أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مينا منير - هل هناك ارادة حقيقية لتأسيس دولة مدنية في مصر؟














المزيد.....

هل هناك ارادة حقيقية لتأسيس دولة مدنية في مصر؟


مينا منير

الحوار المتمدن-العدد: 3455 - 2011 / 8 / 13 - 03:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أجد صعوبة شديدة في فهم ذلك الإصطلاح الشائع هذه الأيام "دولة مدنية ذات مرجعية دينية". فبين ليلة وضحاها نجد السلفيين، الأقباط، دعاة الدولة المدنية والإخوان المسلمين يجمعون على ما يسمى بالدولة المدنية ذات المرجعية الدينية. مالفارق بين الدولة الدينية والمدنية ذات المرجعية الدينية؟ يرى السلفيون في الأمر أنه لا فرق طالما الحَكم في النهاية هو الدين، ويقبل المسألة بدهاء سياسي كل من الأخوان والأحزاب الدينية المستجدة مثل الوسط وغيرها. فواجهة "المدنية" تتسم بالحضارة والتقدمية، لكنها ليست أكثر من واجهة زجاجية والمرجعية في النهاية للدين.
معنى ذلك أن أي نزاع قضائي سينتهي به إلى الإحتكام لرأي الشرع. ألم يكن ذلك هو الحال أيام مبارك في ظل المادة الثانية من الدستور؟ طبعاً، والدليل على ذلك أن الإخوان والسلفيين هم الذين قاتلوا وسخروا كل جهودهم لإنقاذ دستور 1971.
ومع العودة لطرح سؤال ماهية مدنية الدولة في ظل الوثيقة الحاكمة للدستور، انتفضت القوى السياسية الدينية وزمجرت بمليونيات رُفعت فيها علم تنظيم القاعدة الأسود إلى جانب علم السعودية، الراعي الرسمي للمناسبة، صارت المسألة دفاعاً عن دور الشريعة في مصر. والأعجب هو انتفاضة الكنيسة نفسها وشجب البابا شنودة الواضح لأي مساس بالمادة الثانية مع اضافة ما يخص المسيحيين " وان يترك أهل الكتاب يحتكموا الي شريعاتهم "، وهي اضافة لا تعني أي شيء لأن احتكام الملل المسيحية في الشريعة الإسلامية وقوانين الملل في الدولة العثمانية والمعمول به في مصر يقبل ذلك. تلك الإضافة تلقفتها القوى السياسية التي تتباحث في صياغة الوثيقة الفوق دستورية، مما يعني أن مقاربتهم هي نفس مقاربة التيارات السابق ذكرها.
اذاً نحن أمام مشكلة، ليست في تعريف الدولة المدنية، فكل تلك التيارات تزخر بالفقهاء والقانونيين الذين يعرفون ماذا يقولون، وإنما الإشكالية هي في رأيي الغياب الكامل للإرادة السياسية التي تسعى لتحقيق دولة لا يعود فيها المصريون في قوانينهم إلى الشيوخ ورجال الدين.
مدنية مصر على المحك، فهي في مواجهة ما يقرب نصف قرن من التخلف في التعليم والقهر الإجتماعي والمساومة مع التيارات الدينية المختلفة. هذا يعني بطبيعة الحال أن الزخم الطويل للقناعات الدينية سيكون على سطح الحياة السياسية لفترة طويلة. فالعقلية المصرية التي لم تجد غير شيخ الجامع أو كاهن الكنيسة أن يعطيهم مفاتيح الحياة الأخرى، التي هي على رجاء الحياة الأفضل، يصعب عليها اليوم أن تعود إلى أرض الواقع بعد أن خسرت إيمانها في قدرة الإنسان على التعاطي مع متطلبات حياته بقوانين يسنها هو بحسب ظروفه الحضارية. الكفر بالإنسان صار في المعتقد الديني المصري النابع من القهر الإجتماعي مرادفاً ومتوازياً مع الإيمان بالآخرة. هنا نجد أنه يستحيل بين يوم وليلة أن يفتكّ الإنسان المصري من قيود سيطرة رجال الدين، لكن تلك السيطرة لن تستمر إذا ما نجحت مصر في مرحلتها الإنتقالية على تطوير اداء مؤسسات الدولة من أجل المساعدة على تحسين ظروف المعيشة، العدو الأول للإنغماس الديني المتطرف.
رجال الدين يعلمون ذلك تماماً، ولذلك يحاربون المسألة بشتى الطرق. نرى كل يوم هجوماً واضحاً من مشايخ السلفية على بديهيات الحياة السليمة كالديمقراطية. وهذا ليس حال المشايخ السلفية فقط، وإنما يشمل أيضاً الكنيسة القبطية التي لطالما حازت على قوة تسلطية مطلقة، بحجم قوة السماء في المذهبين الأرثوذكسي والكاثوليكي، يمكن بها حل وربط أي شيء بما فيه الحياة الأخرى، المطمح الوحيد لفاقدي الحاضر. لقد رأينا دفعة الحرية التي أُعطيت للذين ذهبوا ليتظاهروا أمام الكنيسة فأُطلقت الكلاب عليهم بلا رحمة. ما كان لهذا أن يحدث إن كانت الدولة بمؤسساتها يمكنها أن توفر ملاذاً قانونياً لاحتياجات المسيحيين بدلاً من تركهم فريسةً للسلطة الكهنوتية. من الجدير بالذكر أن أدولف فون هارناك، اللاهوتي الألماني الكبير، قد أشار إلى أن ثقافة السلطة الكهنوتية في الإسكندرية، والتي كانت وراء مقتل هيباثيا وكثيرين، ما كان إلا امتداداً للسلطة الكهنوتية الوثنية الشديدة قبل انتشار المسيحية في شمال افريقيا.
في ظل الواقع الديني المصري تكاد فكرة العلمانية مستحيلة التطبيق في تلك المرحلة، ولكن مدنية الدولة يمكن أن تتقبل مرجعية قانونية تتخذ من الفلسفات والثقافة الدينية، التي هي مكون أساسي من ثقافة المجتمع المصري، أحد المصادر التي يمكن قراءتها وطلب مشورتها. وهنا شتان فيما أقوله بين المرجعية والمشورة، كذلك هناك فارق بين الشريعة والثقافة الدينية. فالثقافة الدينية مثلاً تقدّس قيمة الإنسان ولكن الأحكام الدينية الخاصة بحياة الإنسان شيء آخر.

على أية حال، إن الواقع المصري يتطلب شجاعة لإسقاط الأقنعة المدنية وإظهار المطالب على طبيعتها، وعلينا أن نعرف جيداً أن مصر لم تدفع كل فاتورة عهد مبارك بعد، فمازالت التيارات التي نمت وتشعبت وتسلطت في عصره، والتي وظفها مبارك بحسب احتياجاته مثل الكنيسة والجماعات السلفية والإخوان، هي التي ستدفع مصر في ظل نشاطها ما بقي من فاتورة حكم مبارك. في نفس الوقت تلك الجماعات والقوى السياسية التي تدفع مصر نحو الدولة الدينية لن تستمر إلى الأبد لأن تفكك نظام مبارك نتج عنه أيضاً استعادة الإرادة في إيجاد حياة أفضل على الأرض قبل السماء، ولو بشكل جزئي، مما يعني تراجع دور الجامع والكنيسة ولو بعد حين.



#مينا_منير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسائل من داخل القفص
- رسوخ الوحدة الوطنية في المجتمع المصري
- ثلاثة أسئلة حاسمة للبرادعي


المزيد.....




- Xiaomi تروّج لساعتها الجديدة
- خبير مصري يفجر مفاجأة عن حصة مصر المحجوزة في سد النهضة بعد ت ...
- رئيس مجلس النواب الليبي يرحب بتجديد مهمة البعثة الأممية ويشد ...
- مصر.. حقيقة إلغاء شرط الحج لمن سبق له أداء الفريضة
- عبد الملك الحوثي يعلق على -خطة الجنرالات- الإسرائيلية في غزة ...
- وزير الخارجية الأوكراني يكشف ما طلبه الغرب من زيلينسكي قبل ب ...
- مخاطر تقلبات الضغط الجوي
- -حزب الله- اللبناني ينشر ملخصا ميدانيا وتفصيلا دقيقا للوضع ف ...
- محكمة تونسية تقضي بالسجن أربع سنوات ونصف على صانعة محتوى بته ...
- -شبهات فساد وتهرب ضريبي وعسكرة-.. النفط العراقي تحت هيمنة ا ...


المزيد.....

- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .
- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مينا منير - هل هناك ارادة حقيقية لتأسيس دولة مدنية في مصر؟