أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - أمين الكنوني - تلفزيون التصوير الواقعي وأوهامه














المزيد.....

تلفزيون التصوير الواقعي وأوهامه


أمين الكنوني

الحوار المتمدن-العدد: 999 - 2004 / 10 / 27 - 08:19
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


يبدو أن ضبابية مصطلح " تلفزيون الواقع" هي أول ما يصادف المتأمل لتطور برامج التلفزيون وقنواته، فتلفزيون الواقع ليس نقيضا لتلفزيون الخيال إن وجد أصلا ، وهو بجرأته ووقاحته لا يعبر عن الواقع بالتأكيد ، لقد تبنى الكثيرون مصطلح " تلفزيون الواقع" وروجوا له انطلاقا من ترجمتهم لكلمة la télé réalité الفرنسية والمأخوذة أصلا عن الكلمة الانجليزية Reality TV، ويبدو مصطلح " تلفزيون الواقع " غير معبر عن حقيقته، فمواده تخضع لتصور مسبق ولسيناريو محكم لا يخضع للثبات بل يتم تعديله بما يسمح تحقيق أعلى نسب المشاهدة ، برامجه أيضا تقوم على أسس انتقائية في تحديد المرشحين، انطلاقا من اجتياز عدد من الاختبارات، مرورا بالقدرة على التعبير و الابتكار، وصولا إلى معايير الجمال والوسامة، وبما أن الصورة التلفزيونية هي نتاج عملية توضيب الصور،انطلاقا من زوايا ومشاهد ولقطات المصور التلفزي، وبناءا على رؤية المخرج واختياراته، فإن مصطلح تلفزيون التصوير الواقعي على قلة استعماله يبدو أكثر دقة لأنه يصور ويسجل عددا من الأحداث والوقائع كما هو عليها الحال في الواقع، وعلى غرار القنوات المتخصصة في الجنس والرياضة والموسيقى التي تناسلت آواخر القرن الماضي، يمكن تصنيف تلفزيون التصوير الواقعي كتلفزيون متخصص في تصوير أحداث واقعة وقصص حاصلة وتحصل وأصحابها هم "مؤلفوها" أنفسهم. لقد شكل تلفزيون التصوير الواقعي صدمة للمتلقي العربي بكسره عددا من الثوابت وخرقه للأعراف الاجتماعية والدينية، وما يعاب عليه هو عدم ملامسته لعدد من القضايا التي تحمل هما إنسانيا وبعدا اجتماعيا، وحيث يستمر تدفق برامج تلفزيون التصوير الواقعي المستنسخة على عالمنا العربي، مشكلة نوعا من التبعية الذي لا يمكن فصله عن تبعية في مجالات أخرى تتفاعل فيها مؤثرات داخلية وخارجية ، بشكل يؤدي إلى تدعيم كل ما ينتج عن كل أنواع التبعية من هيمنة إيديولوجية وسلوك استهلاكي، وبينما يستطيع المشاهد الغربي إطفاء زر التشغيل في جهاز التلفزيون والتوجه إلى فنون بصرية أخرى ممتعة ومتعددة يبقى المشاهد العربي خاضعا في بيته لسيطرة التلفزيون حيث وجد في تلفزيون التصوير الواقعي ذلك الملاذ الانبهاري الذي يلجأ إليه بعيدا عن باقي فنون البصرية الأخرى.

ولا شك من أن ذيوع صيت برامج تلفزيون التصوير الواقعي في عالمنا العربي يرجع أساسا لتهافت المشاهدين وحرصهم على متابعتها و السعي للتواصل مع أبطالها، حيث تحالف تلفزيون التصوير الواقعي مع شركات الاتصالات الهاتفية تحالفا تجاريا، لا يوجد أي رادع إنساني وحقوقي يمنعهما من القيام بالكثير من التجاوزات التي تخدم مصالحهما، فلدى رغبته في المشاركة أو التصويت في برامج تلفزيون التصوير الواقعي، يرى المشاهد "المستهلك" كلفة الاتصال أو كلفة إرسال رسالة خليوية مكتوبة على شاشة التلفزيون، بحروف صغيرة جدا، ولا يدرك العديد من المشاهدين أن التواصل و التفاعل مع تلفزيون التصوير الواقعي يعتبر تسلية جد مكلفة، وليست مجرد تمرين ديمقراطي للتصويت أو لإبداء الرأي، كما أنه يعتمد على تمويل عدد من الرعاة الرسميين مقابل عرض شبه متواصل لإعلانات عن منتجاتهم، وتعتبر الرسائل والاتصالات الهاتفية مصدرا مهما لعائدات منتجي برامج تلفزيون التصوير الواقعي الذي أصبح صناعة مربحة، تفرع عنه بالإضافة إلى الصوت و الصورة عدد من المنتجات كالمجلات والملابس والعطور والألعاب والملصقات التي ترمز لأبطال تلفزيون التصوير الواقعي، وتستهوي قلوب عشاق هذه البرامج.

في الوقت الذي كرست فيه منظمات حقوق الإنسان جهودها لحث الحكومات والأنظمة على احترام خصوصية الأفراد يأتي تلفزيون التصوير الواقعي ليهتك مبدأ "الحق في صيانة الحياة الخاصة" فكاميرات تلفزيون التصوير الواقعي تصاحب المشاركين في حلهم و ترحالهم ، وتنقل لنا جدالهم، أحاديثهم ونميمتهم، و لا تتوقف سوى أمام المراحيض حيث يتم الاستعاضة عن الكاميرا بالميكروفون، لقد استطاع تلفزيون التصوير الواقعي تحطيم عنصر الخجل الذاتي لدى المشاهد، وحول التلصص إلى عنصر إمتاعي، فالمشاهد يستمتع في التلصص الذي يقوده نحو الدخول في حالة إيهامية تجاه "الأبطال" المشاركين، ليتبنى عبرهم مواقف أخلاقية أو إنسانية يومية ترضي النزعات المفقودة لديه ، وفي المقابل يستمتع المشاركون بحالة المراقبة وتسليط الأضواء عليهم، بما يحولهم إلى مصاف النجوم الذين تهف إليهم الأفئدة بعد أن أمسوا المادة الأثيرة لكاميرات و عيون المشاهدين ، غير أن تلفزيون التصوير الواقعي لا ينتخب سوى نجما واحدا، وبينما يحتفظ البعض من المشاركين بذكريات جملية وصداقات نجمت عن المشاركة في برامج تلفزيون التصوير الواقعي، و فتحت أمامهم فرص العمل في تقديم البرامج التلفزيونية ، واحتراف التمثيل والغناء ، تقبر أحلام باقي المشاركين الذين استأنسوا بأضواء الشهرة.

كنزة هجرت العراق إبان حرب الخليج الأولى لتقيم في فرنسا،ولتشارك فيما بعد في برنامج لوفت ستوري، وهو النسخة الفرنسية من الأخ الأكبر، ورغم أنه لم يطب لها المقام كثيرا في البرنامج إلا أنها استمرت في الظهور على شاشات التلفزيون الفرنسي للحديث عن تجربتها المرة في العراق، وتعدى الأمر ذلك فوضعت كتابا حول العراق وأوضاعه الاجتماعية، تشتغل كنزة اليوم لحساب قناة فرنسية خاصة صورت لها مؤخرا استطلاعا حول العراق الجديد حظي بالثناء من لدن الأوساط الإعلامية الفرنسية، وإذا كانت كنزة مثالا يقتدى به من طرف المهووسين بالاشتراك في تلفزيون التصوير الواقعي، فإن إيزابييل وهي فتاة فرنسية تخلت عن وظيفتها كمعلمة من أجل المشاركة في النسخة الثانية لبرنامج ستار أكاديمي، حاملة معها طموحاتها وأحلامها في أن تصبح مغنية شهيرة ، وبعد أن سلطت عليها الأضواء أزيد من شهر، غادرت البرنامج مرغمة بعد فشلها في الحصول على أصوات المشاهدين، إيزابييل وضعت بيضها في سلة واحدة وهي الآن مستمرة في البحث عن شركة إنتاج من أجل أن يرى شريطها الغنائي النور.



#أمين_الكنوني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ليلى والزواج الاجباري
- الحجاب الممزق لكارمن بن لادن
- الفقيه...مطرب الحي لا يطرب
- طبق رمضان في الفضائيات العربية
- الأعياد الجنسية السعيدة
- الحياة الجنسية لفتاة مسلمة
- القصة الحقيقية لعائلة بوش
- الثورة المعلوماتية في مواجهة تدهور البيئة
- النسخة الفرنسية من معتقل غوانتانامو الأمريكي : غوص في معانة ...


المزيد.....




- كوليبا يتعرض للانتقاد لعدم وجود الخطة -ب-
- وزير الخارجية الإسرائيلي: مستعدون لتأجيل اجتياح رفح في حال ت ...
- ترتيب الدول العربية التي حصلت على أعلى عدد من تأشيرات الهجرة ...
- العاصمة البريطانية لندن تشهد مظاهرات داعمة لقطاع غزة
- وسائل إعلام عبرية: قصف كثيف على منطقة ميرون شمال إسرائيل وعش ...
- تواصل احتجاج الطلاب بالجامعات الأمريكية
- أسطول الحرية يلغي الإبحار نحو غزة مؤقتا
- الحوثيون يسقطون مسيرة أمريكية فوق صعدة
- بين ذعر بعض الركاب وتجاهل آخرين...راكب يتنقل في مترو أنفاق ن ...
- حزب الله: وجهنا ضربة صاروخية بعشرات صواريخ الكاتيوشا لمستوطن ...


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - أمين الكنوني - تلفزيون التصوير الواقعي وأوهامه