أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد العزيز حسين الصاوي - لايبقي له الا بعض الدم السوري، والعراقي أيضاً، في عنقه















المزيد.....

لايبقي له الا بعض الدم السوري، والعراقي أيضاً، في عنقه


عبد العزيز حسين الصاوي

الحوار المتمدن-العدد: 3387 - 2011 / 6 / 5 - 01:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في مثل هذه الايام ، تحديداً يوم 29 مايو، وقبل 66 عاما ، تحديداًعام 1945 ، قصفت قوات الاستعمارالفرنسي الاحياء الشعبية في العاصمة السورية دمشق ومبني البرلمان بالمدفعيه. ومنذ مايتجاوز الشهرين من تاريخ اليوم تقصف قوات الحكومة السوريه بعض الاحياء الشعبية في طول سوريا وعرضها. وقتها استفزت الوحشية الفرنسية أحاسيس الشاعر السوداني أحمد محمد صالح (1894 / 1898 - 1973 ، عضو اول مجلس سياده وصاحب ديوان " مع الاحرار " ) فكتب قصيدته " دمشق مهد الحريه " :
صبراً دمشقُ فكل ُّطَرْف باكٍ‏ لما اسـتبيح مع الظـلامِ حِـماكِ
‏ جرح العروبةِ فيكِ جرح سائلٌ‏ بكـتِ العــروبةُ كلُّـها لبُــكاك
‏‏ضـربوكِ لامُتعفِّفـين سـفاهةً‏ لم لــم تأتِ إثماً يادمشــقُ يداك
‏ ورماكِ جــبّار ٌيتيــه بحولـهِ‏ شُــلّتْ يمينُ العِلجْ حــين رماك
قبل هذا التاريخ بعقدين من الزمان ، تحديدا عام 1925، كانت مدافع الجيش الفرنسي الغازي قد دكت العاصمة السورية ثم ،إمعانا في الاهانة والاذلال، ذهب قائده الجنرال غورو إلي الجامع الاموي ليقف عند قبر صلاح الدين الايوبي قائد الحملة الظافرة ضد الصليبيين عام 1187 قائلا: " هاقد عدنا ياصلاح الدين ". وقتها استفزت الوحشية الفرنسية أحاسيس الشاعر المصري احمد شوقي فكتب، ضمن قصيدته " نكبة دمشق "، بيت الشعر المشهور : " وللحرية الحمراء باب بكل يد مضرجة يُدق" .. البيت الذي يكاد ينطق بالدم الحار الذي تتضرج به بيوت سوريا وشوارعها ومساجدها هذه الايام علي يد القريب وليس الغريب.
لقد قالها دريد لحام، شارلي شابلن العربي قبل ان تفعل به أيام الاستبداد الاسدي الممتدة اكثر من نصف قرن فعلها فيتحول الي إعتذاري للعائلة الحاكمة. في مسرحيته " ضيعة تشرين " يستنكر عليه زميله في المعتقل أن يبكي بسبب التعذيب الذي تعرض له بينما صمد لنفس النوع من المعامله علي أيدي الفرنسيين من قبل، فيجيب : " ياأبني يانايف لما يضربك الغريب شِكل ولما يضربك إبن البلد شِكل تاني ". هنا الاحساس بالاذلال والمهانة يتضاعف مرات ومرات فيختلط الامر علي عقل الانسان المنهك بالتعذيب الجسدي والنفسي حتي ليعجز عن التمييز التفضيلي بين الاجنبي والوطني، بين الفرنسي والسوري . واليوم بعد أن انكمشت حدود الامبراطورية الاستعمارية الفرنسية عن سوريا وغيرها وأضحت فرنسا ساركوزي تتزعم حملة إنقاذ الشعوب من القبضة القاتلة معنوياً ومادياً للاسر الجمهورية- الملكية في ليبيا واليمن وسوريا، يضحي لوم ضحايا المطحنة الاسدية بسبب تفضيلهم المستعمر الاجنبي السابق إستنجاداً به علي الوطني اللاحق حماية منه، هو الظلم بعينه. وبينما تُكتب هذه السطور يأتي صوت أحد قيادات المعارضة اليمينية من التلفزيون طالباً تدخل الدول الغربية. قبلها قالها اللليبيون بدون مواربه وقبل قبلها قالها العراقيون عندما انتخبوا المستنجدين بأمريكا حكاماً شرعيين، وستقولها غدا بقية الشعوب العربيه .. وشبه- العربيه أيضاً.
الغرب الذي ساند الدكتاتوريات العربية وغيرالعربية طويلا سارع الي دعم الانتفاضات بعد ان أيقن ان حماية مصالحه غير مضمون بعيداً عما سيتمخض عنها. ولكنه هنا، بعكس ظواهر الامور، ليس مخيراً ولامتفضلاً ولكنه مسير بأرادة شعوب المنطقه ومدين لها. وبقدر ما تنجح هذه الانتفاضات في استكمال مسيرتها نحو تأسيسس أنظمة ديموقراطية مستدامه ، هي التجسيد الوحيد الممكن لاستمرار فعل الارادة الشعبية، تكون أقدر علي اخضاع العلاقة مع الغرب، والعالم عموماً ، لمصلحتها. هكذا يفعل حزب مثل حزب العدالة والتنمية التركي الاسلامي إذ يبني، بشهادة العالم كله، مجتمع الحرية والتنميه عاملا بجد للانضمام الي عضوية الاتحاد الاوروبي التي تشترط استيفاء مايتجاوز الثلاثين فصلا تشمل توفيق اوضاع الاعضاء الجدد مع اوضاع دول الاتحاد. أية عمالة للغرب هذه؟
حتي لو صدق المرء الرواية السورية الرسمية الخيالية بأن هذه الجموع التي تخرج كل يوم جمعه ميممة شطر الموت المنهمر مدراراً، واقعةٌ تحت سيطرة مجموعات من المندسين وعملاء أمريكا الصهيونيه والسلفيين، فأن القيادة السورية تقف عارية مدانة امام الضمير الانساني بتخليها عن الواجب البديهي لأي حكومة في عالم اليوم وهو حماية مواطنيها. العقاب الجماعي المتدفق أمواجاً من شرق سوريا الي غربها ، ومن جنوبها الي شمالها ،إعتقالات جماعيةً وحصاراً للمدن وقتلاً عشوائياً، هو شيمة الانظمة الفاشية والنازيه التي عفا عليها الزمن وأصبحت أشباهها الان علي طريق لاتجاه واحد نحو المحكمة الجنائية الدوليه. أي عقلٍ غبي هذا الذي يصدق أن مفكرين قياديين مثل الطيب تزيني ويس الحاج صالح وفايز ساره وميشيل كيلو ورضوان زياده يمكن ان يصبحوا أدوات لمؤامرة صهيونية- امريكية ضد بلدهم وشعبهم؟ لو ان حزب البعث العربي الاشتراكي بقي أميناً لمواد دستوره التأسيسي كحزب عام 1947 ولروح وتوجهات المرحلة التي ولد فيها، بدلا من الانزلاق الي دستور سوريا الحالي بمادته الثامنة التي تطوبه " قائداً للدولة المجتمع " مديراً ظهره، عنفاً ومقتلة، لروح وتوجهات عصر الديموقراطيه، وهو نفس الوضع الذي كان سائدا في عراق- صدام، لكانت هذه النوعية من المثقفين في صفه وليس ضده.
" إن الارهاصات الفكرية المؤسِسة لحزب البعث في المشرق العربي خلال ثلاثينيات القرن الماضي كان جزء من ظاهرة التحديث السياسي التي انبثقت وقتها متشربة مناخ الديموقراطيه والعلمانية المترسب عن مؤثرات عصر التنوير والنهضه كما وصلت الي هذه المنطقه من اوروبا عبر جسري القرب الجغرافي والثقافي ( المسيحي ). الامارات الكبري لذلك واضحة في تكوين مؤسس البعث ميشيل يوسف عفلق الذاتي وفي دستور وتوجهات وممارسات الحزب نفسه حتي منتصف الستينيات . في تفاصيل ذلك هناك اسماء معروفه في تاريخ انتقال مكونات المناخ المذكور الي الفضاء العربي ابتداء من الربع الاخير للقرن التاسع عشر مثل المسيحيين السوريين واللبنانيين البستاني والشدياق ثم صروف ونمر وجرجي زيدان الذين افتتحوا مع رصفائهم المصريين المسلمين والمسيحيين عصر تحرير العقل العربي وتمدين المجتمعات العربيه. والمجموعة الاخيرة وجدت في مصر مجالا أرحب لنشاطها الصحفي والثقافي الذي برز فيه ايضا مسيحيون اخرون مثل شبلي شميل اول من كتب عن نظرية دارون ضمن دوره المشهود في بث أفكار العقلانيه والتحديث وفرح انطون بدفاعه عن مدنية الدوله استنادا الي ابن رشد ( الفكر العربي في عصر النهضه، البرت حوراني ). فأذا اضفنا لذلك ان جرجي زيدان، مؤسس مجلة الهلال المعروفة حتي الان، هو خال ميشيل عفلق لمسنا بوضوح مصادر تكوين عفلق الثقافي والفكري علي الصعيدين العام والعائلي. ويتسق مع هذا أن بعض المصادر العلميه تري في انتاجه أثراً لفلاسفة التنوير الاوروبين لاسيما هيقل وهيردر وروسو ( عفلق : قضايا الفكر والممارسه، جامعة القاهره 1990 ). كما تظهر اثار هذا التكوين بوضوح في دستور حزب البعث العربي الاشتراكي الذي اقر عام 1947 إذ يقوم المبدأ الثاني فيه علي حرية الفرد، محور المذهب الليبرالي، مؤكدا علي أن : " حرية الكلام والاجتماع والاعتقاد والفن مقدسة لا يمكن لأية سلطة ان تنتقصها وأن قيمة المواطنين تقدر - بعد منحهم فرصاً متكافئة - بحسب العمل الذي يقومون به دون النظر الى أي اعتبار آخر. " وبينما يطرح الدستور البعث حزبا اشتراكيا الا انه يؤكد علي الشعب الحر كمصدر لللسلطات ويفصل ذلك في المواد 14 و16 و17 و19 التي تنص علي الفصل بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائيه والمساواة امام القانون وحرية الانتخابات للمجلس النيابي ولامركزية الاداره."
صاحب هذه الفقره هو صاحب هذا المقال نفسه وقد يسجل التاريخ لمجموعة بعثيين سودانيين، كان هو
أحدهم، إنهم بذلوا غاية مافي وسعهم لاستعادة الحزب الي ماضيه المستقبلي، كمجموعه وكل بطريقته وحسب مقدرته. تقديره الخاص الذي لايلزم به سوي نفسه منذ زمن، ان هذه المحاولة فشلت فلم يبق له من البعث الا أجر المحاوله وبعض الدم السوري والعراقي في عنقه



#عبد_العزيز_حسين_الصاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من القومي الي الديموقراطي: تجربة البعث في السودان
- تاريخ ولادة الاستقلال وموته هو تاريخ ولادةالقوي الحديثه وموت ...
- معا نحو عصر تنوير سوداني: اطار عام لاستراتيجية معارضه مختلفه
- التواصل والانقطاع في الانقسامات الحزبيه : - البعث السوداني - ...
- الجديد فيما يتعلق بمسألة اوباما الجديد - القديم
- انقلاب 25 مايو السوداني كان عقاب التاريخ لليسار
- امراه وخليجيه : يضع سره في اضعف خلقه
- العلاقة السودانية-الفلسطينيه: مالايستحسن ان يهمله التاريخ
- العروبه سودانيا ثم الجمهوريه- الملكيه والاحتلال التحريري
- الدراس النيكاراجوي حول كيفية ترويض الغول الامريكي
- الناصريه، والبعث ايضا، كظاهره غير قوميه
- محنة اليسار مع ابطاله الجدد
- ليس اوكامبو وانما جاريث ايفانز و ال R2P
- من تاريخ البعث في السودان -حسن احمد عبد الهادي
- اضاءات تاريخيه: محجوب الشيخ البشير
- حول تقرير الحزب الشيوعي السوداني: اكتوبر 64 كثوره مضاد للديم ...
- كتاب - مرجعات نقديه للتجربة البعثية في السودان-
- ماالذي يجعلك استثناء ك ذكريات وتأملات سودانيه فيما خص الوحده ...
- حكاية مارادونا وشافيز واليسار الجديد- القديم
- السودان : من يخشي التدخل الخارجي ...الحميد ؟


المزيد.....




- مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا ...
- تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
- سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث ...
- ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع ...
- بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع ...
- بلينكن يأمل بإحراز تقدم مع الصين وبكين تتحدث عن خلافات بين ا ...
- هاريس وكيم كارداشيان -تناقشان- إصلاح العدالة الجنائية
- ما هي شروط حماس للتخلي عن السلاح؟
- عراقيل إسرائيلية تؤخر انطلاق -أسطول الحرية- إلى غزة
- فرنسا تلوح بمعاقبة المستوطنين المتورطين في أعمال عنف بالضفة ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد العزيز حسين الصاوي - لايبقي له الا بعض الدم السوري، والعراقي أيضاً، في عنقه