أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - ريما كتانة نزال - على هامش -من أوراق العمر-..














المزيد.....

على هامش -من أوراق العمر-..


ريما كتانة نزال

الحوار المتمدن-العدد: 3402 - 2011 / 6 / 20 - 10:45
المحور: القضية الفلسطينية
    


"النابلسيون"، أينما أقاموا، مغرمون بمدينتهم. وقلما نجد من يتغزل او يعبر عن تعلقه وارتباطه بمدينته كأهل نابلس، والأمر ذاته ينطبق على الكاتب "غازي الخليلي"، حيث تتسع المساحة التي تشغلها نابلس في السيرة الذاتية "للخليلي" المعنونة "من أوراق العمر" التي صدرت مؤخرا عن دارالشروق .
ربما تأخر "الخليلي" في تسجيل سيرته الذاتية. فالأمور غالبا ما تكون واضحة وهي أمامنا على عكس التجارب التي لا تتضح معالمها وحيثياتها الا عندما تغدو خلفنا. فمن الواضح ان الكاتب قد فكر في كل شيء خلال مرحلة زمنية مليئة بالاحداث والمحطات المفصلية، والتي امتلك مواقف ازائها ولعب دوره في أحداثها، مما حفزه أن يحشر أوراق عمره بين دفتي كتاب، آملا في أن تعتبر لاحقا من ضمن التجارب المشكلة لمفردات المرحلة الأهم في متابعة الفلسطينيين لاستقلالهم من جانب، ولمعاصرتها وقوع "النكبة" وآثارها المدمرة على الشعب الفلسطيني، الى جانب معايشته لاستكمال الاحتلال الاسرائيلي لكامل الارض الفلسطينية. فكلا المنعطفين الكبيرين المصطلح عليهما بالنكبة والنكسة سرّعا في اذكاء التفاعل الشعبي الفلسطيني مع مجريات الأحداث وصولا الى بزوغ فجر الهوية الوطنية الفلسطينية المستقلة. في هذا السياق شهدت المرحلة نشأة وتأسيس التنظيمات الفلسطينية أو استقلالها عن الاحزاب العربية التي كانت مُدغمة بها. فالكتاب يمكّن من الاطلاع على بعض أوراق التاريخ الفلسطيني ولو من زاوية ورؤيا شخصية، الا ان الكاتب سكت عن الكلام المباح عند بداية السبعينات واعدا باستكمال مشروعه وعرض أوراقه المتبقية من تجربته السياسية والنضالية.
تعني نابلس الكثير "للخليلي" الذي يحمل اسم عائلة يوحي بالانتساب الى مدينة الخليل الفلسطينية. فنابلس تحتل مكانها في كل زاوية من مبنى السيرة، ويستطيع القارئ أن يلمس تشرب الكاتب لتفاصيل ما يرتبط بها. فتطل علينا خارطة حاراتها الضيقة التي تتعانق فيها البيوت مع بعضها البعض بحميمية بالغة، كما تحضر نابلس في أوراق عمر الكاتب في مساحة تتربع على أكثر من ثلث صفحات الكتاب. ربما كنت أود أن يتوسع أكثر لتنفتح العين على مداها وبما يظهر أكثر الخصوصية النابلسية وتأثيرها على تكوين أهلها. فوقوع المدينة بين دفتي جرزيم وعيبال، وتاريخها العريق الذي شهد أشكالا عدة من الصراع لطمع الغزاة في السيطرة على المدينة، مما ترك الأثر على صياغة خصوصية المدينة السياسية والاجتماعية، وفي رسم معالم الشخصية المميزة لأبنائها.
يحتفظ الكاتب في ذاكرته صور أزقة نابلس وزواريبها الالتفافية التي يضيع حتى أهلها في بعض خباياها. انها مدينة مبهرة بجمال أقواسها وأسرار أحواشها. هي المدينة التي تهمس بحداويتها وحكاياتها مساءً، ولا تنام دون تداول أحداث النهار في الشوارع وعلى المقاهي. وكيف لا؛ وهي البلد التي يجمعها نسيج متجانس لكثرة ما يتزوج أهلها من بعضهم البعض، للحد التي أصبح فيها الزواج من المدن او القرى الأخرى من الأمور النادرة؛ وللدرجة التي أصبح فيها تخصيص أبناء المدينة لبناتها في حكم العادات والتقاليد، والتي ما اخترقت الا بعد الاحتلال بمدة ليست بالبسيطة. لذلك امتلكت نابلس خصوصية التماسك والتشابك العائلي المتين.. او ما يمكن أن يوصف به أهلها من صفة التعصب لمدينتهم. فقد ساهم التماسك العائلي في خلق عوامل التأثير المشترك وعناصرالاحساس والحراك الجماعي لدى أهل نابلس. ومن هنا يمكن ملاحظة الانحيازات النابلسية الجماعية للافكار والمعتقدات وكذلك في عملية الانتظام في الحركات السياسية. كما يمكن من خلال ذلك الاضاءة على الدور الذي لعبته نابلس في منتصف القرن الماضي في قيادة الحركة الوطنية الفلسطينية متقدمة على غيرها من المدن. وللتذكير فإن شرارة الاضراب العظيم في عام 1936 كانت قد انطلقت ضد الانجليز من مدينة جبل النار.
لم تكن حياة الكاتب سهلة ووردية، بل عانى مع اسرته من شظف العيش. وقد ساهمت النشأة القاسية في أن يكبر قبل أوانه، ويتضح تأثيرها كذلك في عمق انتماء الكاتب وانشداده لأسرته. كما ساهمت النشأة وكابن لعائلة كثيرة العدد يقضي أفرادها يومهم في الكدح والعمل في فرن الوالد لكسب لقمة العيش، أو العمل بأجر في الاجازات المدرسية، في تغذية طموح الخليلي ودفعته للخروج فكريا من جدران البيت ومن البيئة المحلية، للتعرف بعمق على كنه ومعنى الحياة بمعناها الأوسع ليحلل تشابكاتها وتعقيداتها. لذلك كان قارئا مستفيضا الأمر الذي أكسبه الوعي والواقعية والمبادرة والثقة بالذات.
لقد بدأ تشكل الوعي لدى "الخليلي" مبكرا، ودفعه استكمال الاحتلال لمشروعه التوسعي الى حسم خياراته باتجاه التوغل في المشروع الوطني العام ليصبح مشروع حياته، لذلك نراه وقد رتب ايقاع حياته على وقع ودبيب الحياة الفلسطينية وموازيا لها مستمعا وملبيا لنبضاتها.
" من أوراق العمر" للكاتب "غازي الخليلي" مكتوبة بلغة سهلة وبسيطة لا تخلو من تشويق القراءة المتواصلة، والكتابة عنها لا تكتمل الا بعد استكمال الجزء الثاني من السيرة، وهو الذي أفترض بأن يكون أكثر تعقيدا واشكالية. حيث توقف الكاتب عن الكلام المباح في العام 1970 مسجلا الكثير من النقد للسياسات المغامرة حتى تلك الآونة.. ولا أشك بأن المراجعة النقدية لمفردات المراحل التالية - التي تتميز بالمعطفات الحادة الممزوجة بالخلافات والأخطاء - لن تدخله في الزجاج .. ومع كل الاحتمالات الواردة، وحتى لو كلفت مغامرة الكتابة إلى أن يضع الكاتب نفسه خلف الزجاج ليرشق بذات الحجر الذي رماه، فإنه في كل الاحوال سعى نحو توثيق وتسجيل حكايته لاغناء المكتبة الفلسطينية وجاهز لدفع الثمن..



#ريما_كتانة_نزال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خمس وعشرون عاما على فراق خالد نزال، عن تجربة التعايش مع الفق ...
- مقترحات -توماس فريدمان- من ميدان التحرير
- القتل دفاعا عن -شرف العائلة- يقتل العائلة..!
- رمزية حضور المرأة في مشهد المصالحة
- حركة التضامن الدولية مستمرة في فلسطين
- أهمية قيام حركة اجتماعية للنساء الفلسطينيات
- لقاء رئيس الوزراء مع ممثلات من قطاع المرأة الفلسطينية
- الشعب يريد إنهاء الانقسام والاحتلال-
- المرأة المصرية جزء أصيل من ثورة التغيير في مصر العربية
- أرى.. لا أسمع.. ولا أتكلم
- 52% من عضوات المجالس المحلية الفلسطينية لا يرغبن في الترشيح ...
- احياء يوم الشهيد في بلعين
- قرار محكمة العدل العليا الفلسطينية: الكرة في ملعب الحكومة
- يحيا العدل..
- المرأة والحريات العامة والشخصية في غزة
- ابو عمار.. باقٍ معنا وفينا
- حملة 16 يوما لمناهضة العنف ضد المرأة الفلسطينية
- شباب فلسطين: غائبون أم مغيبون
- رسالة من المرأة الفلسطينية الى الامين العام للأمم المتحدة في ...
- حملة - اكتب رسالة لأسير-


المزيد.....




- بيان من -حماس-عن -سبب- عدم التوصل لاتفاق بشأن وقف إطلاق النا ...
- واشنطن تصدر تقريرا حول انتهاك إسرائيل استخدام أسلحة أمريكية ...
- مصر تحذر: الجرائم في غزة ستخلق جيلا عربيا غاضبا وإسرائيل تري ...
- الخارجية الروسية: القوات الأوكرانية تستخدم الأسلحة البريطاني ...
- حديث إسرائيلي عن استمرار عملية رفح لشهرين وفرنسا تطالب بوقفه ...
- ردود الفعل على قرار بايدن وقف تسليح
- بعد اكتشاف مقابر جماعية.. مجلس الأمن يطالب بتحقيق -مستقل- و- ...
- الإمارات ترد على تصريح نتنياهو عن المشاركة في إدارة مدنية لغ ...
- حركة -لبيك باكستان- تقود مظاهرات حاشدة في كراتشي دعماً لغزة ...
- أنقرة: قيودنا على إسرائيل سارية


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - ريما كتانة نزال - على هامش -من أوراق العمر-..