|
استحقاقات أيلول بين الحقيقة والسراب
ابراهيم ابراش
الحوار المتمدن-العدد: 3346 - 2011 / 4 / 25 - 23:08
المحور:
القضية الفلسطينية
د/إبراهيم أبراش حراك دبلوماسي لا يمل ولا يكل يقوم به الرئيس أبو مازن استعدادا لما بات يسمى باستحقاقات أيلول سبتمبر ويوازيه تصريحات متوالية من رئيس الوزراء سلام فياض حول استكمال بناء مؤسسات الدولة واستعداد الفلسطينيين لتولي شؤونهم السياسية والاقتصادية في إطار دولة مستقلة،ويواكب هذا الحراك مشاعر شعبية متضاربة بين الأمل والقلق،بين الاهتمام والتجاهل،نفس التباين نجده عند الأحزاب والفصائل ،ففيما تعتبر حركة فتح أن استحقاق أيلول استحقاق وطني ومعركة وطنية يجب الحشد لها،تنظر فصائل أخرى وخصوصا حركة حماس بعين الريبة لهذا الحراك وتتخوف أن يكون محطة أخرى في طريق تقديم تنازلات جديدة منطلقة مبدئيا من عدم ثقة بالرئيس وبالسلطة الوطنية ومن أن ملامح الدولة وحدودها وقضية اللاجئين والقدس أمور غامضة في هذا الاستحقاق.فهل هناك استحقاقات حقيقية في أيلول ؟وما هي مرجعية هذه الاستحقاقات؟. بعيدا عن التحليل المستمد من مشاعر التفاؤل والتشاؤم أو التخوين والتشكيك لأن هذه أمور محايثة للحياة السياسية الفلسطينية بل باتت تشكل ثقافة سياسية سيكولوجية تشكل أهم مكونات المشهد السياسي الفلسطيني واهم عوامل تعثره ،فإن ما تسمى استحقاقات أيلول القادم وجوهرها انتزاع اعتراف دولي بقيام دولة فلسطينية مستقلة على حدود حزيران 1967،لا تؤسَس على أية اتفاقات أو التزامات أو وعود دولية واضحة ومحددة ولا تؤسس على متغيرات حقيقية على الأرض تجعل هذا الاستحقاق مؤكد الحدوث بقدر ما يؤسس على إرادة رغبوية فلسطينية بقيام هذه الدولة وبقدر ما هي ورقة ضغط لتحسين موقف المفاوض الفلسطيني ولإنقاذ ما يمكن إنقاذه من خيار التسوية وما ارتبط بها من مؤسسات ومصالح .وبالتالي من المبالغة نعتها بالاستحقاقات بمعنى أن الدولة ستكون نتيجة لاتفاقات وقرارات سابقة متفق عليها وحان وقتها.وإن كانت هناك استحقاقات قادمة في أيلول فيجب أن تبنى على الجهد والنضال الفلسطيني أكثر من بنائها على وعود أمريكية وأوروبية . لا يعني هذا التقليل من أهمية الذهاب لمجلس الأمن وأهمية الاشتغال على الاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة ،أيضا يجب استثمار ما أُنجِز دوليا سابقا وإن كان هزيلا حتى لا تستغل إسرائيل فراغ غياب الحراك السياسي والدبلوماسي لتحميل الفلسطينيين مسؤولية التهرب من السلام . لقد أكد الرئيس أبو مازن أن مراهنته على استحقاقات أيلول لا تخرج عن التزامه بنهج السلام وبالشرعية الدولية وان ذهابه مباشرة للمنتظم الدولي –مجلس امن وجمعية عامة – هو تغيير في أدوات خيار السلام وليس خروجا عنه وهو تصحيح لمسار مفاوضات استمرت لعقدين من الزمن بدون مرجعية واضحة وبالتالي فاستحقاقات أيلول ليس سوى تحديد لمرجعية المفاوضات وليس بديلا عنها لأن المفاوضات ستعود حتى لو صدر قرار دولي، أو هو جبهة جديدة لمعركة سلام طويلة سيكون أيلول القادم بدايتها وليس نهايتها.أما لماذا أيلول تحديدا؟فهذا ما بينه أكثر من مسئول فلسطيني بالقول إن استحقاق أيلول مبني على ثلاثة مرتكزات :الأول إعلان اوباما العام الماضي عن أمنيته في أن يرى دولة فلسطينية بدا من أيلول القادم 2011 والثاني أن الرباعية أعلنت بعد وقف المفاوضات وفي إطار حثها على عودة المفاوضات أن هذه المفاوضات ستبدأ في أيلول 2010 وتنتهي في أيلول 2011 والثالث أن برنامج الحكومة الثالثة عشر – حكومة فياض- في أيلول 2009 حدد موعد أيلول –سبتمبر موعدا لاستكمال بناء مؤسسات الدولة. لكن ... الذهاب إلى مجلس الأمن أو الجمعية العام لانتزاع اعتراف بدولة فلسطينية اعتمادا على الوعود أو الالتزامات الأمريكية والأوروبية سيكون مراهنة غير مضمونة النتائج فهذه الوعود لا يمكن الركون إليها وقد جربنا وعودا أكثر وضوحا وكانت موثقة ومكتوبة ومع ذلك لم يتم الالتزام بها .السياسة الأمريكية ومواقف أوباما تحديدا خلال العام الماضي وهذا العام بانت عن تراجع وضعف شديد في التزامها بعملية السلام وبموقع الوسيط النزيهة لدرجة استعمالها لحق الفيتو في مجلس الأمن ضد قرار يطالب بإدانة الاستيطان ،كما أن دور الرباعية ورئيسها طوني بلير تراجع بحيث تم اختزالها بالموقف الأمريكي. صحيح أن الموقف الفرنسي الذي يقول بان الأوروبيين يدرسون فكرة الاعتراف بقيام دولة فلسطينية كما أن البيان الثلاثي الفرنسي الألماني البريطاني الأخير يلمح لمثل هكذا اعتراف كما أن الجهود الدبلوماسية للرئيس تثمر كل يوم اعترافات متزايدة بحق الفلسطينيين بدولة مستقلة، إلا أن كل ذلك يجب أن لا يوقعنا بوهم مريح بان الدولة الفلسطينية باتت على الأبواب أو أنه في أيلول القادم ستقوم الدولة العتيدة ،فما بين الأمل والتفاؤل من جانب والشك والتشاؤم من جانب آخر توجد فسحة من العقل يمكن المراهنة عليها في محاولة لفهم ما يجري وما يجب الاشتغال عليه لجعل قيام الدولة أمرا ممكنا. لا شك أن اللجوء للمنتظم الدولي وجعل الشرعية الدولية مرجعية للعملية السلمية أمر مهم وضروري بل هو تصحيح لخطا بدا منذ أوسلو واستمر حتى اليوم ولكن يجب أن لا ينتابنا وهم مريح بأن اللجوء للشرعية الدولية سيحل المشكلة وستقوم الدولة مباشرة ،هنا نذكر بعشرات قرارات الشرعية الدولية حول فلسطين بدءا من قراري التقسيم وحق العودة – القرارين 181 و 194- الصادران عن الجمعية العامة للأمم المتحدة مرورا بقراري 224 و 338 الصادران عن مجلس الأمن مرورا بعشرات القرارات والتوصيات كقرار محكمة العدل الدولية بشان الجدار وتقرير جولدستون الخ .حبل الشرعية الدولية طويل ومعركتها لا تقل صعوبة عن المعارك العسكرية وبقدر ما لنا أصدقاء وحلفاء لدى إسرائيل أيضا أصدقاء وحلفاء بل أصدقاؤها أكثر قوة وتأثيرا دوليا،وبالتالي يجب عدم وضع كل البيض في سلة واحدة ،سلة للشرعية الدولية بل يجب اشتقاق وسائل نضالية مواكبة للعمل الدبلوماسي واهم هذه الوسائل المقاومة الشعبية والمصالحة . إن ما بين الرغبة بالذهاب للشرعية الدولية للاعتراف بالدولة وقيام الدولة هناك ثلاث محطات أو معارك كبرى على الفلسطينيين خوضها والاستعداد لها : أولا : تمتين الجبهة الداخلية بالمصالحة ذلك أن ذهاب الفلسطينيين لمجلس الأمن في ظل الانقسام سيشكك في كل ما يُقال حول استعداد الفلسطينيين لتحمل مسؤولية قيام دولة ،فكيف سيحكمون أنفسهم بأنفسهم وهم غير قادرين على إدارة سلطة حكم ذاتي؟،كما أن عدم سيطرة السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير على كل مناطق الدولة الموعودة وعدم تمثيلها لكل الشعب واقعيا سيضعف من مصداقيتهما،وهناك خشية أن يتم تفصيل الدولة القادمة بما يتوافق مع واقع الانقسام الفلسطيني. ثانيا:صيغة القرار الذي سيُقَدم لمجلس الأمن أو للجمعية العامة وصيغة القرار الذي سيصدر عنه/عنها ،وهل سيكون القرار الصادر متوافقا مع قرار إعلان الدولة في الجزائر من حيث تضمنه لكل قرارات الشرعية الدولية ولحق عودة اللاجئين والقدس عاصمة للدولة؟أم سيتحدث عن دولة تقوم على تفاهمات سابقة تخص اللاجئين والقدس وتبادل الأراضي؟. ثالثا:ما بعد صدور القرار والذي لن يتضمن كما نعتقد حق عودة اللاجئين ولن يتضمن اعترافا بالقدس الشرقية عاصمة للدولة،كيف سيتحول لحقيقة ؟هل ستقوم الدولة مباشرة أم ستجرى مفاوضات قد تستغرق سنوات وخلالها ستعود إسرائيل للمماطلة مجددا ،وآنذاك سيكون الفلسطينيون سجلوا على أنفسهم تنازلات موثقة دوليا فيما إسرائيل تستمر بالمماطلة؟. إلا أن اخطر ما نخشاه أن يتم تبديد الآمال القليلة التي بنيت على العودة للشرعية الدولية وان يتم تبديد الجهود التي بذلت للاعتراف بالدولة الفلسطينية حسب المواصفات الفلسطينية،يتم تبديد كل ذلك بعودة الفلسطينيين مجددا لطاولة المفاوضات نتيجة ضغط أمريكي وتحت عنوان مبادرة جديدة للتسوية،وفي هذه الحالة سيتم الإعلان عن تأجيل عرض القضية الفلسطينية على مجلس الأمن إلى حين رؤية ما ستسفر عنه المفاوضات الجديدة والتي قد تستمر لسنوات. 25/04/2011 [email protected] www.palnation.org
#ابراهيم_ابراش (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بعد اغتيال المتضامن الإيطالي أريغوني :غزة إلى أين؟
-
التهدئة بين غزة وإسرائيل:واقعية متأخرة أم مخطط مرسوم؟
-
لا مصالحة وطنية بدون استقلالية القرار الوطني
-
الثورات العربية كنتاج لفشل الديمقراطية الأبوية والموجهة
-
التدخل الغربي يقطع الطريق على المد الثوري العربي
-
ثورة شباب فلسطين:إنجازات تحققت واخرى قادمة
-
ثورة شباب فلسطين بين التهوين والتهويل
-
حتى لا تنزلق الثورات العربية نحو حالة الفوضى (الخلاقة) الأمر
...
-
شباب فلسطين لا يقلدون غيرهم بل يصححون مسار ثورة شعبهم
-
ثورة فلسطينية لإنهاء الانقسام أصبحت ضرورة وطنية بعد انغلاق أ
...
-
الثورة المصرية:تبدد أوهاما وتحيي آمالا وتثير تخوفات
-
الثورة المصرية بين وطنية المطالب وقومية التداعيات
-
تداعيات إستراتيجية محتملة للأحداث في مصر على الصراع في الشرق
...
-
الثورتان التونسية والمصرية من منظور سسيولوجيا الثورة
-
الثورة التونسية :ثورة لإصلاح النظام السياسي وليس لتغييره
-
العالم العربي من ديمقراطية متعثرة لحكامة منشودة
-
هل ستدشن أحداث تونس عهدا عربيا جديدا
-
انسحاق الديمقراطية ما بين سندان الأنظمة ومطرقة الإسلاموفوبيا
-
حتى لا تتوه خطانا عن الطريق
-
حتى لا تتحول حركة فتح لمجرد ذكرى
المزيد.....
-
تونس ـ السجن لرئيس الحكومة الأسبق ومسؤولين سابقين في قضية -ا
...
-
مصر.. البلشي يحسم مسألة سباق نقيب الصحفيين
-
لبنان يعرب عن تضامنه مع سوريا في وجه -الاعتداءات الإسرائيلية
...
-
الولايات المتحدة تلغي نظام الإعفاء من التأشيرة مع رومانيا
-
توصيات الجامعة الربيعية لأطاك المغرب المنظمة بالرباط أيام 25
...
-
ناشطة بأسطول كسر الحصار: قلقون من احتمال حدوث هجوم إسرائيلي
...
-
كيف استخدمت الدعم السريع المسيّرات لتغيير مسار الحرب؟
-
غارات إسرائيلية جديدة على سوريا ودوي انفجارات في دمشق
-
محللون: إسرائيل تستثمر هشاشة الوضع بسوريا لفرض وقائع ميدانية
...
-
غارات إسرائيلية تستهدف مناطق متفرقة في سوريا
المزيد.....
-
سيناريوهات إعادة إعمار قطاع غزة بعد العدوان -دراسة استشرافية
...
/ سمير أبو مدللة
-
تلخيص كتاب : دولة لليهود - تأليف : تيودور هرتزل
/ غازي الصوراني
-
حرب إسرائيل على وكالة الغوث.. حرب على الحقوق الوطنية
/ فتحي كليب و محمود خلف
-
اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني
/ غازي الصوراني
-
دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ
...
/ غازي الصوراني
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
المزيد.....
|