أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بودريس درهمان - مخاطر الهوياتيين الممانعين و البعد الاستراتيجي لترسيم اللغة الأمازيغية















المزيد.....

مخاطر الهوياتيين الممانعين و البعد الاستراتيجي لترسيم اللغة الأمازيغية


بودريس درهمان

الحوار المتمدن-العدد: 3394 - 2011 / 6 / 12 - 21:23
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يتساءل الفرنسيون بحدة، إذا كانت المدرسة الابتدائية الفرنسية قد خلقها جول فيري، و إذا كان نابليون الأول هو من خلق الثانوية فمن يا ترى خلق الإعدادية؟ و حينما لا يجدون لهذا السؤال جوابا مقنعا يضيفون سؤالا آخر قائلين: هل الإعدادية هي مدرسة كبيرة أم هي فقط ثانوية صغيرة؟
الفرنسيون وهم يتناولون هذا الموضوع و بدون حتى الحصول على أجوبة مقنعة كانوا في واقع الأمر يتناولون موضوعا آخر ذو أهمية قصوى في المجال الاقتصادي و في مجال اقتصاد التربية بالخصوص، هذا الموضوع هو موضوع تاريخ هندسة المؤسسات التربوية أما نحن فرغم أننا نقلنا عن الفرنسيين و عن الأوروبيين عامة المدرسة الابتدائية التي تدوم عندنا حاليا ثماني سنوات و التي تنقسم إلى سلكين السلك الأساسي و السلك المتوسط فان هذه المدرسة التي نقلناها تم نقلها خارج مقومات و قوانين اقتصاد التربية. المدرسة الابتدائية المغربية تدوم ثماني سنوات في حين المدرسة الابتدائية الفرنسية الأقدم تاريخيا تدوم فقط ست سنوات، مع العلم أن هذه الست سنوات يدخل ضمنها قسم الفئة العمرية من 5إلى 6 سنوات المعروفة بـla grande section. أعداء المقاربات الاقتصادية في مجال التربية و التكوين في كل أنحاء المعمور يصنفون ضمن ما يسمى بالتيار الهوياتي. و الهوياتيون بشكل عام، لا يهمهم أن تصاب الدول بالانهيار الاقتصادي الذي سيترتب عنه الانهيار السياسي، و لا يهمهم الامتثال إلى القوانين الدولية أو إلى المؤسسات الدولية عن طريق احترام المواثيق و العهود الدولية، كل ما يهمهم هو قناعتهم الهوياتية لأنها رصيدهم السياسي و الإيديولوجي، بها يعيشون و من أجلها يكافحون. الهوياتيون متواجدون في كل دول المعمور وغالبا ما يشكلون بداخل الدول الديمقراطية القاعدة الانتخابية لما يسمى باليمين المتطرف، و في الدول غير الديمقراطية يشكلون القاعدة الانتخابية لليمين المتطرف و لليسار المتطرف كذلك. الهوياتيون يبالغون في إعطاء الأهمية لمنطوق الفئة الاجتماعية المهيمنة سياسيا. يعطون الأهمية المبالغ فيها لمنطوق الفئة الاجتماعية المهيمنة سياسيا و يسمون هذا المنطوق لغة وطنية و يقومون بترسيمه بداخل الدساتير لدرجة أن المجموعة المتطرفة بداخل تيار هؤلاء الهوياتيين يذهب حد تحريم اللغات الوطنية و اللغات الأجنبية بالإضافة إلى اللهجات الوطنية المحلية. من بين الأخطاء التي يرتكبها الهوياتيون هي أنهم يفرقون ما بين المنطوق المحلي المسمى لهجة و المنطوق العام المسمى لغة بشكل متعسف بدون مراعاة الشروط العلمية و الشروط السياسية التاريخية و الاقتصادية التي تحيط بتشكل اللغات و اللهجات و هم يجهلون هذه الشروط العلمية و هذه الشروط السياسية التاريخية و الاقتصادية أو يتجاهلونها عن عمد، يقومون من حيث لا يدرون بتحقير اللغات و اللهجات الوطنية. الشروط السياسية التاريخية و الاقتصادية تؤكد بأن اللهجة هي في واقع الأمر ليست إلا لغة فشلت سياسيا، بمعنى لم يصل المدافعون عنها إلى مراكز القرار و لم يستطيعوا التوفر على جماعة ضغط سياسية من أجل ترسيم هذه اللغة بداخل الدستور؛ مما يؤكد بأن بعض اللهجات عموما هي في واقع الأمر لغات حقيقية فشلت سياسيا لأنها لم تسطع التأثير في القرار السياسي الذي يعمل على تحديد اللغات و اللهجات. الشروط السياسية التاريخية و الاقتصادية تساهم بشكل كبير في تحديد اللغات و اللهجات في حين الشروط العلمية اللاحقة تحقق في كيفية تدقيق اللغات و اللهجات و تقوم حتى في التدقيق في اللهجات الفرعية و غيرها.
حددت الشروط العلمية أربعة معايير للتدقيق في الفروق المتواجدة ما بين اللغات و اللهجات. المعيار الأول هو معيار التاريخانية، بمعنى أن يتم استعمال هذه اللهجة لمدة طويلة من الزمن تقاس بالسنوات و القرون. المعيار الثاني هو معيار التقعيد اللغوي، أي التوفر على نحو خاص و صرف خاص و التوفر على كل فروع مجال الدراسات اللغوية. المعيار الثالث هو معيار التعميم أي أن تتم عملية تعميم اللغة على شرائح واسعة من السكان و هذا التعميم هو ممتد أفقيا و عموديا. الامتداد الأفقي هو امتداد جغرافي و الامتداد العمودي هو امتداد اجتماعي يشمل جميع الطبقات الاجتماعية. أما المعيار الرابع فهو معيار التوحيد، بمعنى أن اللغة توحد بين كل مكونات الأمة المعنية بهذه اللغة.
السجال البيزنطي الحالي الذي انخرط فيه مجموعة من الممانعين لترسيم اللغة الأمازيغية كل هؤلاء الممانعين و هم مصنفون بداخل الهوياتيين الغلاة و السياسيين الغلاة كذلك، يجهلون كليا الفوارق الحقيقية ما بين اللغات و اللهجات و لهذا كانوا يخضعون فقط إلى غرائزهم الهوياتية المدمرة المتمثلة ليس فقط في رفض لغات و لهجات الآخرين،بل و الأدهى من ذلك تفويت الفرص التاريخية على الدولة من اجل ربح رهان الاستباق الاستراتيجي المعمول به من طرف الدول المتقدمة و من طرف الدول الحديثة كذلك.
يتجلى رهان الاستباق الاستراتيجي المعمول به من طرف الدول المتقدمة و من طرف الدول الحديثة في كون ترسيم اللغة الأمازيغية بداخل دستور المملكة المغربية هو رهان استراتيجي يهم مواطني منطقة دولية تتجاوز مساحتها الجغرافية خمس القارة الإفريقية و يشتغل عليها أكثر من أربعة و عشرون دولة. الهوياتيون المنحصرون في صراعاتهم الهوياتية الضيقة يفوتون على الدولة و المجتمع فرصة ربح هذا الرهان الاستراتيجي الذي يبدأ، أول ما يبدأ بالاستباق في انجاز مهام التهيئة اللغوية و مهام إعداد الترسانة البيداغوجية لتدريس هذه اللغة، و أعتقد أن المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية قطع أشواطا مهمة في هذا الاتجاه مما يجعل منه مستقبلا مؤسسة وطنية قادرة على تحمل مهام الرهان الاستراتيجي في نشر و تثبيت الرؤية المغربية المتعلقة بقضايا الأمازيغ و الأمازيغية.
الأهمية المبالغ فيها التي يمنحها الهوياتيون المنغلقون لمنطوق الفئة الاجتماعية المهيمنة سياسيا يتم إسنادها بمبالغة أخرى لا تقل عنها أهمية و هي المبالغة في تأجيج الأحاسيس و العواطف المتعلقة بمسألة القومية و مسألة العقيدة.
بعض الهوياتيين الانغلاقيين، حتى قبل صدور الدستور الجديد المرتقب بدؤوا يحذرون المملكة المغربية من مغبة التفريط في المكون الهوياتي الذي يعنيهم، و كأنهم الأوصياء الوحيدين على هذه المملكة، في حين الأوصياء الحقيقيون، إن كان هنالك أوصياء أصلا، هم من يرغبون في استمرار المملكة في التاريخ و الزمن. هؤلاء الهوياتيون الانغلاقيون يعتقدون بأنه لا بأس أن تتنازل المملكة المغربية و تقوم باعتماد فصل السلط، بل و لا بأس أن تتنازل و توسع من الديمقراطية و من الحريات الفردية، و لكن حذار، حذار أن تتخلى عن المكون الهوياتي الوحيد و الأوحد. و لكي يكون مقنعين أبدعوا مصطلحا غريبا سموه التشظي الهوياتي؛ متناسيين أن التشظي الهوياتي الحقيقي هو الحاصل حاليا، لأنه قائم أساسا على تراتبية هوياتية مقيتة، و التراتبية الهوياتية المقيتة أقبح و أفظع من التشظي الهوياتي لأنها تنتمي إلى الماضي البعيد.



#بودريس_درهمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ميشيل دوبري و الملكية الرئاسية في فرنسا
- آلام عنف الثوار
- المندوبية السامية للتخطيط، مجموعة باريس 21 و دول التعاون الخ ...
- الحكم الذاتي المحلي: الخيار الدولي بالقانون
- -المجلس السياسي الأمريكي الأوروبي- و موجة الثورات
- معالم الدستور المقبل
- الثورات و تقنيات الجيل الرابع من الحروب
- التدبير المفوض و الجهوية المدسترة
- حزب العدالة و التنمية و الشرعية الديمقراطية
- دساتير النظام العالمي القديم
- الثورات و الفلسفة الأوروأطلسية الجديدة
- مخيم اكديم ازيك و الإيديولوجية الأوروأطلسية
- رؤساء أم عملاء؟
- الرعب الأبيض و عملية التشبيك الاجتماعي
- مفاتيح الثورات توجد في ثنايا التاريخ
- أجيال الخيبة، جيل الثورة و النظام الإقليمي الجديد
- الجامعة العربية و روح و عقل الشعوب
- خطة الرئيس أوباما للتغيير
- بلطجية التاريخ انتهوا
- مفهوم التجديد و مفهوم الابتكار


المزيد.....




- لدرجة لا يمكن التعرف عليها.. شاهد مقدمة حفل تخطئ بشدة في نطق ...
- مسؤول أمريكي يكشف عن أهم مطلب لولي العهد السعودي خلال اجتماع ...
- إطلاق النار على فلسطيني عند نقطة تفتيش إسرائيلية قرب القدس
- عوامل جذب جديدة.. آخر صيحات الموضة على شواطئ السعودية
- باير ليفركوزن يطمح إلى -غزو الكرة الأوروبية- بعد تسيد البوند ...
- نائبة مصرية: مشاركة القطاع الخاص -يوم أسود في تاريخ الصحة ال ...
- سياسية ألمانية تنتقد استراتيجية بلادها تجاه أوكرانيا: ستدفعن ...
- مسؤول دفاعي ردا على دعوة سموتريتش للسيطرة على جنوب لبنان: هل ...
- هنغاريا.. اصطدام سفينة مع  زورق في نهر الدانوب يسفر عن مقتل ...
- علييف يرفض تدخل الدول غير الإقليمية في شؤون جنوب القوقاز


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بودريس درهمان - مخاطر الهوياتيين الممانعين و البعد الاستراتيجي لترسيم اللغة الأمازيغية