أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - عادل الخياط - العِقال البلطجي














المزيد.....

العِقال البلطجي


عادل الخياط

الحوار المتمدن-العدد: 3399 - 2011 / 6 / 17 - 11:59
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


كان الباب الرئيسي لمخيم رفحاء تقع بقربه " كرفانات " مكاتب الأمم المتحدة المسؤولة عن شؤون لاجئي المخيم , والتي من ضمنها تسفيرهم لدول العالم . كان اللاجئون يتوافدون يوميا ومنذ الصباح على تلك الكرفانات أملاً في لقاء أحد الموظفين للحديث معه عسى أن يرحم حاله ويضع " ملفه , الكيس " على أحد وُفود الدُول القادمة لجلب اللاجئين . وكان سبب توافد اللاجئين على تلك الكرفانات منذ الصباح هو ان مكاتب موظفي الأمم المتحدة ليست داخل المخيم , إنما خارج المخيم , أي قرب مقر قيادة المخيم السعودية , وحضورهم نحو ثلاثة أو أربعة أيام في الإسبوع إلى المكتب الذي يخصهم داخل المخيم هو للنظر في شؤون أولئل اللاجئين .
في ظهيرة قائضة من أحد تلك الأيام , كان الكاتبان القصصيان " حسن ناصر , وحسن الفرطوسي " من ضمن ذلك الحضور , كانا يقفان في زاوية وهما يحدقان إلى الزحام البشري الذي يود أن يُقابل " سونيا أو ليلى المصرية " موظفة شؤون اللاجئين , لكنهما كانا أكثر تركيزا على " اللاجئ عيسى " الذي كان بطل تلك الملحمة بلا منازع , بهذره الهذياني الذي يذم فيه حشود اللاجئين والموظفين والسعوديين وحريق شمس الصحراء وكل دبيب على الأرض والسماء ! .. فمن هو عيسى هذا الذي هامت هذياناته في لهيب ذلك المنخفض الصحراوي ؟

عيسى هذا من أهالي الناصرية , يحتمل طيبة قلما تجدها بين البشر , وعيسى هذا أحاله مخيم رفحاء إلى شبه مجنون , لكن جنونه زاده تألقا في كتابة الشِعر الصوفي , وقبل لقاء الكرفان حديث الموضوع كان عيسى على وشك العوم في بحر الجنون الذي لا رجعة منه , قبل أن تتلقفه " ليلى " مسؤولة اللاجئين وتقذف به إلى دولة " الدنمارك أو النرويج " , وحافة الجنون لعيسى كنت أنا بالذات على مساس عضوي بها , فمعرفتي به كانت تقريبا منذ قدومنا لمخيم رفحاء سنة 91 , أما حافة الجنون التي كان على وشك أن يطأها أو تطأه فقد كانت على ما أتذكر سنة 95 عندما قال لي بلغته الملحمية المجنونة : يا أخي أنا أصلي وأنت لا تصلي , أنا صلاتي فلسفية صوفية لا تجد لها مثيل في رعيل المصلين الهمجي , وأنا أؤمن أيضا انك لا تصلي , لكنك أشد إشراقا إنسانيا من جميع المصلين , لكن انقذني , أنا من اليوم سوف أعتبرك المهدي المنتظر , لكن يجب أن تنقذني , مهدي مُنتظر مِثلك لا فائدة فيه إذا لم تنقذني من هذا الضياع الصحراوي .. ويضيف : أخي أبو العدالة ضاقت بي الحيل , حتى خيمة أنام فيها ضاعت علي , تنكر لي كل هذا اللفيف الصحراوي , جميعهم تنكروا لي : شيوخ عشائر , شيوخ دين , جوامع , صوامع , مُصلين , صائمين , رُكع سجود .. كُلهم تنكروا لي .. " ليُصرح على اثر ذلك : ان الأرض لم تلد في تاريخها حثالات ومنافقين ومغسولي ذمم مثل شيوخ الدين وشيوخ العشائر !

وقصة عيسى تقترن بقصة المخيم , وتلك لها تشظيات لا حصر لها من التداعيات التي بلا شك ترتبط بوضع العراق الحالي , لكن ما يهم في تلك اللمحة هو :
بعد تركيز الصديقان " حسن ناصر , وحسن الفرطوسي " على سلوكيات عيسى في تلك الظهيرة المستعرة قدِم شخص مُعقل إلى تلك المنطقة , وبعد دوار في الحشد المتجمع قبالة باب الكرفان , وبعد رنين عيسى الهذياني الذي فرقع رأسه , وَقعَ حظه بقرب الصديقان المذكوران , فدعاه التواجد إلى توجيه التساؤل لهما عن عيسى بالقول :عمي شبي هذا يدردم " فقالا له : " عمي هذا مِتعافي , ما يخاف الله ." فرجع سائلا : يعني متعافي شبي , شيريد ؟ " فأجاباه : عمي اتركنا من هذه الشغلة رحمة على والديك ." فرجع الشيخ مُصرا على ماذا يريد عيسى بدردمته .. حين ذاك أجاباه رأسي الفتنة الصديقان المذكوران : عمي إذا كنت تصر على ماذا يريد ويقول هذا , فهو يقول بصراحة : إن أهل العُكل " كلهم ما بيهم حظ .. "
حين ذاك إنتفض الشيخ إنتفاضة جهنمية من تلك الإنتفاضات التي تخص التعدي على " العِقال" قائلا بنبرة سقوط العقال وباللهجة العشائرية العراقية التي تعبر بحرفية قاتلة عن ذلك الغضب المتوطن في الأرحام قبل النفوس , قال : أفـــــــا , أهل العِكل ما بيهم حظ , وهذا الأفندي بي حظ ... "

تذكرت هذه الواقعة في مخيم رفحاء المُفعم بالعُقل المتدينة المنافقة وأنا أنظر للعُقل البلطجية في ساحة التحرير وهي تتصدى ببلطجيتها التي عهدناها سابقا لشباب العراق المنتفضين في ساحة التحرير ليس لإعتلاء مناصب حكومية ولا لنيل شهرة في بلد المافيات والميليشيات , ولا الصعود على الوازع الديني أو الأيديولوجي .. كل ما يطمح إليه هذا الشباب المنتفض هو العيش بكرامة وتوفير بعض الخدمات وسلخ البلد من زنابير الشيعة والسنة ..
ومن ثم قادتني العُقل البلطجية إلى تاريخ العُقل الذي لا يزال عالقاً في الأذهان : تذكرت العُقل وهي تردح ل صدام ومديات النفاق والذميمة , تذكرت القول الذي يصف هذا العالم الخرب : الأعراب أشد كُفرا ونفاقا .. تذكرت , تذكرت موضوعا ذات يوم كتبته بعد فوز تنظيمات الإسلام العشائري في الإنتخابات الأخيرة , ويقول فحوى الموضوع : إن العشائرية المتخلفة المُغلفة بالصبغة الدينية الطائفية هي مصيبة العراق الحالي !!! وعلى هذا فإن شعب العراق الذي سحقته حروب صدام وديكتاتوريته , ربما يكون هينا أن تعيد إندفاعه الحياتي من جديد , أما ما يفعله التكوين الديني العشائري لهذا المجتمع , فسوف ينتهي به إلى الهاوية , ما لم تتواصل إنتفاضات ساحة التحرير .
[email protected]



#عادل_الخياط (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- - سلام عبود - تحت أطنان التناقضات - ج 3 -
- سلام عبود - تحت أطنان التناقضات - ج 2 -
- - سلام عبود - تحت أطنان التناقضات - ج - 1 -
- المُتزلِف لرئيس السلطة , ورئيس السلطة المُتزلِف
- ما لم يتطرق إليه - كاظم حبيب -
- عن كاريزما القذافي الوهمية
- هل يقرأ مسؤولو نظام دمشق الحوار المتمدن ؟
- بين قلعة - جواد سليم - ودُعاة العمامة
- أوجه التشابه بن - نوري المالكي - و - عزيز صالح النومان -
- يا نوري المالكي ..... دائما لا يخجلون !
- يا عراق ما دُمت تحت أمر المرجعية , فلا حظ يُرتجى فيك !
- أهم أربعة زُعماء صلِفين في التاريخ السُلطوي
- كيف ينظر القوميون والإسلاميون العربان إلى الثورات ؟
- المُفتي البدوي أصبح سياسيا !
- تلاقفوها يا ملالي طهران , بالأمس العراق واليوم لبنان !
- القرضاوي يُحب كرة القدم في حالات مُحددة
- قنينة عَرق مُعتق على عمامة - اليعقوبي - لتعقيمها من الجراثيم
- - نوري المالكي - يكره الغناء والخمر
- عندما يكون الصُحفي الغربي ممسوخا ثقافيا !
- عبد الخالق حسين ونموذج الزعيم الوطني الأصيل 2-2


المزيد.....




- جعلها تركض داخل الطائرة.. شاهد كيف فاجأ طيار مضيفة أمام الرك ...
- احتجاجات مع بدء مدينة البندقية في فرض رسوم دخول على زوار الي ...
- هذا ما قاله أطفال غزة دعمًا لطلاب الجامعات الأمريكية المتضام ...
- الخارجية الأمريكية: تصريحات نتنياهو عن مظاهرات الجامعات ليست ...
- استخدمتها في الهجوم على إسرائيل.. إيران تعرض عددًا من صواريخ ...
- -رص- - مبادرة مجتمع يمني يقاسي لرصف طريق جبلية من ركام الحرب ...
- بلينكن: الولايات المتحدة لا تسعى إلى حرب باردة جديدة
- روسيا تطور رادارات لاكتشاف المسيرات على ارتفاعات منخفضة
- رافائيل كوريا يُدعِم نشاطَ لجنة تدقيق الدِّيون الأكوادورية
- هل يتجه العراق لانتخابات تشريعية مبكرة؟


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - عادل الخياط - العِقال البلطجي