أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جاسم المطير - مسامير - عن مقتل الفنان ثيو فان كوخ















المزيد.....

مسامير - عن مقتل الفنان ثيو فان كوخ


جاسم المطير

الحوار المتمدن-العدد: 1013 - 2004 / 11 / 10 - 11:39
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


قتل الفنان السينمائي الهولندي ثيو فان كوخ في الأسبوع الماضي في مجتمع يتميز بالنموذجية بما يتعلق بحرية الإنسان وبالحرية الفردية والدينية والسياسية القائمة على روح تضامنية عميقة.
كان القاتل المراهق ، بغض النظر عن دوافعه ، مجرما بحق الحرية التي ناضل الإنسان في كل مكان وعبر التاريخ كله وما زال يناضل من أجلها .
ولا شك أن هذا الفعل الإجرامي سينتج الكثير من ردود الأفعال العاطفية عند مراهقين هولنديين ( ضد تيارات أو مؤسسات إسلامية ) وعند سياسيين هولنديين ( ضد الأجانب ) وفي الدائرة القانونية الهولندية ( ضد تسهيل شروط الإقامة )منطلقين جميعا من حقهم في الدفاع عن حريات مواطنيهم وحقهم في العيش بأمان .
قرأتُ الكثير مما كتبه البعض من العراقيين حول الجريمة ، وبخاصة ما كتبه العراقيون الثلاثة ( بيان صالح ونادية محمود وصائب خليل ) وهم من النخب الديمقراطية العراقية المقيمين في دول الليبرالية والحرية . كانت آراء بيان صالح تلتقي إلى حد ما مع منطلقات نادية محمود معترضا عليها من قبل صائب خليل .
لابد لي من القول أن هذه الجريمة لا تنفصل بأي حال من الأحوال عن عقدة العلاقة المباشرة بعملية التجديد الديني في الإسلام السياسي وما يتعلق برؤية دور الدين في المجتمع الإسلامي ومن ثم ضرورة الاعتراف ، من قبل المسلمين الواعين وغير المعميين بنصوص دينية محدودة ببعض التفاسير وليس كلها ، بالتطورات الهائلة في حياة البشر الجارية الآن في مختلف دول العالم بما فيها الدول ذات الأكثرية الإسلامية .
إن ما يحدث في العالم المعاصر على صعيد تطور تيار المجتمع المدني وما يصاحبه من نسيج واسع من شبكات الاتصالات والتراكم المعرفي والمادي والعلمي والفني والتكنولوجي والتجاري هو تجديد لحياة الإنسان – وهذا هو جوهر نداء النبي محمد في الصحراء العربية - مما يستوجب تحقيق التضامن العام بين الشعوب لتحقيق خيرها وبالتالي تحقيق الانسجام بين المنابع الروحية والخلقية والدساتير والقوانين المعمول بها في مختلف البلدان ، وهذا هو جوهر تأسيس عناصر الإسلام واختياراته.
الضحية في هذه الجريمة هو مواطن هولندي صميم يعمل في مجال الإبداع الفني السينمائي يمتلك حقوقا وواجبات تقرها وتحميها وتحاسبه عند الإخلال بها قوانين بلده وحكومته ، وهو حر في الالتزام بها أو عدمه .
أما القاتل فهو هارب من بلده الأصلي أو جاء مستجيرا بالبحث عن لقمة عيشه في بلد فتح أمامه أبوابه كلها وكيّف قوانينها كلها مبلورا قيما إنسانية جديدة لتعميق مُثل الضيافة والاستضافة بين المواطن والمهاجر المحمي بقوانين خاصة من قبل الحكومة الهولندية ، وهي قوانين استضافة لا يوجد شبيه لها في وطنه الإسلامي الأم ، تقيه من شرور العوز والبطالة والتشرد وتوفر له الأمان والحرية والكرامة والشعور التام بالإنسانية ولا يوجد لها مثيل ليس فقط في بلده المغرب بل في كل البلدان الإسلامية قاطبة .
القاتل هنا ، في حالة الضحية فان كوخ ، ارتكب جريمة بشعة ليس فقط في ظروف مجتمع مدني علماني حر مبني على روح القوانين بل قام بتغييب سلطان وثقافة وأخلاقيات الدين الإسلامي نفسه ، فقد تنكر كليا للمعرفة الإسلامية التاريخية المستمدة من قدرة الدين الإسلامي على التفاهم الإنساني مع جميع البشر استنادا إلى قول القران الكريم ( لكم دينكم ولي دين ) .
القاتل هنا أرعب مستضيفيه بسفك دم واحد من أعز أبناء جلدتهم ، متجاوزا على قيم وعهود وشروط الضيافة وعلى حقوق 15 مليون إنسان هولندي أكرموه وأعزوه كأنه واحد من أبنائهم ، اعتقادا منهم أن عصر العصبية الدينية قد ولى وان نموذج المجتمع المدني الديمقراطي هو الذي يتفق مع القيم الإنسانية العميقة المشتركة بين كل الثقافات والأديان في العصر الراهن ، حتى تساوت فيها حقوق الصومالية (هيرسي علي ) القادمة من أكثر بلدان العالم تخلفاً مع حقوق جميع نساء ورجال هولندا وهي من بلدان العالم الأكثر تقدما ، منظوراً إليها إنها إنسان من خلق الله حسب ، فنالت عضوية مجلس النواب وهو منصب يعصى الحصول عليه من قبل هولنديين أصلاء .
وإذا ما أدعى أي أحد بدفاعه عن إسلام يرى أن " الآخر " قد أساء فهمه أو تجنى عليه فالوسائل متاحة أمامه في هولندا بالذات أكثر من بلده الأم وأكثر من أي بلد ليبرالي آخر . بإمكانه ان يكتب مدافعا عن إسلامه بمسرحية او بكتاب او جريدة وحتى بأفلام سينمائية ويستطيع بكل حرية اتباع وصية الله الكبرى ( وجادلهم بالتي هي أحسن ) .
لكن القاتل، في الواقع ، سقط ضحية التفكير الجاهلي الذي تشجعه وتغذيه منظمات الإرهاب الدولي وتحريضات العقول الحجرة من دعاة المنظمات السعودية المتطرفة وغيرها من دعاة الجهل التي تبرأ منها النبي محمد منذ ألف ونيف من السنين .
قد تكون السيدتان بيان صالح ونادية محمود محقتان في دفاعهن عن أي عدوان يقع على بنات جنسهما ، وأنا معهما ، في الدفاع عن حق المرأة العراقية والعربية والمسلمة في الحياة الإنسانية الحرة الكريمة ، فوالله ِ لا يوجد ظلم في هذا العصر أشد قسوة وظلاما مما تعانيه المرأة العراقية والعربية والمسلمة .
إن جريمة قتل الفنان ثيو فان كوخ لا تنتمي إلى أي جهد روحي ولا لأي جهد تعبدي وليس له أرضية دينية وليس له ثمرة إسلامية ولا علاقة له بعقلانية الدين الإسلامي ، لا الكلاسيكي ولا المعاصر ، بل ان الجريمة بكل دوافعها ليست سوى واحدة من أعمال الانخراط المباشر وغير المباشر ، بوعي أو من دون وعي ، في صراع جاهلي يحاول البعض تجميله باسم الإسلام . فمن المستحيل أن يقاس إيمان الإنسان عن طريق ممارسة قتل إنسان آخر مهما كان" الآخر" موصوفا بصبغة مكتشفات او مخترعات ذاتية كما ارتكز صائب خليل في مقالته على تصوراته الشخصية في نقد التربية المدنية ونظام الجدل الذي كان يتبعه ثيو فان كوخ في علاقاته ونقاشاته مع الآخرين هو فيها حر في مجتمع ليبرالي حر يمتاز بحرية التفوق على سلطة الفقهاء طالما كان يخضع لقوانين بلده ويتسق معها . وقد بدا لي مقال صائب خليل بأنه تخلٍ عن الديمقراطية والعلم المدني وانه حاصر نفسه في حصن التقرب من تبرير الجريمة ، من دون أن يدري ، مبتعدا بمجادلته مع السيدتين بيان ونادية عن مصدر التنازع الأصلي حول هذه الجريمة المدانة بكل المقاييس والتي لا يجوز تدجينها أمام حرية الفن والقول والتعبير . هذه الجريمة بأولها وآخرها عدوان على جميع العقول التي زود الله بها البشر ، بغض النظر عما صوره الهولندي ثيو فان كوخ أو ما قالته الصومالية هيرسي علي .
ليس من الصواب لا ديمقراطيا ولا إسلاميا إضاعة حلقة الوصل بين الحرية الفردية والقانون ، بين المدنية الزاهرة في هولندا وبين الإمارة الدينية الموروثة من قيم الجاهلية قبل الإسلام من التي تحملها تصرفات بعض المسلمين الموهومين ، الذين يريدون أن يفرضوا على علاقات اجتماعية مدنية حرة و متطورة ، شريعتهم الخاصة الوثيقة الانتماء لقرابة العصر الجاهلي .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بصرة لاهاي في 7 - 10 -2004



#جاسم_المطير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مسامير جاسم المطير 732
- مسامير جاسم المطير 731
- عن حرية المرأة مرة أخرى..
- مسامير جاسم المطير 730
- مسامير جاسم المطير 729
- مسامير جاسم المطير 728
- مسامير جاسم المطير 725
- مسامير أمنيات قبل الانتخابات ..!
- مسامير ما طار طير وارتفع ..!
- مسامير 721 الأنثى هي الأصل ..!
- مسامير جاسم المطير 716
- في ذكرى رحيل هادي العلوي :الجدلية بين الإسلام والماركسية في ...
- رواية المريض الشيوعي 8
- مسامير - أنا وخالد القشطيني وهربجي كرد وعرب..
- الفصل الأخير من رواية المريض الشيوعي
- مسامير 712
- مسامير عن وفدنا العراقي في مؤتمر الصحفيين العرب ..!...!
- مسامير جاسم المطير 709
- مسامير عن خط بارليف الزرقاوي 707
- مسامير جاسم المطير706


المزيد.....




- مع بدء الانتخابات.. المسلمون في المدينة المقدسة بالهند قلقون ...
- “سلى أطفالك واتخلص من زنهم” استقبل دلوقتي تردد قناة طيور الج ...
- جونسون يتعهد بـ-حماية الطلاب اليهود- ويتهم بايدن بالتهرب من ...
- كيف أصبحت شوارع الولايات المتحدة مليئة بكارهي اليهود؟
- عملية -الوعد الصادق- رسالة اقتدار وردع من الجمهورية الإسلامي ...
- تردد قنوات الأطفال علي جميع الاقمار “توم وجيري + وناسة + طيو ...
- -بالعربي والتركي-.. تمزيق 400 ملصق للحزب الديمقراطي المسيحي ...
- اللجنة الوزارية المكلفة من القمة العربية الإسلامية تصدر بيان ...
- حدثها اليوم وشاهدوا أغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي ...
- السعودية.. فيديو تساقط أمطار غزيرة على المسجد النبوي وهكذا ع ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جاسم المطير - مسامير - عن مقتل الفنان ثيو فان كوخ