أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رامي أبو جبارة - حرب العملات ونهاية القيامة الأمريكية: هل نحن بحاجة إلى النظام النقدي؟!














المزيد.....

حرب العملات ونهاية القيامة الأمريكية: هل نحن بحاجة إلى النظام النقدي؟!


رامي أبو جبارة

الحوار المتمدن-العدد: 3373 - 2011 / 5 / 22 - 10:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


رغم ما تردد عن اصابة بعض الطيارين الذين القوا الفنبلتين الذريتين على هيروشيما وناغازاكي بالاكتئاب والجنون، ورغم ما تردد أيضا عن محاولات مخترع تلك القنبلة بالانتحار، إلا أن الاجدر كان بالجنون والانتحار، هو الذي اصدر الامر بإلقاء تلك القنبلة، حاكما بالاعدام الميداني، الغير قابل للاستئناف، على مئات الآلاف من الأبرياء، لا لذنب الا أن الصدفة وحدها، جعلت من اجدادهم ان يستقروا في تلك البقعة من كوكب الأرض دون غيرها، معلنا بذلك أولى علامات يوم القيامة ولكن بنسخته الامريكية.

يأتي اختراع القنبلة المشؤوم هذا بعد أن تغاضى الكثير من العلماء عن ما قاله أفلاطون بأن "غاية العلم الخير"، فأضحت قوائم الندم والعار في عوالم الاختراعات والاكتشافات أطول من قوائم التكريم والاعتزاز فيها، ولهذا لم تكن القنبلة الذرية الابتكار أو الاكتشاف الوحيد الذي ندم رواده على صناعته أو اكتشافه. ومن هؤلاء الرواد من اكتفى بمشاهدة هول ما انتجته ابداعاته، حتى انتهى به المطاف إلى التبرأ منها والاعتذار عنها مثل ألفرد نوبل، ومنهم من كان أتعس حظا، فكان أول من ذاق ويلات تلك الابداعات بمجرد رؤيتها النور، سواء في روايات خيالية أو أخرى أكثر واقعية. وفي هذا السياق، لا تزال قصص سنمار الآرامي وفرانكشتاين وغيرهم الكثير عالقة في الأذهان، حتى باتت جزءا من الموروث الجمعي الإلزامي لكل مجتمع على اختلاف الجغرافيا، وباختلاف الأبطال وتراجيدياتهم.

ولكن ورغم طول قوائم العار والندم تلك، أكاد أجزم بأن من يحاول التمعن في تاريخ العلم والابتكارات قليلا، سيجد أن أكثر الابتكارات مأساوية في التاريخ البشري كان ابتكار العملة، ولو كان يعلم كروزوس، اخر ملوك مملكة ليديا، أن ابتكاره المسمى بالنقود سيصبح احدى المحركات الرئيسية لكل الحروب التي تلت زوال مملكته وحتى هذه اللحظة، لآثر بالتأكيد العودة إلى زمن المقايضة، متراجعا عن فكرة صك النقود التي بدت له عبقرية حينها، ولكنها كم بدت وتبدو غبية بل وكارثية، لمئات الملايين من الفقراء والضحايا، الذين ما زالوا يحاولون حتى اليوم اكتشاف أسباب شقائهم. وما يزيد الأمر غرابة، أن كروزوس هذا والذي سمته العرب قارون، ما زال يـُضرب المثل بماله وثراءه بكل فخر وإعتزاز، دون أن يعرف أولئك الأشقياء أنه هو بالذات كان له اليد الطولى في تكريس بؤسهم وتعاستهم.

قد يدّعي البعض بأن جدلية الخير والشر بدأت قبل صك النقود بمئات وربما آلاف السنين، ولكن مما لا شك فيه أن ذلك الابتكار تحديدا، كان له الأثر الأكبر في تأطير العلاقة بينهما، ووضعها في قوالب جعلتها أكثر وضوحا لطرفي الصراع وأنصار كلا الطرفين، وان كانت ما زالت أكثر غموضا واستعصاءا على أنصار الطرف الأضعف. بالاضافة إلى أن النقود كان لها الدور الأكبر في تحول النظرية الاقتصادية القائمة على وفرة المصادر، إلى ما يعرف بالنظرية الاقتصادية الحديثة والقائمة على الندرة، حيث يكون الاقتصاد مدفوعا بالتربح فقط، مما ساهم إلى زيادة توحش رأس المال من أجل استغلال الموارد المحدودة - حسب نظرية الندرة - بأكبر شكل ممكن، وأصبحت طبيعة العلاقات بين الأفراد قائمة على الأساس التنافسي وحده.

أما الآن، ورغم استحالة استقراء مستقبل الصراع الذي وصفته المانوية بالسرمدي بين النور والظلمة، إلا أن نهاية القيامة الأمريكية التي أعلنها ترومان، بإلقاء القنبلة الذرية قبل 65 عاما باتت وشيكة، ولم يدر في خلد فوكوياما أن ما أعلنه حول التاريخ ونهايته قبل 20 عاما، واصفا ماضٍ طويت صفحته بإنتصارٍ طرواديٍّ للامبريالية، كانت عبارة عن نبؤة مضادة تنتظرها في المستقبل القريب. ومع اقتراب نهاية أحداث هذه القيامة، يبدو أن آخر ما تبقى من مساحيق التجميل على وجه الامبريالية الأمريكية القبيح قد سقط، فها هي مسميات الحروب على الأقل تعود لتعبـّر عن وجهها الحقيقي، فبعد حروب اقترنت اسماؤها بعدد سنينها وأخرى بعدد ضحاياها، ثم مرورا بحروب سميت بالباردة رغم اكتواء الملايين بنيرانها، وحروب فضاء وحروب صليبية مبتكرة في الألفية الثالثة وغيرها من التسميات، إلا أن المطاف قد انتهى بتسمية هرمجدون سفر الرؤيا في العهد الامريكي بحرب العملات، في اشارة إلى صراعها مع التنين الصيني المترقب بشغف للوثب على رأس الهرم العالمي. وتأتي هذه التسمية اليوم هكذا ودون مقدمات، مبرزة جوهر حروب خلت: حروب رأس المال وصراعات المصالح والنفوذ.

ولكن ومع الانهيار المرتقب لأعتى الامبراطوريات وأكثرها توحشا في التاريخ الانساني، لا يبدو أن الجرائم والانتهاكات بحق البشرية، من استغلال وقتل واضطهاد وتعذيب، في طريقها إلى الزوال. قد تكون الدعوات المتصاعدة لايجاد بديل عن النظام النقدي السائد الآن حلا محتملا، ولكنها بالتأكيد لن تكون حلولا متكاملة وجذرية وحدها، بل يجب أن تتزامن مع برنامج اقتصادي وسياسي واجتماعي وثقافي متكامل. ورغم وجود برامج محتملة في الفلسفة الماركسية مثلا أو ربما في مشروع فينوس لصاحبه بول فريسكو، إلا أنها لم تخرج حتى الآن عن اطارها النظري، كما أن التجرية الشخصية لمارك بويل مؤلف كتاب "رجل بدون نقود"، في العيش دون استخدام النقود منذ عام 2008 وحتى الآن، لا تبدو كافية لتعميم التجربة، ولكنها على الأقل توفر لنا برهانا بأن العيش دون نقود ما زال أمر ممكنا وقابلا للتحقيق، إن امتلك الانسان الارادة. فهل نستطيع التخلي عن النظام النقدي؟!


* كاتب عربي



#رامي_أبو_جبارة (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- خامنئي يؤكد رفض إيران -الإذعان- للولايات المتحدة داعيا إلى ت ...
- إسرائيل تقصف مدينة غزة وسكانها يستعدون لهجوم وشيك.. إليكم آخ ...
- غرق 3 شقيقات صغيرات وإنقاذ العشرات من قارب يقل مهاجرين لإيطا ...
- كارثة إنشائية بالصين.. مقتل 12 عاملا جراء سقوط جسر ضخم فوق ا ...
- كاتب إسرائيلي يحذر من تداعيات -تسونامي الاستيطان الصامت- بال ...
- كاتس يتوعدها.. تعرف على مخيمات الضفة الغربية
- أوكرانيا تعلن استعادة قرى في دونتسك وروسيا تحدد شروطها للسلا ...
- قمّة ألاسكا: صراع وتحالفات جديدة من أجل إعادة اقتسام العالم ...
- فلترفع الامبريالية الأمريكية يدها عن فنزويلا وشعبها
- سائق شاحنة ينعطف بطريقة مخالفة ويتسبب بحادث مميت.. شاهد لحظة ...


المزيد.....

- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رامي أبو جبارة - حرب العملات ونهاية القيامة الأمريكية: هل نحن بحاجة إلى النظام النقدي؟!