العلمانية بين ضرورة انتهاجها و خلافيات مراجعها.

حمدان عليان

الحوار المتمدن-العدد: 3447 - 2011 / 8 / 4 - 14:33
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
    

ليس غريبا ان تتأخرثقافة عن ثقافة اخرى في مجال الانشغال بهموم البحث عن منافذ التحرر من معرقلات التقدم..مثلما هو حال ثقافتنا بالنسبة لثقافة
المتقدمين ( و اقصد بالثقافة هنا الجانب الحيوي الذي يبرر الحكم التفاضلي البعيد عن الخصوصية الاحتماعية)
لذا نقول ثقافتنا متخلفة و كثير من المثقفين يحاولون تخليصها من ركام الفكر البائد الذي مازال مصدرا لضبابية الرؤى التي تخل بقدرات العقل على
ضبط المفاهيم اللازمة لصياغة أهداف واضحة ، و تحديد الوسائل الناجعة لتحقيقها.
فلحد الآن ، و بعد أكثر من قرنين من انتشار ثقافة الأنوار التي أدت الى تثبيت النظام الديمقراطي في العالم المتقدم مازالت ثقافتنا محملة بألوان
من الزيف المعرفي و تشويه القيم السامية بشتى انواع الادعاء و التطاول البعيدة عن التأسيس العقلاني لما يساهم ايجابيا في توفير شروط حياة أفضل.
نظرا لهذا الوضع و ما يشكله من تحديات ظهرت بوادر الاصلاح العلماني ..غير أن هذه البوادر يكتنفها بعض التردد و التعثر نتيجة اندفاعات
مذهبية جعلت مفهوم العلمانية و ضرورة انتهاجها عرضة لهجوم خصومها التقليديين الذين راحوا يجتهدون في تعداد تعاريفها و توطين منطلقاتها
لتبرير استبعادها عن المجتمعات المتدينة ( الاسلامية بالخصوص) ..و ما يقال في الحوار التمدن يواجه هذا التيار بالحجج المناسبة و المعتبرة
و من نافلة القول أن الاستمرار في توعية المجتمع بكشف و فضح دعاة الخلط بين الدين و السياسة كفيل بانتصار الفكر التنويري الذي يكرس مبدا
العلمانية و روح المواطنة في الثقافة الشعبية ..
لكن العلمانية بالمفهوم العملي المشار اليه تتعرض لبعض العرقلة عند محاولة ربطها بمرجعية مناقضة تماما للشائع و المألوف للمعتقدات و الغيبيات
فبعض المثقفين المتفانين في الدفاع عن العلمانية يقدمون خدمة لأعداء العلمانية بجعل الالحاد شرطا لنجاح النهج العلماني ..
لأن أكبر حجة يستند عليها خصوم العلمانية انما هي ربطها بالالحاد ..و نظرا لتغلغل الحس الديني لدى المؤمنين الذين يشكلون الأغلبية الساحقة
سواء أكان الايمان عن اقتناع شخصي أو كان مجرد اتباع و مجاراة للعرف السائد فان خطابهم مازال أكثر تأثيرا في الطبقات الشعبية بما فيها أعدادمعتبرة
من المثقفين .
لذا أرى ضرورة الفصل بين تاكيد صلاحية العلمانية كنظام حياة دنوية بالشكل الذي أكدته تجارب المتقدمين ..و بين الاهتمام الفلسفي لنشر ثقافة
بلون من ألوان الاقتناع المذهبي في أمر الوجود و ما وراء الوجود حتى لو بدا هذا الاهتمام تعميقا لتصور علماني يبدو أكثر التصاقا بالمباحث العلمية
في المجال الكوني

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل