لم لا نصنع مليونية فلسطينية جميلة

فضل سليمان

الحوار المتمدن-العدد: 3388 - 2011 / 6 / 6 - 22:37
المحور: الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني
    

يعود اللاعبون السياسيون الفلسطينيون ليحاولوا تثبيت صورهم في الاطار الخشبي ، ولكن الآن اصبحت الصورة مكشوفة تماما ، فرغم اعترافهم قائلين ها نحن والإسرائيليون نصل إلى نهاية الطريق المغلق، إلى المربع الأول، وكأن سلسلة لا نهاية لها من المفاوضات، وتراثاً كبيراً من أوراق العمل والاتفاقيات والمبادرات والتفاهمات، قد ذهبت جميعها أدراج الرياح.
يعود القيادي الفلسطيني السيد ابو العلاء لاعطاء مقترحات جديدة ، تحت مسمى إعادة إنتاج عملية سلام جديدة ،
وتتشكل خطوط هذه الآلية فيما يلي:
1ـ الدعوة إلى عقد مؤتمر دولي موسع على غرار مؤتمر مدريد أو "أنابوليس" يعلن إطلاق عملية السلام من جديد.
2ـ ينبثق عن هذا المؤتمر: مؤتمر دولي دائم، أو لجنة توجيه إقليمية دولية تعقد مرة واحدة كل شهرين
3ـ حتى يكون السلام شاملاً تنطلق ثلاثة مسارات تفاوضية ثنائية، تسير بشكل متواز:
أ‌-المسار الفلسطيني ـ الإسرائيلي.
ب‌-المسار السوري ـ الإسرائيلي.
ج‌-المسار اللبناني ـ الإسرائيلي.

4ـ إذا نجحت المفاوضات وتحقق الاتفاق، ينعقد المؤتمر الدولي الموسع للمصادقة على ما تم التوصل إليه على المسارات التي نجحت، والاحتفال بتوقيع الاتفاقات.

هكذا هو اقتراح السيد احمد قريع ابو العلاء ، ما يثير تساؤلا مشروعا مني ومن كل فلسطيني حلم وطال حلمه عشرون عاما ، والتساؤل هو : واذا لم تنجح المفاوضات يا ابا علاء؟ هل من الممكن ان تفكر ونفكر سويا بصوت عالي ؟ اذا لم تنجح المفاوضات ماذا نفعل ؟؟
توقعي انها لن تنجح وانكم ستعودون للدوران في ذات الحلقة التي سبق وقمتم بتشخيصها ،والسبب معروف لكل من اطلع على ابجديات اسس التفاوض ، الضعيف لا يفاوض ، واذا فاوض ستفرض عليه النتائج ، ومن يعتمد استراتيجية واحدة ووحيدة ، ويجاهر بها ليل نهار ، وهي استراتيجية التفاوض ، لن ياخذه العالم القوي على محمل الجد .
لا اقول هذا في سياق أو كمقدمة دعوة لاعلان الحرب على اسرائيل أو البدء أو استمرار المقاومات التي جربت ولم تؤدي الا إلى مزيد من الضعف ، ولكن ما ارغب في قوله هو التالي .
منذ سنين طويلة ونحن نجرب أشكالا مختلفة من المقاومة ، الكفاح المسلح والمقاومة والصواريخ والعمليات الانتحارية والمفاوضات ، والملاحظ أنه في كل هذه الحالات لم تكن المشاركة الشعبية تزيد عن خمسة إلى عشرة بالمئة من مجموع شعبنا ، ففي العمل العسكري والكفاح المسلح والمقاومة العنيفة ، كان يقوم بها وينفذها خمسة الى عشرة بالمئة بينما يقف متفرجا خمسة وتسعون بالمئة من عامة الناس ، وفي المفاوضات والعمل الدبلوماسي ، كأن ولا زال خمسة وتسعون بالمئة من عامة الشعب الفلسطيني ينتظرون ويتفرجون وكان الامر لا يعنيهم ، لذا فان الكفاح المسلح والمقاومة العنيفة لم تزيد موقفنا قوة ، ولم تحقق لنا اهدافنا ، ولا المفاوضات كذلك .
لن يجدينا استعطاف العالم وامريكا واوروبا الا اذا وقف خمسة وتسعون بالمئة من عامة الناس في الساحات وامام الحواجز وفي الشوراع امام سيارات الاحتلال والمستوطنين ، يغلقون اماهم الطرق.

لايكفي العمل الشعبي الانتقائي النخبوي الاستعراضي الاسبوعي في بلعين والمعصرة مع كل احترامنا ومحبتنا لمن يقومون بذلك ، فلقد تحولت إلى لعبة مسلية للمتضامنين ولجيش الاحتلال على السواء ، وما نحن بحاجة له أيضا ليس مائة شاب يقفون امام حاجز قلنديا يقذفون الحجارة على الجنود ، ويردون عليهم بالغاز والرصاص المطاطي ، ونعود في المساء إلى بيوتنا نغتسل وننسى في اليوم التالي ما حدث بالامس ، فافتعال الصدام هو ما يريده جيش الاحتلال لكي تبقى المشاركة في حدها الادنى ، يجب علينا الوصول إلى قناعة مفادها أن الجلوس والوقوف والتظاهر السلمي في الساحات وامام الحواجز العسكرية الاسرائيلية الاحتلالية المختلفة بالالاف، نساءا واطفالا وشيوخا ورجالا وشبابا وعمال وطلاب ، ليس ليوم أو لساعات ، وليس فقط يوم الجمعة بل البقاء هناك في الشوارع والساحات ، وبدون الاتيان بكل ما من شانه تحويل الاعتصامات تلك إلى مواجهات عنيفة ، لا سيما أن استخدام العنف سيكون دائما لصالح الاحتلال وجبروته.

ما نحتاج إليه هو استعادة المحبة والشعور الداخلي بالاخوة ، ما نحتاجه استعادة الشعور بالإحساس بالفخر لاننا فلسطينيون ، والاحساس بالثقة والقدرة على دحرهم بهدوء وذكاء وبعمل جماعي سلمي .
أن قراءة متانية لما حدث في الساحات العربية يوصلنا إلى نتيجة مفادها أن روح محبة البلد والتجمع بهدوء في ميدان الحرية والاستمتاع بهذا العمل الثوري الراقي وما ميزه من روح الطرافة ادى لنجاح اسرع الثورات في التاريخ واستقالة مبارك، بينما اللجوء للعمل العنيف من اليوم الاول في ليبيا قاد إلى تعقيد الأمور .

ايها القادة العظام ، من ابناء هذا الشعب ، أن الاوان لخروجكم من احباطاتكم ، فلم يعد يكفي البقاء في الظل والقاء اللعنات على اليمين والشمال ، ولم يعد يكفي التحليل والتشخيص ، فلندع التحليل والتشخيص لأولئك الخمسة بالمئة، وليس المطلوب سوى المبادرة واقناع الاخرين والتواجد في الساحات والشوارع بهدوء ولنرسم لوحة مليونية فلسطينية جميلة ، لننسى انفسنا واحزابنا واهدافنا المادية قليلا .

#فضل_سليمان (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات