من سيربح المليون؟

زهرة الشمس محمد

الحوار المتمدن-العدد: 3453 - 2011 / 8 / 11 - 08:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

كنت من أحد مشاهدى برنامج من سيربح المليون، وكنت أرى فيه حقيقة المواطن العربى كيف يفكر وكيف كان يستعين بصديق من أول سؤال، وكيف أنه يحذف كل الإجابات لأنه لم ولن يرى الإجابة الصحيحة حتى لو كانت بالخط العريض، وذلك لأننا شعوب نعشق أن نصل إلى الحقيقة بطرق ملتوية، ونعشق اللف والدوران حتى نصل إلى أغراضنا.

لم أكتب مقالى اليوم لنتحدث عن برنامج من سيربح المليون! ولكن أكتب بعد أن مللت أن يكون برنامح من سيربح المليون برنامجا أسبوعيا فى ميدان التحرير! وإلى الأن لا أعرف من سيربح المليون؟ ولقد استعنت شخصيا بمليون صديق من الميدان ولا يعرف أحد أيضا من سيربح المليون فى مصر! هل الإخوان؟ هل السلفيين؟ هل الليبراليين والعلمانيين؟ هل الإخوة الأقباط؟ لا أخفى عليكم لقد أصبت بإحباط شديد من بعض جمعة المليونية التى زادت عن الحد المسموح به.

لا أنكر أن بعض من جمعة المليونية قد آتت ببعض ثمارها وإن كانت بعض الثمار! فلا بئس بها، وكل شئ يأتى مع الوقت، ولكن المسألة دخلت فى سباق آخر لم نعهده أيام الثورة!
دخل الجميع فى تنافس على من سيبادر بمليونية الجمعة، تارة للائتلاف، وتارة آخرى للسلفيين، وتارة للإخوان، والأن المطالبة بمليونية فى حب مصر! وكأن جُمع المليونيات السابقة كانت فى كره مصر!
أشياء عديدة تحدث داخل مصر ولا أفهم آى معنى أو سبب مقنع لها، نعم رد السلفيين بملونية ليعبروا عن رأيهم، والكل حر فى تعبير عن رأيه، نعم حدث تجاوز من البعض فى رفع أعلام لا تعلن عن هويتنا أو وطنيتنا المصرية، ولكن لكل ذى مقام مقال، فهم قلة قليلة، ولا أفهم لما كل هذا الفزع والهلع من هذه الجمعة! وليس مبررا أن يردوا العلمانيين والليبراليين والأحزاب الآخرى بمليونية آخرى بحجة أن نمحى مليونية السلفيين! وربما يبادر الأخوة الأقباط بمليونية آخرى للرد على السلفيين ويرددون أرفع رأسك أنت قبطى، ويرد السلفيين أرفع رأسك أنت سلفى، أنت علمانى! وأنت وأنت.............

يا ترى على من من الدور فى المليونية القادمة؟ وياترى إلى متى سيظل الميدان محجوزا بإسم الثورة؟ وبالله عليكم متى سنفرج عن ساحة الميدان، متى سننتبه إلى من يتضررون جوعا؟ متى سننتبه إلى الآرامل والثكالى من النساء الآتى تضررن من الثورة بفقد كل عزيز عليهم، لقد مات شهيد العباسية رحمة الله عليه منذ أيام قليلة، ألا يكفى عدد الشهداء؟ أم أنه مطلوبا منا رقما معين فى عدد الشهداء لتقام دعائم الديمقراطية؟

هكذا تدار الثوارت؟ هكذا تحولت الثورة التى ستدرس فى كتب التاريخ وكانت منارة للعالم أجمع إلى كابوس الصراعات والتنافس على من سيربح المليون! كنت أخشى أن أستيقظ يوما على كابوس المليونية الذى ممكن أن يصل بنا حتى بإعتراض المرضى فى المستشفيات على العلاج الردئ والإهمال، وقد تفتح لهم الأبواب على مصراعيها لنرى مليونية المرضى فى ميدان التحرير! ولما لا وقد تتوالى جمعة آخرى بمليونية محدودى الدخل، أم هؤلاء ليس لهم حظا من التغبير؟ ومليونية آخرى للنهوض بمستوى المرآة!، نعم مازال الفساد والضباب يخيم على مناطق عديدة فى مصر، ولكن كل ما نريد فقط وقفة صغيرة لتقرير المصير، ولكن إذا بقى الميدان كما هو عليه فى صراع المليونيات، عندها سوف لا نعرف من نحن وماذا نريد وقد نفقد عنوان الثورة والثوار.

إنتبهوا يا سادة، قد أتممنا الستة أشهر بالفعل ولم نتقدم سوى ببعض محاكمة رؤوس الفساد، وتغيير المحافظين، وماننتظر تحقيقة من أهداف الثورة لم يتحقق إلى الآن!، وقد صارت مصر كسفينة فى عرض البحر، تحمل على ظهرها جنين الديمقراطية، ولكن مازالت أيضا تحمل على ظهرها القراصنة بكل حيلهم، بالإضافة إلى القراصنة الذين ينتظرون فى عرض البحر للنَيل من السفينة ومن ثورتها سواء بالإنقضاض عليها من تخوين الشرفاء، أو بالفكر الإرهابى الذى لا يعلم عقباه إلا الله، لذلك أرجوا من الجميع ضبط النفس! ودعونا نتفس قليلا بلا مليونية حتى نفكر فى الغد دون تأثير من أى حزب أو طائفة بعينها، ودعونا نرى ماذا سيقدم لنا المرشحين من برامج حتى تصل السفينة إلى الشط، نحن فى منعطف خطير فأرحمونا، ودعوا جنين الديمقراطية ينمو دون ضغوط، وأعتقد أن الشعب المصرى شعبا واعيا، أليس من يقوم بثورة لخلع فرعون مستبد ثلاثين عام، لا يدل إلا على شعب طيب الأعراق، ولن يتأثر الشعب بحزب بعينه ولن يتقبل الشعب أى رشوة فى نخب ضياع الوطن.

وأخيرا لم أكن ضد تظاهركم، وأنا معكم فى التظاهرعندما يكون بسبب مقنع لا مجرد من سيربح المليون، نعم المليونية هى من حررتنا، وأيضا المليونية سوف تكون أول من يفرقنا إذا زادت عن الحد.

فعفوا أصحاب مليونية حب مصر، وعفوا عزيزى القارئ أن كنت تجاوزت.

#زهرة_الشمس_محمد (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل