أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ابراهيم حجازين - بحثا عن القاعدة الاجتماعية: شذوذ النهج الليبرالي أضعف جهاز الدولة















المزيد.....

بحثا عن القاعدة الاجتماعية: شذوذ النهج الليبرالي أضعف جهاز الدولة


ابراهيم حجازين

الحوار المتمدن-العدد: 3390 - 2011 / 6 / 8 - 08:28
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


اصطلح في الصحافة والأدب السياسي خلال العقد الماضي على أصحاب منهج الانفتاح الاقتصادي والتخلص من دور الدولة في ملكية المشاريع الإنتاجية والخدمية وإدارتها والتبعية التامة لمراكز الرأسمال العالمي بالليبراليين الجدد لكنها كانت فئة معزولة اجتماعيا غريبة فكريا وجذورا عن المجتمع الأردني. قامت هذه المجموعة في الأردن بتنفيذ حزمة من البرامج الاقتصادية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية لتأهيل البلاد حسب وجهة نظرها لتكون جزءا من نظام التبعية للعولمة كما تفرضه المراكز الرأسمالية الدولية، وأداتها كانت تحقيق برنامج التصحيح الاقتصادي المفروض من المؤسسات الاقتصادية والمالية الدولية. ورغم الدعم الذي تلقته دوليا والظروف المواتية لها إقليميا والنجاحات التي اتخذتها من موقع المسؤولية داخليا لتحقيق برنامجها، إلا أنها ووجهت برفض داخلي من قوى اجتماعية وسياسية مختلفة ومقاومة أوسع من الجماهير الشعبية تمثل بتحركات جماهيرية عديدة توجت أخيرا بالحراك الشبابي والشعبي خلال الفترة الماضية، وقد أدركت هذه المجموعة مبكرا أن تنفيذ برنامجها داخليا يحتاج لقاعدة اجتماعية تفتقدها، لذا عملت على بناء قوى اجتماعية تابعة لها عبر وسائل متعددة تطلب في واقع الأمر هندسة اجتماعية للمجتمع الأردني كانت ارتداداته مأساوية على الأردن داخليا ووضعه في الإقليم وانكشافه اقتصاديا وسياسيا وإضعافه أمام مختلف الإخطار التي تلف المنطقة.
أدرك الليبراليون الجدد انه لا يمكن تمرير سياساتهم وتمتين قبضتهم على قمة السلطة والقرار إلا بوجود قاعدة اجتماعية لنهجهم وهذه القاعدة التي افتقدها هذا التيار كانت أحد أسباب ضعفهم في الأردن، في الدول الرأسمالية المتطورة شكل الرأسماليون بفئاتهم المختلفة طبقا للمرحلة التاريخية قاعدة وظهيرا لهذا الاتجاه المتوحش وأنتج أكثر الأنظمة السياسية تطرفا في العصور الحديثة منذ السبعينيات التي تمثلت بالريغانية والثاتشرية وأخيرا بإدارة بوش، أما في بلدان العالم الثالث وخاصة تلك التي ساد فيها القطاع العام لم تهيئ الفرصة لنشوء مثل هذه الطبقات والفئات الاجتماعية والتي حتما كانت ستفرز ممثليها السياسيين الذين ينتظمون في هذا التيار والذي من احد أهدافه الانقضاض على مكتسبات الفقراء والكادحين والفئات الوسطى التي رعتها الدولة، وفي هذا يكمن عدائهم للدولة ودورها في قيادة الاقتصاد وإدارته، ولان هذه الدول لم ينشا فيها قاعدة لهذا الاتجاه فكان لا بد من خلقه. ففي الخطاب الفكري والسياسي لهذا الاتجاه والذي سيطر على القرار في الأردن في العقد الماضي حاول أن يدعو ويستند اجتماعيا للقطاع الخاص ورجال الأعمال لكنه لم ينجح تماما لان هذه الفئات رغبت بالمشاركة في القرار السياسي وهذا ما لم يقبل به تيار الليبرالية الجديدة بحكم عداءه للديمقراطية والمشاركة السياسية رغم تغنيه بحقوق الإنسان ودعمه المالي لبعض المؤسسات غير الحكومية لاختراق القوى الداعية للإصلاح الديمقراطي، وكان احد محاور عمله في هذا الاتجاه خلق قاعدته الاجتماعية ولو بشكل مصنع من رحم جهاز الدولة فيضبط حركة أفراده ويؤمن الولاء الكامل له وفي نفس الوقت تبقى هذه الفئات موجودة في جهاز الدولة وفي المواقع الحساسة ضمن شبكة علاقات غير شرعية تحكمها المصالح، فتفتقت عبقريتهم عبر تفريخ الهيئات المستقلة ذات الامتيازات والرواتب العالية والتي تقف بموازاة الجهاز الحكومي العام فهم يضعفون جهاز الدولة ويفتتونه ويسحبوا منه التفويض الذي منحه له الدستور بتقديم الخدمات للمواطنين بنفس الطريقة التي عملوا بها لفرض الخصخصة في قطاع الدولة الإنتاجي حيث عملوا في الفترة التي سبقت خصخصتها على تصويرها كمؤسسات فاشلة وتشكل عبء على اقتصاد الدولة، والذي ميز هذه المؤسسات المستقلة المختلقة كونها ذات قدرات مالية اكبر بموازنات مستقلة شكلت عبئا رهيبا على ميزانية الدولة وكانت من الأسباب الرئيسة للعجز المتزايد فيها، كما كانت أيضا محمية من قبل المهيمنين على القرار السياسي . وهذه الفئات المستحدثة ذات الامتداد الاجتماعي والعشائري وقوة النموذج ستشكل صمام أمان لهيمنة الليبرالية الجديدة حسب تصوراتها إلى جانب شبكة المصالح التي شكلتها على قاعدة شبكة الفساد والرشوة التي استشرت إبان تفردها بقرارات الحكومة طوال العقدين السابقين، وهذه المجموعة سقطت في ليلة ظلماء على مواقع القرار ولم تنبت طبيعيا وتحمل أجندات خارجية تستهدف تفتيت البنى والقواعد الوطنية الأساس الذي بنيت عليه الدولة الأردنية.
تتمثل خطورة هذه المؤسسات المستقلة في أنها تشكل اعتداءً صريحاً على الوظيفة العامة كما رسخت في وعي المواطن ومشروعا لخصخصة القطاع الحكومي عبر تخريبه من دون الالتفات إلى الواقع الاجتماعي والاقتصادي الذي يتسم به الأردن ، منحت هذه المؤسسات موظفيها رواتب ضخمة وامتيازات كبيرة، قياساً على ما يحصل عليه زملائهم الموظفين في قطاعات الدولة المختلفة بعد ان نجحت مجموعة الليبراليين الجدد في السيطرة على السلطة التشريعية عبر القوانين الانتخابية المؤقتة وتزويرها أيضا والذي سمح بإنشاء هذه المؤسسات خاصة بعد أن توحدت السلطات التنفيذية وسلطة الرأسمال في الهيمنة على مفاتيح القرار السياسي والتشريعي، حيث قامت بإدارة الاردن عبر التشريعات التي اقرها مجلس النواب او التي أقرتها الحكومات المتعاقبة كقوانين مؤقتة بغياب مجلس النواب وكان ما أطلق عليه تلازم الفساد والاستبداد.
أدى هذا الوضع الجديد إلى نشوء تناقض بين دوائر الدولة وأجهزتها إن كان من خلال الصلاحيات المتوازية لنظامين من موظفي القطاع الحكومي، أو فجوة بين رواتب هذين القطاعين، وهذا هدد سلامة الانتماء الوظيفي والوطني لأبناء القطاع العام على حد سواء، وعزز من الإحباط الذي شعرت به الغالبية العظمى من موظفي الدولة البالغ عددهم حوالي مائتين ألف موظف، طالما اشتكوا من نظام المستشارين الذين لا يستشارون الذين تمتعوا برواتب وامتيازات كبيرة كخطوة سبقت إنشاء هذه المؤسسات و التي جاءت استجابة لتوجهات المجموعة بإيجاد قاعدة اجتماعية لها ولكسب ذوي النفوذ والسلطان الذين أصبح لديهم أبناء بحاجة للعمل يحق لهم ولآبائهم أن يحظوا بامتيازات خاصة بهم، حتى بدا وكأن إنشاء المؤسسات المستقلة كان من اجل هؤلاء. تزايدت هذه الامتيازات بشكل لافت للنظر مما جر سيلا من الرفض لهذا النهج وقيم العديد من الكتاب والصحفيين خطورة هذه التشكيلات أنها ولدت كبنية مشوهة في رحم الدولة الأردنية وستشكل خطرا على وحدة الأردن الوطنية.
يكمن خطر هذه الفئات حاليا أن الشرائح العليا منها ستقف بالخندق المضاد للديمقراطية وترفض الإصلاحات التي يطالب بها المجتمع، وتعارض مطلب إعادة دمج المؤسسات المفرخة في هيكل الدولة الأردنية، كما تعارض إلغاء موازناتها المستقلة وإدماجها في موازنة الدولة الواحدة وترفض إعادة النظر في الامتيازات التي نالتها وتعتبرها حق مكتسب لها، صحيح أنها لم تتكرس كفئة اجتماعية أصيلة موحدة حتى الآن بحكم حداثتها وعدم توطد ركائزها في المجتمع إلا انه من المفيد وضعها تحت جناح الدولة وتشريعاتها حتى لا تتوفر الفرصة مستقبلا ليكونوا ركيزة لعودة ذلك التيار الليبرالي الخطير. لكن لا بد أن تقوم الحكومة المعنية بالإصلاح بالتعديلات الدستورية وإصلاح القوانين الناظمة للحياة السياسية وفي نفس الوقت أن تبادر لعمل توضيحي جماهيري لبرنامج إعادة الدمج وهيكلة الجهاز الحكومي وتطمين منتسبي هذه المؤسسات والهيئات على مستقبلهم بما لا يتعارض مع مصالح الدولة، وهذا سيشكل سدا منيعا لمثل هذه العودة، وعلى حكومة الإصلاح الديمقراطي أن تتعامل بطريقة حكيمة وحذرة في موضوع مساواتهم مع زملائهم من القطاع الحكومي وإعادتهم لحضن الدولة وللدفاع عن الأردن وطريقه نحو التغيير والإصلاح.





#ابراهيم_حجازين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في برنامج الجبهة الوطنية للإصلاح في الأردن
- هل يحتاج الأردن لدخول مجلس التعاون الخليجي!
- متلازمة التاريخ: الحركة والتغير
- الأردن: لا حل إلا بتحقيق مطالب الإصلاح
- لإنجاح الإصلاح في الأردن لا بد من القضاء على الفساد
- أيام الثورة الفرنسية 1848-1849 ( الحلقة الأخيرة ) مقاربة عرب ...
- على وقع محاولات الإصلاح في الأردن، جدلية العلاقة بين الديمقر ...
- أيام الثورة الفرنسية 1848-1849( الحلقة الثانية)
- أيام الثورة الفرنسية 1848-1849( الحلقة الأولى)
- الحكومة الأردنية الجديدة بعد حصولها على الثقة
- فعل الجماهير في الثورة والتغيير
- بمناسبة منح جائزة ابن رشد للحوار المتمدن
- على هامش تكريم المستشارة الألمانية صاحب الرسوم المسيئة
- تأسيس عصبة التحرر الوطني في فلسطين وخطواتها الأولى 2
- تأسيس عصبة التحرر الوطني في فلسطين وخطواتها الأولى
- دروس من تاريخ القضية الفلسطينية (الحلقة الثانية)
- دروس من تاريخ القضية الفلسطينية (الحلقة الأولى)
- رمال وقطيع وتكنولوجيا وعباءة مهترءة
- في ذكرى تأسيس الكيان الصهيوني.. المأساة الفلسطينية لا تزال م ...
- اسرائيل تنتقل الى المشهد الجديد من سيناريو التهويد ومنع قيام ...


المزيد.....




- فيديو كلاب ضالة في مدرج مطار.. الجزائر أم العراق؟
- الناتو يقرر تزويد أوكرانيا بمزيد من أنظمة الدفاع الجوي
- طهران: لا أضرار عقب الهجوم الإسرائيلي
- آبل تسحب تطبيقات من متجرها الافتراضي بناء على طلب من السلطات ...
- RT ترصد الدمار الذي طال مستشفى الأمل
- نجم فرنسا يأفل في إفريقيا
- البيت الأبيض: توريدات الأسلحة لأوكرانيا ستستأنف فورا بعد مصا ...
- إشكال كبير بين لبنانيين وسوريين في بيروت والجيش اللبناني يتد ...
- تونس.. الزيارة السنوية لكنيس الغريبة في جربة ستكون محدودة بس ...
- مصر.. شقيقتان تحتالان على 1000 فتاة والمبالغ تصل إلى 300 ملي ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ابراهيم حجازين - بحثا عن القاعدة الاجتماعية: شذوذ النهج الليبرالي أضعف جهاز الدولة