أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الادريسي المهدي - قانون ودولة.















المزيد.....

قانون ودولة.


الادريسي المهدي

الحوار المتمدن-العدد: 3374 - 2011 / 5 / 23 - 02:39
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يشكل القانون أساس الدولة الحديثة، فهو الذي ينظم حياة الفرد والجماعة ويوجهها في إطار الدولة… ونظرا لكون المواطن كائنا عاقلا حرا، فإنه يدرك القانون عن وعي. وليس المقصود هنا القانون المفروض من قِبَلِ الحاكمين، بل القانون المتفق مع العقل والمنسجم معه، إذ “إن مضمون القانون هو الحق، أو ينبغي أن يكون كذلك”. وهكذا، يجب أن تكون السلطة هيئة منضبطة بالقانون، وليس من حقها أن تفرض قانونا معينا، وإلا فلن يختلف تصرفها عن تصرف “عصابة”.
من المفارقات الكبرى اللافتة للنظر في التاريخ السياسي و الدستوري للمغرب أن تكون كل مطالب الإصلاح و تحديث المؤسسات التي عبرت من خلالها النخب السياسية المغربية عن طموحها إلى التطور ، هي وفي المقام الأول ، موضع مبادرة تصدر عن مراكز القرار السياسي في البلاد .
فسواء تعلق الأمر بالإصلاح أو بدمقرطة الحياة السياسية و تقوية المؤسسات التي تحمي المواطن و تضمن له الحق في الحياة الكريمة ، أو في المحاكمة العادلة أو الحد من الظلم و العسف الملازم لبعض أشكال استعمال السلطة ، فنحن دوما نجد الفعل السياسي و التشريعي الذي يترجم تدخل الدولة و حضورها هو البادئ إلى صوغ و تقنين هذه المطالب ضمن إطار مؤسساتي رسمي ، و هو المحدد لمضمونها و طبيعتها و آفاتها النهائية .
و هكذا فطبقا لهذا المنحى العام ، جاءت التحولات السياسية الكبرى في الفترة الأخيرة داعية إلى مراجعة الأداء السياسي السلطوي المطبوع بالسلبية و مظاهر القصور ، و استبدال ذلك عبر تقويم آليات عمل السلطة من خلال تبني مفهوم جديد لها . فصار الإعلان عن هذا المفهوم المرجع الرئيسي لحركة سياسية و ثقافية، أفرزت ميلاد شبكة متكاملة من المؤسسات المؤثرة و الفاعلة في مجال حقوق الإنسان ، كالمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان بحلة جديدة ، و ديوان المظالم فكيف يمكن إذن التوفيق بين مطالب سياسية و اجتماعية في إقامة مؤسسات حرة تضمن علاقات متوازنة بين المجتمع المدني و المجتمع السياسي ، و كذا بين المواطن و الدولة و بين ما نشاهده من سعي الدولة إلى مأسسة هذه المطالب . و صياغتها في ترسانة قانونية تجعل من مراكز السلطة القوة الوحيدة القادرة على الاضطلاع ، بتحديث الصرح المؤسساتي و تعيين صيغة التواصل المطلوبة بينه و بين المطالب الاجتماعية في العدالة و إقرار سلطة القانون ؟ و هل نحن أمام مجرد إعادة رسم لحدود و صلاحيات الجهاز المؤسساتي للدولة ، بحيث يكون قيما على تعريف الحقوق و الحريات و صيانتها ، أم نحن أمام مشروع سياسي متكامل ، يؤسس و يسعى إلى تجاوز الممارسات المنحرفة عن حدود القانون ، و يبني قضاءا ديمقراطيا يعزز قيمة المواطنة و يتبنى في غير رجعة حقوق الإنسان كمرجعية له في نطاق احترام مبدأ المساواة أمام القانون ؟
إن الطابع الإشكالي الذي تحمله هذه الأسئلة يستمد مشروعيته من مجموعة مؤشرات عامة ، ينعكس حضورها في بنية هذه المؤسسات ، و في وضعها العام و طبيعة منحاها فهي و إن هدفت إلى تقويم النسق الإداري ، و إلى إصلاح القضاء ، أو إلى ترسيخ قيمة الحق و العدالة ، إلا أنها من حيث درجة السلطة و الفعالية ، قد لا يكون لها في أغلب الأحيان طابع الإلزام القانوني ، فيؤول دورها إلى الهامشية على اعتبار أن تدخلاتها لا تخرج في أحسن الأحوال عن دور الوساطة أو الاستشارة . كما أن حجم السلطة الضئيل الذي تمتلكه على الإدارة لا يتناسب مع تضخم الطلب عليها و تراكم عدد المشكلات التي تفوق طاقتها ، و التي لا تحتمل إلا حلا واحدا ، هو ضرورة التعجيل بإصلاح إداري و قضائي شامل يجعل من الشكايات و التظلمات المختلفة مجرد استثناء عارض يبت فيه على وجه السرعة ، و تصحح فيه العلاقة المختلفة بين المواطن و بين مؤسسات الدولة .
لا يكون الدستور عقلانيا إلا إذا نظر إلى المواطن باعتباره كائنا عاقلا، أي بكونه شخصا لا عبدا أو جمادا… وهذا ما يقتضي معاملته باعتباره غاية في ذاته، لا بكونه عبدا، أو وسيلة، أو أداة.
يشكل هذا المبدأ عماد الدولة. ويعني ذلك، من زاوية الفلسفة السياسية، أنه يجب على الدولة أن تعامل الناس باعتبارهم أشخاصا لا أشياء. وإذا كان الشخص كائنا ذا حقوق، فيجب أن تحترم الدولة حقوقه وتحميها، وإلا فإنه لن يكون كذلك.
وتبعا لذلك، فإنه لا يمكن وصف دستور ما بالعقلانية والتسليم بمشروعيته، إذا لم يتضمن الشروط الكفيلة بتحقيق حرية المواطن وضمان عيشه الكريم. وهكذا، فلكي يكون الدستور عقلانيا، يجب أن يجسد إرادة الشعب ويعبر عنها، ويشجع حرية المواطنين ويصونها، ويضمن الفصل بين سلطات الدولة ومؤسساتها المختلفة، وذلك في إطار التوازن والوحدة والانسجام بينها…
يشارك المواطن في العملية السياسية (صياغة القوانين وتنفيذها…) بطريقة غير مباشرة بواسطة السلطة التشريعية التي ينتخبها الشعب. كما أنه يشارك فيها على نحو مباشر عبر التعبير عن رأيه الشخصي الخاص في كل القضايا المتعلقة بشؤون الدولة…
وعندما ننظر إلى مجتمعنا، في ضوء ما تقدم، نجد أن العلاقة بين المواطن والسلطة عندنا قائمة على انعدام الثقة، حيث لا يثق فيها، ولا تثق فيه. فقد أصبحت العلاقة بينهما مسألة “أمنية”، إذ لم تعد مشكلات المواطنين تُحَل في إطار القانون، بقدر ما أصبحت تُحل خارجه… لقد ألغيت سلطة القانون، وحلت محلها سلطات الحاكمين ومن يدور في فلكهم. وهكذا، حلت الطاعة والنفاق والتزلف محل المواطنة…
ونتيجة ذلك، صارت ثقافة السلطة ثقافة “أمن” أساسا، فغدا هاجسها الأول هو “حماية ” نفسها من المواطن والمجتمع. وهذا ما جعل المواطن حاملا لـ “ثقافة الاحتماء” من السلطة، سواء بالصمت، أو بالنفور من السياسة، أو بممارسة العنف…
وعلاوة على ذلك، إن من أخطائنا السياسية والثقافية المترسخة فينا هي أننا نماهي بين الشعب والحاكمين، فيعوق ذلك فهمنا للأشياء ونمونا وتقدمنا ودمقرطة مجتمعنا ودولتنا… وهذا ما يقتضي فك هذه المعضلة عبر وضع حد لهذه المماهاة… ولن يتأتى ذلك إلا بالديمقراطية، وثقافة تداول السلطة، إذ إن هذه الأخيرة تُعلمنا أن الحاكمين مسؤولون أمام الشعب، لا العكس كما يحدث عندنا الآن. وهي تُعلمنا كذلك أن الإنسان هو القيمة الأساس، وأن كل شيء موجود من أجله… (أدونيس).
الادريسي المهدي. باحث في العلوم السياسيه






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفلسفه و الاقامه في المطلق
- الشريعة والفلسفة
- تأسيس الفلسفة من جديد
- الإصلاح الدستوري


المزيد.....




- القسام عقب عملية بيت حانون: سندكّ هيبة جيشكم
- -الصمت ليس خيارا-.. فرق غنائية أوروبية تواجه الحظر بسبب دعمه ...
- محللون: الصفقة ليست نهاية الحرب وخطاب نتنياهو يؤشر لتراجع عس ...
- -بدنا هدنة-..مباحثات الدوحة على وقع لقاء نتنياهو وترامب في و ...
- هآرتس: أميركا تبني لإسرائيل منشآت عسكرية بمليارات الدولارات ...
- وزير الطوارئ السوري للجزيرة نت: 80 فريقا تعمل لإطفاء حرائق ا ...
- هكذا خانت أوروبا نفسها لأجل إسرائيل
- عاشوراء في طهران.. من الشعائر إلى سرديات الهوية الوطنية
- مفاوضات النووي معلقة بين رفض طهران شروط ترامب وجهلها بما سيف ...
- احتفاء بالظهور الأحدث للـ -زعيم- وألبوم عمرو دياب الجديد.. ا ...


المزيد.....

- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي
- مغامرات منهاوزن / ترجمه عبدالاله السباهي
- صندوق الأبنوس / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الادريسي المهدي - قانون ودولة.