أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رامي أبو جبارة - ملكية الفضاء وعولمة ما لا يمكن عولمته..!!














المزيد.....

ملكية الفضاء وعولمة ما لا يمكن عولمته..!!


رامي أبو جبارة

الحوار المتمدن-العدد: 3404 - 2011 / 6 / 22 - 23:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ظل ميداس الاغريقي لقرون خلت رمزا للجشع في أبشع صوره، وبقيت أسطورته المتمثلة في رغبته بتحويل التراب إلى ذهب، عالقة في أذهان الواعظين، يستخدمونها بين الحين والآخر للتحذير من الطمع وعواقبه الوخيمة. ولكن ما لم يخطر على بال ميداس وهو في ذروة جشعه وطمعه، أن يمتلك شيئا خارج نطاق عالمه، كامتلاك نيزك أو نجمة مثلا، سواء كانت تلك النجمة من ذهب أو حتى من تراب. ورغم ما عرفته البشرية من قصص جشع اختلط بها الدمع مع الدم، كتاجر البندقية وتطبيقاته الحية على أرض الواقع، إلا أن هذا الجشع وشهوة التملك تلك، بقيت في نطاق ما هو ممكن الوصول إليه.

قبل آيام، هالني خبر كنت قد قرأته وأنا أتصفح احد الجرائد القديمة التي احتفظت بها لسبب لم أعد أعرفه، حيث يفيد الخبر بأنه بات من الممكن لأي شخص امتلاك نجمة واستبدال اسمها من رمزها النجمي (س10 مثلا) الى اسمه الشخصي مقابل مبلغ من المال، وطبعا الجهة المخولة لبيع وشراء النجوم هي وكالة أمريكية!! قد يكون هذا الخبر قديما، وربما وجده أغلب القراء خبرا عاديا كذلك، إلا أنني عندما قرأته وتأملت به قليلا، قادني تلقائيا إلى التساؤل عن مشروعية امتلاك نجمة أصلا؟ والأهم من ذلك من اعطى هذه الوكالة أو غيرها الحق في امتلاك النجوم من الأساس، وبالتالي الحق في بيعها؟! أما وبعد أن حاولت التحقق من دقة هذا الخبر، فقد اكتشفت أن القمر كذلك لم يسلم من مثل تلك المبادرات، وأن أول شخص سجل القمر بإسمه رسميا كان الشاعر التشيلي الراحل "جينارو كاجاردو" في احدى الدوائر العقارية في مدينته، وتساءل "جينارو" عن المانع في امتلاك القمر بحكم أسبقية وضع اليد؟! كما أن مجموعة من الشركات في بريطانيا وأمريكا قد قامت بإعلان حقها ببيع أراضٍ على القمر، ولعل توارد الأنباء عن نية شركة جوجل بدفع مليار دولار للحكومة الأميركية، مقابل وضع شعارها على سطح القمر حتى يراه أهل الأرض كنوع من الدعاية والترويج لها يأتي في نفس السياق.

أعادني هذا التأمل والبحث إلى العصور البدائية السحيقة، يوم كانت هذه الأرض مشاعا لجميع من عليها دون استثناء، إلى أن سيّج أحدهم أرضا وقال أن تلك الأرض هي ملك له، ووجد أناسا سذّجا بما فيه الكفاية حتى يصدقونه، فكانت صدفة الملكية الخاصة على حد تعبير جان جاك روسو، وهذا ما جرى بالضبط مع ذلك الشاعر التشيلي المجنون الذي حاول امتلاك القمر، إلا أن الفرق الوحيد أنه لم يجد من يأخذه على محمل الجد!! وهنا تبرز نفس الأسئلة عن كيفية امتلاك أول شخص لقطعة من كوكب الأرض؟ ومن أعطاه الحق في امتلاكها؟

أما وأن قضية ملكية الأرض - رغم ما تبعها من مآسي - قد اصبحت خارج اطار التساؤل، بفعل الزمن والموروث الشهواني الجمعي للبشرية، فعلى الأقل يجب أن تبقى ملكية النجوم والقمر موضع رفض، لأن المشكلة لا تتوقف عند هذا الاعلان، فالأدهى من ذلك أن هناك ما يقارب 750 ألف ثري قد امتلكوا بالفعل نجوما في السماء حتى الآن، وبالتالي أخشى ما أخشاه مستقبلا، أن يحرمنا أولئك الأثرياء بطريقة أو بأخرى رؤية النجوم التي يشترونها، فتصبح سموات الفقراء بلا نجوم، وليالي البؤساء دون أقمار!!

يبدو إذن، أن الملكية الخاصة بدأت تدخل طورا جديدا اليوم، طور امتلاك ما لا يمكن حتى الوصول إليه. وها قد فاق طمع الانسان اليوم خيال كاتب أسطورة ميداس الاغريقية، يوم تصور أن ما تمناه ميداس باحالة كل ما تلسمه أصابعه إلى ذهب يمثل الجشع في ذروته، ولذلك لن أستغرب أن يخرج علينا شخصا آخرا يدّعي حقوق ملكية الشمس، ويحاسب كلّ فرد يستخدمها أو يستخدم أشعتها بأي طريقة كانت، وربما يحاسب ارنست هيمنغوي في قبره لأنه سبق وأن استخدمها في احد عناوين رواياته، باعتباره يمتلك حقوق الملكية الفكرية للشمس كمصطلح أيضا!!

في الختام، يبقى التساؤل الأبرز ان كانت ستنجر الثقافة الانسانية وراء هذه الحماقات الفردية فتتبنّاها، ويصبح بيع وشراء النجوم والنزاع عليها وخوض الحروب من أجلها أمرا طبيعيا وغير مستغرب في القرون القادمة، كما هو عنوان فيلم جورج لوكاس الشهير "حرب النجوم"؟ أم أن ما تبقى من حكمة في جنس بني البشر ستكون قادرة على كبح جماح شهوة التملك هذه وجنونها التي وصلتها ذروة في ظل العولمة، فلا تتكرر مأساة ملكية الأرض بصور أخرى أكثر حداثة؟ وأتساءل أيضا ان انتصرت الشهوة على الحكمة في هذه المعركة ضمن الصراع الأزلي بينهما، فماذا سيبقى لعاشق فقير يعد حبيبته بأن يلامسا نجوم السماء في ليلة حلم صيفية؟


* كاتب عربي



#رامي_أبو_جبارة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حرب العملات ونهاية القيامة الأمريكية: هل نحن بحاجة إلى النظا ...


المزيد.....




- الإمارات تشهد هطول -أكبر كميات أمطار في تاريخها الحديث-.. وم ...
- مكتب أممي يدعو القوات الإسرائيلية إلى وقف هجمات المستوطنين ع ...
- الطاقة.. ملف ساخن على طاولة السوداني وبايدن
- -النيران اشتعلت فيها-.. حزب الله يعرض مشاهد من استهدافه منصة ...
- قطر تستنكر تهديد نائب أمريكي بإعادة تقييم علاقات واشنطن مع ا ...
- أوكرانيا تدرج النائب الأول السابق لأمين مجلس الأمن القومي وا ...
- فرنسا تستدعي سفيرتها لدى أذربيجان -للتشاور- في ظل توتر بين ا ...
- كندا تخطط لتقديم أسلحة لأوكرانيا بقيمة تزيد عن مليار دولار
- مسؤول أمريكي: أوكرانيا لن تحصل على أموال الأصول الروسية كامل ...
- الولايات المتحدة: ترامب يشكو منعه مواصلة حملته الانتخابية بخ ...


المزيد.....

- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رامي أبو جبارة - ملكية الفضاء وعولمة ما لا يمكن عولمته..!!