أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - الادريسي المهدي. - نهاية الميتافيزيقا














المزيد.....

نهاية الميتافيزيقا


الادريسي المهدي.

الحوار المتمدن-العدد: 3357 - 2011 / 5 / 6 - 03:04
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


نهاية الميتافيزيقا
ظهر نيتشه : ابن داروين وشقيق بسمارك (على حد قول جون ديوى) الذى أنجز للفلسفة الغربية ما عجز عنه السابقون عليه، والذى طور رؤية معرفية علمانية إمبريالية لا ينقصها سوى الجيوش والدبابات. وتعود أهميته الحقة إلى أنه ساعد على استكمال الطفرة الفلسفية التى سيتحقق من خلالها النموذج العلمانى المادى ويتعين ويتبلور، فأسس فلسفته انطلاقا من كثير من المقولات الكامنة العدمية للرؤية المادية وأطلق عبارته الشهيرة "لقد مات الإله"، ثم بذل قصارى جهده فى أن يطهر العالم من أى ظلال يكون قد تركها الإله على الأرض بعد موته .ويمكننا أن نتجاوز المضمون الدينى الإلحادى المباشر لهذه العبارة لنحدد مضمونها ومن ثم تضميناتها المعرفية التى لا تشمل الإله وحسب بل وتشمل الإنسان والكون. ويساعدنا هايدجر فى هذا حيث يقول إن الإله بالنسبة لنيتشه هو "العالم المتسامى"، العالم الذى يتجاوز عالمنا؛ عالم الحواس: الإله هو اسم عالما لأفكار والمثاليات والمطلقات والكليات والثوابت والقيم الأخلاقية. وانطلاقا من هذا، أعلن نيتشه أن الإيمان السائد بأن العقل الإنسانى قادر على التوصل إلى علم يستطيع أن يزوده بمعرفة يقينية وأنساق أخلاقية (أى أن يوسع العلم والعقل أن يحلا محل الدين) هو وهم ليس إلا، وأن المركزية التى تخلعها الفلسفة الهيومانية على الإنسان مركزية زائفة، فهو كائن طبيعى ليس له أهمية خاصة. فعند كويرنيكوس،والإنسان يتقدم حثيثا نحو التقليل من شأن الإنسان وقد أصبحت إرادته أن يقلل من شأن نفسه "واحسرتاه"! أين إيمانه بكرامته وفرادته، أين اعتقاده بأنه لا يمكن أن يحل محله شىء فى سلسلة المخلوقات؟ لقد ولى كل هذا بلا رجعة، فقد أصبح الإنسان حيوانا بالمعنى الحرفى الكامل. هذا الى كان فى إيمانه يكاد يقترب من مصاف الآلهة. منذ كويرنيكوس، يبدو أن الإنسان يدور فى سطح مائل، ولذا فإن سقوطه يتسارع إلى ماذا؟ إلى العدمية؟ بل وفكرة الإنسان ككائن مستقل والذات الحرة المستقلة هى وهم آخر. فالذات ليست سوى قناع ووهم ورثناه من عصر النهضة يُرضى غرورنا الإنسانى، بل وأعلن نيتشه أن الطبيعة ذاتها لا قداسة لها، فهى مجموعة من القوى المتصارعة، والحديث عن أى مطلقية - من ثم - هوعبث، فكل الأمور مادية وكل الأمور المادية متساوية. وكل الأمور المتساوية نسبية. إن الفلسفة الحديثة الحقة (حسب تصور نيتشه، تلك الفلسفة التى تحققت فيها اللحظة العلمانية تماما). هى فلسفة تصدر عن فكرة موت الإله وإزالة ظلاله، أى اختفاء أىنقطة ثابتة أو صلبة أو أى مرجعية متجاوزة حيث يجب التحرك داخل إطار مادى طبيعى صارم يتسم بالسيولة الكاملة إذ أنه يساوى بين الأشياء كلها ويسويها. وقد يكون من الأمور التى لها دلالة أن أخذ عبارة وردت فى آخر أعمال نيتشه (1888) كان "ديونيزوس ضد المصلوب" وهى عبارة تعنى "إما أنا أو الإله" أو "إما الواحد أو الآخر". (وفى عبارة شهيرة أخرى تساءل تيتشه: "إذاكان الإله موجودا فماذا أنا إذن؟") بمعنى أنه رأى أنه لا يوجد أمام الإنسان سوى طريقين اثنين: إما أن يتحقق الحلم الإنسانىالهيومانى ونكون ما نريد ونستبعد الإله تماما، أو أن نسقط فى العدم دون عزاء أو سلوى، ونقبل مصيرنا فى صمت مأساوى، وقد أدرك نيتشه أن البديل الأول غير متاح، ومن ثم فلا مفر من الثانى، وقد أعلن نيتشه أن أكثر الضيوف بشاعة قد جاءنا، وأننا دخلنا مرحلة العدمية.
كل هذا يعنى نهاية الميتافيزيقا، بل ونهاية فكرة الحقيقة فالقضاء على بقايا الميتافيزيقا المتمثلة فى الحديث عن الكل المتجاوز أدى إلى القضاء على الحقيقة.
الادريسي المهدي. باحث في العلوم السياسيه .






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكومة الارواح الميكانيكية


المزيد.....




- 47 قتيلا في غزة بينهم مدير مستشفى وأفراد من عائلته بنيران إس ...
- الغارديان: إسرائيل استخدمت قنبلة زِنتها 500 رطل لقصف مقهى بغ ...
- غرق عبارة تقل 65 شخصا قبالة جزيرة بالي الإندونيسية
- مصدران أمريكيان: إيران جهزت ألغاما بحرية تحسبا لإغلاق مضيق ه ...
- حتى لا يغضب ترامب.. نتنياهو يقبل بهدنة تعزز سلطته وتمكنه من ...
- تحفيز الدماغ كهربائيا.. حل لمن يواجه صعوبة في تعلم الرياضيات ...
- كولومبيا تضبط لأول مرة غواصة مسيّرة عن بعد لتهريب المخدرات
- البنتاغون يؤكد استمرار مراجعة المساعدات العسكرية لأوكرانيا ب ...
- بعد حديث ترامب عن إعادة برنامج طهران النووي عقوداً للوراء، - ...
- يديعوت أحرونوت: مجموعات مسلحة تعمل ضد حماس مع عصابة أبو الشب ...


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - الادريسي المهدي. - نهاية الميتافيزيقا