أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إلهام مانع - لا صوت يعلو فوق صوت الثورة! حقاً؟















المزيد.....

لا صوت يعلو فوق صوت الثورة! حقاً؟


إلهام مانع
إستاذة العلوم السياسية بجامعة زيوريخ


الحوار المتمدن-العدد: 3331 - 2011 / 4 / 9 - 23:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أكره أن اكون الصوت الناعق ضمن سرب يغني. ورغم جمال صوت أغنية السرب، وإيماني بهدفها، لابد من الإصرار على التوقف. نتمهل. لحظة. نتأمل. ندقق. نتفكر، ثم نخطط، كي يكون المستقبل لكَ ولكِ، ولنا جميعاً.

*

تقول لي، وهي الناشطة المعروفة: "كلما حاولت أن انبه إلى تجاوزات سافرة في العمل الميداني، ترتفع الأصوات: ’لا تشقي الصف. كل هذا سنجد له حلاً بعد ان يرحل‘".

ويقول لي، وهو القائد الشاب في الميدان:"كلما حاولت أن الفت الإنتباه إلى أن إلباس الأطفال قمصان عليها عبارة ’مشروع شهيد‘ لايعبر عن مشروع الحياة الذي نسعى إليه، ترتفع الأصوات مؤنبة، ثم يتهمني البعض بأني ’علماني، ليبرالي، متغرب‘".

وأنا عزيزي وعزيزتي، كما تعرفان، علمانية حتى النخاح وافتخر، لكن لإن ثقافة التطرف ظلت تضرب على نفس الوتيرة لأكثر من نصف قرن، تحول مصطلح هو في الواقع النقيض لحكم الكهنوت الديني إلى شتيمة.

الملفت في حديثهما إتفاقهما على أنهما يقفان وحدهما رغم أن الكثيرين والكثيرات ممن حولهما يؤيدون مواقفهما. لكن هؤلاء الكثيرين صامتون! هؤلاء الكثيرات صامتات!

الصمتُ يمتعضُ... همساً... في الأنفس!

والصمت، خاصة عندما يكون هامساً، يُغري الجبروت. فيبدأ في بسط جناحيه، حتى يستفرد بالساحة فإذا بالثورة تتحول عن مساراها، وتعود بنا إلى مربع الصفر من جديد. فهل هذا ما نريده؟

* الناشطة المعروفة والقائد الشاب لم ينسيا للحظة الهدف الذي خرجت من اجله هذه الجموع إلى الشوارع. يطرحان السؤال دائماً: "لماذا خرج شبابانا وشاباتنا إلى الشوارع؟" خرج الشباب والشابات بحثا عن مشروع حياة، عن مشروعِ مستقبلٍ يُعيدُ هذه الأوطان إلى اصحابها، لهم، لهن، وللجيل القادم من بعد. وهما كما هو واضح مدركان أن مشروع الحياة هذا يجب أن يختلف عن ثورات الخمسينات والستينات من القرن الماضي، وأن يتعلم من أخطاء الماضي.

قديماً قِيل لجيلِ أبي: "لا شيء يعلو فوق صوت الثورة". والثورة كانت تَعدُ أبناءَها (لا بناتها) بالتنمية، بالتقدم، بالعدالة، والإشتراكية في صورها المتعددة. قِيل لجيل أبي:"لا شيء يعلو فوق صوت المعركة". والمعركة حينها كانت ضد دولة إسرائيل.

وِقيل لجيل أبي: "الوقت ليس مناسباً لترف الديمقراطية، وخلافات الأحزاب. الوقت وقت تنمية، الوقت وقت معركة". وجيلُ أبي كان حالماً محباً للوطن هو الأخر. فصدق، وليته لم يصدق. أبي مات قبل شهر وهو في إنتظار ان تأتي تلك التنمية. في إنتظار أن تُحسم تلك المعركة، وفي أنتظار أن يرى تلك العدالة والتقدم. وكان من زمان بعيد قد فقد إيمانه بالإشتراكية العلمية بعد أن رآها مطبقة في ألمانيا الشرقية.

مات الرجل محسورا، لأنه آمن بالوطن، ثم رآه منحوراً أمامه. فإنسحب من الحياة، لكنه غرس بذرتها في نفسي وأخي، ولم ييأس. بقي الحلمُ نابضاً في قلبينا من بعده.

*

اليوم نقف من جديد أمام مفترق طريق. علينا أيضاً أن نختار. هذه المرة لم تكن الثورات نتيجة إنقلاب عسكري. هذه المرة خرجت الشعوب إلى الشوارع تُطالب بالتغيير. تبحث عن أوطانها. تحلم بالحياة، وتغني للمستقبل. بيد أن الحلم يبقى في السحاب غائماً إذا لم نُعد ونخطط لترجمته على أرض الواقع. ولذا علينا أن نتوقف، لحظة. نتمهل. لحظة. ثم نتأمل. ندقق ونتفكر ثم نخطط.

تسألاني كيف؟

حسناً. سيكون علينا أولاً أن ندرك أن هناك الكثير من القوى الساعية إلى إجهاض حركة التغيير الشابة قبل أن تخرج إلى الحياة. وهذه القوى كثير منها داخل الواطن، تلك التي كانت جزءا من النظام سابقاُ ثم تحولت بقدرة قادر إلى ’قوى ثورية‘، أو تلك الأصولية المتطرفة، التي وفرت دوماً غطاءاً شرعياً للحكم القائم، وقبضت الثمن، ثم ’أكتشفت فجأة‘ أنها ’تكره الفساد‘.

كلاهما لا يؤمنان بمفاهيم الديمقراطية او الشفافية، كلاهما على إستعداد لركوب الموجة إلى حين، وكلاهما ينتظران الفرصة كي يُعيدا عقارب الساعة إلى الوراء.

وبعض هذه القوى إقليمي، وتحديداً إيران والسعودية. لأنهما يمثلان مشروعَ دولة دينية لا تؤمن بالمواطنة المتساوية، أو بمفاهيم الديمقراطية المدنية. ولأن حركة التغيير القائمة تهز اركان نظامهما، فإنه من البديهي أن يقفا في خندق واحد يريدان طمر نداء الحياة، كي لا يصل إلى شعبيهما العريقين.

هذه إذن أولاً.

هناك من يتربص بهذه القوة الخلاقة الدافعة للتغيير. وعلينا أن لا نستهين بهذا التربص.

*

الثانية تدعونا إلى أن نتعلم من أخطاء الماضي. في الماضي إستسهلنا الأمور، وتسرعنا، فخرج مشروع الوطن مشوهاً.

وكي نستعيد أوطاننا، علينا أن لا نكرر اخطاء الماضي، بل نبنيها على إسس صحيحة: مدنية، ديمقراطية، وتوفر مبدأ المساواة في المواطنة.

الأساس المدني لا يعني أكثر من أن نفصل الدين عن الدولة. والفصل بين الأثنين لا يعني الدعوة إلى تدمير الدين. بل تعني فقط إعادة الدين إلى حيزه الطبيعي، الشخصي. تؤمن أو لا تؤمني شأنكما الخاص.

وأهمية هذا المبدأ أنها تجعل كل المواطنين والمواطنات في الدولة يقفون على قدم المساواة أمام القانون. الهوية في الوطن هي المواطنة.

مصري، مصرية. يمني، يمنية. تونسي، تونسية. ليبي، ليبية. أما القناعات الدينية فهي لله عز وجل.

والدولة يفترض فيها أن تكون وطناً لجميع مواطنيها ومواطناتها، بغض النظر عن الدين، الجنس، اللغة، اللون، أو العرق. ولكي تكون قادرة على فعل ذلك عليها أن تكون مدنية. دولة مدنية.

*

الأساس الديمقراطي في المقابل يعني بناء دولة يتم فيها تداول السلطة بشكل سلمي، تشارك فيها كل القوى السياسية، وتحترم مبدأ حرية الرأي والمشاركة السياسية لمواطنيها، وتُوفر مبدأ المحاسبة لمسؤوليها. ولكي يحدث هذا من الضروري التأكيد على حرية العمل الحزبي، لا أن نبدأ كما نرى اليوم في اليمن في تعليق شعارات ’لاحزبية ولا أحزاب‘. كيف نطالب بالديمقراطية وندعو في الوقت نفسه إلى القضاء على الحزبية؟

لكي يحدث هذا علينا بناء دولة مؤسسات تقوم على مبدأ الفصل بين السلطات.

ولكي يحدث هذا علينا أن نغير دساتيرنا بصورة تضمن توفير الأساس المدني الديمقراطي للدولة، وتحمي هذا الأساس من خلال مواد دستورية لا يمكن تغييرها بأية أغلبية.

المانيا لديها مواد دستورية ’دائمة‘ لا يمكن تغييرها، تتعلق بالأساس المدني الديمقراطي للدولة وبحقوق المواطنة والإنسان. أدُخلت هذه المواد على قانونها الأساسي بعد الحرب العالمية الثانية، كي لا تتكرر فضائع المحرقة النازية.

مثل هذه المواد من الضروري إدخالها في دساتيرنا. لأننا ببساطة في حاجة إليها مع وجود أحزاب دينية لا تؤمن بالمواطنة المتساوية أو بحقوق الإنسان كما تعُرفها المواثيق الدولية. دولة مدنية ديمقراطية.

*

الأساس الثالث هو المواطنة المتساوية. كل من يولد على أرض الوطن ويحمل جنسيتها هو مواطن، له نفس الحقوق والواجبات كغيره من المواطنين والمواطنات. نفس الحقوق والواجبات. بدون تمييز.

لا يمكننا أن نطالب بدولة مدنية ديمقراطية عادلة ثم نقول المسيحيين أهل ذمة. أو نقول اليهودي لا حقوق له. أو نقول أن البهائية ليست ديناً. أو نقول أن الكردي أو الأمازيغي ليسا عرباً ولذا مواطنتهما منقوصة. كلهم، كلهن مواطنون ومواطنات. يقفون وتقفن، رجالا ونساءا، متساويين ومتساويات أمام القانون. وهي ليست مّنة. إنتبها أيها الأعزاء. ليست مّنة مننا أن نقول "سنعامل المسيحيين واليهود كمواطنين". هذا حق. حق كل إنسان يحمل جنسية الوطن. أن يكون مواطنا، أن تكون مواطنة. متساوون ومتساويات أمام القانون.

كما لا يمكن أن نتحدث عن تغيير مدني ديمقراطي عادل فعلاً دون أن نتحدث عن المساواة بين الجنسين في الحقوق والواجبات.

إذا لم تكن موجات التغيير القائمة في المنطقة معنية بحقوق المرأة وإحترامها، فإنها ببساطة لن تكون إلا تكراراً لثورات الماضي الحزينة، وسنعود من جديد إلى مربع الصفر.

ورجوتكما أن لا ترفعا أعينكما إلى السماء، تتأففان، وتقولان "هاهي تتحدث من جديد عن حقوق المرأة. كأن هذا وقت هذا الكلام.".

في الواقع، الآن تحديداً هو وقت هذا الحديث. ليس غداً. ولا فيما بعد، ولا بعد أن يرحل. الآن. كي لا تتمادي الأحزاب الدينية في التكشير عن أنيابها، وكي تكون الثورة ثورتها هي الأخرى، ثورة المرأة وحقها. لأنها كما كانت وتظل شريكة في المظاهرات، فأنها شريكة في المواطنة. وكما وقفت مع الرجل يواجهان معاً الرصاص والدموع المسيلة للغاز، تقف معه أيضاً متساوية في الحقوق والواجبات. ليس هبة. ليس تصدقاً. بل حقها. لأن حقها كحقه. إنسان. كلاهما إنسان.

*

كل هذا يجب أن نطرحه اليوم. اليوم قبل غداً. لا أن نصمت، ونبتلع احلامنا، كي يأتي من يتربص بها، ينهشها فتصبح هباءاً.

لا تدعا الصمت يمتعض في نفسيكما همساً. بل إرفعا صوتيكما. عالياً. يصدح. تواقاً إلى الحياة.

ودافعا عن حلم الإنسان في وطنه: وطن آمن عادل لكل مواطنيه ومواطناته. وعندما يأتي من يقول لكما بأنه لا صوت يعلو فوق صوت الثورة، ردا عليه ببساطة، "بلي: صوت الإنسان|.

لأنه لو كان الإنسان غائباً عن روح هذه الثورة، فلا داعٍ لها.

* كاتبة يمنية- سويسرا



#إلهام_مانع (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اليمن.. أمام مُفترق الطريق من جديد!
- صباح الخير يايمن، صباح الخير ياوطن!
- مصر على مفترق الطريق!


المزيد.....




- جبريل في بلا قيود:الغرب تجاهل السودان بسبب تسيسه للوضع الإنس ...
- العلاقات بين إيران وإسرائيل: من -السر المعلن- في زمن الشاه إ ...
- إيرانيون يملأون شوارع طهران ويرددون -الموت لإسرائيل- بعد ساع ...
- شاهد: الإسرائيليون خائفون من نشوب حرب كبرى في المنطقة
- هل تلقيح السحب هو سبب فيضانات دبي؟ DW تتحقق
- الخارجية الروسية: انهيار الولايات المتحدة لم يعد أمرا مستحيل ...
- لأول مرة .. يريفان وباكو تتفقان على ترسيم الحدود في شمال شرق ...
- ستولتنبرغ: أوكرانيا تمتلك الحق بضرب أهداف خارج أراضيها
- فضائح متتالية في البرلمان البريطاني تهز ثقة الناخبين في المم ...
- قتيلان في اقتحام القوات الإسرائيلية مخيم نور شمس في طولكرم ش ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إلهام مانع - لا صوت يعلو فوق صوت الثورة! حقاً؟