أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - بدر الدين شنن - بين حوار الدم وحوار العقل















المزيد.....

بين حوار الدم وحوار العقل


بدر الدين شنن

الحوار المتمدن-العدد: 3407 - 2011 / 6 / 25 - 16:02
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
    


انتهت الأحداث التي شهدتها سوريا في الأشهر الأخيرة ، إلى بلورة موازين قوى ، تستلزم من الأطراف المتصارعة في سوريا ، أن تنتقل إلى مستويات وآليات جديدة تحت عنوان " الحوار الوطني " ، تؤدي إلى حل تتقاسمه أو تتقبله مختلف الأطراف . وذلك بعد أن وجد أهل الحكم ، من خلال سير الأحداث ، أن الحل الأمني لا ولن يحقق الاستقرار بصورة سريعة شاملة ، ولا ولن يؤمن ا ستدامة النظام كما كان سابقاً .. من ا ستئثار بالحكم أنتج الاستبداد الذي يعتبر إنهاؤه هوالهدف الأول للاحتجاجات الشعبية ، ومن سياسات وممارسات أنتجت الكثير من الأخطاء الجسيمة والنزعات التي ظلمت الشعب وأحدثت شرخاً سماه الرئيس " الفجوة " بين الشعب والحكم على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي ، التي اضطرتهم ، بدءاً من الرئيس إلى الحكومة و" الحزب القائد " والإعلام الرسمي والحليف إلى الاعتراف بها ، والجري لمحاولة إصلاح ما فسد وما آلم الناس .. وبعد أن أكدت سيرورة هذه الأحداث ، بأشكالها المتعددة ومستوياتها الداعمة إقليمياً ودولياً عدم قدرة المعارضة على إسقاط النظام .. وبعد أن فشل ، نتيجة انقسام وتعدد المصالح الدولية ، مخطط عدد من الحكومات الغربية والعربية في تسخير " الشرعية الدولية " ، واستغلال حركة الاحتجاجات الشعبية الثائرة ، لتكرار تدخلها بآليات حلف الأطلسي ، كما فعلت في ليبيا ، لإسقاط النظام ، واللعب بالجيو سياسية السورية حسب مصالحها الشرق أوسطية .

وهذا يعني أن العنف والعنف المضاد قد فشل .. وأن حوار الدم قد سقط . ورغم استمرار بعض الأنشطة المسلحة في مناطق الريف المحيطة بعدد من المدن الرئيسية ، فإن لغة حوار العقل باتت هي المطروحة موضوعياً على مختلف الأطراف ، حاملة ولاشك حسب تعدد الأطراف المحلية والإقليمية والدولية مفاهيم متعددة للحوار ، إن من حيث المصالح .. أو من حيث المبدأ .

على أن المستوى الداخلي هو الأهم في العملية الحوارية . أي الحوار بين أهل الحكم وأهل المعارضة الوطنية الديمقراطية . واللافت هنا ، أن هناك معوقات هي من الأهمية بمكان ، قد تؤجل أو تضعف أو تلغي هذا الحوار . فعلى الرغم أن المشهد الحواري يبرز أن أهل الحكم ، رغم ميلهم للحسم العسكري ، يطرحون الحوار على المستويات الحزبية والرسمية والإعلامية ، بل وشكلوا لجنة عليا برئاسة نائب الرئيس ، لمتابعة عملية الحوار ، يساعدهم في ذلك ، أنهم طرف منظم ، ويمتلكون آليات اتخاذ القرار والمبادرة ، ويستخدمون مؤسسات الدولة الإعلامية الواسعة ، ولديهم سياسيون وإعلاميون ومثقفون كثر ، داخل الحكم وخارجه ، يسوقون وجهة نظرهم في أشكال ومحاور الحوار المزمع تداولها ، إلاّ أنهم لم ينجزوا المقومات والشفافية المشجعة للآخر على الحوار ، وذلك من حيث الندية والديمقراطية . فهم ( أهل الحكم ) يأتون إلى قاعة الحوار مسلحين بدستور " الحزب القائد " الذي يلغي الندية .. ويدعون ما يرونهم ، حسب معاييرهم لسقف الوطن كمكونات " وطنية " لاحتلال مقاعد الحوار ، بأسلوب ينفي الشرط الديمقراطي في إدارة الحوار وفي نتائجه .
في المقابل ، فإن المشهد الحواري يبرز ، أن أهل المعارضة الوطنية الديمقراطية ، لم يحزموا أمرهم بعد ، في الاستجابة لنداء الحوار مع أهل الحكم أو رفضه ، وليس لديهم قيادة موحدة . ومن المعوقات في ذلك أنهم ليسوا فريقاً واحداً ، ولايملكون برنامجاً وطنياً ديمقراطياً كاملاً موحداً ، ويستمدون قواهم من حركة الاحتجاجات ، ويتحملون عبء تبعات ممارسات الفئات المتطرفة ، التي يستغلها النظام لإضعاف المعارضة كلها . قبل أيام قليلة فقط ، صرح حسن عبد العظيم الناطق الرسمي باسم " التجمع الوطني الديمقراطي " المعارض منذ ثلاثين عاماً ( أن المعارضة قــد تعلن خلال أسبوع تأليف المجلس التنسيقي الوطني من أجل التغيير الديمقراطي " جريدة السفير 23 / 6 /2011 " .. تمهيداً لبحث المشاركة في الحوار " جريدة الأخبار 23 /6 / 2011 ) . وبالتزامن مع ما ما قاله عبد العظيم ، لاتزال مجموعات من المتظاهرين تردد شعارات إسقاط النظام .. ولا تزال ، عبر حوار الدم بين المسلحين وأمن النظام ، تتساقط أعداد من القتلى هنا وهناك .

إلى جانب ذلك ، تطرح قبيل البدء بالخطوات العملية للحوار مسائل في غاية الأهمي ، متعلقة بشروط الحوار ومقوماته وأهدافه . ولاريب أن أن أهمها ، هو تحت أي سقف سيجري الحوار .. تحت سقف الوطن أم تحت سقف النظام ؟ .. المعطى الثابت حتى الآن ، أن الحوار سيجري تحت سقف الدستور .. أي تحت سقف النظام .. وبالتالي لن يكون هذا الحوار ندياً ولاديمقراطيًا . وهذا ما يثير السؤال ، لماذا طرح الحوار ( تحت سقف الوطن ) وشكلت لجنة الحوار العليا قبل تعديل الدستور ؟ .. هل مرد ذلك يعود إلى ضرورة إشغال الناس بما هو متاح ، لعل الوقت يمنح الدستور فرصة للبقاء أو لايتعرض إلى تعديل يمس في جوهره قيادة الحزب للدولة والمجتمع ، أو أن مرده يعود إلى أن مقومات اتخاذ أهل الحكم قراراً على مستوى انفكاك الدولة والمجتمع من قيادة الحزب ، تحتاج إلى جدل مرهق طويل ، ومسؤولية موجعة ، وتنازل تاريخي ، لم تنضج بعد ؟ .

ما يسمح ببروز مثل السؤال أعلاه ، أن هناك طروحات من بعض أهل الحكم ، من خلال التعبير عن الإلتزام بآليات الديمقراطية ، على مستوى مداخلات إعلامية لرموز ذات صلة بمركز القرار ، تربط مسألة حسم التعديل الجزئي أو الكلي للدستور ، أو اللا تعديل بالمطلق بتوجهات الحوار الوطني ، التي قد توصي بالتعديل .. أو ترى أن لاحاجة لأي تعديل . وأن هناك عدم شفافية في تحديد مكونات الحوار التي ستصدر عنها مثل تلك التوجهات . فتارة يعلن أهل الحكم ، أن الحوار ستشارك فيه كافة قوى المعارضة ، وتارة أخرى يعلنون أن هناك استثناءات .. أي استبعاد البعض من المعارضة . لاسيما وأن التعديل الدستوري المطلوب لانطلاق الحوار ، في الظروف السورية الخطيرة القائمة ، التي " تهدد مصالح البلاد العليا " .. وتتطلبه " مقتضيات الأمن القومي " والتي تمر في المدة الفاصلة بين مجلس شعب منتهية ولايته ومجلس آت بعد أشهر .. حسب المادتين ( 111 - و112 ) من الدستور ، أصبح من حق وصلاحية رئيس الجمهورية .
وإذا كان لامناص من التمسك بأحكام الفقرة الرابعة من المادة ( 149 ) المتعلقة بتعديل الدستور ، فإن الفقرة الأولى من المادة المذكورة ، تمنح رئيس الجمهورية حق اقتراح التعديل المراد . بمعنى أنه يمكن أن يقترح الرئيس صيغة للتعديل تلبي المطالب الشعبية .. لتكون البند الأول في جدول عمل الحوار الوطني المزمع إجراؤه .. ليكون هذا الحوار عقلانياً مسؤولاً .. بديلاً لحوار السلاح والدم .

وإذا كان من المستبعد ، بطبيعة الحال ، الاعتقاد بجهل أهل الحكم لأحكام الدستور ، فإن ما يطرح من قبلهم ، حول الحاجة لمجلس الشعب لإقرار التعديل الدستوري المطلوب ، هو بمثابة إضعاف وتحجيم لحوار وطني جاد يشكل مفصلاً مصيرياً في حياة البلاد ، لتحقيق كسب حزبي تجاوز الزمن وسيرورة الأحداث مفاهيمه العصبوية القديمة . وهنا لابد من التذكير ، أن أهل الحكم قد عدلوا الدستور واقعياً قبل أن يجف الحبر الذي كتب به ، دون العودة إلى مجلس الشعب ، أو إلى اي مرجعية تشريعية ، لخدمة استئثارهم بالحكم ، حيث علقوا معظم أحكام الدستور واستبدلوها بقانون الطواريء والأحكام العرفية ، ولخدمة توجهاتهم الرأسمالية المتعارضة مع أحكام الدستور بالتآمر على القطاع العام ونهبه وتسخيره لإنتاج برجوازية سلطوية ، وباعتماد اقتصاد السوق ، الذي أطلق العنان للتمايزات الطبقية المتوحشة ولمختلف الآلام الاجتماعية . وما تمسكوا به من الدستور إلى حد القداسة ، هو المادة الثامنة التي تمكنهم من قيادة الدولة والمجتمع حسب قراراتهم ، التي هي الآن محل نقد شامل من داخل الحكم وخارجه .
وإذا كان مثل هذا الإعداد للحوار الوطني سيستمر ، فإن نتائجه ، ليس غير مشجعة وحسب ، بل ومحبطة ، لأنها ستزيد الانسداد في الأزمة سوءاً .. بمعنى المراوحة بين حوار الدم وحوار العقل .

ويدخل في هذا السياق أيضاً مشروع قانون الأحزاب ، الذي طرحه مجلس الوزراء مؤخراً على الإنترنيت للنقاش العام . فهذا المشروع أيضاً يرتبط بالدستور . إذ تشترط المادة الخامسة من القانون لتأسيس أي حزب " الإلتزام بأحكام الدستور " وهنا يطرح السؤال ، أي دستور ستلتزم به الأحزاب الجديدة .. الدستور الحالي المطلوب بإلحاح تعديله .. أم الدستور الذي مازال في طيات الغيب ؟ .. فإن كان المقصود الإلتزام بالدستور الحالي فلا حاجة لأحزاب جديدة .. وإن كان الإلتزام بالدستور القادم المعدل أو الجديد ، فما هي الشروط الواجب الإلتزام بها ؟

وعلى ذلك ، فإن ما جرى ويجري في سوريا ، يتطلب من أهل الحكم ، اتخاذ قرار تاريخي وطني عالي المسؤولية ، يقضي اليوم قبل الغد ، بتحرير الدولة والمجتمع من قيادة حزب البعث الدستورية .. .. والعودة إلى المجتمع .. وإعادة بناء الحزب ودور الحزب .. كبقية أحزاب الوطن .. في الدولة والمجتمع عبر الديمقراطية والتعددية وصناديق الاقتراع . إنه قرار موجع لكنه قرار شجاع وحكيم .. موجع لمن اعتاد امتطاء الحزب ليحقق مصالحه الأنانية الذاتية .. وشجاع وحكيم لمن هو مبدئي وحريص على مصير يليق بالحزب .. وعلى مصير الوطن كله ..

الخطأ كل الخطأ .. أن يتصور أحد .. أن الحوار الوطني هو لمعالجة أزمة عابرة بحلول إسعافية .. إن الحوار يكون تأسيس لعقد اجتماعي جديد ديمقراطي جديد .. أو لا يكون ..

والخطأ اكبر ما يكون الخطأ .. أن يتصور أحد .. أن الحوار من فوق بعيداً عن الجماهير الشعبية .. التي انتفضت من أجل الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية .. يمكن أن يحقق نجاحاً لآنقاذ الوطن .



#بدر_الدين_شنن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخطوة الأولى لأي إصلاح أو حوار
- الوطن قبل وفوق الجميع
- أول أيار ومواسم الحرية
- سوريا جديدة ديمقراطية آتية ..
- السوريون على طريق الحرية
- ضد الاستبداد والتدخل الخارجي
- السوريون يتحفزون للثورة
- الثورة الليبية والتدخل التآمري الدولي
- الرئيس تشافيز : في ليبيا ثورة حرية
- على كل أنظمة الاستبداد أن ترحل
- وماذا عن الثورة في سوريا ؟
- حين تسقط المسافة بين القهر والثورة
- الثورة التونسية والتحديات المركبة
- ولابد للقيد أن ينكسر .. إلى - أبو القاسم الشابي -
- في فكر وسياسة المعارضة 4- 4
- في فكر وسياسة المعارضة 3- 4
- في فكر وسياسة المعارضة 2 - 4
- في فكر وسياسة المعارضة 1 - 4
- أهميةالحوار المتمدن فضائياً
- فضائح ويكيليكس - الخلاقة -


المزيد.....




- الاحتجاجات بالجامعات الأميركية تتوسع ومنظمات تندد بانتهاكات ...
- بعد اعتقال متظاهرين داعمين للفلسطينيين.. شكوى اتحادية ضد جام ...
- كاميرا CNN تُظهر استخدام الشرطة القوة في اعتقال متظاهرين مؤي ...
- “اعرف صلاة الجمعة امتا؟!” أوقات الصلاة اليوم الجمعة بالتوقيت ...
- هدفنا قانون أسرة ديمقراطي ينتصر لحقوق النساء الديمقراطية
- الشرطة الأمريكية تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة ...
- مناضل من مكناس// إما فسادهم والعبودية وإما فسادهم والطرد.
- بلاغ القطاع الطلابي لحزب للتقدم و الاشتراكية
- الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي (الإتحاد المغربي للشغل) تدعو ...
- الرفيق جمال براجع يهنئ الرفيق فهد سليمان أميناً عاماً للجبهة ...


المزيد.....

- مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة / عبد الرحمان النوضة
- الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية ... / وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
- عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ ... / محمد الحنفي
- الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية / مصطفى الدروبي
- جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني ... / محمد الخويلدي
- اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956 / خميس بن محمد عرفاوي
- من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963.......... / كريم الزكي
- مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة- / حسان خالد شاتيلا
- التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية / فلاح علي
- الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى ... / حسان عاكف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - بدر الدين شنن - بين حوار الدم وحوار العقل