أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فاضل الحليبي - مثقفوا البلاط















المزيد.....

مثقفوا البلاط


فاضل الحليبي

الحوار المتمدن-العدد: 3448 - 2011 / 8 / 5 - 18:56
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


- عضو المكتب السياسي ورئيس تحرير نشرة التقدمي
المثقف الذي لا يتحسس الآم شعبه لا يستحق لقب المثقف، على حد تعبير غرامشي "المفكر الايطالي المعروف"، غرامشي فرق ما بين المثقف العادي والمثقف العضوي، المثقف العضوي الملتزم بقضايا شعبه وبالدفاع عن الفقراء والكادحين.

فالثقافة هي التعبير الحقيقي عن واقع الانسان سواء في بلداننا العربية اوفي العالم، فالثقافة تؤسس لوعي متطور في المجتمع، وبالأخص عندما تكون ثقافة تقدمية، تدافع عن حق الإنسان في الحياة.

يقول الباحث السوري د.محمد قاسم عبدالله إن عمل المثقفين والمفكرين مشروط بعدد من الشروط بعضها موضوعي "بنية المجتمع، طبيعة المرحلة، موقعهم وأوضاعهم المعيشية" وبعضها ذاتي "تحصيلهم العلمي، وعيهم لطبيعة دورهم، حالتهم السيكولوجية وسمات شخصيتهم".

ويواصل حديثه بالقول، إلا ان هناك عدداً من العقبات تحول بين المثقف وأداء دوره يبرز في مقدمتها نخبوية الثقافة والمثقفين وتتمثل في الانفصال عن الجماهير، والانفصال بين الانتاج الثقافي، وجماهيره، حدث ولا زال يحدث في بلداننا العربية، بما فيهم بلدي البحرين.

هذا الوصف هو تعبير صادق عن أزمة المثقف وانفصاله عن واقعه المجتمعي، الذي يجسده نوع من المثقفين يعيشون حالة نرجسية لا يستطيعون الخروج منها، لأنهم قابعون في أبراجهم العالية، يصرون على البقاء فيها، ومن بعيد يكتبون وينظرون تجاه قضايا شعوبهم وما يحدث في بلدانهم، من ثورات وانتفاضات واحتجاجات، وكأنها لا تعني لهم شيئاً، وبعضهم يحاول ان يساير الوضع الناشىء أو الجديد في بلده ويركب الموجة، لكي لا يفوته القطار القادم بسرعة، والبعض الآخر، قبل ساعات من سقوط النظامين في تونس ومصر، كانوا يطبلون لهما، ويبرروا الممارسات الخاطئة لتلك السياسات، من فساد وسرقات وقمع وتعذيب وقتل للناس في بلدانهم، ولا زالت الانتفاضات والاحتجاجات مستمرة في بعض البلدان العربية، فالعديد من المثقفين في تلك البلدان لهم ارتباطات وثيقة بالانظمة السياسية الحاكمة في تلك البلدان وهم الآن قلقون على مصيرهم ومصالحم الشخصية أكثر من قلقهم على بلدانهم وشعوبهم وما يحدث لها من تنكيل وقتل واعتقال ومطاردة وتهجير وفصل من الوظائف والاعمال.

ويتجلى بؤس بعض المثقفين من كتاب وإعلاميين في الدفاع عن سياسة القمع والتعذيب الجسدي والنفسي الذي يمارس ضد المتظاهرين والمعتقلين في الساحات والشوارع وفي المعتقلات والسجون في العديد من المدن العربية، لا يحرك ساكناً، ضمير المثقفين المرتبطين بالأنظمة السياسية في تلك البلدان على ما يحدث فيها من فضائع ومآسي.

كما برزت التناقضات عند البعض من المثقفين عندما كتبوا عن الذي يحدث في بلدانهم، بأنه من فعل التيارات الإسلامية أو الجماعات المتطرفة، وهي تستغل الدين والناس لأهدافها وأجندتها، بالرغم من مشاركة القوى القومية واليسارية في البلدان العربية في الثورات والانتفاضات والاحتجاجات العربية، وهي التي دفعت ثمناً باهظاً في الماضي ولا زالت تدفع الثمن غالياً، من أجل الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية والتقدم لشعوبنا وبلداننا وهي ماضية في طريقها الصعب، وأن تعثرت هنا وهناك، عليها اليوم مهام كبيرة يجب الاطلاع بها، وهي قادرة على ذلك، ان وحدت جهودها وصفوفها، لتعيد ذلك الزخم التي حظيت به في الماضي، بالرغم من التغيرات والاحداث الكبيرة في الوطن العربي والعالم، تبقى هي بارقة الامل والحلم للعديد من التواقين لاحداث التغيير والاصلاح الحقيقي والديمقراطية وتطبيق مفهوم المواطنة الحقة في بلداننا، والمشاركة في صنع القرار السياسي، من خلال تداول السلطة في البلدان التي انتصرت فيها الثورات، والتي يجب ان تكرس فيها حقوق المواطنين، متساويين في الحقوق، الثروة والعدل والقانون، لا ينتهك القانون من أجل ارضاء فئة تريد الاستحواذ على الثروة والسلطة وتصادر حقوق الانسان في الحرية والديمقراطية والمساواة والعدالة الاجتماعية، على المثقفين العرب المناضلين الحقيقيين، ان يناضلوا من أجل ذلك في أوطانهم ويساهموا في تعزيز تلك الحقوق وفي بناء الدولة المدنية الحديثة القائمة على الحرية والعدل والمساواة والتعددية السياسية والفكرية، الضمانة لحق الانسان بأن يعيش حراً في وطنه، مكرماً ومعززاً لا يمارس عليه سوط الجلاد، اذا أبدى برأيه اتجاه الممارسات الخاطئة للنظام السياسي في بلده، كحق من حقوق ابداء الرأي والتعبير والتنظيم، من الحقوق المكفولة في التشريعات والقوانين والمواثيق والمعاهدات الدولية، التي يجب عدم تجاوزها في هذا العالم المتداخل والمترابط، لم تعد الجفرافيا مسافات بعيدة فاصلة بين الشعوب والدول، ثورة المعلومات المتطورة للغاية، قربت تلك المسافات.

ماذا نقول ونكتب: مثقفون يبررون سياسية قتل الناس في الشوارع والساحات وفي اقبية السجون والزنازن يصمتون على تلك الحوادث المأساوية في بلدانهم، وبعضهم تحولوا الى ابواق اعلامية مدافعة عن تلك الانظمة السياسية التي مارست القتل والتنكيل ضد شعوبهم، والاكثر من هذا، يطالب البعض منهم بتقديم قادة المعارضة، للمحاكم، بالنسبة للذين لم يعتقلون في بعض البلدان العربية التي جرت فيها الاحتجاجات، البحرين واليمن، أمثلة على ذلك، أخطر شيء في المثقف عندما يتحول إلى بوق سياسي وإعلامي يدافع عن سياسة البطش والتنكيل بالمعارضين ويبرر ذلك تحت حجج عديدة، ويسوق الامثلة والاقاويل عن هذا الحزب أو ذاك المعارض، ويحاول أن يتصيد له، إذا وجدت اخطاء أو غيرها، تحت ذريعة التحليل والتشخيص والتوثيق، أو القول بأنه مراقب سياسي، أو مراقب محايد، وبالأخص ذلك المثقف السياسي الذي كان في يوم من الأيام منتمياً إلى حزب سياسي، يكون أكثر قساوة وشدة في كتاباته على حزبه القديم وعلى رفاقه السابقين.

وفي كلمات أخرى يكون ملكياً أكثر من الملك في التعاطي مع الشأن السياسي، وتراه يتنقل يميناً وشمالاً، وكأننا به يقول، أقرءوا كتاباتي وتحليلاتي السياسية والنقدية، فأنه الكاتب المخضرم والقادر على رسم الخارطة السياسية في بلده، ويستطيع تفسير وتفكيك كل مفردة في بياناتكم وخطاباتكم يا معارضة، فبدل بأن توضع مسافات بين المثقف والسلطة، وأن لا يساهم في تمزيق وتفتيت وحدة الشعب الوطنية، وأن يكون صاحب رأي آخر، وهذا حق له، ولكن أن يدافع عن سياسة الاستبداد والظلم، هذا شيء آخر يعني بأن هناك تحول في وعيه وثقافته، و بدل أن تكون علاقة مختلفة ما بين المثقف والسلطة.

الكاتب التقدمي من المغرب العربي، جميل حمداوي، كتب في موضوعة "جدلية المثقف والسلطة"، قائلاً " ان العلاقة بين المثقف والسلطة قد تكون علاقة جدلية مبينة على التحدي والنقد والنضال المستميت والصمود والصراع من أجل تحقيق الحرية واحقاق حقوق الإنسان وإبطال الباطل وتقويض دعائم الفساد السياسي، وغالباً ما يكون رد فعل أصحاب السلطة تجاه هذا المثقف العضوي هو استعمال الضغوطات المعنوية والمادية من نفي واعتقال تعذيب أو استعمال خطاب اللامبالاة والاقصاء والتهميش وطرده من وظيفته أو اللجوء إلى تسييجه بالاقامة الجبرية، ويصبح المثقف هنا بمثابة فاعل ملتزم بالمبادىء التي يؤمن بها.

صحيح وظيفة المثقف أو المفكر في المجتمع لا يقوم بها كل الناس حسب قول غرامشي، ولكن ليست وظيفته الدفاع عن الظلم والاستبداد والفساد وتبرير سياسة القتل أو الفصل من العمل على الهوية مثلما جرى في البحرين، اي نوع من أنواع المثقفين، يصنف هذا المثقف الذي يقف ضد حقوق ومطالب شعبه في التغيير والاصلاح السياسي، والنضال من أجل نيل مطالبه المشروعة في الحرية والعدالة الاجتماعية والديمقراطية الحقة، بدلا من انتقاد النظام السياسي الذي ينتهك حقوق الأنسان ويمارس سياسة تكميم الافواه للمعارضين، ويتراجع عن الحريات العامة وتتوقف عجلة الاصلاح من السير إلى الأمام.

المثقف، انسان مثل ذلك الطبيب أو الممرض الذي يضع برهماً أي "بلسماً" على الجرح ليشفي من المرض، ليدخل البسمة والفرح في قلب ذلك المريض، فالمثقف، عندما يبدع في كتابة قصيدة أو قصة أو رواية أو كتب سياسية وفكرية، يقدم اضافة معرفية في الحياة، من أجل الأنسان والوطن، هذا المثقف العضوي سوف تذكره الاجيال القادمة عندما تقرأ ابداعاته الرائعة في الفكر الانساني وستبقى خالدة، أما المثقف الذي يحمل المعول ليهدم البيت وكل ما هو جميل فيه أي "المجتمع"، ويزرع الاحقاد والبغضاء والكراهية، ويساهم في تفتيت وشق وحدة الوطن، أو يتحول إلى محلل أمني وشرطياً على أبناء "جلدته" أبناء شعبه، لأنهم اختلفوا معه في الرأي ومارسوا حقهم في التظاهر والتعبير الذي يكفله لهم دستور بلادهم وكل القوانين والتشريعات الدولية، فيمارس العسف والترهيب الأمني عليهم ويسوق الأوصاف والنعوت والشتائم وكل المفردات السيئة، لأنهم إختلفوا معه، وقالوا شيئاً لا يتفق مع ارائه وتوجهاته الجديدة.

نتفهم جيداً بأن ممارسة النقد البناء في المجتمع والكشف عن الظواهر والتعثرات والمعوقات وتصويب الاخطاء والأشياء نحو الافضل، للارتقاء بالمجتمع وافراده وجماعاته وغيرهم، وأن يكون الموقف واضحاً ومسئولاً وشجاعاً اتجاه سلبيات وأخطاء "المعارضة والسلطة"، وليس كيل الإتهامات والأباطيل والإفتراءات اتجاه المعارضة، ولا ينطق أو يكتب ذلك المثقف، كلمة واحدة اتجاه حماقة السلطة، وما تقوم به من فضائع ومآسٍ بحق شعبها في العديد من البلدان العربية، ماذا نقول عن ذلك المثقف الذي تبرع بنفسه ليقوم بذلك الدور المقزز اتجاه الآخرين المختلفين معه في الرأي، لماذا قلمه مسلط على المعارضين فقط.

المثقف يجب أن يكون ناقداً ايجابياً في مجتمعه وتحديداً الكاتب أو الصحفي يجتهد ويعمل من أجل الكشف عن الحقيقة، من خلال مواجهة الفاسدين وسارقي قوت الشعب من خلال تقديم البراهين والأدلة وانهم يستغلون وظائفهم ومسؤلياتهم في أجهزة الدولة المختلفة ويسرقوا ويتقاضون الرشاوي وغيرها، لا أن يتحول إلى ناقد سلبي مدافع عن السلطة ومسئوليها من أجل مصالح ذاتية وشخصية، هذه النوعية من الكتاب و المثقفين إن صح التعبير، تقتات على حساب وكدح الآخرين من فقراء وكادحي الشعب.

فالثقافة والمثقف هما الوجه الحضاري لأي وطن وشعب، فيجب أن يحافظ على نقاوة وبياض ذلك الوجه الجميل في الحياة.



#فاضل_الحليبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدولة المدنية الديمقراطية.... 2 - 2
- الدولة المدنية الديمقراطية.... «1 2»
- إنها المجزرة... إنهم القتلة
- عروش الحكام العرب اهتزت بنيران البوعزيزي
- اليسار البحريني... الآفاق المستقبلية 2 - 2
- اليسار البحريني... الآفاق المستقبلية (1-2)
- التيار الوطني الديمقراطي «المشروع المؤجل»
- ثقافة التعدد والتنوع والاختلاف
- انتخابات 2010 والتداعيات
- لماذا سرقوا أموال الفقراء ؟
- الفقراء...والأسعار
- ماذا بعد سقوط جدار برلين؟
- جامعة البحرين: محاكم تفتيش
- مأساة -ميثم بدر الشيخ-
- تحركات مشروعة
- الحوار الوطني هدف سامي
- من أجل حرية الصحافة في البحرين
- اليسار البحريني‮ ‬أين‮ ‬يمضي‮. ...
- كلمة القوى السياسية في البحرين في مهرجان صرخة ألم
- أهمية التعديلات في قانون الجمعيات السياسية.. مهمة وطنية نياب ...


المزيد.....




- إلى ألوان الشفق القطبي.. العاصفة الشمسية النادرة قد تشكل -خط ...
- بوابة تنقل الناس من نيويورك إلى دبلن بلحظة.. شاهد ما يقدمه ه ...
- فستان شفاف جدًا يستحضر زمن الستينيات.. شاهد إطلالة إيل فانين ...
- قصص مؤلمة في كل ركن.. شاهد ما رصدته CNN داخل مستشفى في قطر ي ...
- باريس تطالب إسرائيل بالوقف الفوري لعملية رفح
- الخطاب المثير للانقسام في حملة مودي الانتخابية يثير تساؤلات ...
- تأثيرات تغير المناخ باتت تهدد تعليم ملايين الأطفال في العالم ...
- البرلمان التركي يناقش مشروع قانون لمكافحة التجسس على خلفية ن ...
- بوتين يهنئ أهالي دونيتسك ولوغانسك بالذكرى الـ10 لإعلان جمهور ...
- شركة روسية تصنع قوارب مخصصة لقوات إنفاذ القانون


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فاضل الحليبي - مثقفوا البلاط