أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاروق صبري - مسلسل -حنين- التلفزيوني














المزيد.....

مسلسل -حنين- التلفزيوني


فاروق صبري

الحوار المتمدن-العدد: 996 - 2004 / 10 / 24 - 04:03
المحور: الادب والفن
    


لغة بصرية تجنّبت الإجابات السعيدة

في البدء تبدو حكاية المسلسل الدرامي التلفزيوني ( حنين ) _ عرضه تلفزيون أبو ظبي مؤخراً _عادية ومطروقة وخاصة جداً: مخرج مسرحي يملك عقلية معرفية متميزة وأحلام متألقة لتأسيس فضاء مسرحي ممتع ومؤثر ، ورغم علاقة حبه القصيرة بممثلة شابة تتوّج بزواجه منها الا انه يواجه عثرات كبيرة تضعه "إدارة المسرح" أمامه ، لكنه يتواصل في تحدياته وبالأحرى تحمّله للروتين والعقلية البيروقراطية بمساعدة صديقه وهو كاتب فقد ذراع له في الحرب ، ولكن أقسى من تلك "العثرات" كان مصابه في مرض زوجته الشابة بالسرطان ومن ثم وفاتها الصاعق، وبهذا الحدث الجلل تُنهي الكاتبة ديانا جبور سيناريو نصها المكتوب المتكوّن من ثمانية عشرة حلقة للمسلسل الدرامي التلفزيوني الذي يغلق مخرجه باسل الخطيب كاميرته على جملة تعبيرات بصرية متقنة وموحية تتجلى بها وخلالها أحزان - نكتشف إنها تنزف من أرواحنا ونحن نتابع العمل- "أحمد" المخرج المسرحي وحيرته السرمدية _ونرى فيها حيرتنا مع توالي الحلقات _ التي يكثّفها الغناء:
مين قلك تفتح كل شبابيك سوى
متعرف أيا هوى تختار
مين قلك ترمي شراعك لآخر مدى
ما تنطر حدا هلعمر مشوار
سنين بعد سنين بيولعنا الحنين
ضايعين نحنا ندوّر علضايعين
لا تسأل عن الجرح
العمر كلٌ جراح
لا تسأل عن الحلم
الحلم ضاع وراح
هيك ضلّك عم تفتح قلبك لكل حدا
حامل جرحك وماشي بهل مدى
يمكن شي هوى
يرجعنا سوى
ويغمرنا الحنين
بهذه الكلمات المغنّاة _ كلمات الكاتب سمير طحان والتي صوّرها موسيقياً المتألق سمير كويفاتي وغناءً صوت مياده بسليس الملائكي _ تفتح عدسة كاميرا مازن بركات عينها لتؤسس فضاءات درامية بصرية هندسها ناصر جليلي و"يدوزنها" مونتاجاً وليد حلمي ويشحنها تشخيصاً ممثلون سوزان صالح وايمن زيدان وصباح الجزائري وعباس النوري وامانة والي وزياد سعد وأمية ملص واخرون .
تلك الفضاءات البصرية وان تسرد حكاية خاصة ومحدودة في خطوطها الدرامية ومساحتها الزمانية الا أن الكاتبة ديانا جبور تشحن مناخاتها وشخصياتها وأفكارها برؤيا ومتعة خلّاقتين ينأى منها الخاص ولنقل يرتقي إلى أفق عام نلمح خلاله شرائح اجتماعية مختلفة ومتناقضة ونبصرُ به جوانب أحداث مازلنا نعيش أثارها المفجعة وجوانية شخصيات نشترك وإياها في الألم والأمل.
وعملية الارتقاء هذه ملمح من ملامح الإبداع ، تجلى في المستوى الكتابي وكان المستوى البصري يبتعد عن الملمح الإبداعي تارة _ وخاصة في حالة ملاحقة الكاميرا لـ(بطل المسلسل) والتركيز عليه عبر لقطات بروتوكولية و"فديو كليب" جميلة ولكنها تذكرنا بالمثل القائل ’الزيادة كالنقصان!!!_ويقترب منه أحيانا بحيث يمكن الإشارة إلى تداخل ومصداقية المستويين المكتوب والمرئي كونهما خبرة إبداعية نابعة عن أعماق مشرّعة الأبواب وواسعة الجهات والتي تتأسس عبر " الاتساع الداخلي الذي يمنح معنى حقيقياً لبعض التعبيرات المتعلقة بالعالم المرئي" كما يقول غاستون باشلار.
لم تتجنب ديانا جبور في سرد "حكايتها" التوصيف البرّاني فقط ، إنها كذلك نبشت -أبرزت المستور في_ عمق الإنسان وحاضره وماضيه ومحيطه ، فشخصية "احمد" _ تتماهى مع المخرج المسرحي السوري الراحل فواز الساجر، صورته نلمحها بعض المرات عبر كاميرا الخطيب_ حملت انفعالات إنسانية ورؤيا مُتضاربة وأحلام مُلتهبة ووقائع معاشه "شخّص" الكثير من جوانبها الممثل ايمن زيدان عبر أداء برّاني رغم دقة وعمق وجمالية الفضاء البصري الذي أنجزه الخطيب للعمل بشكل عام ولزيدان وسوزان الصالح بشكل خاص والتي شخّصت دورها بمهارة عالية ولنتذكر مثلاً مشهد وفيه تتلوى من ألام المرض وخلفها موقد ، نيرانه كانت تتوهج مع توهج أدائها التمثيلي وتئزُّ مع سخونة عين الكاميرا البارعة فيما تناغم وارتقى عباس النوري مع فضاءات شخصيته البصرية واشتغل فيها وعليها بعيداً عن الإفتعال ونشوة النجومية وليسرد لنا شخصية كاتب أفقدته الحرب ذراعه والبيروقراطية حلمه ولم يفقد انشداده للإبداع واتزانه أمام وقائع مريرة وأعماق مختنقة استنطقها بصرياً الخطيب بلغة سينمائية واقعية سحرية دون الوقوع في فخ الاستنساخ أو الفنتازيا ، فكثيراً ما نرى " الكاتب" وابنته_ أمية ملص_المدفوعة إلى مستنقع اجتماعي ، نراهما عند بقايا مرفأ مهّدم ، حيث هيكل سفينة منخور وأشلاؤها تتقاذفها أمواج البحر أو نشاهدهما فوق جسر عتيق يكاد أن ينهار ، لكنه يظل صامداً فيما مياه نهير تجري تحته ، والخطيب_ معه الديكورست_ لا يتوقف عند انتقاء فضاء له علاقة ببنية الحدث وشخصياته ، إنما يخلق ا فعلاً درامياً مؤثراً ومتأثراً بينهما ، فاللقطة_وأيضاً المشهد_ ومهما كانت حجمها مدروسة ومشغول عليها بأسلوب مدهش فحين يعرف"احمد نتائج فحوصات الدم والتي أجريت لزوجته "الهام"، تلك اللحظة خلصها الخطيب من دراماتيكيتها التي تعوّد عين المشاهد ، فنرى "احمد" يسير ببطء والكاميرا خلفه_ وكأنها تعينه في السير_ في ممر مستشفى طويل مظلم وفارغ الا من حزمة ضوء وكرسي في نهايته ونسمع صوته المتسائل حول وضع زوجته وصوت الدكتور القائل:" ما بقت إلها الا أيام قليلة" ، ينهار"احمد" على الكرسي فيما الكاميرا تبقى بعيدة وكأنها عيوننا التي تواسيه !!
و مع "الهام" وبعد أن يخبرها الدكتور بحقيقة وضعها الصحي يتكرر مشهد الممر وبجميع تفصيلاته البصرية وحين تنهار على الكرسي نفسه نسأل: منْ منهما يغيب عن الحياة ؟
وحينما يغلق الخطيب عين_ وعيوننا _ كاميرته على وحشة الغابة وزهورها الصفراء والبيت الخشبي الذي يقرر الزوج المفجوع الانزواء فيه نتلمس إجابة مبهمة وإشكالية ومفتوحة على احتمالات الحياة الجارية.
أليس من ضرورات العمل الإبداعي تجنب الإجابات الواضحة والسعيدة !!!؟



#فاروق_صبري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لقمان ديركي …إنه حقاً دركي
- عطوان وكهف الشعارات
- مافياوية حروب (القائد) المُغيّب
- المثقفون العراقيون في جحيم الخيارات


المزيد.....




- “وأخيرا بعد طول انتظار” موعد عرض مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 1 ...
- وزير الثقافة والاتصال الموريتاني يوضّح موقف نواكشوط من من مق ...
- جودة خرافية للمباريات.. تعرف على أحدث تردد قناة MBC أكشن 202 ...
- -الدين المعرفي-.. هل يتحول الذكاء الاصطناعي إلى -عكاز- يعيق ...
- هوليود تنبش في أرشيفها.. أجزاء جديدة مرتقبة لأشهر أفلام الأل ...
- رئيس هيئة البحرين للثقافة والآثار: التعاون الثقافي مع روسيا ...
- -بيت الشعر في المغرب- يتوّج بجائزة الأكاديمية الدولية للشعر ...
- عودة الأدب إلى الشاشة.. موجة جديدة من الأعمال المستوحاة من ا ...
- يجمع بين الأصالة والحداثة.. متحف الإرميتاج و-VK- يطلقان مشرو ...
- الدويري: هذه أدلة صدق الرواية الإيرانية بشأن قصف مستشفى سورو ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاروق صبري - مسلسل -حنين- التلفزيوني