أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - حيدر السعدي - العوامل المؤثرة في تكوين الشخصية.














المزيد.....

العوامل المؤثرة في تكوين الشخصية.


حيدر السعدي

الحوار المتمدن-العدد: 3307 - 2011 / 3 / 16 - 00:30
المحور: المجتمع المدني
    


العوامل المؤثرة في تكوين الشخصية.
سؤال لطالما جال في خاطري... هل الانسان الطيب ولد طيبا ام ان طيبته هي نتاج البيئة التي نشأ فيها؟ و هنا انا اطرح الطيبة بمفهومها الانساني العام و ليس الاقليمي الخاص و من اوجهها مساعدة الاخرين , الحفاظ على الطبيعة و الممتلكات العامة , عدم ممارسة اي عادات تؤذي الاخرين باي شكل من الاشكال , احترام الوالدين و حب الابناء و العناية بهم و احترام الروابط الاسرية ...الخ و نفس الكلام بالنسبة للانسان السيء فهل هو ابن بيئته و لا ذنب عليه في ما هو فيه؟ و هلم جرا الى بقية الصفات الانسانية الاخرى فهل ولدت معنا ام اكتسبناها في ما بعد.
للبيئة الاجتماعية اثر كبير في تشكيل شخصية الفرد و تحديد طريقة التفكير التي يتبعها في حياته و لكن البيئة ليست المؤثر الوحيد و انما هنالك العديد من المؤثرات الاخرى مثل التركيب الجيني للفرد و حتى بعض الامور التي يعتبرها البعض غير ذات قيمة مثل تدخين الام للسجائر اثناء فترة الحمل , فقلة اهمية العامل المؤثر لا تعني بالضرورة انخفاض تأثير ذلك العامل في الفرد الناشئ و لكن اغلب ما سأسرد لكم من حالات كان للبيئة الاثر الاكبر فيها.
من اهتماماتي دراسة شخصيات الاخرين و لكي لا اكون مبالغا اقول الفضول تجاه شخصيات الاخرين و ما تحمله شخصية كل فرد من خصائص تتفرد بها و طريقة تفكير الاشخاص و مدى وعيهم بمحيطهم و كيفية اتخاذهم للقرارات في الظروف المختلفة , و من خلال العديد من المحادثات و الصداقات و العلاقات مع العديد من الناس و من شرائح و جنسيات مختلفة و اعمار مختلفة ايضا اصبح لدي قدر لا بأس به من الملاحظات حول شخصياتهم و احب ان اشارككم بعض ما اكتسبته من خلال تجاربي هذه .
سأسرد مثالا حيا يدل على التأثير المزدوج للبيئة الاجتماعية و التركيب الجيني في التأثير على الفرد و هذا المثال لا يعني التعميم و انما هو مجرد وصف لحالة مرت بي , يكاد لا يمر يوم في الجامعة و لا ارى فيه ذلك الشاب النحيل حزين الوجه و هو يحمل الطعام من مطعم الطلبة الى بقية اماكن البيع المتوزعة في الجامعة يسير ملاصقا للحائط و يكاد لا يمتد ببصره بشبر ابعد من قدميه , نرى في هذا الشاب شخصية منكسرة , خائفة و خجولة اما السبب في ذلك هو خلل في التركيب الجيني من جهة مما سبب لهذا الشاب عوق في احدى الساقين عائقا اياه عن الحركة بشكل سليم مما ولد احساسا بالنقص و عدم القدرة على مقارعة الاخرين و من جهة اخرى التأثير الذي لعبه المجتمع بعدم سحب هذا الشاب من قوقعة نقصه و دفعه مع اقرانه من دون اي محاولة لتمييزه كفرد ادنى , العاملان الجيني و البيئي قادا هذا الشخص الى الدمار الذاتي فقتلا فيه اي رغبة في اكمال الدراسة و محاولة الحصول على فرصة افضل في الحياة مما جعله يعمل كموصل للطعام متجنبا حتى النظر الى الاخرين , و انا هنا لا انتقد طبيعة عمله و لكن سبب اختياره لهذا العمل او اجباره على هذا العمل و طريقة ممارسته لعمله.
حالة ثانية كان للبيئة الاجتماعية الاثر الواضح في تشكيل الشخصية , شاب من بلد مسلم غير عربي شديد الالتزام بالدين و هذا المحيط المتدين المؤمن بشتى انواع الميتافيزيقيا دمر قدرة الشاب لرؤية العالم المادي بصورة واضحة, كنا نسكن في القسم الداخلي و غرفته كانت مجاورة لدورة المياه فكان معتقدا اعتقادا جازما بأن "الملائكة" لا يدخلون الى غرفته و بأنها اصبحت ملاذا امنا "للشياطين" حتى انه لم يكن يستطيع النوم خوفا من غدر الشيطان به و هو نائم , و لم يرتح له بال حتى تبادلنا الاماكن و سكن في غرفتي الواقعة بعيدا عن دورة المياه , و شكرني لانه استطاع ان ينام بهدوء , نرى كيف ان شاب صحيح البنية و سيم الشكل و من الطلاب الممتازين جدا نرى كيف انه لا يستطيع ان يفصل بين التخيلات و بين العالم المادي و يرى تداخلهما مع بعض و هذا بالنسبة له حقيقة لا مجال للشك فيها.
حالتنا الاخرى تخص احد معارفي من مرحلة المراهقة , كان ابوه هو المشكلة فقد كان يعامله بقسوة شديدة و يحرمه من الخروج للعب منذ ان كان طفلا فلم يكن يخرج من المنزل الا لقليل من الوقت , المشكلة ان اباه كان يظن بأنه يعمل الصواب و رأيه هذا جاء لان الولد اشقر الشعر ابيض البشرة و في حي شعبي كحينا خشي ان يتم استغلال ابنه جنسيا من قبل اقرانه او ممن هم اكبر منه سنا و لكن هذه المعاملة القاسية من جانب الاب ولدت لدى الابن مشاعر ساخطة قوية مولدة لديه الرغبة في اظهار القدرة و القوة على اي شيء او اي احد يجده اضعف منه قوة و مقدرة , فبدأت هواية تعذيب الحيوانات لديه ابتداءا من حرق النمل بنار المصباح النفطي نملة نملة مستمتعا بفرقعة النمل عند احتراقه الى تعذيب القطط و الكلاب و استخدام المفرقعات في تفجير الزواحف.
الانسان لا يحتاج الى الغذاء فقط !
ملايين العراقيين –و حتى غير العراقيين- يشكون من الفقر و ضعف الحال المادي و يطالبون بالحصة التموينية البائسة , متناسين او غافلين ان جميع ما نمر به من مشاكل ناتج عن البيئة الاجتماعية المنحطة و عدم مقدرتها على تنشأة اجيال صحيحة نفسيا قبل ان تكون صحيحة جسديا , في العراق الاف المعاقين جسديا و عشرات الاف المصابين جراء اعمال العنف و الحروب و لا احد يفكر بعدد المصابين نفسيا؟؟!
خمسة ملايين يتيم يعانون ازمة نفسية حادة جراء فقدان الاب و ذلك الشعور المرعب داخلهم بعدم الامان و فقدان السند في هذه الحياة اضف لهم مليون من الارامل المحطمات نفسيا بين الرغبة في الرجل و الشوق اليه و بين واقعهن المرير و نظرة المجتمع اليهن كمنتجات عدت تاريخ الصلاحية!
و لا ننسى مئات الاف الاطفال الناشئيين في عوائل كبيرة الحجم لا يحصلون فيها على الحنان الازم من الوالدين و ملايين اخرى من البنات ممن يعانين التسلط الذكوري و التحكم بحياتهن في الصغيرة و الكبيرة و تحويلهن الى كائنات منزلية مشلولة الارادة و القدرة.



#حيدر_السعدي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- روسيا و اطياف ماض جميل
- ذكريات مدرسية
- قواعد اللعبة
- متى سيقف العراق على قدميه؟


المزيد.....




- ترامب يُعين والتز سفيرا لدى الأمم المتحدة ويختار خليفته لمنص ...
- لقطة جوية لرمز الاستغاثة “SOS” شكلها معتقلون بأجسادهم من داخ ...
- برنامج الأغذية العالمي يعلن خواء مخازنه في غزة
- حماس تدين الموقف الأمريكي الداعم لحظر عمل -الأونروا-
- صحة غزة تطالب بتحرك دولي عاجل لإنقاذ القطاع من المجاعة والأم ...
- الأونروا: قطاع غزة لم يتلقَ أي إمدادات إنسانية أو تجارية منذ ...
- ترامب يرشح مستشاره للأمن القومي مايك والتز لمنصب سفير الولاي ...
- الأونروا: الحصار الإسرائيلي يمنع 3 آلاف شاحنة مساعدات من دخو ...
- -حماس- تدين الموقف الأمريكي الداعم لقرار إسرائيل حظر عمل وكا ...
- ترامب يعد بتحرير الأسرى في القريب العاجل ويتهم -حماس- باستخد ...


المزيد.....

- أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية / محمد عبد الكريم يوسف
- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - حيدر السعدي - العوامل المؤثرة في تكوين الشخصية.