أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دنيا الأمل إسماعيل - خارج البيت/خارج العالم














المزيد.....

خارج البيت/خارج العالم


دنيا الأمل إسماعيل

الحوار المتمدن-العدد: 999 - 2004 / 10 / 27 - 11:11
المحور: الادب والفن
    


ركضت ودقات قلبي تعلو وتهبط، نحو غرفة ناظرة المدرسة. شعرت كم هي بعيدة جداً، وعرقي يتصبب من شدة الحرارة، أحسست كأنني أغرق في ماء ساخن. ما الذي تريده مني الناظرة، ماذا فعلت ؟ إنها المرة الأولى التي تطلبني فيها، هل شكتني زميلة ما ؟ ولكن لماذا ؟ هل أهملت في مرافق المدرسة ؟ لم أفعل ذلك أبداً. الآن عرفت، نعم، إنها تريدني أن أردّ الكتاب الذي استعرته من المكتبة. هل أقول لها إنني أتلفت –دون قصد- جزءاً منه، ماذا ستفعل بي إذا علمت.
ها هو باب الحجرة، ليس مفتوحاً ولا مغلقاً، أسمع في الداخل أصواتاً أعرفها، هذا صوت معلمتي ربيحة،هذا صوت أخي، ما الذي جاء به، هل حدث مكروه لأحد من الأسرة، هذه هي المرة الأولى التي يأتي فيها إلى مدرستي.
طرقت الباب ببطء، دخلت، صمت الجميع، سوى الناظرة التي قالت لي: دنيا 00 تعالي00 سلّمي كتبك المدرسية، واذهبي مع أخيك. نظرت إلى أخي، لعلي أجد جواباً، لكنه كان صامتاً ومرتبكاً، جلت في الغرفة،التقطت نظرة مدرستي وهي تحاول الهرب مني، ماذا هناك بحق السماء، خرج صوتي مني.، وكأنه ليس مني.
قال أخي: سنسافر الآن، أبي وأمي وبقية أخوتنا في المنزل ينتظرون. هيا بنا
- إلى أين ؟
- إلى مصر.
- لماذا ؟
- لا أعرف.
مشينا أنا وهو من شارع مصطفى حافظ حيث توجد المدرسة، إلى شارع عمر المختار، حيث يوجد منزلنا، صامتين. فقط كانت أيدينا تتحرك من أسفل إلى أعلى تمسح عرق وجوهنا0
قلت: ألم يستطع أبي الانتظار حتى انتهاء الدوام المدرسي ؟0
حين وصلنا إلى البيت، كان صوت أمي عالياً جداً، كانت تعبّر عن رفضها الرحيل ، الآن، في هذه اللحظة، لكنها في النهاية وافقت لمّا وجدته مصراً بشكل حاسم0
نظرت إلى أخوتي، والدموع تنزل من عينيّ، كانوا بملابسهم المدرسية لم يغيروها بعد، لا يفهمون شيئاً، يملأ عيونهم الخوف من ثورة أبي.
سألتني أختي سمية: لماذا سنسافر ؟ هل أغيّر ملابس المدرسة ؟.
قلت لها: لا يهم. هناك لن يعرفنا أحد.
تركتها، حتى لا تسأل أسئلة أخرى، لا أعرف أن أجيب عليها، نزلت إلى الحديقة، اقتربت من شجرات النرجس الثلاثة، القريبة من باب المنزل، سألت نفسي: هل يوجد نرجس في مصر ؟، لم أكن أعرف الإجابة. مشيت حول المنزل، ألقيت نظرة على شجرات الرمان، والزيتون والليمون والجوافة والزنزلخت والأسكا دنيا والنخلة الأعلى من قامة البيت، وبكيت بصوت سمعته بوضوح، ظللت أبكي حتى سمعتهم يبحثون عني، مسحت عينيّ، ومشيت نحو داخل المنزل، وأنا أقول بصوت منخفض سأعود.
داخل البيت، كانت الفوضى تعم كل شيء، أمي تبكي، أخوتي صامتون، وبدر الصغير نائم لا يدري مما يحدث من الأمر شيئاً، أمّا أبي فقد كان يدفع –وحده - الأثاث إلى غرفة السّدة0
أمرتني أمي أن أضع ملابسنا في الحقائب، ففعلت ذلك بلا ترتيب، ثم ركضت إلى غرفتي، ألملم قصصي وألعابي الصغيرة، وقصاصاتي التي جمعتها من هنا وهناك، وضعتها –على عجل- في حقيبة والدي القديمة، وأنا أقول في نفسي: أرجو ألاّ ينتبه لذلك.
سمعت صوت الهاتف يرن، ثم يصمت، ثم يرن، وأبي يقول كلاماً، يهدّد ويتراجع، مرة يقول: سأرحل، وأخرى، لن أرحل. هكذا حتى جاء بعض الأقارب، وأقنعوه بالرحيل الآن وليس غداً. نادى على أمي، جهزّي الأطفال وهيا.
وضعونا في السيارة كيفما اتفق. بدر الأقل من عامين كان يبكي، ويشدّ صدر أمي، بعد أن أيقظوه لتغيير ملابسه، الوحيد بيننا الذي فعل ذلك. تنهره أمي وتبكي، فيشتد بكاؤه، وأنا أنظر إليهما وإلى أخوتي، وإلى الأقارب القليلين الذين أتوا لتوديعنا، تنزل دموعي من عينييّ، فأغطيهما بيدي حتى لا يراني أحد0
أدار السائق السيارة، ونحن نلوّح لجدتي، التي جاءوا بها تحت إصرارها، وصوت بكائها يتراجع كلما تقدمت السيارة إلى الأمام، قليلاً، قليلاً، حتى خفت، ثم اختفى0
انتبهت إلى صوت أخي الصغير بعد أن أرضعته أمي، ابتسمت له، أخرجت من الحقيبة قصة، وبدأت أقرأ له.
قلت: ألا تفهم
بلى تفهم
أعرف أنك تفهم.



#دنيا_الأمل_إسماعيل (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحاجة أم عصام: لا نبكي المنازل، ولكن نبكي العمر الذي قضيناه ...
- اغتيال بيت... اغتيال أسرة
- السكن الجماعي وأوضاع النساء في قطاع غزة
- صمت المقهورات / صوت
- التغطية الإعلامية لدور المرأة في الانتفاضة
- الأسيرات الفلسطينيات
- الإصلاح... الإصلاح... فليحيا الإصلاح
- الشباب الفلسطيني والقيم والثقافة
- فتحية التي هدموا منزلها للمرة الثالثة:
- سعاد وجيش الاحتلال
- هامشية المرأة/هامشية الصحافة
- المشاركة السياسية للمرأة الفلسطينية بين الشكل والمضمون
- أثر العنف ضد المرأة على الحق في الصحة الإنجابية
- أوضاع الأطفال الفلسطينيين في المعتقلات والسجون الإسرائيلية


المزيد.....




- حضرت الفصائل وغُيِّب الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني
- خريطة أدب مصغرة للعالم.. من يفوز بنوبل الآداب 2025 غدا؟
- لقاءان للشعر العربي والمغربي في تطوان ومراكش
- فن المقامة في الثّقافة العربيّة.. مقامات الهمذاني أنموذجا
- استدعاء فنانين ومشاهير أتراك على خلفية تحقيقات مرتبطة بالمخد ...
- -ترحب بالفوضى-.. تايلور سويفت غير منزعجة من ردود الفعل المتب ...
- هيفاء وهبي بإطلالة جريئة على الطراز الكوري في ألبومها الجديد ...
- هل ألغت هامبورغ الألمانية دروس الموسيقى بالمدارس بسبب المسلم ...
- -معجم الدوحة التاريخي- يعيد رسم الأنساق اللغوية برؤية ثقافية ...
- عامان على حرب الإبادة في غزة: 67 ألف شهيد.. وانهيار منظومتي ...


المزيد.....

- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي
- فرس تتعثر بظلال الغيوم / د. خالد زغريت
- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دنيا الأمل إسماعيل - خارج البيت/خارج العالم