|
رجعية ثقافة السلفيين وصعوبة فتح حوار بناء مع النخب الفكرية المصرية
أحمد إبراهيم المصري
الحوار المتمدن-العدد: 3454 - 2011 / 8 / 12 - 17:20
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
الفارق الثقافي بين السلفيين (وأتباع التيار الأصولي عموما) وبين ثقافة النخبة المصرية - الممثلة للثقافة العالمية الليبرالية - كبير جدا وشاسع، هؤلاء المتشددين ينظرون للعلمانيين ومن على شاكلتهم ممن ينادون بمساواة البشر وحفظ حقوقهم بغض النظر عن الدين أو العرق أو الجنس ... على أنهم كفار أعداء لله ورسوله، وانظر كيف يعامل الكافر في ثقافة هؤلاء فمن المستحيل أن يفتح له العقل السلفي طريقا للحوار معه. وينظرون للقيم والمفاهيم التي هي دعامة الفكر المتحضر في البلاد المتقدمة كـ (الحرية، العدالة، المساواة، حقوق الإنسان، الديمقراطية) (العلمانية) على أنها فلسفة واردة من بلاد الكفار لمحاربة المسلمين !!! للأسف ستجد نفسك حائرًا في محاولتك لإيجاد أرضية مشتركة للحوار، فكيف تبدأ معه وهو ينظر لك تلك النظرة المستهجنة؟ والتي تنم عن مرض نفسي لدى هؤلاء يشعرهم بأن العالم كله ضدهم ويريد حربهم وأنهم ضحية تآمرات غيرهم - مع تبرئة ساحة ثقافتهم من أن تكون سببا في تراكم مشاكلهم – ويبنوا تصرفاتهم تجاه الآخرين بناء على هذا الأساس، فكيف تنتظر منهم حوارًا بناءًا طالما لا زالوا يتمسكوا بتلك الثقافة العنصرية القبيحة، وكأنك تعامل مريض بـ(البارانويا) . كيف سأطالبه بمساواة المرأة للرجل في المعاملة واعتبارها إنسان كامل الإنسانية لها إدراكها ووجدانها الخاص الذي يجب مراعاته وهو ينظر لها على أنها عورة ! ناقصة عقل ودين !! بل إنه يسوي بينها وبين الكلب الأسود والحمار في قطع صلاته!! كل هذا يعتقده رغم إثبات المرأة جدارتها وقدرتها العقلية التي سبقت بها الرجل في كثير من المجالات. كيف أطالبه بحرية التعبير وهو يعتبر أن كل ما يخالف ثقافته كفر وإلحاد لا يجوز نشره في المجتمع لأنه سيفسد عقول الناس ولابد من الوصاية عليهم من قبل فكره هو فقط؛ باعتباره يخالف الحقيقة المطلقة التي يمتلكها هو وحده؛ لأنه وحده يمثل الناطق الرسمي للألوهية وأحكامها. كيف أطالبه بالسلم مع الأخر وبنشر ثقافة السلام وهو يعتقد بفرضية (جهاد الطلب) أحد نوعي الجهاد في الإسلام ولا يتوقف على موقف الآخر عدواني أم لا بل لمجرد كونه مخالف في الفكر يجوز محاربته، والحويني شيخ السلفية الأكبر في مصر يراه حل اقتصادي لمشاكلنا معللا ذلك بأنه يمكنك أن تبيع العبيد - الذين ستجلبهم من بلاد العدو - عند تعرضك لأي أزمة مالية، مع زيادة التمتع بخدمة الجواري لك!! كيف سأطالبه بالمساواة التامة والعادلة في معاملة المواطنين المصريين المخالفين له في العقيدة وهو يعتقد أن إذلالهم مندوحة شريعة هذا إذا أُعفوا من الجزية فلا يعفوا من الذلة!! بل يصل الأمر بهؤلاء الأصوليين - كِبرًا وتعصبًا - أن يقولوا للناس لا تبدؤوا اليهود والنصارى بالسلام وإذا لقيتم أحدهم في طريق فاضطروهم إلى أضيقه!! أليس هذا القول ينضح بالعنصرية والتكبر الفج؟! يعني تضيق عليه حتى في مجرد سيره في الطريق إذا كان مصريا مسيحيا أو نصرانيا، أم إذا كان غير ذلك فحدث ولا حرج، وقد قتل فرج فوده المصري بسبب كتاباته النقدية لثقافتهم المتشددة. كيف سأطالبه باحترام القانون الناتج عن ديمقراطية حقيقة، وهو يعتبر أنه ليس من حق الشعب أن يسن قانونا يسير نظام حياتهم للأفضل، بل يجب عليهم أن يخضعوا لحكم الإله، والذي هو في الحقيقة صورة فهم هذا التيار للنصوص الدينية، وهو الذي ينسبه للسماء باعتباره المتحدث الرسمي باسمها، وأن أي قانون وضعي يخالف رؤيته يعتبر قانون بشري باطل لا يجوز تنفيذه!! وقس على هذا الكثير من قضايا الواقع التي من الصعب إيجاد أرضية مشتركة لفتح حوار بناء لإقناعه بتخليه عن تلك الثقافة الضارة وإحلالها بالمفاهيم الإنسانية الراقية والتي حققت رقي المجتمعات الأخر وأرست فيها للعدالة الحقيقة في كل المجالات. لكن ربما وجد قدر من الأمل في الحوار مع من اختلط وشارك النخب العمانية في مصر ثقافتها العالمية ففهموا بعض معاني حقوق الإنسان والحرية و.. وكم هي لازمة لتحقيق واقع أفضل للجميع، كبعض الإخوان المسلمين (كأبي الفتوح والعوا مثلا)، لكن للأسف نجد جاذب من التيار المتشدد لا يزال يحاول جذبهم ليزكي فيهم روح العنصرية والعنف ورفض الحوار مرة أخرى؛ إما عن تريق الإغراء بالدعم المادي أو السياسي، أو بتكفيرهم وتنفير العامة من الناس من أمثال هؤلاء، (كما فعل وجدي غنيم مع أبو الفتوح مؤخرًا بقوله "اذهب دق صليب" وغيرها من مواقفهم السلبية)، ونتمنى ألا تتنزل تلك الفئة القلية من التيار الإسلامي لمستنقع الأصولية السلفية. لكن على النخب الفكرية في مصر ألا تيأس من الوصول لإنقاذ أتباع السلفية والتيار الأصولي عموما من هذه الثقافة الرجعية العنصرية، ولتتخذ ممن أدرك شيئا من مفاهيم العلمانية طريقا للتواصل وبناء الحوار. كما أن عليها أن تتنزل في خطابها للناس بعيدا عن المصطلحات العلمية والشرح الأكاديمي ليراعوا للغة الشارع المصري مما يتيح توصيل وترسيخ القيم العلمانية في وجدان الشخصية المصرية لنحقق حياة واقعية أفضل للجميع.
#أحمد_إبراهيم_المصري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
يالــــولــو فيه نــونـو.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025
...
-
بعد نحو 500 عام.. اكتشاف سر في لوحة مايكل أنجلو في كنيسة بال
...
-
استقبلها الآن بأعلى جودة .. تردد قناة طيور الجنة 2025 الجديد
...
-
اللواء سلامي: أضطررنا لحشد طاقات العالم الاسلامي لمنع انتشار
...
-
سلامي: ايران وبتصديها للتيارات التكفيرية قدمت خدمة عظيمة للإ
...
-
اللواء سلامي:التصدي للتيارات التكفيرية خدمة عظيمة قدمتها اير
...
-
اللواء سلامي: التكفيريون في الواقع نموذج غربي لردع النفوذ ال
...
-
اللواء سلامي: التكفيريون في الواقع نموذج غربي لردع النفوذ ال
...
-
لوباريزيان: سجن 3 طلاب أرادوا إنشاء دولة إسلامية بفرنسا
-
“هالصيصان شو حلوين”.. اضبط تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|