أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - علي فردان - دستور وفتاوى .. رمضان كريم















المزيد.....

دستور وفتاوى .. رمضان كريم


علي فردان

الحوار المتمدن-العدد: 988 - 2004 / 10 / 16 - 12:22
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
    


من زار أي محكمة أو دخل في معمعة خلاف تجاري أو مالي مع بنك أو مؤسسة، من تخاصم في موضوع حادث أو إيجار سكن، من تم سجنه لأسباب أخلاقية، أمنية أو سياسية، أو زار المحكمة لأي سبب آخر، سيرى أن القاضي أو قرار القاضي، كما ظهر في العديد من الأحكام، مبني على فتاوى لعدة مئات من السنين، بل أذكر أحدهم كان يتحدث على الهواء في إذاعة الرياض وكان يسمّي وزارة المالية بمسمى قبل أكثر من ألف عام "بيت المال".
الفتاوى باستنادها على القرآن والحديث النبوي الشريف ليست مشكلة، ولا أحد ينكرها إذا ما تطابقت الحالة المنظور فيها، ولكن العالم تغيّر كما في القرآن الكريم في تدرّجه عند تحريم الخمر، لكننا نرجع للوراء أكثر من ألف عام للبحث عن حل في قضية أسهم ومستندات حكومية، علاقات تجارية، أو قضية حادث تصادم سياّرات وإشارات حمراء وخضراء. مما يزيد الوضع تعقيداً هو أن هذه الأحكام مبنية على وجهة نظر واحدة مستمدة من فتاوى ابن تيمية وأشباهه من "علماء السلف" المتطرّفين ومحاولة موائمتها للوضع الحالي الذي أبعد ما يكون من ابن تيمية وأفكاره الموغلة في القِدم والتطرف.
تبحث عن قانون يتم الاعتماد عليه وتطبيقه على الجميع، فلا ترى سوى فتوى من هذا الشيخ أو ذاك، هذا يحرّم الشيء وآخر يتهم عامله بالكفر، وآخر يراه شركاً أكبر، وآخر يفتي بسفك دم هذا الإنسان أو ذاك، وتنتظر أن يكون هناك رد من جهة "حكومية مسؤولة" على رأسها وزارة الداخلية، فترى ضباباً فوق ضباب، لا تعرف أوله من آخره. لكن هذه الجهات "المسؤولة" لا تتورع عن الحديث عن احترام القانون وتطبيق الشريعة ومنع هذا أو ذاك وسجن وإعدام، استناداً إلى آيات قرآنية حيناً، واستناداً إلى "عادات وتقاليد وخصوصية" أحياناً أخرى.
تبحث عن دليل قانوني في "الدستور"يُدين استخدام الجوال بالكاميرة، فترى خطبة عصماء من رجل دين متخلّف يُحرّم استخدام جوّال الكاميرة، وعندما تسأل لماذا هذا التحريم، يأتي الجواب بأن استخداماتها السيئة؛ فهؤلاء كمن يُحرّم العنب لأن البعض يصنع منه خمراً. تبحث عن سبب ودليل وكيفية عقاب من يُخالف فتوى معينة لتعرف حقوقك لو أردت التظلم، فتعجزك الحيلة، ولهذا فالأمر مُحيّر حيث أصبح المواطن متّهماً في كل شي يعمله لأنه لا يعلم عقوبة ما يفعل، بل يرى الموضوع غارق في تشعّبات لا يقبلها العقل السليم. الجوّال بالكاميرة يباع علناً وعليه ضمانات من الشركة المورِّدة وليس هناك قانون يمنع بيعه أو شراءه، لكن يمكن لصاحب الجوّال أن يدخل السجن ليس لأنه قام بإساءة استخدامه بل لأن "الشرطة" أو "المطاوعة" وجدوه عنده.
جوّال الكاميرة ليس إلاّ مثالاً، وهناك أمثلة أخرى مثل عدم قبول شهادة أبناء الطائفة الشيعية في المحكمة أو طردهم من المساجد في وقت الصلاة كما يحدث في الرياض والعديد من الأماكن الأخرى، أو شتمهم والانتقاص منهم في مراكز الشرطة والهيئة؛ لكن الحكومة تتحدث عن المواطنة وأن جميع المواطنين مسلمين يتمتّعون بنفس الحقوق. تبحث عن وضع أو صيغة قانونية لتستخدمها كدليل للحصول على حقوقك المسلوبة، لكن لا حياة لمن تنادي. ما أن تتم إثارة موضوع التكفير والاتهام بالشرك والزندقة وعبادة القبور في المناهج الدراسية تحت الجامعية والجامعية، وكذلك في الكتب التي تطبعها الحكومة على نفقتها وتوزعها في الخارج، إلاّ وتسمع بأن هناك فتوى من الشيخ بن باز وابن جبرين والفوزان وآخرين، وهذا يعني أن الحكومة لا تستطيع فعل شيء ضدّ من يتبنّى هذه الأفكار بسبب هذه الفتاوى، فلا تدري هل هذه الفتاوى قوانين يتم الاحتكام لها دائماً أم فقط في أوقات "مناسبة" للحكومة ولأتباعها من التيار المتطرف؟ ولا تدري هل التشهير بهذه الفتاوى مخالف للحكومة أم دعماً لها؟
ينفي وزير الداخلية وجود نية إشراك المرأة في الانتخابات النصف بلدية، وكذلك مسؤولون في وزارة الشؤون البلدية والقروية، ويدافع عن هذا القرار عدة كُتّاب سفهاء من التيار "الليبرالي الحكومي" مُبرّرين ذلك بأسباب كثيرة إلاّ وجود "مادة في الدستور" أو آية قرآنية أو حديث شريف. تتساءل نساء الوطن كما نتساءل نحن عمن أعطى وزير الداخلية الحق في اتخاذ هذا القرار الذي يحرم مشاركة نصف المجتمع، ونتساءل أيضاً عن سبب منع المرأة من المشاركة في الانتخابات "الصورية" القادمة ونبحث في مواد دستورنا العتيد علّنا تجد إجابة شافية فلا نجد سوى فتاوى جاهزة وقرارات جائرة. هذه الانتخابات بشكلها الحالي غير شرعية ولا يُعتد بها لأنها لا تمثل كل فئات الشعب، بل ينقصها نصف الشعب، إضافةً إلى أنها يجب أن تكون انتخابات كاملة، لا انتخابات نصفية لا تحقق مطالب الشعب وطموحه.
الإعلام الحكومي الديني ليس أفضل حالاً، فهذه إذاعة بالقرآن الكريم تتحدّث عن سماحة الدين الإسلامي، خاصةً وأن رمضان قد أقبل (رمضان كريم، وكل عام وأنتم بخير)، إلاّ ويكون الحديث الطويل عن فضل السحور وأهم فضائله هي "مخالفة اليهود والنصارى"، وهذا الشيخ الجليل هو بدون شك يستخدم "التقيّة" لأن الشيخ لا يستطيع تسميتهم بالكفار والمشركين. لكم أن تتصوّروا بأن فضائل السحور الكثيرة الذي ردّدها الشيخ أكثر من أربع مرّات في دقائق معدودة أهمّها مخالفة اليهود والنصارى، لأن اليهود والنصارى لا يتسحّروا، ومخالفتهم لها "فضل كبير"، حتى في شهر رمضان المبارك.
قبل رمضان بأيام، كعادة كل عام، يخرج لنا تهديد من وزارة الداخلية "المتسامحة" بأن من يُقبَض عليه مُتلبّساً من الأجانب سيتم معاقبته وترحيله فورا، هذه الجريمة هي الأكل ونحن لا نتحدّث عن المسلمين بل غير المسلمين، فكيف نفرض عليهم التخفّي عند الأكل وهم لا يؤمنون بديننا ونُهددهم بأن الأكل في رمضان عقوبته كبيرة وهي الطرد من "رحمة الله"، عفواً، الطرد من البلاد، ولا أدري على أي فقرة من "الدستور" استند هذا القرار التعسّفي، أم على أي حديث للرسول صلى الله عليه وآله وسلم؛ لكن ربما تم بناءً على توصيات مجلس الإفتاء الأعلى أو فتوى من ابن باز، أو إرضاءً للتيار السلفي المتغلغل في الحكومة بشكل لا تخطئه العين حتى وإن كانت مصابة بالرمد؛ فهناك فتاوى تصدر بأوامر حكومية وأخرى تصدر لأن المجتمع بحاجة ماسّة لها، مثل فتاوى البوكيمون وبيع الورود الحمراء وإهداء الورود للمرضى، والعباءة الكتّافي لأن هذه "الخبائث" أتت من الكفّار والمشركين الذين يحاولون إفساد المجتمع، إضافةً إلى أن مخالفتهم تدخل في أفضل العبادات.
وربما هذا هو السبب في أننا لا نزال نرفض أن يكون لدينا دستور نحتكم إليه، أو يكون لدينا مجلس شورى منتخب، أو أن يكون للمرأة حقوق مثل الرجل وأن يكون لدينا حرّيات دينية واحترام لحقوق الإنسان، وكذلك يكون لدينا مؤسسات المجتمع المدني من حرية التجمع وتكوين المؤسسات والأحزاب وغيرها. ربما هذا هو السبب في أننا لا نزال نرفض أن نعمل بإخلاص ونحرص على مصلحة الوطن، ونتعامل بالواسطة والرشوة والمحسوبية ونعيش وضعا اقتصاديا مزرياً وأُمّية وصلت في بعض بلادنا العربية إلى أكثر من 70%. ربما لهذا السبب نتعامل مع المرأة وكأنها مكان تفريغ الشهوات وحاضنة لا أكثر ولا أقل، ونرفض أن تخرج من بيتها إلاّ إلى القبر، ونؤكد بأن الدين لا يعطي الزوجة الحق في العلاج عند المرض لأن ذلك ليس من ضمن العقد المبرم. ربما لهذا السبب في وجود ملك يحكم بلادنا يسيطر على أموال الوطن ويصرفها بشراهة على نفسه ويوزّعها بمزاجه استناداً لأسباب كثيرة ليس من ضمنها المواطنة وحب الوطن فترى الملايين من أبناء الشعب تعيش الفقر ويزداد فقرها عاماً بعد عام. ربما لهذا السبب في أن الحاكم "الملك" يقوم بتوريث الحكم لأحد أفراد عائلته ويعيش فوق أي قانون فلا تسمع عن أنّ أميراً أو ملكاً أخطأ أو تمّ إحالته للقضاء أو التحقيق معه.
ربما لهذا السبب في أننا نتجه للخلف والآخرون يتجّهون للأمام؛ وهذا يؤكد أنّ هذه الأعمال مخالفة صريحة لليهود والنصارى آملين الكثير من الحسنات لأنها من صالح الأعمال. تقبّل الله أعمالنا وأعمالكم في هذا الشهر الكريم.



#علي_فردان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وزارة الداخلية تضطهد المرأة السعودية
- شيعةً وسنة ندين اعتقال الشيخ مهنّا
- أنا ضدّ الإصلاحات السعودية !
- لماذا يا شبكة راصد؟
- المؤمنون الثلاثة: ولا تهِنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون
- الشيعة والحكومة السعودية: من يحتاج لصك غفران من الآخر
- الشيخ صالح العبيد: إذا حدّث كذب!
- الحوار التمدّن في مواجهة الجاهلية السعودية
- الإصلاحات السعودية تكشّر عن أنيابها
- ماذا يعني تِعداد السكّان للشيعة في السعودية؟
- ماذا بعد تقرير الخارجية الأمريكية عن اضطهاد الشيعة في السعود ...
- الشيعة يرحّبون بتقرير الخارجية الأمريكية وإدانة الحكومة السع ...
- الشيعة في السعودية يطالبون بحقوقهم كاملةً غير منقوصة
- ملخّص تقرير وزارة الخارجية الأمريكية عن الحريات الدينية في ا ...
- رد على شيخنا الصفّار حول تقرير وزارة الخارجية الأمريكية
- الخصوصية السعودية: استبداد ودعوة صريحة للعنف
- ثلاث سنوات على تفجيرات سبتمبر: مازال الإرهاب مستمراً
- إلى المتميّزين من الشيعة في السعودية: موتوا كمداً
- مشايخ الإرهاب والإرهابيون: سياسة فن الممكن
- السلام على المذبوحين في العرق


المزيد.....




- تحليل لـCNN: إيران وإسرائيل اختارتا تجنب حربا شاملة.. في الو ...
- ماذا دار في أول اتصال بين وزيري دفاع أمريكا وإسرائيل بعد الض ...
- المقاتلة الأميركية الرائدة غير فعالة في السياسة الخارجية
- هل يوجد كوكب غير مكتشف في حافة نظامنا الشمسي؟
- ماذا يعني ظهور علامات بيضاء على الأظافر؟
- 5 أطعمة غنية بالكولاجين قد تجعلك تبدو أصغر سنا!
- واشنطن تدعو إسرائيل لمنع هجمات المستوطنين بالضفة
- الولايات المتحدة توافق على سحب قواتها من النيجر
- ماذا قال الجيش الأمريكي والتحالف الدولي عن -الانفجار- في قاع ...
- هل يؤيد الإسرائيليون الرد على هجوم إيران الأسبوع الماضي؟


المزيد.....

- واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!! / محمد الحنفي
- احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية / منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
- محنة اليسار البحريني / حميد خنجي
- شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال ... / فاضل الحليبي
- الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟ / فؤاد الصلاحي
- مراجعات في أزمة اليسار في البحرين / كمال الذيب
- اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟ / فؤاد الصلاحي
- الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية / خليل بوهزّاع
- إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1) / حمزه القزاز
- أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم / محمد النعماني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - علي فردان - دستور وفتاوى .. رمضان كريم