أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - حسين التميمي - تلميذ يؤبن نفسه قبل موته















المزيد.....

تلميذ يؤبن نفسه قبل موته


حسين التميمي

الحوار المتمدن-العدد: 3351 - 2011 / 4 / 30 - 20:01
المحور: حقوق الانسان
    


الحادث المأساوي الكبير الذي تناولته وسائل الاعلام حول موت طالب في الصف الثالث الابتدائي اثر تعرضه للضرب والاهانة والتحقير جراء تلبيته لغريزة انسانية لم يحرمها الله .. بعد ان ضبطته المعلمة وهو متلبس بـ (الجرم المشهود) عندما كان يتناول قطعة من (سندويج) زميله دون استئذان، ليسد جوعه.
هذا الطفل تعرض لاقسى عقوبة نفسية عندما اصطحبته المعلمة ذليلا مهانا لتدور به على جميع فصول المدرسة لتقول للجميع (هذا الحرامي .. هذا هو النشال .. هذا هو السارق المجرم ) !!
ياه .. اهكذا يعامل فلذات اكبادنا على ايدي من استأمناهم من معلمين ومدرسين ؟
اهكذا تعامل الطفولة والبراءة حين تمارس ابسط حقوقها في الحصول على القليل من الطعام بعد ان حرمت منه؟
ما اقسى هذه التجربة .. لو عاد كل منا بذاكرته الى ايام الطفولة وقارن بين ما اقترفه هو من اخطاء وتصرفات سيئة وبين ما اقترفه هذا الطفل من فعل بريء فماذا تكون النتيجة ؟ ولو فكرت تلك المعلمة بهذه الطريقة اما كان لها ان تتروى قليلا قبل ان تتعامل مع هذا الطفل بمثل هذه القسوة ؟
ولو فكرنا نحن مليا في صعوبة هذه التجربة القاسية وتأثيرها في نفسية طفل بريء حرم من والدته، ويعاني من جو اسري صعب للغاية، فضلا عن رهافة مشاعره الطفولية وبكارتها.. فماذا تكون النتيجة ؟ اليس في الموضوع نوع من الاغتصاب لبكارة الطفولة وبراءتها، يقول الكاتب الفرنسي (د.هـ .سالينجر) لو علم الكبار بما يراه الاطفال، عندما ينظرون اليهم، لما فكروا في التصرف بالطريقة التي هم عليها الآن، ولغيروا كثيرا من سلوكياتهم واعتدادهم بانفسهم .
ويبدو ان حظ جان فالجان بطل رواية البؤساء لفكتور هيجو كان افضل بكثير من حظ هذا التلميذ (الطفل) على الرغم مما كانت تعيشه فرنسا آنذاك من تخلف وجهل واحكام تعسفية قاسية، ذلك ان جان فالجان حكم عليه بسبعة اعوام في السجن اما بطل قصتنا العراقية فقد حكم عليه بالموت.
تعرضت العديد من مدارس المحافظة للهدم او التدمير، خلال فترة تردي الوضع الامني، وهناك مدارس تضم الآن دوامي او ثلاثة، وتزدحم العديد من الصفوف بثلاثين او اربعين او حتى خمسين طالبا احيانا، وهذا يؤثر كثيرا على العملية التربوية، لكنه لايعطي الحق لأي معلم او مدرس ان يتجاوز حدوده التربوية والتعليمية، سيما واننا نعلم جيدا بان هناك العديد من المعلمين الذين مارسوا التعليم بعد حصولهم على دورة سريعة لمدة ستة اشهر، وحتى اولئك الذين درسوا لثلاثة اعوام او خمسة وفقا للمعاهد او المؤسسات العلمية التي درسوا فيها، لكن هذا لا يمنع من ان يكون هناك نسبة ليست بالقليلة من المعلمين والمدرسين ممن يحتاجون الى اعادة تأهيل والى فحوصات نفسية للتأكد من عدم اصابتهم بامراض نفسية قد تنتقل الى المجتمع من خلال انتقالها الى اجيال المستقبل وقادته.
مدير تربية ديالى نفى ان تكون للمدرسة اي مسؤولية عن الحادث مؤكدا ان الطفل مات بعد تعرضه لعقوبة (التوبيخ) كما اسماها.. بثلاثة ايام. ولو كان اي منا مديرا للمدرسة التي وقعت فيها هذه الجريمة، فما اسهل ان يقوم بتوجيه المعلمين والمعلمات وجميع التلاميذ، بأن يرووا رواية بعينها تناسب التوجه العام، ووفقا للتوجيهات العليا التي تريد الخروج من هذا المأزق بأي طريقة، لأنها تخاف من هذه القشة التي تهدد بقصم ظهر البعير.
ولسنا هنا في مجال مناقشة فيما اذا كانت تلك القصة التي تناولتها وسائل الاعلام، دقيقة وحقيقة بكافة مجرياتها، ام انها مجرد فبركة اعلامية، مبالغ بها، ولن نستعرض العديد من الروايات التي حصلنا عليها من اناس هم على مقربة من الحدث، انما نحن نتناول وقائع محددة تمس الواقع التربوي في ديالى، فحادثة وفاة التلميذ قد حدثت والقول بأن الضرب في المدارس ممنوع، (على حد قول مدير التربية) هو كلام يثلج الصدر، لكنه متأخر كثيرا بوصفه رد فعل على فعل حدث ويحدث منذ فترة طويلة، وقد صدر عن جهة مسؤولة، لكن بعد فوات الأوان وكنا نتمنى ان لا يصل الأمر الى هذا الحد كي نستمع الى هذا التصريح، ذلك اننا سبق وان كتبنا وكتب غيرنا عن هذا الموضوع ونشر في العديد من الصحف لكن لم نلمس اي تجاوب، ولم نلمس مثل هذا الرد الصريح من قبل ادارة التربية، وقد كنت شاهدا ولأكثر من مرة على حدوث عمليات الضرب ضد التلاميذ (ومنهم ولدي عندما كان تلميذا في الاول ابتدائي) وكتبت عن هذا الموضوع لكن لم يتخذ اي اجراء، ترى هل كان مدير التربية ينتظر موت احد الطلاب كي يبلغنا بهذا الرد ؟!
وهل ستقصم حادثة او فجيعة هذا الموت الفجائعي الظهر التربوي الذي تنامى وارتفع بخيلاء مفرغة على الرغم من اكوام المصائب والمآسي التربوية المتكررة ؟ ام ان علينا ان ننتظر المزيد من القشات والمزيد من الموت في حق ابنائنا وبناتنا حتى تتخذ وزارة التربية الاجراء اللازم ؟
واذا كانت تربية ديالى حريصة جدا على تنفيذ اوامر الوزارة بمجملها ، فلماذا التساهل والسكوت عن الامر الوزاري الذي يخص الضرب في المدارس والذي لم يتوقف طوال هذه الاعوام، بينما هي تنفذ بدقة وحرص كبير الامر الوزاري الذي ينص على منع الاعلاميين من دخول اي مدرسة الا بعد اخذ موافقة مديرية التربية، ومعرفة سبب الزيارة وان يرافق هذا الاعلامي ممثل عن التربية، وطبعا هذا لن يحدث الا بعد مرور عدة ايام وبعد ان تكون هناك اجراءات وترتيبات (جوه العباية) لاخفاء معالم الموضوع الخاص بالتغطية وتجميله بالطريقة المناسبة مع وجود شرط اخر، وهو ان لايقوم الاعلامي خلال الزيارة بالحديث مع اي شخص الا تحت رقابة الممثل التربوي!!
اذن .. فاقد الشيء لايعطيه، والخطأ الذي لايعالج يجر خلفه اخطاء كثيرة ومتنوعة وهذه تجر الى مصائب وكوارث، واذا كان ماجرى في تلك المدرسة الابتدائية حقيقي، فعلينا ان نتشبث بمقاعدنا جيدا لأننا امام عاصفة او اعصار سيعصف بمجتمعنا لاحقا، واذا كان غير حقيقي، فعلينا ان نتخذ كافة التدابير كي لايتحول هذا الكابوس الى حقيقة.
على هامش الرواية التي تناقلتها وسائل الاعلام، استمعت الى الكثير من الاقاويل والتعليقات حول هذا الموضوع، فعلى سبيل المثال قال احد منتسبي الاجهزة الامنية وهو يبتسم:هناك من يدعي احيانا اننا نعتقل الناس على الشبهة، وان هناك بعض القسوة في اداء الاجهزة الامنية، لكن اقول لك بثقة ان قسوتنا (التي يدعون) مهما بلغت فأنها تعد رحمة قياسا الى مثل هذا العمل الاجرامي.
ايضا هناك رواية تقول ان التلميذ المسكين عندما تعرض للضرب والاهانة من قبل معلمته وبعد ان تم التشهير به امام أقرانه، وبطريقة مخزية ومذلة، قال(من بين الدموع)لبعض من اصدقاءه المقربين وقبل ان يهرب من المدرسة: اذا مت غدا هل ستأتون الى الفاتحة (العزاء) .. هذه الكلمات انقلها بأمانة لأنها وصلتني من شخص مطلع على الموضوع .. وقد آلمتني تلك العبارة كثيرا وفكرت ان لا انقلها، لكن الواجب المهني يحتم علي ان اظهر الصورة بكل تفاصيلها. فكأنه كان يعلم انه بطريقة او بأخرى سيفارق هذه الحياة، او انه لم يعد يحفل بحياة يعاقب فيها بمثل هذه الطريقة.



#حسين_التميمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حق التظاهر في الحمام
- مافيا الايفادات
- شرعنة التزوير .. وفلسفة (خليهه سكتة)
- نهاية العالم
- العرب يقرأون ويكتبون
- سلم الرواتب ولعبة (الحية ودرج)
- القبول في الجامعات والمعايير القديمة
- شباب ساحة التحرير يضعون علامة ×
- اعياد نورورز في ديالى.. سياحة غير مكتملة
- كرسي الاعتراف
- ساسة ومقاولون
- أقنعة البطالة
- فيك الخصام
- ميدان مصر وساحة بغداد
- شباب من تونس ومصر ومحافظات عراقية
- زنكنة .. هل مات آخر الرجال؟
- التحليق الى الهاوية
- العراق اولا
- سوبر نائب
- من الاذكى هذه المرة .. المرشح أم الناخب


المزيد.....




- الأمم المتحدة: 800 ألف نسمة بمدينة الفاشر السودانية في خطر ش ...
- -خطر شديد ومباشر-.. الأمم المتحدة تحذر من خطر ظهور -جبهة جدي ...
- إيران تصف الفيتو الأمريكي ضد عضوية فلسطين في الأمم المتحدة ب ...
- إسرائيل: 276 شاحنة محملة بإمدادات الإغاثة وصلت إلى قطاع غزة ...
- مفوضية اللاجئين تطالب قبرص بالالتزام بالقانون في تعاملها مع ...
- لإغاثة السكان.. الإمارات أول دولة تنجح في الوصول لخان يونس
- سفارة روسيا لدى برلين تكشف سبب عدم دعوتها لحضور ذكرى تحرير م ...
- حادثة اصفهان بين خيبة الأمل الاسرائيلية وتضخيم الاعلام الغرب ...
- ردود فعل غاضبة للفلسطينيين تجاه الفيتو الأمريكي ضد العضوية ...
- اليونيسف تعلن استشهاد أكثر من 14 ألف طفل فلسطيني في العدوان ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - حسين التميمي - تلميذ يؤبن نفسه قبل موته