أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عليان - وأخيرا وجدت ضالتي














المزيد.....

وأخيرا وجدت ضالتي


محمد عليان

الحوار المتمدن-العدد: 3324 - 2011 / 4 / 2 - 22:29
المحور: الادب والفن
    


وأخيرا وجدت ضالتي
(من وحي " وراء الابواب المنسية " للشاعر المتوكل طه )
صديقي المتوكل
هي لحظات قصيرة ، عدت فيها إلى الماضي البعيد القريب ، ليس طوعا إنما رغما عني ، حملتني صفحات كتابك بقصصها وخواطرها ورسوماتها وألقت بي في الرملة لتنقلني بعد ذلك إلى كفار يونا وبئر السبع ونفحة وعسقلان ، ويا لدهشتي ، اكتشفت أنني لا زلت أعيش تلك الأيام ، لم أتحرر من أسرها رغم مرور عقدين من الزمن على الإفراج عني . في سجن الرملة التقيت المحقق الذي يأبى الاعتراف بإنسانيته وفي عسقلان تفيأت ظلال الشجرة اليتيمة الوحيدة التي يرعاها الأسرى بالماء وان لم يتوفر فبالدموع ، وفي نفحة ، يا للهول ، ارتجفت أوصالي من عقارب وعناكب الصحراء وفي بئر السبع يا صديقي ألقيت برأسي على الوسادة وسمعت أهات وانين العشرات من الذين عاشوا ظلما تجربة " باسم الثورة خش الدورة "
وفي هذه الصفحات ، لا بل اللحظات التي عدت فيها إلى الماضي ، جعلت مني إنسانا بعد أن كنت سوبرمانا لا يعرف إلا القوة والصمود والشجاعة لا يبكي ولا يحزن فهو البطل الأنموذج ولا يجوز إن يكون غير ذلك وإلا تحطمت صورته أمام الآخر الذي يعمل على كسر عزيمته وتحطيم عوامل صموده ، نعم يا صديقي ، في هذه اللحظات جعلت مني إنسانا قد يبكي ، يتوجع ويتأوه ، يحزن ويفرح ، يحب ويعشق ويحلم بحبيبته ويحن لامه ويغني شوقا لابنته ويخاف من عقرب الصحراء ويرتجف من هراوة السجان وينكمش في برشه تحسبا لغدر السجناء المدنيين والعصافير وقد يدفن رأسه تحت البطانية النتنة ليبكي ويذرف الدموع الحبيسة .
سنوات طويلة عشتها هناك ، ولكن يا صديقي ، لم أكن أجرؤ على البكاء وحرمت خلال عشرة سنوات من أن أقول " أخ " . وضعوا الأنبوب في مؤخرتي ثم في فمي ثم في انفي ليسكبوا دلوا من الملح في معدتي ولم اصرخ ألما . جلدوني بالسياط وانهالوا على بالعصي والهراوي وأمطروني باللكمات والركلات ولم اطلب الرحمة أو حتى لم انحن أو اسقط . والآن فقط يا صديقي وبعد أن قرأت ما وراء الأبواب المنسية وتعمقت في خبايا النفس البشرية ، اكتشفت أنني لم افعل ذلك لأنني بطل ولم احبس دموعي لأنني شجاع ولم اكتم آهاتي لأنني صبور ، بل لأنني أخشى من اتهامي لنفسي بالجبن ولأنني كنت اعتقد أن البطل لا يتوجع ولا يبكي وقد صنعوا مني بطلا فكيف لي أن اخذلهم وأحطم صورتي أمامهم . وأنا لست أنا ، أنا أنت وهو وكل الأسرى الذين امضوا ربيع عمرهم وراء القضبان ولا زالوا يعيشون واقعا لا نعرف منه ، بل لا يصلنا منه ، إلا كل ما يدل على الصمود والبطولة والشجاعة ولم نحاول أن نتعمق قليلا في معرفة هذا الواقع لنعرف أي اثر تتركه نبتة الشمام في نفوس المحرومين من اللون الأخضر وأي دمعة حرى تنهمر من عين أسير سمع للتو نبأ وفاة عزيز لديه وأي حنين يتملك أسير يتذكر زوجته أو حبيبته . مشاعر دفينة تتحكم فينا دون أن ندري وحبسها هناك وراء الأبواب المنسية يزيدنا ألما وقهرا ويعمق بؤسنا ويقتل أحلامنا . شكرا لك يا صديقي لقد حررتنا من مفهوم البطل السوبرمان واعدتنا إلى إنسانيتنا ، وربما لو قرأت كتابك وأنا هناك لكنت أكثر شجاعة وبطولة لا بأس متأخر جدا أفضل من أن لا يكون أبدا ، وها أنا أجد في كتابك ضالتي .



#محمد_عليان (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وأخيرا وجدت ما يستحق القراءة
- سلمان ناطور وأدب الذاكرة الفلسطينية
- شباب غزة حاجة للترفيه والترويح النفسي أكثر من أطفال الإمارات
- دور الاحزاب في تفكيك الترابط الاجتماعي


المزيد.....




- سطو اللوفر يغلق أبواب المتحف الأكبر وإيطاليا تستعين بالذكاء ...
- فساتين جريئة تسرق الأضواء على السجادة الحمراء بمهرجان الجونة ...
- ورشة برام الله تناقش استخدام الذكاء الاصطناعي في غرف الأخبار ...
- أسماء أحياء جوبا ذاكرة نابضة تعكس تاريخ جنوب السودان وصراعات ...
- أنقذتهم الصلاة .. كيف صمد المسلون السود في ليل أميركا المظلم ...
- جواد غلوم: الشاعر وأعباؤه
- -الجونة السينمائي- يحتفي بـ 50 سنة يسرا ومئوية يوسف شاهين.. ...
- ?دابة الأرض حين تتكلم اللغة بما تنطق الارض… قراءة في رواية ...
- برمجيات بفلسفة إنسانية.. كيف تمردت -بيز كامب- على ثقافة وادي ...
- خاطرة.. معجزة القدر


المزيد.....

- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور
- الذين لا يحتفلون كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- شهريار / كمال التاغوتي
- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي
- فرس تتعثر بظلال الغيوم / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عليان - وأخيرا وجدت ضالتي