أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاخر السلطان - العدالة والدين














المزيد.....

العدالة والدين


فاخر السلطان

الحوار المتمدن-العدد: 3373 - 2011 / 5 / 22 - 16:44
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


العدالة لدى الكثير من الباحثين، مفهوم يتجاوز الدين. فقد طُرح بوصفه إحدى القيم الإنسانية الأصيلة. كما يعتبر من أهم الشروط لانتخاب أي أيديولوجيا، أو دين. فالمؤمنون بدين ما يعتقدون بأن دينهم عادل، وقد يُتهم دينهم بأنه غير عادل من قبل المؤمنين بالأديان الأخرى، كما أن العديد من الذين يخوضون في الإصلاح الديني يعتبرون الفقه الراهن غير عادل. وبما أن القرآن ليس بكتاب فلسفة، فإنه لا يحتوي على أي نظرية بشأن مفهوم العدالة، لذا السؤال المطروح: ماذا علينا أن نفعل مع عبارة "العدالة القرآنية"؟
مما هو معروف أن النظريات العلمية الحديثة لم تكن موجودة في العصر القديم، وأن النظريات العلمية القديمة هي التي كانت تناسب الحياة القديمة، حيث كانت تغذي تلك الحياة، المعيشية والمعرفية، وتجيب على أسئلتها. وقد كانت الحياة في الماضي تتسم باللامساواة والتمييز، أي أن العدالة في ذلك الوقت كانت تتماشى مع مختلف صور التمييز. بمعنى أن اللامساواة كانت تعتبر أمرا عادلا.
وبما أن الخطاب الديني كان منتميا إلى العصر القديم، فإنه بطبيعة الحال، ووفق فهمه للعدالة ودعوته للعدل، كان خطابا تمييزيا، بسبب أنه كان خطابا متناسبا مع كل صور الحياة القديمة ومتوافقا مع بيئتها. فالدعوة الدينية لتحقيق العدالة، وفق النص الديني، هي دعوة تمييزية تنادي باللامساواة بين البشر. فرسالة الدين لم تتعارض مع الفهم الاجتماعي العرفي للعدالة آنذاك إلا بقليل من التعديل.
لذلك، لم يأت النص الديني ليعالج التمييز، بين المسلم وغير المسلم، وبين الرجل والمرأة، وبين الحر والعبد، بل كان يعتبر صور التمييز تلك أمرا عادلا. فيشير القرآن إلى كثير من موارد التمييز بين المرأة والرجل، ويقول في أحدها "ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة"، ويقول في أخرى "الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم، فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله، واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن الله كان عليا كبيرا"، ففي النص الديني يصل أمر التعامل مع المرأة الناشز حتى ضربها، في حين أن الأوامر الدينية مع الرجل الناشز هي الصلح بينه وبين زوجته.
ويعتبر تعدد الزوجات بمثابة تأكيد للعدالة التي يبتغيها ويشدد عليها النص الديني. فالرجل، شريطة أن يعدل في حياته الزوجية، يستطيع أن يعيش مع عدة زوجات. أو بعبارة أخرى، يوجد في النص الديني ما يؤكد على التعدد العادل للزوجات. وقد أعطي هذا الحق للرجل استنادا إلى ثقافة الحياة السائدة آنذاك، وإذا ما طرحنا هذا الأمر في الوقت الراهن، فسيلقى معارضة اجتماعية قبل أي معارضة أخرى.
إن الكثير من الأحكام والأوامر الدينية ، في نظر المنتسبين إلى مدرسة الإسلام الفقهي، لا تكون صالحة فقط للعصر القديم، ولا تتعلق فحسب بالحياة الماضوية، بل تعتبر أعدل وأعقل وأفضل من كل ما ينتجه العقل المنتمي إلى النظام العلماني في الوقت الراهن. فالنص الديني، في نظر هذه المدرسة، هو نص تشريعي لا ينتهي مفعوله، ذو صفات إنسانية صالحة لكل الأزمنة، صادر عن الله، العالم والقادر المطلق، المتصف بالعدل. فالله هو زعيم العقلاء (حسب تعبير المفكر الإيراني أكبر غنجي)، ومن ثَم هو قادر على أن يحدد سعادة الإنسان أكثر من الإنسان نفسه. والعدالة، في فهم هذه المدرسة، لا تعني المساواة، إذ كل مخلوق لابد أن يكون في مكانه، النساء والرجال، أو أي شيء آخر، وهذا المكان يحدده الله فقط.
على هذا الأساس فإن العدالة، وفق هذه المدرسة، تعني تنفيذ الواجبات وترك المحرمات، إذ الأحكام الفقهية هي "عين العدالة"، وهي أحكام أبدية، ولا يحق لأحد أن ينسخها أو يعتبرها مؤقتة. فالنص الديني في أحد موارده يطالب المسلمين بأن يجبروا الكفار على الدخول في الإسلام، أو أن يقتلوهم، وهذا "عين العدالة"، ولا يمكن لأحد - وفق هذه المدرسة - أن ينسخ هذا النص.
هناك قلة ممن ينتمون إلى مدرسة الإسلام الفقهي، يعتقدون بأن الحداثة يمكن أن تصبح ميزانا في حياتنا، بحيث نستطيع أن نعتبر الحكم الديني، الذي يتعارض مع العقلانية الحديثة، حكما مؤقتا. بالتالي يصل هؤلاء إلى نتيجة تقر بوجود أحكام دينية دائمة وأخرى مؤقتة استنادا إلى التمايز الذي يحدثه العيش في ظل الحداثة. هذا الرأي ضعيف جدا في الوسط الديني الفقهي، لأنه يعتقد بأن الحداثة هي أحد المساهمين في تحديد ماهية العقلانية والعدالة في الوقت الراهن. لكن، من جانب آخر، ذلك لا يغير اعتقاد هؤلاء (والذي لا يستند إلى أي دليل) القائل بأن الأحكام والأوامر الدينية الإسلامية في الحياة القديمة، كانت أعدل وأعقل وأفضل من جميع القوانين والأوامر الصادرة عن المدارس الدينية والفكرية الأخرى. فعدم وجود شواهد وأدلة على ما يدّعونه يضعف ادّعاءهم. فلا دليل يؤكد بأن ما جاء في النص الديني من أحكام بشأن المرأة والتمييز بينها وبين الرجل بأنه يمثل أفضل الأحكام التي تحقق العدالة في العصر القديم. فهل تمت مقارنة تلك الأحكام الحقوقية الإسلامية مع الأحكام الحقوقية الأخرى الموجودة في نفس العصر، كأحكام الروم، لكي ننتهي إلى هذه النتيجة؟

كاتب كويتي



#فاخر_السلطان (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الربيع العربي.. والسياسة الخارجية الكويتية
- -الربيع- الكويتي.. متى؟
- الطائفية و-الربيع العربي-
- الكويت و-الربيع العربي- والقبلية
- المكابرة الدينية
- أي الثورات نختار؟
- التحولات الديموقراطية.. والإسلام السياسي
- حدود الليبرالية
- مسؤولية رجال الدين الشيعة
- العقلانية.. والمواجهة مع التراث الديني المقدس؟
- -ثورة الياسمين- التونسية درس للعرب
- جوهر.. والاستجواب.. والأزمة الشيعية
- حقوق الملتحين العسكريين
- الكويت.. وسؤال الديموقراطية مجددا
- تنوير.. والإسلاميون.. وأولية الإنسان
- الخطاب الخوارقي
- النظرة الدينية للأخلاق
- التزوير الديني
- لماذا يخشون من العلمانية؟
- هل أكرموها؟


المزيد.....




- قائد الثورة: الكيان الصهيوني انهار وسحق تقريباً تحت ضربات ال ...
- السيد الحوثي: نبارك لأمتنا الإسلامية بانتصار إيران العظيم عل ...
- الجهاد الاسلامي تنعى القائد الإيراني محمد سعيد إيزادي
- ثبت الآن تردد قناة طيور الجنة بيبي على نايل سات وعرب سات وتا ...
- شاهد.. المرشد الأعلى في إيران يعلن النصر على إسرائيل
- إسرائيل ترفض فتح المسجد الإبراهيمي كاملا للمسلمين برأس السنة ...
- فنزويلا: المعارضة خططت لهجوم على معبد يهودي في كراكاس لاتهام ...
- الجيش اللبناني يعلن توقيف أحد أبرز قياديي تنظيم الدولة الإسل ...
- هيا غني مع الأطفال.. تردد قناة طيور الجنة الجديد على نايل سا ...
- ألمانيا: السوري المشتبه بتنفيذه عملية الطعن بمدينة بيليفيلد ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاخر السلطان - العدالة والدين