فرض الواقع المتحضر نفسه من خلال الثورات السلمية البيضاء التي كان شعلتها ووقودها الشباب الليبرالي المثقف، ونحجت الثورة في مصر "جزئيا" لم يجدوا بُدًّا من الخروج على هذه القاعدة السابقة على استحياءٍ تماشيًا مع الواقع، ولكن هذا الخروج لم يكن كاملا؛ فلا زالت تلك القاعدة تتجاذبهم ويحنون للعمل بها، وبعضهم متردد في تأييد الثورة خوفًا من الذنب، والبعض الآخر أصر على موقفه بعدم صحتها حتى بعد رؤية بعض ثمارها!
وكون فكرهم أسيرًا لتلك المرجعية – ولو نسبيًا - واضح في موقف التيار الإسلامي في مصر من المجلس العسكري الحاكم (ولي الأمر)؛ فرغم أنه وضح وضوح الشمس أنه يحمى النظام من الانهيار، ويحاول بشتى جهد البقاء على مكتسبات النظام، وأنه متواطأ على دماء الشباب الطاهر فلم يصدر حكم في قضايا الدماء للآن؛ ولا يصدر قرارًا في صالح الثورة إلا بعد ضغط شعبي غالبًا ما يكون مصحوبًا بدماءٍ بريئة من شباب مصري واعٍ وغيور، إلا أن هذا التيار الإسلامي صمم على دعمه ورفض الثورة عليه أو حتى التهديد بها، وأعد مظاهرات لتأييده، وهذا بسبب تلك المرجعية الملخصة في المقولة السابقة أولاً، ولخداع المجلس لهم ثانيًا بفزاعة "المبادئ الفوق دستورية" والمادة الثانية من الدستور والتي تنص على أن "مصر دولة إسلامية" .
بالإضافة أن هذه المرجعية القمعية تجعلهم - في لا شعور - يرضون بأقل هامش من الحرية ويعتبرونه صيدًا ثمينًا لابد من اغتنامه، وبل ويجب في فكرهم عدم السعي وراء حرية كاملة تتفق وحقوق الإنسان؛ لأنها بمثابة خروج على الحاكم التي هي بدورها خروج على تلك المرجعية الإسلامية التي ترفض الثورات، لذلك لم يتحركوا كما يجب أن ينبغي لوقف الأحكام العسكرية التي تصدر بحق مدنيين - وخاصة فيما يتعلق بحرية التعبير ونقد سياسات المجلس العسكري - والتي قدرتها مؤسسة "هيومن رايتس ووتش" بـحوالي 10 الآف حكم، رغم أن التيار الإسلامي في مصر هو أول مَن جني مكاسب الثورة وبنصيب كبير، ويستطيع بقاعدته الشعبية أن ينتزع ما شاء من القرارات من فم المجلس العسكري. ولكن للأسف تقف المرجعية حائلا دون ذلك.



#أحمد_إبراهيم_المصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -عنصرية الدين ومساواة العلمانية- جمعة القرون الوسطى الإسلامي ...
- رجعية ثقافة السلفيين وصعوبة فتح حوار بناء مع النخب الفكرية ا ...


المزيد.....




- يالــــولــو فيه نــونـو.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 ...
- بعد نحو 500 عام.. اكتشاف سر في لوحة مايكل أنجلو في كنيسة بال ...
- استقبلها الآن بأعلى جودة .. تردد قناة طيور الجنة 2025 الجديد ...
- اللواء سلامي: أضطررنا لحشد طاقات العالم الاسلامي لمنع انتشار ...
- سلامي: ايران وبتصديها للتيارات التكفيرية قدمت خدمة عظيمة للإ ...
- اللواء سلامي:التصدي للتيارات التكفيرية خدمة عظيمة قدمتها اير ...
- اللواء سلامي: التكفيريون في الواقع نموذج غربي لردع النفوذ ال ...
- اللواء سلامي: التكفيريون في الواقع نموذج غربي لردع النفوذ ال ...
- لوباريزيان: سجن 3 طلاب أرادوا إنشاء دولة إسلامية بفرنسا
- “هالصيصان شو حلوين”.. اضبط تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد إبراهيم المصري - معاداة أصحاب المرجعية الإسلامية للثورات العربية لصالح الحكومات الدكتاتورية