أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - لطفي حاتم - الوحدة الفكرية بين النظرية وفعالية الممارسة السياسية















المزيد.....


الوحدة الفكرية بين النظرية وفعالية الممارسة السياسية


لطفي حاتم

الحوار المتمدن-العدد: 1029 - 2004 / 11 / 26 - 09:30
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


لازال انهيار المنظومة الاشتراكية يثير الكثير من البحوث والدراسات في العديد من المؤسسات الفكرية والتجمعات السياسية وقد شملت تلك التحليلات جل الركائز الفكرية / السياسية للبناء الاشتراكي منها نموذج الدولة الاشتراكية وآليات حركتها الداخلية، موقع الحزب فيها, تداخل بنيته التنظيمية مع أجهزة الدولة البيروقراطية, الاقتصاد المركزي وهيمنة الدولة على الحياة الاجتماعية, غياب الديمقراطية السياسية ــــــــ الخ من الموضوعات المثيرة للجدل السياسي / الفكري في أوساط الحركة الاشتراكية والليبرالية على حد سواء. وبغض النظر عن حق الجميع ــ تيارات سياسية ومؤسسات بحثيه ــ في تحديد رؤيته للتجربة الاشتراكية والأسباب الحقيقية الكامنة وراء انهيارها باعتبارها تجربة أصبحت ملكا" لجميع القوى اليسارية والديمقراطية إلا أن حق النقد وبهدف أن يكون فاعلا" لابد أن يرتكز على عجلتين احدهما إجراء تقييم جماعي تعمل على إنجازه القوى الفكرية الناشطه في أوساط الحركة الاشتراكية العالمية لتكون إطارا" ساندا"لمواصلة وتطوير النضال الفكري المناهض لإيديولوجية الرأسمال المعولم. وثانيتهما مراجعة نقدية تقوم بها تلك الأحزاب والمؤسسات البحثية لمسيرتها الفكرية انطلاقا" من التأثيرات الفكرية / السياسية التي أفرزتها تلك التجربة على كفاحها الوطني وصولا" الى تحليل إخفاقات السياسة الوطنية للأحزاب الشيوعية .
تأسيسا" على تلك الملاحظات أحاول صياغة رؤيتي بإطار عام يهدف الى متابعة المراحل التاريخية لنمو وتطور مفهوم ( الوحدة الفكرية) وأثره على تطور بناء الحركة الاشتراكية العمالية, وإطار ملموس يؤشر الى تأثيرات تلك الوحدة على نهوج أحزابنا السياسية مستندا" الى موضوعات عامه أهمها:
أولا" ــ الترابط الجدلي بين الفكر والسياسة حيث يشكل الوضوح الفكري الأساس الفعلي لتحديد الإطار العام للخط السياسي المعتمد في اللحظة التاريخية الملموسة. وبعكسه حينما تفتقر لعمقها الفكري تتحول السياسة الى شعارات ارادويه ومشاعر ثورويه. وبهذا المعنى فان جميع النجاحات الهزائم ترتبط بالبنية الفكرية للحزب الثوري ومدى استجابتها لتشخيص السمات الواقعية للوضع التاريخي الملموس في إطاراته الوطنية وامتداداته الدولية.
ثانيا": ــ باتت المراجعة التاريخية ـ النقدية الجريئة المرتكزة على المنهج الماركسي لفعالية الأحزاب اليسارية ضرورة تشترطها اعادة بناء منظومتها الفكرية / السياسية على أسس واقعية معلله تاريخيا.
ثالثا": ـ إن الأفكار والآراء الواردة في هذه المداخلة ربما تفتح الطريق أمام حوار ات مثمرة نأمل أن تتحول الى منعطف حقيقي للتجديد الفكري / السياسي في أحزابنا اليسارية .

تطور مفهوم الوحدة الفكرية

أثار انهيار التجربة الاشتراكية في الاتحاد السوفيتي ودول أوربا الشرقية العديد من التساؤلات المتعلقة بالجوانب الفكرية / السياسية للماركسية / اللينينية. ويحتل التساؤل حول موقع الحزب الثوري ودوره في المرحلة الجديدة من الامبرياليه المعولمة حيزاً كبيراً في الجدل الدائر في الأوساط الفكرية / للحركة الاشتراكية واليسارية..
وتتصدرالسجالات الدائرة أسئلة من قبيل: هل مازالت البنية التنظيمية للأحزاب الماركسية ملائمة لمواكبة التغيرات الدولية الجديدة ؟ وأخرى هل مازال التمثيل الطبقي للأحزاب الماركسية قادرا على إعطاء تلك الأحزاب ديناميكية سياسية مؤثرة في مسار الأحداث ؟ وثالثه هل مازالت الوحدة الفكرية تشكل السمة الجوهرية في بناء الأحزاب الماركسية ؟ .
أسئلة كثيرة تتطلب البحث والاجتهاد والتطوير وصولا الى اعادة بناء الحزب الاشتراكي وتحصين مواقعه وتطويرا دواته السياسية / الفكرية ليكون نشطا في الدفاع عن القوى الاجتماعية الوطنية المتضررة من النهج المتوحش للإمبريالية المعولمة .
لكثرة التساؤلات المثارة أتوقف عند موضوعتين أساسيتين واعني يهما: الوحدة الفكرية للحزب الماركسي وخطه السياسي والعلاقة الجدلية بين الموضوعتين.
الاحاطة بهاتين الإشكاليتين تبدأ بتساؤلات عامه أهمها: هل مازالت الوحدة الفكرية تشكل أداة ضرورية لوحدة الحزب الماركسي ؟ وهل تستجيب تلك الوحدة لنبض الحياة وثراءها ؟ أم أن الوحدة الفكرية تشكل كابحا" لنمو وتطور الإبداع الفكري, وعاملا" من عوامل الركود السياسي ؟ .
.محاولة الإجابة على تلك التساؤلات تشترط التوقف أمام متابعة التطور التاريخي لمفهوم الوحدة الفكرية أولا" وعلاقته بتطور النهج السياسي للحزب الماركسي ثانيا"
يعتبر مفهوم الوحدة الفكرية مفهوما" تاريخيا" ارتبط بنمو وتطور الفكر الاشتراكي وحوامله الاجتماعية من الطبقات الوسطي والعاملة. وقد تبلور هذا المفهوم واتخذ مضامين جديدة عند ظهور الفكر الماركسي كتيار في الحركة الاشتراكية العمالية. ولم يتبوأ هذا التيار المركز السيادي في الحركة الاشتراكية العمالية إلا عندما خاض جدالات فكرية / سياسية ساخنة ضد خصومه الفكريين. وهكذا شهدت الأممية الأولى سجالات فكرية حادة تمحورت حول موقف الحركة الاشتراكية العمالية من الدولة وموقعها في الكفاح الطبقي, انتهت بهزيمة تاريخية للتيار الباكونيني المتسم بالفوضوية والعدمية من الدولة كأداة سياسية / اقتصادية في التحولات الاجتماعية . وبذات الوقت جرى تحديد الرسالة التاريخية للطبقة العاملة ودورها في التحولات الاجتماعية بالضد من الأفكار والآراء التي أرادت حصر كفاحها الطبقي بالنضالات المطليية / الاقتصادية وهنا تجدر الإشارة الى أن الصياغات الأولية للمنظومة الفكرية ـ السياسية للتيار الماركسي وسيادته لاحقا" في الحركة الاشتراكية اغتنت في مجرى الصراعات والمعارك الطبقية ونتائج الثورات البرجوازية في أوربا التي وفرت بدورها المادة الاجتماعية / السياسية لتبلور الإطار السياسي لتنظيم الطبقة العاملة التي عمل التيار الماركسي على تعجيل نمو وعيها وتحويلها الى ( طبقة لذاتها ).ورغم اكتمال بناء الأطر السياسية لتلك التنظيمات السياسية إلا أن الحركة
الاشتراكية خطت خطوات جادة نحو تحديد وحدتها السياسية حينما عمدت الى بناء وترابط حلقات منظومتها الفكرية والمرتكزة على ثلاثة أعمدة متماسكة: وحدة الهدف السياسي, وحدة التنظيم الطبقي, ووحدة الحامل الاجتماعي .
إن تحديد الإطارات الفكرية / الطبقية / السياسية التي جهدت الماركسية على تثبيتها كركائز في بناء الحركة الاشتراكية العمالية اغتنت بمضامين جديدة في الأممية الثانية حيث دخلت الرأسمالية طورها الاحتكاري والذي حمل معه إشكالات فكرية/ سياسية جديدة دفعت الحركة الاشتراكية العمالية الى طرح رؤيتها حول طبيعة الطور الجديد من التوسع الرأسمالي منها: أساليب الكفاح الطبقية, الحزب ودوره في الصراعات الاجتماعية, استثمار الشرعية البرجوازية بهدف الوصول الى السلطة السياسية... الخ من الموضوعات والإشكالات الفكرية / السياسية التي أفرزتها المرحلة الإمبريالية..
لقد أسفرت تلك السجالات عن انشطا ر الحركة الاشتراكية العمالية الأوربية الى تيار يين فكريين سياسيين احدهما تيار الاشتراكية الديمقراطية التي اعتمد الطريق السلمي للتحولات الاشتراكية استنادا" الى الشرعية البرجوازية. وثانيهما التيار اللينيني الذي سعى الى حصر المهمة التاريخية للطبقة العاملة في الإعداد للانقلاب الثوري الهادف الى استلام السلطة السياسية واستخدامها في بناء التشكيلة الاشتراكية .
إن انشطا ر الحركة الاشتراكية العمالية في تلك الظروف التاريخية اشر الى التعثر التاريخي الأول لمفهوم الوحدة الفكرية وذلك عندما ساد منهجين سياسيين الأول منهما: ينطلق من المنجزات التاريخية التي حققتها الرأسمالية كتشكيلة اقتصادية / اجتماعية ملموسة وأخر ينطلق من بناء الاشتراكية اعتمادا" على سلطة الدولة
واستخدامها كرافعة سياسية للتحولات الاقتصادية ـالاجتماعية .
أفضى انتصار ثورة أكتوبر الاشتراكية العظمى الى سيادة التيار اللينيني في الحركة الاشتراكية العمالية حيث أغنت الممارسة السياسية التي تلازمت وبناء الدولة الاشتراكية المنظومة الفكرية لحزب البلاشفة الأمر الذي أدى الى تسليح الأحزاب الثورية بثلاث حلقات مترابطة تؤشر الى وحدة النظرية والممارسة السياسية
تجسدت بــ:
1: ــ الإطار النظري للتجربة الاشتراكية المتمثل في القوانين العامة لبناء الدولة الاشتراكية, المرحلة الانتقالية والدور الحاسم لسلطة الطبقة العاملة فيها, قيادة الحزب للدولة والمجتمع.
2: ــ البرنامج السياسي ذي المستويين الأدنى والأعلى كوثيقة برنامجية / سياسية لاغني عنها في نضال الأحزاب الماركسية.
3 : ــ الإطار الكفاحي الملائم لانتصار الثورة الاشتراكية المرتكز على الانتفاضة المسلحة المسندة من قبل القوات المسلحة .
إن انتصارالافكار اللينينية وسيادتها في الحركة الاشتراكية العمالية تزامن مع انتشار الكثير من الموضوعات التي أبدعها العقل اللينيني بعد دراسته للطور الاحتكاري من التشكيلة الرأسمالية حيث سيطرت كثرة من المفاهيم اللينينية على الحركة الشيوعية منها: إمكانية انتصار الثورة الاشتراكية في الحلقة الأضعف من التشكيلة الرأسمالية, الإمبريالية أعلى مراحل الرأسمالية, الإمبريالية عشية الثورة الاشتراكية الحزب من طراز جديد... الخ من الموضوعات الفكرية والآراء السياسية الهامة. وهنا تجدر الإشارة الى أن تأسيس الأممية الثالثة
دفع بالحركة الثورية العالمية خاصة التحررية منها في البلدان المستعمرة الى مستويات جديدة من التنظيم والفعالية السياسية وأعاد تسليح قواها الطبقية ببرنامج الثورة الوطنية / الديمقراطية الذي اعتبر سلاحا" فكريا" جديدا" قادرا" على تجميع القوى المناهضة للسيطرة الكولنيالية في إطار تحالفات وطنية شعبية .
إن التطورات الفكرية ـ السياسية المشار إليها والتي كرستها الأممية الثالثة ورغم فعاليتها في المراحل الأولى في ترسيخ الوحدة الفكرية بين فصائل الحركة الاشتراكية العمالية إلا أنها وفي مجرى التطور أصبحت واحدة من العوامل الأساسية لانقسام الحركة الثورية العالمية.

الوحدة الفكرية بين التنوع والركود

شهدت العلاقات الدولية بعد انقسام العالم الى تشكيلتين اجتماعيتين متعارضتين الكثير من التطورات السياسية أبرزها تنامي التناقضات بين الدول الإمبريالية حيث اتخذت تلك التناقضات أشكالا" عدائية اثر اشتداد النزعات العسكرية للرأسمال الألماني المحاط بأيديولوجية عنصرية توسعية. وإزاء مخاطر تعرض الدولة الاشتراكية الى غزوات خارجية استبدلت الركائز الاساسيه لنهج الأممية الثالثة المتمثل بشعارات ــ طبقة ضد طبقة, استعار التناقضات الطبقية في المرحلة الانتقالية, تطهير الحزب من حملة الأفكار البرجوازية - بسياسية جديدة يتلخص مضمونها في استبدال الصراعات السياسية بين فصائل الحركة الاشتراكية العالمية الى سياسة تعاون وتحالف وبهذه الانعطافة التاريخية تفتحت أفاق رحبة أمام تطور الحركة الثورية على أساس التنوع الذي وضع حدا" للوحدة القسرية ولكن. وبدلا" من تعميق الوحدة الفكرية على أساس المنهج الماركسي جرى تحويل ذلك التنوع الى صراعات فكرية مهدت للانقسامات الكبرى التي عملت القيادة الستالينية على تغذيتها بعد حولت نصوص ومفاهيم الماركسية ـ اللنينيه الى أيقونات مقدسة.
لقد خاضت الحركة الشيوعية سجالات حادة أساسيه شملت جل الركائز الأساسية للفكر الماركسي اللينيني أهمها: ــ
أولا": ــ المحور الفكري

دارت جدالات فكرية ثرية ومتنوعة حول طبيعة المرحلة الانتقالية وموقع السلطة الثورية فيها, طبيعة القوى الاجتماعية المشاركة في إسنادها, الدور السياسي لحزب الطبقة العاملة وموقعه في الثورة الاشتراكية, الاشتراكية وطرق بناءها وهنا لابد من التذكير الى أن تلك الموضوعات والجدل المثار حولها انطلقت من
وقائع الحياة المادية التي أفرزت بدورها العديد من التجارب المتمايزة عن التجربة السوفيتية ومنها تجربة الثورة الصينية ومسيرتها الكبرى التي دفعت الفلاحين الى تصدر قيادة النضال الوطني / الطبقي بالتحالف مع الطبقة العاملة الصينية وبهذا أضافت التجربة الصينية بعدا"نظريا" غير مألوفا" لدور الفلاحين في المعارك الطبقية.وإذا كانت قيادة الفلاحين للثورات الشعبية في جنوب شرق أسيا احد المعالم البارزة في الممارسة السياسية للكفاح الطبقي فان نجاح تلك الثورات ارتبط بتزاوج الخصائص الوطنية.مع الماركسية / اللينينية الذي أنتج شكلا" جديدا" لطابع المرحلة الانتقالية متمثلا" بالدولة الديمقراطية الشعبية.
إن الإضافة المشار إليها أغنتها التجربة اليوغسلافية التي تشابكت فيها عوامل وطنية وأخرى روسية ابتداء" من قيادة الحزب الماركسي / اللينيني للدولة الاشتراكية الى تعميم الملكية العامة لوسائل الإنتاج المرتبطة بإدارة الشغيلة والمنتجين للوحدات الانتاجيه الأمر الذي عني تزاوج مبادئ الاقتصاد الاشتراكي المخطط مع اقتصاد السوق المستند الى الحوافز المادية..وإذا كانت هذه الاختلافات قد تبلورت في مجرى الصراعات الطبقية والوطنية التي أنتجت بدورها السمات الخاصة لهذه التجربة الوطنية أو تلك فان الأحزاب الشيوعية في أوربا الغربية أنتجت تيارا" فكريا" جديدا" انطلق من صياغة ملموسة لتطور الحركة الاشتراكية / الديمقراطية وكيفية استثمارها للشرعية البرجوازية في كفاحها للوصول الى السلطة السياسية وبناءها لشكل الدولة الاشتراكية.
لقد أنتجت تلك العوامل المشار إليها صياغة ما سمي بالأرو شيوعية الرافضة للمرحلة الانتقالية بسمتها السياسية المتمثلة بديكتاتورية البرولتاريا.

ثانيا": ــ أساليب الكفاح الثورية: ـ

إن التعرض لهذا المحور الإشكالي تقودنا الى التجربة الكفاحية لحزب البلاشفة الذي تخلى عن الإضراب السياسي العام الذي حددته الحركة الاشتراكية باعتباره الأسلوب الكفاحي الأساسي واعتماده خيار الانتفاضة المسلحة تمشيا" مع التجربة التاريخية لكومونة باريس الثورية وهنا يتحتم القول أن البلشفية وبعد انتصارها في أكتوبر العظيم حاولت تعميم الانتفاضة المسلحة كخيار كفاحي فعال على الحركة الشيوعية العالمية, وبهذا الاتجاه جهدت الأممية الثالثة في السعي على تثبيت مبدأ عمل الشيوعيين في القوات المسلحة كشرط أساسي من شروط نجاح الانتفاضة الشعبية..
ورغم هذا التعميم فقد أفرزت الحركة الثورية العالمية العديد من الأشكال الكفاحية, وإذا تجاوزنا حروب
الأنصار في العديد من بلدان أوربا الشرقية والمسندة من قبل الجيوش السوفيتية في الحرب العالمية الثانية, فان التجربة التاريخية قدمت نماذج أخرى منها المسيرة الصينية الكبرى وحرب الغوار في أمريكا اللاتينية والتي ناوأتها الحركة الشيوعية باعتبارها نموذجا" يعتمد البؤرة الثورية وما يعنيه ذلك من تخطى الجماهير الشعبية ودورها في العملية الثورية .
إن تنوع أشكال الأساليب الكفاحية لم يفض الى اغناء الممارسة الثورية للأحزاب الماركسية اللينينية بل أدى الى إضعاف الكثير منها نظرا" لتمسك العديد من قياداتها بأسلوب الكفاح الذي أفرزته التجربة البلشفية هذا فضلا" عن اعتماد غالبيتها على الجيوش الوطنية استنادا" الى مواقع تلك الجيوش في التشكيلات الوطنية باعتبارها الفصيل المنظم والمسلح القادر على حسم الصراعات الطبقية لصالح القوى الشعبية. . .
تكثيفا" لما جرى استعراضه يمكن صياغة بعض الموضوعات الموجزة التي تحدد الرؤية المشار إليها: ـ
1:ــ شكل المنهج الماركسي الأساس النظري للوحدة الفكرية بين فصائل الحركة العمالية الاشتراكية ولازالت مقولات ومفاهيم ذلك المنهج أدوات ضرورية لقياس علمية التحليل في الظروف التاريخية الملموسة.
.2: ــ لقد جرى تحديد مفهوم الوحدة الفكرية في الحزب الثوري انطلاقا من ترابط منظومته الفكرية / السياسية التي تمثلت بثلاث حلقات رئيسيه:أولاهما وحدة الهدف السياسي الذي استند الى بناء الاشتراكية عبر الاستيلاء الثوري على سلطة الدولة والاحتفاظ بها. وثانيهما وحدة القوى الاجتماعية الحاملة لذلك التغيير بمعنى وحدة الطبقة العاملة المتحالفة مع الفلاحين. وثالثهم الحزب الثوري ووحدته باعتباره ( هيئة أركان ) الطبقة الثورية وقائدها العسكري في الصراعات الاجتماعية.
3: ــ أدى انتصار ثورة أكتوبر الاشتراكية وظهور الأممية الشيوعية الى تنامي وتطور الوحدة الفكرية / السياسية بين الكثير من الأحزاب الثورية وقد اتسمت المرحلة الأولى من حياة تلك الأممية بالإبداع المستند الى الحوار الثري الهادف الى اغناء الفكر الاشتراكي والتجربة الوليدة إلا أن التطورات السياسية اللاحقة وسيادة الروح الستالينية في الحزب الشيوعي السوفيتي والحركة الشيوعية أدت الى اختزال الوحدة الفكرية الى وحدة شكلية وبذلك جرى توجيه ضربة قوية الى المنهج الماركسي كونه أداة ثورية لتحليل العلاقات والترابطات الاجتماعية / السياسية .
3: ــ اتسمت الوحدة الفكرية في الحقب اللاحقة من تطور الفكر الاشتراكي بسمات جديدة بتقدمها: ـ
أولا: ـ تحولها الى وحدة افتراضيه بسبب اعتمادها على مقولات نظريه ثابتة في بناء الاشتراكية وطرق الوصول إليها.حيث تحولت المقولات والمفاهيم النظرية الى قوانين مقدسه الأمر الذي أدى الى احتكار تفسيرها من قبل القلة البيروقراطية المهيمنة. .
ثانيا": ـ أنتجت تلك الوحدة الافتراضية مفاهيمها الخاصة ـ الانتهازية اليسارية, واليمينية, التحريفيه, التصفويه, الماويه ـ التي تعززت في مجرى الصراعات الدولية والوطنية وتحولت الى أدوات فكريه / سياسية لتقسيم الحركة الاشتراكية العالمية وتصفية المثقفين والمفكرين المبدعين ذوي الاجتهاد المناهض للعقلية الاصوليه.
ثالثا" : ـ إن السمات المشار إليها أنتجت تعارضا حادا بين روحية المنهج الماركسي المتسم بالثورية والمنظومة السياسية المحافظة بعد تحولها الى قوانين مدرسيه غير قابله للاغناء والتطوير , الأمر الذي أدى الى ركود الممارسة الثورية وتكبيل العقلية الجدلية...
. بعد هذا العرض المكثف حول سمات الوحدة الفكرية وتطورها التاريخي تواجهنا كثرة من الأسئلة منها : هل أن الانقسامات داخل الحركة ألاشتراكية العالمية ظاهرة عرضيه أم أنها نتيجة حتمية لمفهوم الوحدة الفكرية ؟ وهل تعتبر الإدانة التاريخية لهذا التيار الماركسي أو تلك التجربة الاشتراكية تعبيرا" عن اللون الواحد ؟ وإذا كانت الإجابة بنعم ألم يحن الوقت لإعادة الاعتبار لضحايا سدنة الوحدة الفكرية؟

الخط السياسي وركائزه الفكرية

اثارانهيار المنظومة الفكرية / السياسية التي أنتجتها الأممية الثالثة الأبواب مجددا أمام انطلاق الروح الثورية للمنهج الماركسي, وما افرزه ذلك من تساؤلات عديدة منها : علام ترتكز الوحدة الفكرية بين فصائل الحركة الاشتراكية العالمية في الظروف التاريخية الملموسة ؟ هل ترتكز على وحدة المنهج الماركسي ؟ أم أنها ترتكز على وحدة المنظومة الفكرية / السياسية للماركسية / اللينينية ؟. ومنها : علام تعتمد الوحدة الفكرية / السياسية في الحزب الماركسي ؟ هل تستند الى وحدة البرنامج المؤطر بتعدد المراحل النظرية للثورات الاجتماعية؟ أم على وحدة الخط السياسي المنبثق السياسية الفعلية للصراعات الاجتماعية ؟ ومنها: هل تشترط الوحدة الفكرية / السياسية في الحزب الماركسي تعليلا"فكريا" لخطه السياسي ؟ .
إن أهمية التساؤلات المثارة تستمد شرعيتها في ظروفنا التاريخية من رافعتين:الأولى منهما: الرافعة الفكرية والتي تجد تعبيرها في أن المنهج الماركسي يشترط تعدد الرؤى الفكرية للأحزاب الماركسية الناشطة في التصدي لتأثيرات المرحلة الجديدة من الإمبريالية المعولمة. الثانية منهما: الرافعة السياسية التي تشترطها طبيعة المهام التي ينهض بها الحزب الماركسي انطلاقا" من التناقضات الداخلية التي تفرزها الصراعات الاجتماعية في التشكيلة الوطنية المتشابكة مع امتداداتها الدولية
انطلاقا" من الرؤية المشار إليها دعونا نتوقف قليلا" عند الركائز الاجتماعية / السياسية التي تحدد حركة وفعالية الخط السياسي والتي تشترطها المعطيات التالية: ـ
أولاً : ــ مضمون العلاقات الاجتماعية/ السياسية وأشكال تجلياتها في اللحظة التاريخية الملموسة.
ثانياً: ــ طبيعة الأهداف السياسية/ الاقتصادية المزمع تحقيقها والتي تتجلى في شعارات الحزب الماركسي وآليات تحقيقها.
ثالثاً : ــ القوى االطبقيه الحاملة لتلك الأهداف وقدراتها السياسية / الاجتماعية الفعلية.
استنادا الى تلك المحددات فان السياسة الواقعية هي انعكاس حقيقي لطبيعة ومكانة القوى الاجتماعية في التشكيلة الوطنية وصراع مصالحها, ولهذا يتعين خوض الصراعات الاجتماعية بأدوات و شعارات فاعله ترمي الى تحقيق خطوات ملموسة لصالح تراكم التطور الديمقراطي وتوطيد المنجزات الاجتماعية.
إن التكثيف المشار إليه يرفض المنطق الشمولي ـ المتسم بصيغة كل شنئ أو لاشئ ـ ويركز بواقعية عقلانية على مقولة ( إن السياسية فن الممكنات ) .
ارتكازا على التفسير المشار إليه يعترضنا السؤال التالي: هل سادت في أحزابنا الماركسية نهوج سياسية معلله فكريا ؟ وهل كانت هناك وحدة فكرية مرتكزة على إطار نظري يستمد فعاليته من التشكيلة الوطنية وتطور سماتها الداخلية؟ .
إن الخوض في تفاصيل التجربة التاريخية للنشاط الفكري ـ السياسي للأحزاب الماركسية ـ اللينينية في بلادنا العربية تحدد الإجابة على التساؤل المذكور.





#لطفي_حاتم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التداخلات الدولية وتشكيلة العراق السياسية
- *الروح العسكرية والجذور الفكرية للمحافظين الجدد
- ـ التحالف الكبيرـ بديلاً عن الهيمنة والتفرد
- الليبرالية الجديدة ( شعارات إنسانية ) وسياسة بربرية
- النهضة الصينية وأثرها على تطور السياسة الدولية
- تدويل الوظائف الهجومية لجيوش المراكز الرأسمالية
- الرأسمالية وفعالية اليسار العربي
- الاصلاحات العربية وحرب الافكار
- اليسار الديمقراطي ومهام المرحلة الانتقالية
- العولمة الرأسمالية وتدويل الوظيفة الأمنيه
- إنحسار الفكر الاشتراكي والمنظومة السياسية لليسار الديمقراطي
- النزعة الإرهابية وسماتها التاريخية
- الإرهاب وتغيرات السياسة الأمريكية
- انتقال السلطة وازدواجية الهيمنة في العراق
- أفكار حول انتقال السطة ومهام اليسار الديمقراطي
- الليبرالية وتجلياتها في لغة اليسار السياسية
- المرحلة الانتقالية وبناء شكل الدولة العراقية
- رؤية مكثفة لقضايا شائكة
- موضوعات عامه حول الاسلام السياسي في العراق
- مكافحة الارهاب واصلاح السلطة الفلسطينية


المزيد.....




- انتشار التعبئة الطلابية ضد الإبادة الجماعية الإسرائيلية
- بيلوسي للطلبة المتظاهرين: انتقدوا إسرائيل كما شئتم لكن لا تن ...
- فرنسا: القضاء يوجه اتهامات لسبعة أكراد للاشتباه بتمويلهم حزب ...
- ضغوط أميركية لتغيير نظام جنوب أفريقيا… فما مصير الدعوى في ال ...
- الشرطة الإسرائيلية تفرق متظاهرين عند معبر -إيرز- شمال غزة يط ...
- وزير الخارجية البولندي: كالينينغراد هي -طراد صواريخ روسي غير ...
- “الفراخ والبيض بكام النهاردة؟” .. أسعار بورصة الدواجن اليوم ...
- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- م.م.ن.ص// تصريح بنشوة الفرح
- م.م.ن.ص// طبول الحرب العالمية تتصاعد، امريكا تزيد الزيت في ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - لطفي حاتم - الوحدة الفكرية بين النظرية وفعالية الممارسة السياسية