أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - إلهام مانع - -معاً مع حسن البنا ضد الحداثة-!















المزيد.....

-معاً مع حسن البنا ضد الحداثة-!


إلهام مانع
إستاذة العلوم السياسية بجامعة زيوريخ


الحوار المتمدن-العدد: 3359 - 2011 / 5 / 8 - 22:28
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


"معاً مع حسن البنا ضد الحداثة"!

لم يكن شيخاً.
أعني حسن البنا.
لا.
كما لم يكن إماماً، لا أكبراً ولا أصغرا.
كان معلماً في مدرسة إبتدائية بمدينة الإسماعيلية في مصر..
ووجهته الدينية بدأت عندما أصبح من مريدي شيخ الطريقة الحصافية الصوفية، عبدالوهاب الحصافي. ذاك الذي كان يوصي مريديه دوماً، بألا يرددوا كلام "الملاحدة والزنادقة والمبشرين".
فتأثر الشاب. ثم خرج علينا بحزب سياسي. الأخوان المسلمين.
حسن البنا عاش في بدايات القرن العشرين.
فترة مخاض.
العالم يتغير بسرعة تسرق الأنفاس. الأفكار تتوالد وهي تلهث، ثم ترفس ماكان قبلها كي تحل محلها، عادات وتقاليد تزول، تزيحها انماطٌ اخرى بقيم جديدة، ودول عظمي تتهاوى، لتحل محلها اخرى.
العالم كان يتغير، و يعيش فترة مخاض.
وحسن البنا عايش هذه الفترة. بكل ما فيها من تغيير. بكل ما فيها من تجديد. وبكل الخوف والفزع الذي يثيره التغيير.
بكل الخوف والفزع الذي يثيره التغيير.
----
عايش فترة بدأت فيه نساء الطبقة الوسطي والعليا في مصر في الخروج من الحرملك.
خرجن من الحرملك - تقليد وعادة اخذتها مصر عن أتراك الدولة العثمانية.
يفصل فيها المقتدرون نسائهم ويعزلونهم عن العالم.
كسرن القيد. وبدأن في خلع النقاب. الواحدة بعد الأخرى. خرجن من الظلام إلى الحياة. أردن أن يتعلمن، أردن أن يعيشن. يتنفسن هواءاً طلقاً، ويمارسن دورهن في مجتمعهن.
أردن أن يكَنَ.
ما أجمل الحياة عندما نعيشها.
وأقول المقتدرين من المصريين عامدة.
فالغالبية الساحقة من الشعب المصري، التي كانت تعيش في الأرياف، لم تكن لتفكر في مثل هذا "الترف الإقصائي". في فصل نسائهن في حرملك. ما كانت قادرة على ذلك. فالمرأة والرجل كانا يعملان معاً في الحقل، يزرعان الأرض بأيديهما، ولأنهما جزءاً من الطبيعة، لم يكن من الطبيعي أن ترتدي المرأة الفلاحة رداءا أسوداً يقيد حركتها وهي تعمل، كما لم يكن من الطبيعي أن تغطي وجهها وتخنق أنفاسها، وهي تنحني على الأرض تبذر، تزرع، تسمد، وتحصد. وفوق كل هذا ترعى أسرتها واطفالها.
كانت عادة، عادة غير طبيعية. ضد طبيعة الإنسان. تخنق المرأة. تقيدها في شرنقة. وتمنعها من ان تمارس حياتها كما اراد الخالق لها أن تُمارس. فنبذتها المرأة المصرية الفلاحة.
ما أجمل الحكمة عندما ندركها بالفطرة.
فقط المقتدرون كانوا قادرين على عزل نسائهم. لم يكونوا حكماء. كانوا مقلدين. قلدوا غيرهم دون أن يفكروا. ففرضوا التعاسة على نسائهم.
لكن الزمن كان يتغير، والنساء أدركن بعد أن تعلمن وقرأن أن عزلهن قيدٌ يتناقض مع الطبيعة. وأنها عادة. فقط عادة، يمكن تغييرها، وإدانتها ايضا.
فخلعن النقاب.
---
أنتِ ايضاً قادرة اليوم على خلعه.
أخلعيه أنتِ أيضاً.
وأخرجي إلى الحياة.
وكوني.
كوني ما تريدين.
----
حسن البنا عايش هذه الفترة.
كان يرى تغييراً إجتماعياً يتجسد امام عينيه.
لم ير فقط النساء يخرجن من الحرملك. بل رأى المجتمع كله يتغير.
المرأة تخرج لتتعلم، والأسر معها تتغير.
والقيم تتغير.
فزع يتغلل في نفس حسن البنا. عالمه يتهاوى. يتمدن. الحداثة تمتد إليه. وهو يقف جامداً. لا يريد أن يتغير. لايريد أن يتمدن. يريد عالمه كما كان.
----
الأهم، أن حسن البنا كان يرى العالم السياسي كما فهمه يتهاوى أما ناظريه.
الدولة العثمانية، الخلافة الإسلامية كما كان يسميها، تنهار.
انقسمت اجزاءها، تبعثرت، بعضها استقل، وغيرها إُستعمر، او وُضع تحت وصاية.
والدولة العثمانية نفسها، إنكمشت لتصبح الدولة التركية.
والدولة التركية، أمله، تلك التي كان يأمل أن ترفع لواء الخلافة، رفضت رفع ذلك اللواء. كانت حكيمة هي الأخرى.
أدركت، لحسن حظها، أن الزمان غير الزمان، وأن المستقبل لدولة حديثة، لا لخلافة عثمانية متهرئة متهالكة.
المستقبل للحداثة.
كمال أتاتورك جاء، الغى منصب الخلافة، عزل الخليفة، وأحل محل نظام الخلافة نظاماً جمهورياً يقوم على مبدأ القومية الوطنية: "نحن أتراك. ومسؤوليتنا تجاه وطننا. تركيا".
فتهاوى النظام السياسي الذي اعتبره حسن البنا نموذجه.
كان أتاتورك رجلاً طموحاً لديه رؤية للمستقبل، ادرك أن تركيا التي يحلم بها لن تكون قوية ما لم تكن مهيئة للمستقبل، ولكي تكون كذلك، عليها أن تتبنى نظاماً سياسياً جديداً، يمُكنها من الدخول إلى الحداثة.
فجعل العلمانية أساس الدولة التركية الحديثة.
فَصلَ الدين عن الدولة.
لم يقل للناس كفوا عن الإيمان بالله.
كل ما قاله، ان الدين مكانه الحيز الخاص.
----
أن تؤمن أو لا تؤمن شأنك أنتَ وأنتِ. شأنكما الخاص.
لكن الحيز العام لا يحكمه الدين. الدين ينظم علاقة الإنسان بالله. لكن علاقة الإنسان بالدولة يحكمها القانون. والقانون يجب ان يكون علمانياً كي تستطيع الدولة ان تتعامل مع مواطنيها بحياد، أياً كان هذا المواطن: مسلماً، ملحداً، سنياً، صوفياً، شيعياً، مسيحياً، يهودياً، رجلاً، إمرأة...
المواطنة هي المحك.
لا الدين.
الدين لا يجب ان نقحمه في تنظيم حياتنا السياسية والقانونية والإجتماعية (قوانين العائلة).
مكانه الحيز الخاص. حيث تؤمن أو لاتؤمن. وعندما تضعه في ذلك الحيز، يمكنك بالفعل ان تكتشف معنى الروحانية. إذا رغبت في إكتشاف تلك الروحانية.
----
ولهذا اعتبرُ العلمانية الجوهر الذي لا يمكن الإستغناء عنه لبناء دولة مدنية حديثة.
لا اعتبرها شتيمة. لا اعتبرها بعباً يخيف.
بل أقولها ببساطة: أنا علمانية.
علمانية.
ثم أضيف عبارة :علمانية مدعمة بأحترام حقوق الإنسان والمساواة بين الجنسين، كي لا نسقط في الفخ الذي سقطت فيه تركيا بعد أتاتورك. كانت علمانية، لكنها لم تحترم حقوق أقليتها الكردية، وكانت شرسة في العقود الأولى في قمعها لحرية التعبير.
----
أتاتورك لم يكتف بذلك.
زاد على ذلك بأن أدرك، وكان على حق مرة أخرى، أن التغيير إلى الحداثة كي يتجسد يبدأ مع المرأة.
منع النقاب.
وسن القوانين، الواحدة تلو الأخرى.
منح المرأة حقوقها السياسية، ثم غير قوانين الأسرة، وحولها إلى قوانين مدنية بعد أن كانت مستمدة من قواعد الشريعة الإسلامية، وتبنى القانون السويسري للعائلة، الذي وإن كان أبوياً في رؤيته وقواعده، إلا أنه مهد الطريق لمفهوم المساواة بين الرجل والمرأة في العلاقات العائلية.
لم يعد من حق الرجل ان يطلق زوجته بكلمات ثلاث: طالق، طالق، طالق.
بل أصبح من حق الرجل والمرأة الطلاق من خلال تقديم طلب إلى محكمة مدنية محايدة.
كمال أتاتورك كان يرى المستقبل بعينيه.
يراه.
وكان يدري أن الدولة العصرية تحتاج إلى إسرة مكونة من رجل وإمرأة، وعددٍ من الأطفال، حبذا لو كانا طفلين.
الدولة القبلية في المقابل، تحتاج إلى رجل واربع زوجات وجيش من الأطفال.
لكن دولة القبائل لا تحمي الإنسان فيها.
دولة القبائل تقتل الإنسان فيها.
ولأن المستقبل للحداثة، أرادها أتاتورك معاصرة.
-----
وحسن البنا كان يتابع كل هذا.
من بعيد.
من مصر.
يرى العالم كما يتمناه، كما يتصوره، ينهار، يتغير، يتبدل.
وهو لا يريده أن يتغير.
لا يريد المرأة كما ارادها أتاتورك.
لايريد الدولة كما نظمها أتاتورك.
لايريد المجتمع والأسرة كما تصورها أتاتورك.
فخرج علينا ببدايات فكر حزب الأخوان المسلمين السياسي.
هو حزب. وسياسي. يستخدم الدين كغطاء. غطاء فقط.
وفكره في الواقع لم يكن أكثر من محاولة يائسة من شخص متدين للوقوف امام زحف الحداثة.
لا يريدها دولة حديثة، لا يريدها وطناً لمواطنين متساويين أمام القانون، تماماً كما لايريدها إمرأة حديثة.
اساس ذلك الفكر كما روج لها حسن البنا تتلخص ببساطة في كلمات ثلاثة: "الشريعة، الجهاد، الأمة، ".
---
في المقال القادم سأبدأ بكلمة الشريعة كما وصفها حسن البنا، ثم اعرض لكما موقفي الذي يتلخص في عبارة "حان الوقت كي نكف عن إستخدام الشريعة في تنظيم شؤون الأسرة والحياة".



#إلهام_مانع (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الوطن... الإنسان!
- أمة تكره؟
- لأن الأمة لم توجد قط!
- أمة؟
- علينا أن نختار!
- لا صوت يعلو فوق صوت الثورة! حقاً؟
- اليمن.. أمام مُفترق الطريق من جديد!
- صباح الخير يايمن، صباح الخير ياوطن!
- مصر على مفترق الطريق!


المزيد.....




- -أزالوا العصابة عن عيني فرأيت مدى الإذلال والإهانة-.. شهادات ...
- مقيدون باستمرار ويرتدون حفاضات.. تحقيق لـCNN يكشف ما يجري لف ...
- هامبورغ تفرض -شروطا صارمة- على مظاهرة مرتقبة ينظمها إسلاميون ...
- -تكوين- بمواجهة اتهامات -الإلحاد والفوضى- في مصر
- هجوم حاد على بايدن من منظمات يهودية أميركية
- “ضحك أطفالك” نزل تردد قناة طيور الجنة بيبي الجديد 2024 على ج ...
- قائد الثورة الإسلامية يدلى بصوته في الجولة الثانية للانتخابا ...
- المقاومة الإسلامية في العراق تقصف 6 أهداف حيوية إسرائيلية بص ...
- -أهداف حيوية وموقع عسكري-..-المقاومة الإسلامية بالعراق- تنفذ ...
- “بابا تليفون.. قوله ما هو هون” مع قناة طيور الجنة الجديد 202 ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - إلهام مانع - -معاً مع حسن البنا ضد الحداثة-!