أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - مصطفى لمودن - نماذج من الفساد في المغرب، تفويت الضيعات العمومية للخواص















المزيد.....

نماذج من الفساد في المغرب، تفويت الضيعات العمومية للخواص


مصطفى لمودن

الحوار المتمدن-العدد: 3368 - 2011 / 5 / 17 - 18:57
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


كثر الحديث عن الفساد الذي استشرى في المغرب، حتى أصبح جل المواطنين يعتبرون ذلك شيء عاديا ومسلما به، يتعايشون معه، وآفة يصعب التخلص منها بالنسبة لهم، خاصة في ظل تشعب هذا "الفساد" وامتداد جذوره في كل مكان، ومساندة المفسدين بعضهم لبعض ضمن تحالف غير معلن، يمس مؤسسات القطاع العام وغير العام، سواء في تفشي الرشوة واقتصاد الريع والمحسوبية والزبونية… وحتى لا يبقى الكلام معمما وفضفاضا ندرج نموذجا مس قطاع الفلاحة في منطقة الغرب ومناطق أخرى، وهو تفويت غالبية الأراضي العمومية التي كانت تسيرها شركة "الصوديا" و"السوجيطا" المملوكتان للدولة سابقا، وقد تكلفت بتدبير عدد كير من الضيعات المسترجعة من المعمرين الأجانب الذين كانوا قد استولوا على أجود الأراضي الزراعية أثناء فترة الحماية (1912 ـ1956) وحولوها إلى ضيعات منتجة لغلاة زراعية مختلفة، خاصة البرتقال، ومن هذه الضيعات كذلك التي تخصصت في تربية الأبقار.. استرجعت الدولة هذه الأراضي بعد الاستقلال على مراحل وبعدما حصل المعمرون على تعويضات، وساهمت هذه الضيعات في تشغيل آلاف اليد العاملة وكانت غالبية منتوجاتها توجه إلى التصدير. لكن لعدة أسباب منها ضعف الرقابة وسوء التسيير جعل هذه الضيعات تتراجع وتعرف أزمات حادة إلى درجة أن بعضها أصبحت عاجزة حتى عن أداء أجور العمال والمستخدمين العاملين بها، حدث هذا بالتدريج والفاعلون السياسيون في المغرب منقسمين بين فريقين، فريق متشبث بالسلطة، يقوم بالمستحيل من أجلها، ولا يتردد في استعمال أي أسلوب يحقق المبتغى، ولو كان التصفية أو السجن أو تزوير الانتخابات… وفريق ثان مبعد عن الشأن العام يناور ويحاول بكل الطرق المتاحة له من أجل المشاركة في الحكم، ولما فتح "مسلسل الانتخابات" بعد نكسات طويلة، ظهر أن ذلك لم يكن سوى "مزحة عابرة" أرادها الحكم تلميعا لصورته الخارجية، وتوريطا لبعض النخب في مستنقع التدبير المحلي داخل جماعات حضرية وقروية بدون موارد ولا صلاحيات… في ظل هذه الأجواء نما "الفساد" وترعرع وتمكن من كل مفاصل المجتمع والدولة، وقد حل جزء منه بضيعات "الصوديا" و"السوجيطا" و"كوماكري"… ساهم فيه غالبية المسيرين وحتى مجموعة من العمال والمستخدمين.. من ذلك إهمال الضيعات، تحويل المنتوجات لبيعها في أسواق جانبية، عدم تجديد الأشجار الشائخة… إلى أن بدأ مسلسل التفويتات، الذي عرف مراحل ودرجات وطرق مختلفة، في البداية انطلق بشكل عشوائي منذ بداية تسعينيات القرن الماضي، بعضها سلم كهبات لبعض الشخصيات النافذة أو ترامت عليها جهة معينة، وضيعات أخرى كان يتم "التخلص" منها كيفما اتفق، وهو النموذج الذي سنتطرق لواحد منه، فيما بعد حاولت الجهة الوصية استعمال "أسلوب" آخر، قيل إنه شفاف ووفق دفتر تحملات وعقدة واضحة، ورغم ذلك ما تزال بعض المشاكل متراكمة، منها عدم الالتزام بدفتر التحملات على علاته، وطرد العمال القدامى أو التخلص منهم بعد تعرضهم لإكراهات مفتعلة من "المالكين" الجدد للضيعات.

نموذج التفويتات المشبوهة:

إنها ضيعة exportèse رقمها 292، المتواجدة بجماعة سوق الأحد الشبانات الواد، بإقليم سيدي قاسم، (شرق سيدي سليمان بحوالي 18 كيلومترا) كانت تابعة ل"كوماكري" سابقا، فوتت سنة 1992، وأصبحت تسمى "ضيعة النماء"، مساحتها 337 هكتار، تسلمها "المالكون الجدد" وبها 64 هكتار مغروسة بأشجار الليمون، و5619 شجرة زيتون، و3940 شجرة سيبري، كان بها بشكل دائم 36 عاملا، وتشغل بشكل مؤقت في جني الليمون أو الأشغال المتعلقة بالشمندر (نبات سكري)ما بين 120 و 130 عاملا وعاملة..
لا يهم من فوتت له هذه الضيعة رغم توفرنا على الأسماء، الذي يهم هو الحالة التي لها أشباه في عدة أماكن..
أول ما تفتقت عليه "عبقرية" المالكين الجدد، هو عملية ماكرة قصد التخفيف من سومة الكراء وذلك بالتواطؤ طبعا مع من هم على علاقة بالموضوع، ففي الموسوم الفلاحي 1993- 1994 أزال "الملاكون" الأشجار، حتى يقولون إنهم تسلموها عارية وجرداء، وبيعت الأخشاب لأصحاب الفرانين والحمامات، منها واحد بسيدي سليمان راكم كميات هائلة منها بجانب حمامه بحي شعبي، ولم يكتف"الملاكون" بذلك، بل أزالوا سواقي الماء المتكونة من الإسمنت والحديد وادخلوها إلى الاصطبلات ليضعوا بها الأعلاف للمواشي، وليقولوا كذلك إن الضيعة بدون تجهيزات، وبالتالي سيتكلفون بالتجهيز ولكن على حساب سومة الكراء كذلك.
ثم جاء الدور على العمال، وهم غالبا أول من يؤدون "الثمن" باهظا، لأن "الملاكين الجدد" يريدون العمال المؤقتين الذين يعطونهم أجورا زهيدة، ولا يمنحونهم بقية الحقوق من ضمان اجتماعي وتقاعد.. في ظل عجز أي سلطة معنية من أجل الإنصاف والدفاع عن المؤقتين، وإلزام كل صاحب ضيعة بتشغيل عدد من العمال الرسميين وبشكل دائم، علما أن في ذلك فائدة للضيعة عندما يكون هناك استقرار للشغل واستمرار نفس العمال المؤهلين.
فيما يخص الضيعة المعنية، بقي الآن من العمال خمسة فقط من أصل36 من كانوا قبل 1992، منهم نسبة قليلة حصلت على تقاعدها وأربعة توفوا، والباقي تعرض للطرد على مراحل لأتفه الأسباب، وقد ذكر أحد العمال أن "مالكا" للضيعة سأله عن الأجر الذي يتسلمه فقال له رقما، وحينها رد عليه "المالك" بأن هذا الأجر يمكنه من جلب أربعة عمال دفعة واحدة عوضه هو، مرة طرد أعضاء المكتب النقابي بكاملهم عقابا لهم على "جسارتهم" وممارسة حقهم في التنظيم النقابي، لهؤلاء العمال أقدمية في الشغل بالضيعة تصل إلى 17 سنة لدى بعضهم، وقد اكتشفوا أن صاحب الضيعة لا يؤدي أي درهم لصندوق التقاعد والضمان الاجتماعي، وكما العادة سلكوا مختلف المساطر التي تمكنهم من حقوقهم، مفتش الشغل يضع التقارير، وذكر عمال أن أحد المفتشين سابقا كان منصفا، لكن صلاحية مفتش الشغل تنتهي عند وضع التقارير، وقال عمال من نفس الضيعة إن المحاكم لم تنصفهم، ولجؤوا كذلك على عامل إقليم سيدي قاسم، وهذا الأخير في سنوات سابقة نظم لقاء ثلاثيا في مكتبه حضره ممثلو العمال والمشغل، لكن أثناء التفاوض قام المشغل وغادر المكان وأغلق خلفه الباب!
لم يبق أما العمال سوى الاحتجاج بالطرق التي أصبحت معروفة في المغرب، وهكذا دخلوا في اعتصامات في سنة 2000، وفي 2003، وفي 2005، لكن بدون نتيجة، وفي 7 مارس 2011 دخلوا جماعة في اعتصام جديد أمام مقر إدارة "الأملاك المخزنية" بالرباط، يحتجون نهارا، ويعودون ليلا إلى مقر نقابة "الاتحاد المغربي للشغل"، وقد طال احتجاجهم دون فائدة، ما جعلهم يغيرون المكان، وينتقلون إلى مدخل وزارة المالية بالرباط، وهو ما دفع مسؤولا بها لاستقبالهم وإجراء عدة جلسات حوار معهم بحضور مسؤولين آخرين، وينتظر العمال الآن إنصافهم من طرف الحكومة، بعدما تركهم المشغل عرضة للضياع… هم يطالبون بتأدية أجورهم، والعودة إلى العمل، وضمان حقوق الضمان الاجتماعي والتغطية الصحية.
وفي رده عن تساؤلات حول نفس الموضوع بالبرلمان يوم الأربعاء 4 ماي رد وزير الفلاحة والصيد البحري عزيز أخنوش قائلا إن تقييم مدى نجاح عملية الشطر الأول من تفويتات الضيعات للخواص، بينت أن هناك 85% من المستفيدين التزموا بالاستثمار الذي وعدوا به، و12%عرفت مشاريعهم تعثرات، بينما 3% لم ينجزوا شيء يذكر.. لكن يرى البعض أن هذه الإحصائيات مشكوك في مصداقيتها، لأنها تنجز من طرف أجهزة إدارية غير فعالة.. ولم يضف الوزير المذكور شيء عن الشطر الثاني، بينما الشطر الثالث مازال معلقا إلى تاريخ لاحق، ويبدو أن مطالب "حركة 20 فبراير" دفعت السلطات المعنية إلى هذا الـتأجيل، مادام هناك من يعتبر هذه "التفويتات" مظهرا من مظاهر الفساد.
أما مصير الضيعة التي أوردناها كنموذج فقد ذكر أحد العاملين السابقين بها أنها مهملة ويكري "مالكوها الجدد" أجزاء منها لخواص آخرين قصد استغلالها كل سنة في مزروعات فصلية..
إنه نموذج من عشرات النماذج التي تبين درجة الفساد والعبث وسوء التسيير.
ــــــــــ
لرؤية الصور يرجى زيارة مدونة للكاتب:
http://zide.maktoobblog.com/



#مصطفى_لمودن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خلفيات دعوة المغرب للانضمام إلى مجلس التعاون الخليجي
- انطلاق برنامج -تقوية لتأهيل الجمعيات- بإقليم سيدي سليمان
- اختلالات النظام السياسي في المغرب حسب ذ. محمد الساسي
- د. المهدي لحلو أستاذ الاقتصاد في حوار حول العلاقة بين الاتحا ...
- شباب المغرب يستعد لتظاهرة 20 فبراير: تقرير عن حوار تلفزي
- الحكام العرب يسعون لإبادة شعوبهم من أجل البقاء في السلطة!
- متى سينجز المدرسون ثورتهم في المغرب؟
- زمن التوراث الشعبية السلمية؛حاجة المغرب لإصلاحات دستورية عمي ...
- قصة:هروب الحاكم
- حوار مع د. المهدي لحلو: الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي ...
- وزارة التربية الوطنية في المغرب تستعين بالمعطلين حملة الشواه ...
- جنوب السودان على أعتاب استفتاء يقوده إلى الاستقلال
- سيدي سليمان أمام عسر التنمية كنموذج لسوء التدبير بالمغرب
- الأخطر ليس إغلاق -ويكيليكس- بل استمرار ممارسة السلطة بديكتات ...
- التقويم وفق بيداغوجيا الإدماج في مدارس المغرب: المشاكل والصع ...
- الحزب الاشتراكي الموحد في المغرب يهيئ لمؤتمره القادم عبر نقا ...
- المطالبة بتنفيذ توصيات هئية الإنصاف والمصالحة بالمغرب: مسيرة ...
- أي دور للمدرس (ة) في المنظومة التربوية في المغرب
- حزب الاتحاد الاشتراكي في المغرب ضد حذف الغرفة الثانية ووزيره ...
- التباسات التفرغ النقابي بالمغرب


المزيد.....




- صندوق النقد: حرب غزة ضغطت اقتصادات المنطقة بدرجات متفاوتة
- ارتفاع الاحتياطيات الدولية لروسيا إلى 600.7 مليار دولار
- مديرة صندوق النقد الدولي تعرب عن قلقها من الوضع -المروع- في ...
- صندوق النقد الدولي يتوقع نمو الاقتصاد العربي 2.6% في 2024
- جدل متزايد في الأردن بعد عفو عام شمل إصدار شيكات بدون رصيد
- لبنان، أزمة اقتصادية وسياسية عميقة
- أولويات تخصيص الإنفاق في مصر ومشكلة عجز الطاقة
- هل تأثرت السياحة الروسية في مصر بسبب الضربات الإيرانية لإسرا ...
- وزير ألماني يتحدث عن -البؤس- الاقتصادي في بلاده
- صندوق النقد الدولي: عجز الميزانية يحمل مخاطر على الاقتصاد ال ...


المزيد.....

- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى
- اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك / الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - مصطفى لمودن - نماذج من الفساد في المغرب، تفويت الضيعات العمومية للخواص