أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سامي الاخرس - فيتوريون أغفر لنا هواننا














المزيد.....

فيتوريون أغفر لنا هواننا


سامي الاخرس

الحوار المتمدن-العدد: 3338 - 2011 / 4 / 16 - 10:53
المحور: القضية الفلسطينية
    


فيتوريو أغفر لنا هواننا
ثلاثة مشاهد، بل هي معالم هزتني منذ تبلور لدي الوعي المفاهيمي والإدراكي لمجريات الأحداث ومسيرتها في هذا الكون المتلظي بمجراته السابرة بلا عنوان، مشهد أول قتلوا به الإبوة فينا، ألاّ وهو مشهد" محمد الدرة" وهو بين أحضان والده يستصرخ فينا الرجولة ، التي أبت إلا السكون والتخاذل والعجز عن تلبية النداء والإستغاثة، وأُصمت الآذان عن السماع، فتجرع الحلق العلقم والمراة، وتساقطنا كأوراق الياسمين في فصل الخريف، وأصبح اللون الأصفر الجاف لون دماؤنا السارية على ناصية البدن، فلم نعد نملك من حلم الرجولة سوى شذرات من الإستطهار على مذبح الأبوية التي تهاجمنا بنظرات زهراتنا الموجوعة بعجزنا، وتخاجب فينا صمتنا عن ترك محمد يُقتل مستغيثاً.
أما المشهد المصور في الذاكرة، فهو تلك الرضيعة البريئة" إيمان حجو" التي سقطت محتضنة ثدي أمها، تصارع الموت الذي قتل فينا الأمومة، وهز أركانها وزحزحها عن ثباتها الذي سطر صفحات من التاريخ للمرأة الفلسطينية" الأم" التي غرست الحنان بالنضال في نسوة العالم، ولقنت التاريج معالم من الحقيقة.
ولم نتوقف طويلاً أمام اصلفحات البيضاء، لأن البياض أمامنا كثير، والدماء لم تجف بعد، لا زالت تغرس فينا نبتة الإصرار والتحدي، وتعلمنا ما لم نتعلمه من مجرات سابرة أمام ناظرينا، وأمام فواجعنا المتواصلة والمتصلة بحلقات الألم، كسلسلة من الصخور النارية تحرقنا عشرات المرات يومياً، فتحرق فينا الأنفس الضعيفة أمام هالات الزمن الذي أنهكنا، وأوهننا، وأبقى لنا الأبدان شاهداً على قهرنا، ومطاردتنا.
إنها اللحظة التي نستجمع فيها عزائم الشدائد، وصلابة الجأش، وما تبقى من حكمة في قعر ما نحمله من أفكار، ونبدأ برسم صورتنا المتحركة بين الثبات والاهتزاز، الصبر والخضوع، لننتصر على إرادتنا إن غستطعنا، ونُهزم الجرح النازف، وندير مفاتيح الصبر لنشرع أبواب صوامعنا مع نسمات فجر مخضب بالدم، والذكرى، ومُعَمد بالصمود في قلاع حراسها دموع.
هي تلك الصورة التي سقطت عن الجدران وتهشمت، وأضحت ركام مبعثر فوق أشلاء الوفاء الذي تضرج بدماء هذا الثابت فوق أرضنا، صادحاً، " هنا ما يستحق التضحية من أجله".
إنه المشهد الثالث الذي اسقط الوفاء من عرش إعتزازنا، واسقط ما كان لنا نتحدث عنه، فترنح صريعاً أمام مقتل "فيتورينو" فأفقدنا الوفاء والمروؤة وما تبقى فينا، فصدمنا ونحن ننظر لأنفسنا بمرآة الزمن.
فلم يعد لنا سوى القول:
وأنت صديقتي العذراء
ما دامت أغانينا
سيوفاً حين نشرعها
وأنت وفية كالقمح
ما دامت أغانينا
سماداً حين نزرعها
سقط القلم من بين إبهامي، وتاهت أفكاري، وتشرذم إستقراري، ومسحت ذاكرتي، فأضحت صفحة بيضاء منقاة من الدنس.
إمتزج اللون الأسود بالأسود، وزعزعت أوصالي بأعاصير الصدمة، أمام السؤال من قتل " فيتوريون" ؟ من قتل فينا الوفاء؟ ومن وأد فينا المروؤة؟
لا إجابة، عجز حتى عن البكاء بحرارة أمام ذاك الجثمان المسجى على عرش الوفاء، ضعفنا وهزلت أرادتنا أمام الحقيقة، ولا زلنا نشعر بالوهن فلا نقوى على الإستقواء والثبات أمام دم لم يجف بعد.
ذاب كثير يحط فوق رؤوسنا المستديرة، وكأنه الشهيد الذي ابكانا، ولم نبكي عليه، جعل القلب يدمع ........ ونردد ألم نقتل صديقنا؟!!
لن نلتقي بعد الأن، ولن نراه يحادث أطفالنا، ولن نسمع منه أقصوصات الحب لغزة. لأنه كان وحده يدرك ويعرف لماذا هو هنا؟ ونحن لم نشعر به، ولم يتداركنا هذا الإحساس لأننا على موعد مع سقوط الوفاء يوماً أمام الإنسان المهاجر من أحضان ربيعه، لاجئاً لحضن ودفء غزة الذي لم يشعر به أو يحسه سواه ولكن............. افتقدناه نحن.
ماذا سيخط القلم؟ وماذا ستكتب الدماء لأجلك؟ وعن اي شيء سنحدث أطفالنا ومستقبلنا؟ ومن اين نستوحي الشجاعة بطلب مغفرتك وغفرانك عن ذنوبنا ومعاصينا، وطامتنا؟
أنحدث عصافير الصباح عن حلم صرعته غزة؟ أم نبتهل بالظلمات أن تغفر لنا معاصينا؟
أنا في تالي زماني صرت رمزاً للهوان
ساء فعلي فغدا يهرب مني من يراني
شاربي طولته أوصلته عيني وذاني
ولقد هندزت قمبازي على الطرز اليماني
غير أن الله قد شقلب مجدي بثواني
ولقد ولى زماني ورماني عن حصاني
ولا أملك من الكلمات سوى القول أنا في تالي زماني، صرت رمزاً للهوان .......... فأغفر لنا " فيتوريون"
سامي الأخرس



#سامي_الاخرس (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سفهاء بجلباب الدين
- مصر بين موقعتين
- ثورة اليمن ثورة ورود وفل وياسمين
- العراق والثورة المتوقعة
- الحراك الشعبي الشبابي الفلسطيني فِعل أم تصريف للفِعل؟
- لم نولد اذلاء يا مصر بل ولدنا احرار ثوار
- الفلسطيني مطية أبوهم
- ثوار بغطاء غربي ونيران أمريكية
- الأم الفلسطينية تحتفل بعيدها في حظيرة مطار القاهرة برعاية ال ...
- في ليبيا ثورة فقدت بريقها الوطني والشعبي
- ليبيا واللعب ع المكشوف
- الولايات المتحدة الأمريكية وديمقراطيتها نحو العرب
- إرحل ....... خشية الرحيل
- حذاري من تأطير واحتواء ثورة الشباب
- رؤية وافدة لليمن
- مشاعري بين الإنسان والسياسي أمام مصر
- المشهد المصري الحالي ما بين الثورة والأزمة
- مصر انتصارات لن تنتهي
- هل تتحول تونس لنموذج للشعوب العربية؟!
- هل تصبح تونس نموذجاً للشعوب العربية؟!


المزيد.....




- أحدث كتلة لهب هائلة أضاءت الليل.. شاهد لحظة انفجار صاروخ -سب ...
- -مأساة أمريكية“.. بروس سبرينغستين غير منسجم مع الوضع السياسي ...
- مصمم الأزياء رامي العلي: هذه القطعة يجب أن تكون في خزانة كل ...
- وزنه يفوق طنين ومداه يصل إلى 2000 كلم: ما هو صاروخ -سجّيل- ا ...
- مسؤول إيراني يرد بقوة على ترامب: لا أحد يستطيع تهديد طهران و ...
- الحكومة الإيرانية تعلق صور القادة العسكريين القتلى إثر الهجم ...
- بلاغ للنائب العام: وفاة سبعة محتجزين بقسم العمرانية في أقل م ...
- وسط صمت حكومي.. إسرائيل تفرض أمر واقع جديد في الجنوب السوري ...
- رئيس ديوان المستشارية يؤيد ميرتس ويؤكد دعم ألمانيا لإسرائيل ...
- محافظة دمشق ترد على ما يشاع حول الأعمال الإنشائية على سفح جب ...


المزيد.....

- 1918-1948واقع الاسرى والمعتقلين الفلسطينيين خلال فترة الانت ... / كمال احمد هماش
- في ذكرى الرحيل.. بأقلام من الجبهة الديمقراطية / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها / محمود خلف
- الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها / فتحي الكليب
- سيناريوهات إعادة إعمار قطاع غزة بعد العدوان -دراسة استشرافية ... / سمير أبو مدللة
- تلخيص كتاب : دولة لليهود - تأليف : تيودور هرتزل / غازي الصوراني
- حرب إسرائيل على وكالة الغوث.. حرب على الحقوق الوطنية / فتحي كليب و محمود خلف
- اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني / غازي الصوراني
- دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ ... / غازي الصوراني
- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سامي الاخرس - فيتوريون أغفر لنا هواننا