أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - سمير دياب - الثورة العربية والوعي الطبقي للصراع















المزيد.....

الثورة العربية والوعي الطبقي للصراع


سمير دياب

الحوار المتمدن-العدد: 3416 - 2011 / 7 / 4 - 07:55
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


يكاد قدر الفرح الآن، يوازي قدر القلق، على مجرى الثورات الشعبية العربية، رغم الميل الثابت عندنا على قدرة وإرادة الشعب العربي على تحقيق خطوات نوعية تقدمية، بعد اجتياز البعض في ( تونس ومصر) القفزة الإنعطافية – النوعية الأولى لهما. كون هذه الأيقونات الشبابية والشعبية في حراكها اليومي بالشوارع والساحات، والمسلحة بشعاراتها الجذرية للإصلاح، وأصواتها الهادرة للتغيير، والأهم من ذلك إرادتها الصلبة التي تكبر يوماً بعد يوم في الميادين المتنقلة من بلد الى بلد عربي آخر، تطرح الواقع العربي المرير كما هو، في زمانه ومكانه، وكأنه- وهذا صحيح- نسخة طبق الأصل، غير مقلدة، أو مزورة في صدقها ومصداقيتها، والممهورة بخاتم " الشعب يريد إسقاط النظام".

الفرح، الأمل، الذي ارتسم على وجوهنا، والنابع من أعماق أعماقنا، كياننا، وجودنا، كبشر، كمواطنين متساوين في الظلم في دنيا العرب، صنعه صناع الثورات دائما، الشعب. وهو أمل للمستقبل رسمه الملايين في الشوارع متحدين أنظمة البؤس القابضة لعقود على لحظة الفرح هذه، التي تم الإفراج عنها بقوة الإرادة الشعبية، كمدخل للتغيير الديمقراطي الجذري. أي للتحرر السياسي- الاجتماعي.
اما مصدر- مصادر القلق المشروع عندنا، فيعود واقعاً إلى عدة إعتبارات:

أول وأخطر هذه الاعتبارات دون نقاش فيها، من وجهة نظرنا الفكرية والسياسية، هو الجديد في ألاعيب مشروع الشرق الأوسط الجديد، وأساليبه، وأقنعته المعلنة والمخفية لتقويض روح الثورة، وتنفيس أسسها ومنطلقاتها. بسبب أن المصلحة الحقيقية للإمبريالية الأميركية لا تكمن في إنتصار أي ثورة عربية، لأنها نقيض مشروعها الأوسطي المشغول عليه في المنطقة منذ عقود طويلة. هذا المشروع بقوته وعظمة قيادته وتخطيطه ٌأربك قبل بدء الثورة، بمقاومة في لبنان والعراق وفلسطين لم يكن يتوقعها أبدا، وبمناخ شعبي عربي ضده بالمطلق. ثم ٌ صعق أصحاب هذا المشروع من سرعة وقدرة الشعب العربي على التوالد كالفطر في الشوارع وإسقاط عامودين أساسيين من عواميد أنظمة المشروع الأميركي- الصهيوني في المنطقة، رغم كل القدرات التقنية والمادية، وكل الوسائل المخابراتية التقليدية من كتاب تقارير، وعيون، ولصوص، ودبلوماسية مقنعة، ومؤسسات دولية أو وطنية مموهة، لم تكن ترسل ولو إشارة من إشارات حواس الإنسان الخمس التي تنذر بقدوم هذه الثورة المفخرة.

لذلك فإن موقع الإمبريالية الطبيعي أن يكون معاديا لثوراتنا، بهدف ثرواتنا. وكل تمويه على خلاف ذلك مثل دعم ثورة هنا، أو التأكيد على الحقوق الديمقراطية هناك، عليه أن يجعلنا ، ويجعل شعبنا العربي في موقع المستنفر والمتيقظ أكثر لسيرورة الثورة ولأهدافها التحررية.

إما ثاني هذه الاعتبارات، هو طبيعة وبنية أنظمة الحكم الاستبدادية – الإشكالية القائمة، التي ابتعدت تباعاً عن أهدافها المعلنة التي كانت وسيلتها إلى كسب تأييد الجماهير أو قسم منهم، بحيث بدا التعارض بين الشعارات التي تحملها والممارسات التي تقوم بها، الأمر الذي جعلها انطلاقا من مصالحها الطبقية، أن تنظم الدستور- الدولة – المجتمع بكامله، وفق أهواء مصالحها أو مصالح حزبها الحاكم. دون أن ننسى للحظة أنها وقفت تاريخياً، وما تزال، ضد مصالح الطبقة العاملة والفئات الكادحة، ومشكلتها الرئيسية هي موقفها من الديمقراطية أو الحريات الديمقراطية، رغم زعمها خلال عقود أنها تسعى الى تكريسها، لكن ما حمله الجانب السياسي، في الظاهر، من التفرد والاستقلال هو، في الواقع، تبعي للجانب الاقتصادي الذي يحدد مجمل المنظومة الاجتماعية ، وإن تحرير الإنسان ، بالقياس الى هذا البعد الاقتصادي، من وجهة نظرها، سيسمح باستعادة جوهره السياسي. هذه المعادلة – الكذبة سقطت بالبرهان. وتبين أن حقيقة هذا "اللغو" في منظومة هذه الطبقة الحاكمة، هو عجزها عن تأمين الحريات السياسية والاجتماعية، لأنها عجزت بالأساس عن تأمين مجتمع الكرامة والكفاية، ولو بالحدود الدنيا، ما وسّع الفجوة- الوادي السحيق بين كثرة كثيرة شعبية منتجة لكنها تعيش دون خط الفقر، وبين قلة – ندرة تظلل هيمنتها السياسية والاقتصادية والأمنية على العباد باسم الشعب، مع ما رافق ذلك، من ضرورة، لجشع وفساد وقمع وتخوين.. وأمام إعتماد هذه الانظمة سياسة ربط حل مشكلات تداول السلطة، والحزب الواحد، والحريات العامة والخاصة من خلال حل المشكلات الاقتصادية، فقد أوصلتنا الى معادلة رياضية مؤشراتها واضحة في مستوى التخلف والفقر، وفي عدم قدرتها على توفير الحاجات المادية، كما الحاجات المعنوية ومنها الحاجة الى الحريات السياسية أو الديمقراطية. وبقيت كل تعهداتها تجاه شعبها تعادل صفراً مكعباً، ما جعل العلاقة بينها وبين الطبقة العاملة والفئات الكادحة متوترة وقلقة وغير مستقرة، رغم أن هذه العلاقة تخضع لمبدأ التحالف والصراع، لكن مع انتفاء شروط وجود الحريات السياسية والديمقراطية، فلا مناص عندها ووفقاً لقوانين الصراع الطبقي من أن يصبح الصراع الطبقي القائم صراعاً متنافياً.

وما تعبر عنه ثورات شعبنا العربي اليوم، هو في جوهر هذا الصراع مهما حاول البعض تبسيطه، أو القفز فوقه. وكما حاولت أنظمة الحكم القائمة التكاذب ، أو التأجيل في دفع المستحقات المتوجبة عليها بحق شعوبها - مواطنيها في الحرية والكرامة والديمقراطية . ستحاول مجدداً بواسطة أدواتها المحلية، أو بواسطة الخارج، أن تدافع عن مصالحها الطبقية ضد الثورة، وضد أهدافها التغييرية الجذرية، ولو بأشكال وأطر تقليدية وجديدة. أو بتقديم وعود إصلاحية جديدة هي بالأساس مؤجلة منذ عقود زمنية عمرها من عمر قيام هذه الأنظمة المأزومة على كافة المستويات.

أما ثالث هذه الاعتبارات، وهو ما يحاول البعض إدعاء البديل للنظم السياسية القائمة، من خلال السيطرة على الشارع بقوة الأميركي وشريكه حلف النيتو، أو بدرع الجزيرة العربية، أو بقوة الدعم الإمبريالي الخارجي المادي والسياسي ومن ضمنه السلاح ، متقدمة على الحراك الشعبي الديمقراطي السلمي بافتعال أحداث إرهابية تضعف لحمة الشعب الوطنية، وتفضي الى القضاء على أهداف الثورة، وتفسح في المجال أمام صراعات من نوع آخر، هي صراعات إثنية وطائفية ومذهبية وقبلية وحتى عرقية، مقصودة أو غير مقصودة لا فرق، طالما، تقدم خدماتها المطلوبة مباشرة للمشروع الإمبريالي الأوسطي - التفتيتي، كما تقدم خدماتها ربما، المباشرة وغير المباشرة لأنظمة الاستبداد القائمة ذرائع قد تستفيد منها الى حدود التملص من ضغط الشارع وحراكه ومطالبه الاصلاحية وهي العارفة من صميم قلبها أنها إصلاحات محقة وضرورية وملحة، ولا مفر منها، ولو بعد حين.

*****

هي اعتبارات مقلقة دون شك، وعامل الوقت ليس محايداً، وعلى الثورة العربية، بقواها الشعبية، ومكوناتها السياسية والاهلية الديمقراطية والتقدمية، حفر هذا الوعي لمضمون صراع "الثورة" الطبقي في سيرورتها، من أجل اكتمال فرحة صيرورتها في التحرر الوطني والاجتماعي.



#سمير_دياب (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العلمانية أولاً..
- غيِّر بالمنجل والمطرقة
- أمهلنا ماركس ما زلنا ندرس البيان الشيوعي
- مهمة الشيوعي صعبة لكن خياراته صائبة


المزيد.....




- أغنياء وأقوياء ضد فقراء وضعفاء؛ ترامب يعولم الصراع الطبقي!
- الصراع على سوريا… مجدداً
- الانتخابات في رومانيا.. هل يصل اليمين المتطرف للسلطة؟
- المملكة المتحدة: اليمين المتطرف يفوز بالانتخابات المحلية ويو ...
- زاخاروفا تندد بنبش قبور الجنود السوفييت في أوكرانيا (صور)
- سُحُب الغضب الاجتماعي تتجمع لمواجهة الإفقار والتجويع
- -كان في حالة غضب-.. أول تعليق من نجل عبد الناصر على حديثه ال ...
- تركيا: اعتقال المئات من المتظاهرين في إسطنبول خلال مسيرة بمن ...
- فيديو – مواجهات بين الشرطة الفرنسية ومتظاهرين بمناسبة عيد ال ...
- كلمة الرفيق رشيد حموني رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس ال ...


المزيد.....

- كراسات شيوعية [ Manual no: 46] الرياضة والرأسمالية والقومية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- طوفان الأقصى و تحرير فلسطين : نظرة شيوعيّة ثوريّة / شادي الشماوي
- الذكاء الاصطناعي الرأسمالي، تحديات اليسار والبدائل الممكنة: ... / رزكار عقراوي
- متابعات عالميّة و عربية : نظرة شيوعيّة ثوريّة (5) 2023-2024 / شادي الشماوي
- الماركسية الغربية والإمبريالية: حوار / حسين علوان حسين
- ماركس حول الجندر والعرق وإعادة الانتاج: مقاربة نسوية / سيلفيا فيديريتشي
- البدايات الأولى للتيارات الاشتراكية اليابانية / حازم كويي
- لينين والبلاشفة ومجالس الشغيلة (السوفييتات) / مارسيل ليبمان
- قراءة ماركسية عن (أصول اليمين المتطرف في بلجيكا) مجلة نضال ا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- رسائل بوب أفاكيان على وسائل التواصل الإجتماعي 2024 / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - سمير دياب - الثورة العربية والوعي الطبقي للصراع