أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هايل نصر - في السويداء: علم وحصار وشبيحة















المزيد.....

في السويداء: علم وحصار وشبيحة


هايل نصر

الحوار المتمدن-العدد: 3435 - 2011 / 7 / 23 - 14:29
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


على طول 2300 متر وعرض 18 مترا امتد العلم. مدّوه في السويداء مدّا غير بريء يضمر فتنة وضغينة وطائفية. أُخرج فنيّا كحمّال وطنية. حملة له, حوله وعلى طوله, يصفقون ويهتفون. ليس للعلم الممدود(وهو علم سوريا بأكملها وليس ملكا لأحد "ليتمسح" به). ولا للوطن التصفيق والهتاف بالفداء, وإنما حصرا لسيد الوطن وحامي العلم. لم يعد يهتف أحد للوحدة والحرية والاشتراكية, التي هتف البعث لها نصف قرن بكل الحناجر, ومنها حناجر حماسية في السويداء. ولا للرسالة الخالدة التي, بعد طول نضال, تقمصت زعيما أوحدا. ولا كان الهتاف للحرية, فهذا يلتقي مع هتافات أعداء النظام والمتآمرين عليه شرقا وغربا ومحليا, ( ثم ما حاجة الوطن لمزيد من الحرية !! ما عندنا يكفي ويفيض على أشقائنا وعلى أوطان الآخرين).

لم يسمع أحد هتافا واحدا للجولان, ولا الإشارة لتحريره أو لصمود أهله. ولا لتحرير أسراه, وبين بعضهم و بعض الهتّافين قرابة دم أو نسب, وأخوة أبناء الوطن الواحد. لم يسمع أحد في مسيرة العلم الممدود هتافا واحدا لفلسطين وأهل فلسطين أو أغنية أو أهزوجة أو حداء جبليا (القصائد الشعبية والتراث الشعبي لجبل حوران بكامله غناء وحداء لفلسطين, صادق ومن الأعماق, سبق البعث وواكبه, وتجاوزه). لا تخلو قرية واحدة من نصب أو مشهد لطيارين وضباط ومحاربين استشهدوا على الجبهة في حروب قيل لهم أنها من اجل تحرير فلسطين. سمع الشهداء من الهتّافة هتافات غير الهتافات ووقعا غير وقع الحداء.

لم يُقنع امتداد العلم بطوله وعرضه أحدا بان سورية اليوم بألف خير. ولم يُقنع الهتُافة المحليين, ولا البعثة الداعمة لهم المجلوبة خصيصا للمناسبة الاحتفالية النضالية بمد العلم ــ المكونة عمدا من أصول جبلية لعزف على الطائفية والعصبية ــ بأن سوريا بألف خير. لم يقتنع أحد بحوار و"نضال" مثير للغرائز. ثم متى كان الحوار الحضاري للإقناع حاضر يوما في صفحات قواميس الأنظمة الاستبدادية.

الإقناع المجدي في عرف تلك الأنظمة هو إقناع أفعال لا تخاطب الأفكار والعقول, ولا الضمائر الحرة بالقيم العليا, وإنما تنصب على الأجساد وتحرك فيها الغرائز السفلى, بوسائل الترغيب والترهيب.

في خلفية مد الأعلام على طول كيلومترات, في غالبية المحافظات, تلاعب برمزية العلم. الأعلام تُرفع وتُمد في انتصارات الوطن. وتُنكّس حدادا في كوارثه ومآسيه. لم يسبق أن رفع وطن من الأوطان أعلاما وطنية وأقام مناسبات احتفالية مصطنعة ودماء أبنائه تسفك, والأتراح تعم أرجائه. أية أواصر وطنية تجمع بين أبناء الوطن الواحد حين تمتد أعلام على طول كيلومترات, في الوقت الذي تودع الحشود شهداءها, في مواكب جنائزية تمتد على طول كيلومترات؟. كيف يمكن عندها الحديث عن وطن واحد وأخوة ووحدة ولحمة وطنية؟.

في السويداء وجبل حوران لم يلعب أجدادنا لعبة الأعلام حين كان يجد الجد. حملوا البيارق والرايات الحربية في معارك الاستقلال و تحرير الوطن. فتلاقت وتعانقت مع رايات أبناء سهل حوران, وأبناء الغوطة, في دوما وداريا ودمشق وضواحيها ... ورفرفت مرفوعة على صهوات الخيول الأصيلة شمالا وشرقا وغربا لتلتقي وتتعانق مع رايات حماه وحمص وحلب والساحل ... رايات وبيارق سقط تحتها الشهداء من كل أبناء سوريا, رايات نسيجها الوحدة الوطنية وأخوة الدم والمصير. أخوة الوطن. بهذا ومن كل هذا صُنع علم لسوريا. وهذا ما تحمله رمزية العلم السوري.

تحت العلم السوري بعد الاستقلال مباشرة تعددت الاتجاهات السياسية وتنوعت الأفكار, وبدأت تشق الحرية الفكرية والسياسة طريقها, أعاقتها حداثة التجربة, ولكن لم تقمعها. ورغم الانقلابات العسكرية والتآمر الخارجي على سورية بقيت سوريا لكل أبنائها, لا يقتل أبناؤها أبناءها. لم تضعف يوما الوطنية ولم يحتكرها أحد ـ رغم عدم وجود بدع "وطنية" بمد أعلام طويلا طويلا في الشوارع وعلى كل الواجهات, ولا صور زعماء تغطي كامل المساحات ــ كانت هذه الوطنية في أوجها وفي انقى صورها. تشكلت على أسسها أحزاب سياسية, وبرلمان, وبداية تجربة ديمقراطية. الا يدل ذلك على ان السوري طالب حرية وأهل للديمقراطية ولا تنقصه الوطنية؟. كانت الجبهة مشتعلة ومعها تشتعل الوطنية, تكيل لإسرائيل الضربات شبه اليومية, وترد عدوانها في مقاومة وممانعة حقيقية وبالسلاح. أليس استعمال السلاح باتجاه إسرائيل هو المقاومة وهو الممانعة دون ضجيج وتزاحم شعارات؟. أليس من الوطنية ان ترفرف أعلامنا على الأراضي المحتلة وعلى الحدود وليس الجري بها في "مارتونات" بين المحافظات لنشر الوطنية؟.

في تحضيره لدك شعبه صاح القذافي في احد خطبه الهستيرية مذكرا بمن دكوا في عالم اليوم بعضا من شعبهم "يا سلام, يلسن في روسيا حاصر البرلمان ودك المجتمعين جميعا بالمدفعية".

في السويداء, يا سلام, ومع وصول العلم ومده حيث كان مقررا له, قمع الشبيحة, بإشراف رجال الأمن وتسليحهم وتدريبهم ومباركتهم, المحامين المعتصمين رجال القانون والمدافعين عنه, الجناح الثاني للقضاء وإقامة العدالة, اعتدوا على من استطاعوا الوصول إليه وحاصروهم في نقابتهم . دكوهم شتائم وتحقيرا تمهيدا لدكهم, جسديا وتحطيم كل ما ترمز إليه المحاماة من قانون وتطبيق للقانون في دولة القانون. أما في الغاب فللغاب شريعته.

لم يسبق في وطن من الأوطان منذ القرون الوسطى, حتى لا نذهب في التاريخ بعيدا, ومنذ عُرفت المحاماة ونقابات المحامين, والى يومنا هذا, أن تجرأت عصابات وقطعان من المهووسين ومن الخارجين على القانون, في وضح النهار, وعلى مسامع وبمساعدة خفية وعلنية من رجال الأمن, على الاعتداء بالضرب والشتم والإهانة على هيئة كاملة للمحامين, وبمحاصرتهم في نقابتهم تمهيدا لدخولها رغم حصانتها ورمزيتها. إنها الهمجية. إنها سابقة شبيحية. (لحسن حظ المحامين كان دكهم اقل وحشية من دك يلسن لبرلمانييه).

في السويداء وبالتزامن مع العلم الممدود لمد الوطنية فيها, جرى الاعتداء على مهندسين وأطباء أحرار ومطاردتهم, ودخول عيادة طبيب أسنان وتحطيم محتوياتها. ذنبهم أن نادوا مع المحامين بالحرية ودولة ديمقراطية ورفع الحصار عن المدن المحاصرة والتوقف عن التخوين والقتل والتشريد والاعتقال. وأصدروا في ذلك بيانات لم تلامس أسماع من يستعمل الرصاص الحي, ومتى استجاب مستبد لنداء أو بيان.

مطالب الشعوب لا ينهيها تصد وقمع وهمجية ووحشية. وإلا لتوقف التاريخ عن مسيرته, وبقينا في مرحلة ما قبل التاريخ.
د.هايل نصر.





#هايل_نصر (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هذا ما جناه البعث علينا .. ما جنينا على أحد
- سعادة نبيل العربي سعيد جدا. يا حيف.
- الصحوة. متحاورون وتشاور وحوار.
- أحرار أهل الجبل الأشم. منذ متى لا تهبون لنداء الكرامة ولا تن ...
- شعب أريد له أن يُحكم بالشعارات
- -إصلاح- و-حوار-
- ميراث للتصفية.
- ليسوا عصابات , ليسوا مندسين ولا متآمرين.
- الخارج. المغتربون, المهاجرون, والمهجرون.
- نشدت حوران المجد. فدان المجد لها.
- حين تنطق بقايا النظام العربي.
- سُعار السلطة 2
- العالم العربي. تحول عصر
- نساء من وطني
- الثورة من اجل الحرية والديمقراطية
- السياسة فن الممكن
- إلغاء مبكر لحالة الطوارئ.
- المحاكمة. ساعة الحقيقة.
- الشعب يريد اسقاط النظام كل النظام
- سموا الاشياء باسمائها


المزيد.....




- الأفارقة يخسرون نحو 70 مليون دولار بسبب رفض طلبات تأشيرات شن ...
- بولتون يعلق لـCNN على الضربات الأمريكية: الهجوم قد يُمهّد لت ...
- عرائس بلا تيجان.. صيحة زفاف النجمات في صيف 2025
- تفجير انتحاري في كنيسة بدمشق يودي بحياة 22 شخصا على الأقل
- باريس ترسل طائرة عسكرية لإجلاء مواطنيها من إسرائيل
- اليوم الـ11 من المواجهة: واشنطن مستعدّة لمحادثات مع طهران وإ ...
- ضربة واشنطن النوعية: هل نجحت -مطرقة منتصف الليل- في شل البرن ...
- -تخطى دوره الرقابي وساهم بإشعال الحرب-.. غروسي في دائرة الات ...
- هند جودة: ماذا يعني أن تكون شاعرا في زمن الحرب؟
- واشنطن أطلقت 75 قذيفة دقيقة التوجيه وأكثر من 24 صاروخ توماهو ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هايل نصر - في السويداء: علم وحصار وشبيحة