أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - احمد عائل فقيهي - الحقيقة الغائبة














المزيد.....

الحقيقة الغائبة


احمد عائل فقيهي

الحوار المتمدن-العدد: 3336 - 2011 / 4 / 14 - 03:54
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


تترد على ألسنة البشر لفظة «الحقيقة» كثيرا، ويتم تداولها وتناولها بشكل سريع ومبتذل، وتمر في المعاش اليومي عبر الخطاب اللغوي المستهلك، وتبدو لأكثرية الناس ــ من يتداولونها ويتناولونها ــ كما لو أنها لفظة عادية عابرة، لا قيمة ولا معنى لها، كما لو أنها في الهامش، فيما هي تمثل ــ أي الحقيقة ــ إحدى ركائز الخطاب الفكري والفلسفي، وإحدى دعائم جدل العقل الإنساني وأسئلته الكبرى؛ ذلك أن الحقيقة سؤال كوني منذ الأزل، وهو سؤال ظل ملازما لكل الذين اشتغلوا بالعمل الفكري والفلسفة وتحديدا في تاريخ العصور الحديثة للفلسفة.
هناك الكثير ممن كتبوا عن الحقيقة بمستوياتها المختلفة، وثمة كتب درست مفهوم «الحقيقة» برؤية متعمقة وتذهب بعيدا في ينابيع وجذور الحقيقة بما أنها واقع ومتخيل في الوقت نفسه؛ أي أن الحقيقة المطلقة لا وجود لها والحقيقي لا وجود له البتة هناك شيء من الحقيقة وليس كلها.
الباحثان والمترجمان المغربيان محمد سبيلا وعبدالسلام بن عبدالعالي قاما باختيار نصوص عن مفهوم «الحقيقة» وماهيتها وأصدراه في كتاب في سلسلة «دفاتر فلسفية» عن دار «توبتال» في المغرب تحت عنوان «الحقيقة»، وفي هذه النصوص ما تقع فيه الذاكرة على المعنى الحقيقي للحقيقة وما يوصلك إلى ما هو بعيد وأبعد من الحقيقة نفسها، ثمة أيضا ما هو واقعي وما هو متخيل في هذه الإضاءات من مقالات ودراسات التي هي لكبار الفلاسفة؛ وذلك في سياق فهم الحقيقة على ضوء المعرفة وعلى ضوء الناقص والفائض من فهم الكون ومسار التاريخ، خاصة أن الحقيقة قد تكون مطلقة، وقد تكون نسبية والحقيقة بمستوياتها وتجلياتها الواسعة، وأرى أن الحقيقة ليست مرتبطة بما هو كوني ووجودي، وفي ضوء ما يفرزه العقل الإنساني في خلاصة معرفية وفلسفية فقط ولكنها تأخذ أبعادا أخرى تتعلق بالحقيقة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية، حيث تتعلق الأمور بالقضايا وبالصراع الطبقي وصراع الإرادات بين الحكومات والجماهير والمجتمعات الباحثة عن أقدارها؛ ذلك أن الحقيقة مرتبطة بالحرية؛ حرية الفرد وحرية المجتمع، وتحرير العقل من سلطة الماضي وسطوة الموروث بالمعنى العميق والدقيق للموروث.
كتاب «الحقيقة» يحمل آراء وتأملات فلاسفة بارزين في الخطاب الفلسفي بدءا من هيجل وسبينوزا وهيدجر وبول ريكور، مرورا بباشلار، ورسل وابن رشد وديكارت ونيتشه وميشيل فوكو وكانط وأبي حامد الغزالي.
يقول الفيلسوف الألماني فريدريك نيتشه «الحقيقة مجموعة من الاستعارات والتشبيهات والمجازات، وهي بإيجاز حاصل علاقات إنسانية تم تحويرها وتجميلها شعريا وبلاغيا حتى غدت مع طول الاستعمال تبدو لشعب من الشعوب دقيقة وذات مشروعية وسلطة مكرهة، إلا أن الحقائق هي عبارة عن أوهام نسينا أنها كذلك.
فيما يرى الفيلسوف الفرنسي ميشيل فوكو أن «الحقيقة مجموعة من المنطوقات، مرتبطة دائريا بانساق السلطة التي تنتجها وتدعمها وبالآثار التي تولدها والتي تسوسها وهو ما يدعى نظام الحقيقة».
إن المسألة السياسية إجمالا ليست هي الخطأ أو الوهم أو الوعي المستلب أو الأيديولوجيا إنها الحقيقة ذاتها، وفيما يقول الفيلسوف الألماني هيدجر في عبارة موجزة ومختزلة «إن ماهية الحقيقة هي الحرية»، يقول ابن رشد أحد فلاسفة العرب الذين أضاءوا الفكر الإنساني «إن طباع الناس متفاضلة في التصديق فمنهم من يصدق بالبرهان ومنهم من يصدق بالأقاويل الجدلية تصديق صاحب البرهان بالبرهان إذ ليس في طباعه أكثر من ذلك».
آراء كثيرة ومتنوعة وعميقة عن الحقيقة التي وضع هيجل سؤالا عنها «هل بإمكان الإنسان أن يدرك الحقيقة تلك التي هي واقعة بين الواقع والوهم».
ودائما ما كنت أتساءل هل الحقيقة هي حقيقة متحققة في الواقع أم في الخيال؟ وهل الحق معادل آخر للحقيقة وكذلك الحرية والعدالة والمساواة؟ تلك القيم التي تدخل عميقا في معنى الحقيقة والبحث عنها وفي صميم الحياة بكل احتراقاتها؛ ذلك أن الحقيقة أعمق وأبعد من نظرة البسطاء الذين ينظرون إلى قشرة سطح هذا الكون العظيم، وإنهم يقفون على قشرة الحياة، وعلى التجارب الإنسانية.
الموت حقيقة، والألم والعذاب حقيقة، ولحظة الميلاد حقيقة، ولحظة الموت هي الحقيقة الكبرى، ولكن أين تتسع وأين تضيق نظرتنا وفهمنا لما نعيشه ونحياه لما نراه ونتأمله، وهل يمكن فهم وإدراك الحقيقة بكل مكوناتها الجدلية والفلسفية، ذلك الوهم يمكن أن يكون وهما جميلا وحقيقيا ويعيش المرء طوال حياته متوهما ومتخيلا فيما يرى أن هذا الوهم المتوهم والمتخيل هو عين الحقيقة، فيما تبدو الحقيقة ناصعة ومضيئة هنا فيما تبدو معتمة ومظلمة في مكان آخر؛ إذ ليس هناك حقيقة مطلقة إلا فيما نراه في المتوهم والمتخيل من أفكارنا وآرائنا وحياتنا وممارساتنا اليومية.
وكما قلت في البدء فإن كل الناس تتحدث عن الحقيقة وعندما ينطقها الإنسان هكذا بعفوية مذهلة والحقيقة أن كذا.. وكذا.. وكل شيء في الحقيقة وأنا قلت الحقيقة والحقيقة كان من المفترض أن يكون الوضع هكذا.. وتبدو هذه العبارات في الخطاب المتداول عادية ويتم تداولها وتناولها بخفة واستخفاف ولكن أين هي الحقيقة.. في كل ما نعيشه ونحياه ما هو الحقيقي في واقعنا حقا.. وألا نعتقد أن غير الحقيقي هو السائد والحقيقي في حياتنا وواقعنا.
ليس ثمة حقيقة واحدة مطلقة سوى «الله» إنه الحقيقة والحق، وكذلك ثنائية الميلاد والموت، إننا نبحث عن الحقيقي في اللا حقيقي، وربما كنا نبحث عن الحق في الباطل، وكذلك العكس وكل ما هو حقيقي في عقولنا وأذهاننا فيما هو مفهوم ومتخيل هو غير حقيقي البتة، الكل يقول الحقيقة لكن هل هذه الحقيقة موجودة فيما نراه ونعيشه ونحياه.
[email protected]



#احمد_عائل_فقيهي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحوار مع الذات أولاً .. مع الآخر ثانياً
- مع التغيير .. ضد الفوضى
- عبدالله الغذامي وأخلاقية المثقف
- العراق.. بعيداً عن تجاذبات المذهب وحسابات الطائفة
- العرب وقراءة التنوير الأوروبي
- ظاهرة الهرم المقلوب في المجتمع
- محمد أركون .. وتفكيك اللا مفكر فيه
- هكذا تكلم نصر حامد أبوزيد
- ((القيمة)) .. في مواجهة «الجهل المؤسس»
- سواد مدجّج بالتآويل
- الانتصار على ذهنية المنع.. وثقافة الممانعة
- المجتمع .. وإرادة التغيير
- الجابري: مفكر النخبة.. ومثقف الجماهير
- المثقف العربي والمنفى
- القصيمي .. هل هو مفكر أم رجل غاضب ؟
- «التخلف» .. هل هو ظاهرة عربية ؟
- فؤاد زكريا..( العقلانية ) طريق لبناء المجتمع
- ليكن حوار المجتمع لا حوار النخبة
- الواحدة
- ثنائية الفساد والاستبداد


المزيد.....




- السعودية تعلن ضبط أكثر من 25 شركة وهمية تسوق للحج التجاري با ...
- اسبانيا تعلن إرسال صواريخ باتريوت إلى كييف ومركبات مدرعة ودب ...
- السعودية.. إغلاق مطعم شهير في الرياض بعد تسمم 15 شخصا (فيديو ...
- حادث جديد يضرب طائرة من طراز -بوينغ- أثناء تحليقها في السماء ...
- كندا تخصص أكثر من مليوني دولار لصناعة المسيرات الأوكرانية
- مجلس جامعة كولومبيا الأمريكية يدعو للتحقيق مع الإدارة بعد اس ...
- عاجل | خليل الحية: تسلمنا في حركة حماس رد الاحتلال على موقف ...
- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة نفط بريطانية وإسقاط مسيّرة أمي ...
- بعد الإعلان التركي عن تأجيلها.. البيت الأبيض يعلق على -زيارة ...
- ما الذي يحمله الوفد المصري إلى إسرائيل؟


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - احمد عائل فقيهي - الحقيقة الغائبة